2024-11-27 04:31 م

متى تتخلص مصر من التبعية للغرب ولأمريكا؟

2014-05-04
بقلم: الدكتور خيام محمد الزعبي*
إن السياسة الخارجية لأي دولة تحتاج للمراجعة الدائمة كي تتواءم والظروف العالمية وأوضاعها الداخلية، وفي الوقت الذي تتغير فيه مصر بشكل جذري داخلياً وتتغير المنطقة والعالم من حولها، لابد من إعادة الصياغة والنظر في المنهج والمنحى اللذين حكما هذه السياسة عبر العقود الأخيرة، وخاصة بعد أن إفتقدت مصر دورها الإقليمي الفاعل، الذي ذاع صيته في الخمسينيات والستينيات والسبعينيات، وصار نموذجاً لدول الإقليم. إن من أهم مساوئ الأنظمة السابقة ضعفها أمام الإدارة الأمريكية، وإستعدادها الدائم للإنصياع لها، سواء في السياسة الاقتصادية، أو السياسة العربية، أو في الموقف من إسرائيل، أو من مختلف القضايا الدولية التي تبدى الولايات المتحدة أي إهتمام بها، إذ تنازلت مصر عن زعامتها للبلاد العربية، لأن هذا هو ما ترغب فيه الولايات المتحدة وإسرائيل، والحقيقة أن المطلوب لم يكن إلا العمل على تغيير العقلية المصرية في اتجاه قبول المشروع الصهيوني، من أجل إضعاف الهوية الوطنية والولاء للقومية العربية، في إطار ذلك سارت السياسة الخارجية المصرية وراء أهواء السياسة الأمريكية، فصادقت مصر من صادقه الأمريكيون وعادت من عادوهم، فأحياناً تتوتر العلاقة المصرية السورية عندما تتوتر علاقة أمريكا بسوريا، فالهجوم يشتد على سوريا عندما تقرر أمريكا أن تزيد درجة الضغط عليها، ثم تخف حدة الهجوم المصري إذا أرادت أمريكا أن تجرب سياسة المهادنة. إن أحد الأسباب والدوافع الأساسية لتفجر ثورتي 25يناير و30 يونيو وجود قناعة وطنية لدى المصريين تؤكد بأنه تم الفرض على مصر علاقة التبعية للولايات المتحدة الأمريكية على مختلف المستويات، كما فرض عليهم خضوعاً للكيان الصهيوني من خلال إرغامها على التوقيع والإلتزام بما سمى بمعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية. هذا يعني بأنه لا بد من إعادة مراجعة ما كان يُعرف بالمشاركة الإستراتيجية المصرية الأمريكية، دون إلغاء هذه المشاركة، لأن مصر مطالبة بأن تكون لها مشاركات إستراتيجية مع كثير من القوى الدولية سواء الولايات المتحدة أو مع الإتحاد الأوروبي ومع روسيا ومع الصين ومع اليابان وغيرها من القوى الدولية الصاعدة بما يخدم مصالح مصر العليا وإعتبارات أمنها القومي، وبما يمنع الولايات المتحدة من التدخل في شئون مصر الداخلية، و فرض أي ضغوط أو التزامات أو توجهات على علاقة مصر بالقوى الدولية والإقليمية، وبما يمنعها من إملاء أي شروط على التزامات مصر العربية. فضلاً عن مراجعة معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية وبالتحديد ضمان الوجود والإنتشار العسكري الكامل لجيش مصر على كامل ترابه الوطني في سيناء، وإلغاء أي قيود تتعلق بتسليح الجيش المصري وصناعة مصر العسكرية، وتحرير القرار الوطني المصري من أي قيود تفرضها تلك المعاهدة على علاقات مصر والتزاماتها العربية. في إطار ذلك تعتبر مصر الطرف الإقليمي الرئيسي الذي يستطيع أن يلعب أهم دور في الحفاظ على النظام والأمن الإقليمي في المنطقة، لذلك كانت المرونة الإستراتيجية وممارسة سياستها الخارجية تمثل حجر الأساس في قصة نجاح مصر في السياسة الإقليمية والدولية، ومع ذلك تسببت عدة تطورات بنيوية في تهديد أهداف سياسة مصر الخارجية، مما تطلب من القاهرة صياغة سياسة خارجية مصرية جديدة تحكمها المصالح الوطنية المصرية العليا من ناحية وإعتبارات الأمن القومي المصري من ناحية أخرى كما تحكمها المبادئ القومية والوطنية المستوحاة من ثورة الشعب 30 يونيو، وبالذات تطلع الشعب المصري لأن تكون العزة والكرامة مبدأين حاكمين لسياسة مصر الخارجية. وأخيراً ربما أستطيع القول أن مصر تحتاج في الفترة القادمة للإستقلال الوطني والحرية في اتخاذ قرارها السياسي الداخلي والخارجي، دون إملاءات من أحد، وذلك بعد سنوات طويلة من التبعية للولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، وبذلك ستكون سياسة مصر الخارجية حاسمة في تحقيق هدف الثورة التي تسعى إلى تحقيق مستقبل أفضل لمصر وتوفير البيئة المحلية والإقليمية والدولية للوصول إلى أولويات مصر في المستقبل.
* صحفي وباحث أكاديمي في العلاقات الدولية 
 khaym1979@yahoo.com