كسبت مصر أولى جولات مشاركتها في التحالف الذي تسعى الولايات المتحدة إلى إنشائه في المنطقة، ضمن مخططات الحرب المزعومة ضد «الإرهاب» وتنظيم «داعش». تلك خلاصة ما صرح به الطرفان، المصري والأميركي، خلال زيارة وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى القاهرة، أول من أمس. الخلاصة مبنية على اعتراف أميركي واضح بدور القاهرة الإقليمي بعد أكثر من عام على فتور في العلاقة الثنائية إثر عزل الرئيس محمد مرسي، إضافة إلى طلب مصري واضح بأن تكون المواجهة شاملة مع «قوى الإرهاب»، أي إنها تشمل شبه جزيرة سيناء وليبيا المجاورة، عبر اعتراف واضح بالدور المصري في حل الأزمة الليبية.
وعقب عدد من اللقاءات التي أجراها في القاهرة، ولقائه الرئيس عبد الفتاح السيسي، قال كيري، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره المصري سامح شكري، إن «مصر تقف على الخطوط الأمامية في القتال ضد الإرهاب، وخصوصاً في ما يتعلق بالقتال ضد الجماعات المتطرفة في سيناء»، مشيراً إلى عزم بلاده على تسليم 10 طوافات مقاتلة من طراز «أباتشي» إلى مصر.
وبدا من حديث كيري أن واشنطن تسعى كذلك إلى الحصول على تعاون مصر ومؤسساتها الدينية ومن بينها «جامعة الأزهر» في الحرب الجديدة. وقال «باعتبارها (القاهرة) عاصمة فكرية وثقافية للعالم الإسلامي، مصر لها دور حاسم تؤديه عندما تستنكر علنا الفكر الذي ينشره» تنظيم «داعش».
وأكد كيرى، الذي التقى في القاهرة أيضاً الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي، أن العلاقات بين مصر والولايات المتحدة تمثل «جزءا مهما من علاقات واشنطن مع المنطقة بالكامل»، وأن بلاده تدعم الإصلاحات الاقتصادية والسياسية وإجراء الانتخابات البرلمانية فى مصر، مضيفاً أن واشنطن مستمرة في العمل مع مصر لتعزيز المصالح المشتركة، مشيراً كذلك إلى أنه أكد للرئيس السيسي «تقدير واشنطن للدور القيادي لمصر فى التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة».
على الجانب المصري، أعلنت الرئاسة المصرية، في بيان، أن السيسي أوضح أن أي ائتلاف دولي «لمكافحة الإرهاب لا بد أن يكون شاملا، وألا يستهدف فقط تنظيما معينا أو القضاء على بؤرة إرهابية معينة ... وبدلا من ذلك لا بد من توسيع الائتلاف ليشمل مكافحة الإرهاب حيثما وجد في منطقتي الشرق الأوسط وأفريقيا».
وأبدى الرئيس المصري أيضاً قلقه خلال محادثاته مع كيري بشأن المقاتلين الأجانب في المنطقة، وذكر البيان الرئاسي أن السيسي «حذّر من تبعات تورط متشددين أجانب في الصراعات الدائرة في المنطقة».
وكان وزير الخارجية المصري، سامح شكري، قد قال في المؤتمر الصحافي مع كيري، إن «تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا يقيم علاقات مع جماعات متطرفة أخرى في المنطقة». وقال «نحن ندعم كل الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب ونعمل على دعم هذه الجهود واتخاذ الإجراءات التي تؤدي إلى القضاء على الظاهرة على نحو كامل، سواء كانت في العراق أو ليبيا أو في أي مكان من أرجاء العالم العربي».
وقال شكري «إننا نرصد العلاقة بين التنظيمات الإرهابية... في النهاية هذا فكر. من الناحية الأيديولوجية هو فكر مرتبط على مختلف الصور... إنها (أيديولوجية) تعبر حدود الدولة وتعمل على دحر فكرة الكيان القومي في الأوطان (التي تنشط فيها)، وعلى إزالة هذه الدول من أجل أن يسود هذا الفكر المتطرف الإقصائي».
وعن المعطيات حول زيارة كيري إلى القاهرة، استبعد أستاذ العلوم السياسية طارق فتح الله في حديث لـ»الاخبار»، «إمكانية أن يكون كيري قد طلب التدخل العسكري من الرئيس المصري ضمن التحالف الدولي»، مشيراً إلى أن «الدعم قد يكون لوجستيياً عبر تسريع مرور السفن الحربية من قناة السويس وتوفير الوقود للطائرات حال حاجتها للتزود بالوقود من المطارات المصرية».
رئيس الأركان المصري الأسبق اللواء عبد المنعم سعيد، استبعد بدوره أيضاً في حديث لـ»الاخبار»، «مشاركة قوات الجيش المصري في أي تحرك عسكري ضد تنظيم داعش»، مشيراً إلى أن «التأييد المصري قد يكون له صور عديدة يراجعها رئيس الدولة، وهو رجل عسكري بالأساس، مع قادة القوات المسلحة وفقا للظروف والإمكانات المتاحة».
وإلى جانب الاعتراف الأميركي الظاهر بدور القاهرة الجديد، برز خلال الأيام الثلاثة الأخيرة، تفاعل قضية طلب السلطات القطرية من قادة في جماعة الاخوان المسلمين المصرية مغادرة أراضيها، في خطوة تلقي الضوء على بداية حل خلافات الدوحة مع جيرانها الخليجيين، كما تبرز بأنها عملية إرضاء للقاهرة.
وزير الخارجية المصري الأسبق محمد العرابي قال لـ»الاخبار» إن «إعلان طرد الأعضاء السبعة ... أمر يعبر عن وجود حسن نية في ما يتعلق بالنيات القطرية، لكنه لا يعد كافيا في الوقت الحالي»، مشيراً إلي أن «ما حدث نتيجة طبيعة لضغوط عديدة تعرضت لها (الدوحة) سواء من دول مجلس التعاون الخليجي أو من الجامعة العربية»، بينما لم يستبعد أن «تكون هناك ضغوط أميركية غير مباشرة على الموقف القطري (...) وخصوصاً في ظل التحرك الدولي لمناهضة الإرهاب». ورأى أن الدوحة «لم يكن أمامها بديل عن اتخاذ خطوات تصعيدية ضد جماعة الاخوان المسلمين لإثبات حسن نيّاتها أمام العالم، لا دول مجلس التعاون الخليجي فقط».