2024-11-25 09:23 م

ماذا بعد انتهاء الحرب، وانتصار "الصمود والدفاع وتوازن الردع"؟

2014-08-06
بقلم: إبراهيم عمر المصري* 
لقد مرت أيام طويلة قبل أن يوشك انتهاء العدوان الآثم من العدو الصهيوني المحتل على قطاع غزة (31 يوما حتى تاريخه)، وتخوض فصائل المقاومة بالتوازي معركة سياسية شرسة لن تنتهي إلا بمكتسبات حقيقية ترفع الحصار وتوقف العدوان بحجم تضحيات شعبنا العظيم، والفضل في تلك الندّية على طاولة المفاوضات وميدان المعركة يعود لله أولا.. ثم للمقاومة البطلة التي أذهلت الجميع -فيما لم يتصوره أحد ممن خذلنا أو خالفنا- بقدراتها وإمكاناتها.. وكذلك لهذا الشعب العظيم الذي احتضن مصدر عزه وفخره وكرامته والتف حول المقاومة يدعو لها ويؤيدها وينصرها ويؤويها ويفديها. وكما كانت هذه المعركة كاشفة فاضحة لحجم خذلان أنظمة دول إسلامية وعربية وكذلك تآمر ما يسمى بالعالم المتحضر، فإن مفاعيل كشف البُهْت والخَوَر والجبن والضعف لدى عصابات العدو الصهيوني المحتل اختصرت أزمانا اتجاه معركة الحسم والتحرير في المرة القادمة.
فيما نذكر ذلك كمكتسبات حققتها المقاومة والمقاومة فقط، فإننا نمر على حجم الفداء العظيم والتضحية الغالية والبذل الكبير الذي قدمه شعبنا من أمواله وأرواحه وممتلكاته مقابلا لحقوقه وحريته وكرامته. وبرغم حجم الألم الذي لا يمكن وصفه أو التعامل معه بلغة الأرقام المجحفة –وإن كانت مخيفة في حد ذاتها: زهاء 2000 شهيد، و10000 جريح، و500000 نازح إلى المدارس ممن دمرت بيوتهم، و11000 منزل مدمر، و130 دار عبادة، وكذا المقابر والمستشفيات ومراكز الصحة والرعاية الأولية وسيارات الإسعاف والمدارس ومرافق البنية التحتية والاقتصادية والإغاثية...إلخ-، إلا أن الأهم في ذلك هو هذه الصورة التي رسمها شعبنا اليوم وأَشْهَدَ عليها الدنيا أنه: (ولّى ذلك العهد الذي تجد فيه الجيوش تنسحب أمامك دولًا، إنما المقاومة الفلسطينية اليوم تكسر هيبتك وتظهر هشاشتك وفي الغد القريب تمحو أثرك)، وبذلك فهو لَفَظ ويلفظ كل المحاولات والمؤامرات الداخلية والخارجية لكيّ الوعي الفلسطيني اتجاه التدجين والتطويع والتنازل للعدو. إن الضريبة التي دفعناها من الشهداء والجرحى والممتلكات الخاصة والعامة تهون في سبيل استعادة الحقوق والحرية والكرامة، ولن يمضي وقت حتى نثأر لذلك.. فلسنا ننسى، ولن نغفر.
إن الثابت أن شعبنا وبعد كل جولة صراع يخرج أشد عودا وأصلب شكيمة وأكثر عزيمة في المضي اتجاه تحقيق الهدف الوطني: تحرير فلسطين (كل فلسطين). كما أن سقف المقاومة بعد كل جولة قتال يرتقي خبرة ويزداد تمكينا ويتألق إبداعا. فأبشروا يا أهلنا بفلسطين شهودكم معركة الحسم والتحرير عما قريب، وسترون من المقاومة عجبا -ينتشي به أهل الإسلام والوطن، ويخزى به الاحتلال وأعوانه وذيوله-.
وبعد انتهاء هذه الجولة من القتال مع العدو الصهيوني المحتل، وما ترتب عليها، فإننا اليوم على أعتاب معركة أخرى ذاتية تمهد السبيل إلى معركة الحسم والتحرير القادمة، ما أديرت بكفاءة وفاعلية. إنها معركة إعادة بناء وترميم ما أفسده ودمره العدو الصهيوني المحتل على كل الأصعدة والمستويات. ولأن الأمر جد خطير، فإنني أقترح التالي:
على المستوى السياسي:
1. التوافق على استراتيجية وطنية موحدة لمواجهة العدو الصهيوني المحتل مبنية على أساس دعم المقاومة والكفاح المسلح.
2. إعادة تجديد شرعية التمثيل الفلسطيني: (منظمة التحرير الفلسطينية - الرئاسة - البرلمان).
3. استمرار تعزيز اللحمة الوطنية بين الفصائل الفلسطينية، واعتبارها أساسا لسرعة اندحار العدو.
4. إعلان وثيقة المبادئ الفلسطينية التي تفصِّل مفهوم ثوابت الشعب الفلسطيني ومصالحه العليا.
5. قطع كافة الارتباطات الاعتمادية على كيان العدو الصهيوني المحتل، وإحلالها بالارتباط العربي.
6. ملاحقة قيادة العدو الصهيوني المحتل بكل الأدوات القانونية الدولية المتاحة.
على المستوى الحكومي (ومشاركة منظمات العمل الأهلي):
1. تشكيل لجنة طوارئ وإعداد خطة إنقاذ سريعة وشاملة وفاعلة للأسر والعائلات المتضررة من هذا العدوان، وتشمل العناوين التالية:
- توفير المأوى الكريم، والمساعدات العاجلة من احتياجاتها الأساسية.
- الدعم المالي، والتعويض عن الأضرار في الممتلكات.
- برامج إعادة التأهيل والدعم النفسي، سيما الأطفال.
- توفير الرعاية الصحية الملائمة، ونقل الحالات الصعبة إلى الدول الخارجية.
2. قيام الحكومة بواجباتها في إعادة الإعمار الشامل للقطاعات: الإسكان والبنية التحتية، الصحة، الخدمات من الكهرباء والمياه والصرف الصحي، الإنتاج والزراعة، الاقتصاد والمصارف، الاتصالات وكافة المجالات الحيوية.
3. تحديد وتعميم أولويات احتياج قطاع غزة للداعمين: الخاصة بالمتضررين، والعامة بالقطاع في القطاعات الحيوية المختلفة.
4. بناء ملاجئ للناس، ويتم تهيئتها لأوقات الكوارث والأزمات والحروب. واعتماد ذلك أساسا لترخيص بناء المنازل المستقبلية بدعم حكومي.
5. التوعية الواسعة في مبادئ الإسعافات الأولية، والوقاية من المخاطر والكوارث.
6. توثيق جرائم الاحتلال ضمن تقرير رسمي دوري رقمي.
7. تحريك الدبلوماسية الرسمية في أكبر حراك لتحشيد العالم بجانب الحق الفلسطيني، واتخاذ الإجراءات العقابية والرادعة ضد كيان العدو الصهيوني المحتل.
8. ربما يرى البعض أن الحديث عن الرواتب الممنوعة عن موظفي قطاع غزة هو دنو ودناءة أو أنه من نوافل القول. أيًّا يفهم ذلك الخونة.. أختصر بالقول -نصرة لهم ولعوائلهم وتضحياتهم والتزامهم الواجب في أحلك الظروف ولو على حساب أرواحهم، في حين غيرهم (...!)-: إن دون الأرزاق الأعناق، وقد سلم.. من بالدم المسكوب فهم.

على المستوى الشعبي (ومشاركة منظمات العمل الأهلي):
1. مواساة أهالي الشهداء والجرحى والمتضررين، وشد أزرهم، ورفع معنوياتهم.
2. نشر أوسع حملات التضامن والتكافل الاجتماعي، والوقوف بجانب المتضررين بكافة الإمكانات المتاحة.
3. تشكيل مجموعات شبابية تقف دون أن يسرق "انتصار الصمود والدفاع وتوازن الردع" الأدعياء والمتخاذلين والخونة من (...) حكومة الوفاق! أو ممثلي الدول المتآمرة...الخ.
4. إقامة محكمة ثورية شعبية، والوقوف أمام أخطاء وخطايا المستوى السياسي، وفضح الخونة وأعداء الشعب الفلسطيني أنظمة وأشخاص. (التحرك الشعبي أكثر مرونة من قيود العلاقات المؤسسية الرسمية والفصائلية)
5. الحؤول دون سرقة الحكومة الحالية لمكتسبات المقاومة الفلسطينية، وإسقاطها شعبيا ورسميا على دورها الخياني بالصمت على الجرائم وعدم اتخاذ خطوات حقيقية في دعم وإسناد الشعب الفلسطيني في مواجهة العدوان الصهيوني.
6. الالتفاف حول المقاومة، وإسنادها ودعمها واحتضانها بكل الوسائل والإمكانيات.
7. مأسسة الدبلوماسية الشعبية، وتحريكها لتحشيد العالم بجانب الحق الفلسطيني ومواجهة كيان العدو الصهيوني المحتل، وذلك من خلال الجاليات الإسلامية والعربية والمنظمات والتجمعات والروابط الإنسانية والحقوقية والمدنية الحرة.
المستوى العسكري (فصائل المقاومة) والأمني:
1. عنونة وتحديد مدلول (قيادة المقاومة الفلسطينية) التي شاركت في المعركة، وعدم تركه على إطلاقه للمتسلقين وطفيليات "انتصار الصمود والدفاع وتوازن الردع".
2. واجب الشكر للحلفاء والذين وقفوا بجانب الشعب الفلسطيني ومقاومته دولا ومؤسسات وأشخاص (صراحة أو بالتعميم).
3. واجب الشكر للناس من خلال زيارة أهالي الشهداء والجرحى والمتضررين، وشد أزرهم، ورفع معنوياتهم.
4. دراسة متأنية وتقييم موضوعي وجاد للأداء العسكري والأمني خلال المعركة، والبناء عليها للاستفادة منها.
5. توثيق الروابط بين الأجنحة العسكرية المختلفة، وتبادل الخبرات، وتكامل الأدوار كلٌّ حسب قدراته.
6. تعظيم كافة أسباب القوة، وإعادة ترميم النقص البشري والمادي.
7. توافق فصائل المقاومة في قطاع غزة على برنامج استنزاف موجه ضد العدو في أراضي الضفة والقدس وأراضي الـ48.
8. فتح باب التجنيد الاختياري لعامة الناس (خاصة فئة الشباب) وفق برنامج مخطط ومدروس.
9. دعوة عامة لكافة الطاقات والخبرات والإمكانات التي تساعد على تطوير الصناعات العسكرية المحلية للمقاومة.
10. وضع رؤية استراتيجية بين فصائل المقاومة حول الاستفادة من الطاقات الإسلامية والعربية والحلفاء والأصدقاء وأحرار العالم اتجاه نصرة القضية المركزية للأمتين الإسلامية والعربية.
11. الالتفات الجاد لمروجي الإشاعات خلال الحرب والتخذيل بعدها، واتخاذ أقصى درجات الردع بما فيها ما يترتب من أحكام الخيانة الثورية والعمالة للعدو.

على المستوى الثقافي والإعلامي والتعبوي:
1. التوعية بقضايا الحق الفلسطيني، والتعبئة العامة ضد الاحتلال.
2. التوافق على استراتيجية إعلام مقاوم موحد بين المنافذ الإعلامية المختلفة لها، وتطوير أدائها، وإسنادها للمهام والبرامج الوطنية على الأصعدة المختلفة.
3. تكثيف التواصل مع الناس في خطب الجمعة والمواعظ بعد الصلوات وفي مدارس الإيواء وأماكن تواجدهم، شكرا وتذكيرا وتبشيرا ومؤازرة ودعما وإسنادا.
4. اعتماد علم الكيان العدو الصهيوني المحتل مداسا أمام المرافق الحكومية والتعليمية، والبيوت المنزلية.
5. توثيق بطولات المقاومة الفلسطينية في الدفاع والتصدي، وتعميمها.
6. توثيق القصص الإنسانية ومواقف البطولة والشجاعة والتضحية والوفاء والفداء لهذا الشعب العظيم، وتعميمها على أوسع نطاق عالمي.
7. توثيق جرائم العدو الصهيوني المحتل في مزارات دائمة (أقترح مكانه عند المعبر).

أيها الكرام، إن كل ذلك بمثابة أرضية رؤية وتصورات أولية لقواسم مشتركة يمكن التوافق والبناء الوطني عليها في تفصيلات لا يتسع مقال للحديث عنها. ولا يجعل فصائل المقاومة بمنأى عن المبادأة بالتوافق والمبادرة والقيام بدورها القيادي لتحرير الوطن –ولو تخاذل الجميع-
*كاتب فلسطيني/غزة