محمد محمود مرتضى
منذ منتصف القرن الماضي حتى وقتنا الحالي شهد العالم العربي انقسامات وتحالفات حادة على أساس من الاختلاف في الأيديولوجية والمذهبية والعرقية والمناطقية.
ففي منتصف خمسينيات القرن الماضي انقسم العرب الى معسكرين : قوميين عرب بقيادة مصر متعاونين مع الاتحاد السوفياتي، وآخر متحالف مع الولايات المتحدة بقيادة المملكة العربية السعودية.
وفي 17 ايلول/ سبتمبر عام 1978 عندما وقعت مصر اتفاقية كامب دايفيد مع العدو الاسرائيلي سعت كل من سوريا والعراق لعزل النظام المصري لكن هذه المحاولات جوبهت مرة اخرى بالمواقف السعودية. ومع انتصار الثورة الاسلامية في ايران انقسم العرب ايضا بين مجموعة رأت في انتصار الثورة تعزيزا للعرب في مواجهة "اسرائيل" ومثلت كلاً من سوريا وليبيا والجزائر هذا الموقف، ووقفت ضد العراق في حربه على ايران، ومجموعة اخرى وقفت ضد ايران مع العراق ومرة جديدة كانت المملكة السعودية في المعسكر الاخير.
وبعد غزو العراق للكويت وقرار الولايات المتحدة بغزو العراق وقفت سوريا التي كانت قد عارضت العدوان العراقي على الكويت وشاركت بالقتال ضده لتحرير الكويت، وقفت سوريا ضد الغزو الاميركي مع مجموعة من الدول العربية فيما دعمت المملكة هذا الغزو بل وبحسب بعض التقارير فان المملكة كانت الممول الرئيس له.
التخريب السعودي الدائم
وقبيل انسحاب القوات الاميركية من العراق كانت قد بدأت الانقسامات تتخذ منحى طائفيا ومذهبيا بدأت معالمها في افغانستان ثم تمظهرت بشكل اكثر حدة في العراق لتصل الى ذروتها في سوريا.. ومرة جديدة نجد الاصابع السعودية وراء هذا الانقسام ابتداء من دعم تنظيم القاعدة في افغانستان وباكستان مرورا بدعم داعش في العراق وصولا الى دعم الجبهة الاسلامية في سوريا والتي يحمل عناصرها فكر تنظيم القاعدة والوهابية.
ومؤخرا قادت المملكة حربا للسيطرة على مصر ضد قطر التي تتقاطع المصالح معها في سوريا ضد الحكومة السورية والرئيس بشار الاسد.
اما في اليمن فالاصابع السعودية اصعب من أن تخفى، فمن دعم للدولة والجيش في صنعاء ضد القاعدة الى دعم لحزب الاصلاح بقيادة ال الاحمر في الشمال ضد حركة انصار الله الحوثية، الى دعم القاعدة من جهة والجيش اليمني من جهة اخرى ضد الحراك الجنوبي في الجنوب.
مال سعودي لا تجده الا في موقع الفساد، حيث تشترى الضمائر، وفي مواقع الفوضى حيث تشترى الحروب، وفي موقع الفقر والحرمان حيث ينشر الفكر التكفيري.
وفي مشهد المنطقة، وحدها مشاريع المقاومة ضد الكيان الاسرائيلي تسلم من سلطة المال السعودي. ووحدها المملكة كانت ولا تزال حجر العثرة الاول امام قيام وحدة عربية حقيقية وفاعلة. وحدها المملكة تقف حائلا امام تضامن عربي يمكن ان يشكل جسر عبور نحو مستقبل افضل.
ففي كل الفتن التي تعصف بعالمنا العربي والاسلامي ابحث عن المملكة.
المصدر: موقع "العهد" الاخباري"