القاهرة/ يتخبط أكبر حزب سلفي في مصر في صراع داخلي في ضوء تباين توجهات قادته، إذ يشهد أعلى هرم الحزب جدلا حادا بشأن مدى تأثير المنظمة الأم على توجهات الحزب وطبيعة علاقته بالإخوان المسلمين.
لا يمكن تقريبا تصور سياسة مصر اليوم بدون السلفيين. ويتسم السلفيون المصريون، شأنهم في ذلك شأن السلفيين في دول أخرى، بتبني تفسير أصولي للإسلام. إلا أن ما هو خاص بالسلفيين المصريين، هو نفوذهم السياسي في البلاد، ففي الانتخابات البرلمانية الأولى حصل أكبر حزب سلفي، وهو حزب النور، على نسبة 25 بالمائة من المقاعد، أي أنه ثاني أكبر القوى السياسية بعد حزب الإخوان المسلمين. إلا أن الناطق باسم الحزب محمد النور يؤكد أن هناك فرقا بين الحزبين ويقول "لا يزال حزبنا فتيا جدا وهو يقدم حاليا على قطع خطواته الأولى، فعمره لا يتعدى سنة واحدة ونظام الحزب الداخلي ليست واضحة وغير ناضجة كليا".
ورغم أن إجراء مناقشات حادة في حزب فتي يعتبر عاديا، إلا أن ما حدث في الأسبوعين الماضيين داخل حزب النور، يمكن مقارنته بقصة سياسة مثيرة، فأولا أقالت هيئة رئاسة الحزب رئيسه عماد الدين عبد الغفور. وهذا الأخير من جانبه رد على ذلك مباشرة بحرمان تلك المجموعة في هيئة الرئاسة من السلطة التي يترأسها خصمه ياسر برهامي. وبعد ذلك لم يعرف أحد لفترة طويلة من له الكلمة الأخيرة داخل الحزب.
منافسة بين السياسيين والخطباء
ويوجد داخل السلفيين المحافظين كتلتان تحاربان بعضهما البعض وهما كتلة "البراغماتيين" بقيادة رئيس الحزب عماد الدين عبد الغفور وكتلة مؤيدي ياسر برهامي التي تميل أكثر إلى رفض حلول وسط. وكما يقول محمد النور، فإن هاتين الشخصيتين تختلفان عن بعضهما البعض كثيرا: "يعتبر عماد عبد الغفور رجلا هادئ الطبع يعرف التحرك على الساحة السياسة، بينما يلقى الشيخ برهامي خطابات في المساجد. وهذا ينعكس على طبعيهما".
ويتسم برهامي قبل كل شيء بتطرفه المعلن، إذ أكد مؤخرا أن الإسلام يسمح في حالات معينة للزوج بضرب زوجته. وفي الجانب الآخر نجد رئيس الحزب عبد الغفور الذي أصبح منذ آب/أغسطس الماضي مستشارا للرئيس مرسي في حين يرفض برهامي التعاون الوثيق مع الإخوان المسلمين. ويرى إليا زروان وهو باحث لدى المجلس الأوربي للعلاقات الدولية أن هاذين الموقفين ينعكسان على الحزب بأسره. ويرى زروان في هذا السياق أن "هناك عدد كبير من السلفيين يعبرون أنفسهم منافسين مقبلين للقوى اليمينية بين الإخوان المسلمين، بينما يرى آخرون في التعاون مع الإخوان المسلمين فرصة لتحقيق أهداف مشتركة". إلا أن الإخوان المسلمين يتسمون منذ الانتخابات الأخيرة برفض متزايد للسلفيين، ما يجعل الكثير من السلفيين متشككين من تقارب عبد الغفور من الإخوان المسلمين.
الحركة السلفية وعلاقتها بحزب النور
هناك المزيد من الأسباب التي تغذي النزاع الحالي داخل حزب النور السلفي أحدها هو الجدل المتواصل بشأن انتخابات الحزب الداخلية التي يتم على أساس نتائجها توزيع معظم المناصب داخل الحزب. وبما أن بعض الأعضاء أشاروا إلى خروقات معينة، أراد رئيس الحزب تأجيل هذه الانتخابات الداخلية لحزب النور وهو ما عارضته "كتلة برهامي". ولم يستبعد محمد نور، المتحدث باسم حزب النور، من جانبه حدوث تزوير لنتائج الانتخابات ويقول: "يرى بعض أعضاء الحزب أن اللجنة الانتخابية تريد أن ينتخب أناس معينون فقط".
ويعزو محمد أسباب الأزمة التي يشهدها حزب النور إلى علاقة الحزب بـ "الدعوة السلفية" التي يرتبط بها أيديولوجيا. وتأسست حركة "الدعوة السلفية" قبل 40 عاما تقريبا كحركة غير سياسية. وأراد علماؤها قبل كل شيء تربية المجتمع بموجب القيم الإسلامية المحافظة الأصولية. وتحاول الحركة التأثير على حزب النور بموجب تصوراتها.
عن موقع "دويتشه فيله"