هاني إبراهيم
غزة | لا تزال قيادة حركة «حماس» موجودة في الدوحة، وهذا ما يؤكد لدى أنصار «الإخوان المسلمين» في المنطقة أن الطلب القطري الأخير من قيادات مصرية في «الإخوان» مغادرة البلاد لا ينسحب على الحركة التي تمتد بجذورها إلى الجماعة. لكن ما زاد حدّة التخوف والحديث، تزامن زيارة رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» تونس، مع مغادرة قيادات «الإخوان».
ومن المعلوم أنه لا يوجد في السياسة ثابت، ولكل مرحلة متطلباتها، وهذه المرحلة، كما يقول مسؤول قطري، لا تحتمل الشك في أنّ من الصعب الطلب من «حماس» مغادرة الدوحة. المسؤول الذي يعمل في وزارة الخارجية ورفض التصريح باسمه، قال إن بلاده والحركة تمتلكان علاقات سياسية قوية ممتدة إلى عام 1999، «وتحديداً بعد خروج حماس من الأردن». وأضاف لـ«الأخبار» أن دعم بلاده المقدم إلى «حماس» نابع من «قناعة سياسية وأخلاقية، وليس رد فعل ضد أي موقف سياسي، ولا سيما أنها حركة تحرر وطني». وذهب أبعد من ذلك، بالإشارة إلى وجود تفاهمات في السياسات «حيال التطورات المتلاحقة في القضية الفلسطينية وحتى ما يخص الإقليم».
مع الإقليم وتطوراته الدراماتيكية، أكدّ المسؤول أن علاقة بلاده بالحركة الإخوانية الفلسطينية لا يمكن أن تتأثر بسيناريوات المشهد السياسي في المنطقة، «لأن حماس نأت بنفسها عن تداعيات المشهد مع وجود محاولات للزج بها في أتون تفاصيله». وبشأن تأثير احتضان الحركة في العلاقة مع المكونات السياسية الفلسطينية، ذكر أن «الدوحة تقف على مسافة واحدة من كل الأطياف السياسية الفلسطينية، لكننا نعطي لحماس اهتماماً، خاصة بعد إقامة مقر المكتب السياسي للحركة هنا عقب خروجها من دمشق».
ورداً على سؤال يرتبط بإمكانية تأثر العلاقة ضمن أي ترتيبات بشأن المصالحة مع الدول الخيلجية، أجاب: «المراقب لسياسة حماس الخارجية يعلم أنها لم تسئ إلى أي نظام في المنطقة، ولا توجد لديها إشكالات مع الأنظمة العربية، على عكس موقف هذه الأنظمة من جماعة الإخوان في مصر»، خالصاً إلى أنه لم يطرح «طلب التخلي عن حماس ضمن محاولات التقريب الأخرى مع دول مجلس التعاون».
في المقابل، سارعت قيادات «حماس» إلى إصدار سلسلة من التصريحات الصحافية التي تعبّر عن «متانة العلاقة» مع الدوحة، ونفي ارتباط زيارة مشعل لتونس بأي نية للبحث عن مكان آخر. وقال النائب الثاني لرئيس المكتب السياسي، موسى أبو مرزوق، إن «الموقف القطري القاضي بترحيل سبعة من أعضاء الإخوان لن يسري على قيادات حماس». كذلك أكد المتحدث باسم الحركة الموجود في الدوحة، حسام بدران، أن علاقة حركته بالدوحة قوية وعميقة، موضحاً أن زيارة مشعل لتونس «جاءت ضمن ترتيبات مسبقة بغرض الحشد والنصرة لقطاع غزة».
يشار إلى أن مستشار الرئيس التونسي للشؤون الدولية، أنور الغربي، نفى هو الآخر أن تكون مسألة إقامة قيادة حماس في تونس مطروحة، وأن زيارة مشعل الأخيرة هي ضمن سياق متابعة الملف الفلسطيني بعد نهاية حرب غزة.
ويقدم الكاتب والباحث السياسي، عدنان أبو عامر، المقرب من «حماس»، رؤية يقول فيها إن قطر حريصة على علاقتها مع الحركة، مشيراً إلى أن الأولى ترغب في استضافة الثانية داخل أراضيها في دور قوي في المنطقة. لكن أبو عامر أوضح في إحدى مقالاته أن «بقاء حماس في الدوحة لا يمنع القول إن متانة علاقات الحركة مع قطر تجعلها تقرّ بوجود ضغوط سياسية عليها من عواصم إقليمية ودولية ترى في حماس خصماً لها». من هنا هو، وعدد من المحللين الآخرين، يسعى إلى تأكيد أنه في حال اضطرار قطر إلى طلب الخروج من «حماس»، فإن الحركة ستتفهم هذه الخطوة بغضّ النظر عن تفاصيلها، «لأنها لا تنسى أن قطر وقفت معها واحتضنتها في هذا الظرف الإقليمي الصعب، كذلك لا شك أن هناك بدائل أخرى».
المصدر: صحيفة "الاخبار" اللبنانية