2024-11-30 04:30 ص

الادراك الملكي لحركة التاريخ في الجغرافيا الثابتة

2014-04-13
بقلم: المحامي محمد احمد الروسان
عبر هذا التحليل السياسي وحالة الدفع التاريخي الحاد السائدة في العالم هذا الأوان، سأحاول أن أجمع وأكثف في (حويصل) كمّاً من المعلومات، فنحن لا ننجّم ولا نقتحم علم المستقبليات الذي يعتمد نظريات فلسفة التاريخ، عندما نبحث شكل العالم القادم بعد ضم القرم، فنحن أمام يالطا جديدة أنهت يالطا القديمة، والفاعل الوحيد والأوحد في التاريخ وحركته وفي صناعة المستقبل هو الله سبحانه وتعالى، والناس والجنّ مجرد أدوات يستعملها الخالق سبحانه لتحقيق التوازن في هذا العالم وعبر التدافع. أحسب وأعتقد أنّ أوكرانيا أولوية أمريكية أولى وهي نتاج الحدث السوري، وايران أولوية ثانية وهي الحلقة المستهدفة استراتيجياً عبر الحلقة السورية، والملف الفلسطيني أولوية ثالثة، والملف السوري بشكل عام أولوية رابعة رغم الشعور الغربي بقلق شديد نتيجة ارتفاع أسهم اجراءات الأنتخابات الرئاسية السورية في وقتها، نتيجةً للغة الميدان العسكري السوري لصالح دمشق، والرسالة وصلت الرياض عبر أوباما مباشرةً، وأنّ الجيش السوري خضع لأعادة هيكلة ميدانية عميقة وسيكولوجية بالغة الأهمية على مدار الأزمة السورية، وواشنطن تعمل على المتابعة وفي احتواء نتائج ضم القرم على المنظومة الدولية، بحيث لا يتمدد النفوذ الروسي سريعاً في دول حدائقه الخلفية، ذات المجال الحيوي للأمن القومي الروسي، وهناك قراءة أمريكية في تفسير نبرة الرئيس محمود عباس ابو مازن الأخيرة، حيث وجدت فيها واشنطن معالم لتدخل روسي واضح في اعادة احياء اللجنة الرباعية، بينما أمريكا تريد جعلها بيدها وحدها فقط، وبعيداً عن موسكو في الداخل الرباعي الدولي الراعي للمفاوضات، وكذلك بعيداً عن موسكو خارج الرباعي الدولي أيضاً. وكلّما ارتفعت بتفاقم عميق حدّة الكباش الروسي الأمريكي، كلّما زادت حرارة التدمير الممنهج في سورية وتوسعت رقعة الأرهاب في المنطقة، وتوسع رقعة الأرهاب في الشرق الساخن وقلبه سورية، قد تغير وتبدّل كل المعادلات وتقلب الطاولة على رأس الجميع، وهذا يدفع العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي الى حالة من المجاهرة والأعلان بما صارت تقبله ضمناً، وهو بقاء الرئيس الأسد ونسقه السياسي، على شرط ضرب الأرهاب الأممي في المنطقة والعالم. بالمقابل هناك طرف أمريكي فاعل وصقوري يتصل بحبل سريّ بالبلدربيرغ الأمريكي يقوم بأدوار خطيرة، تشي أننا أمام المرحلة الثانية من الحرب في سورية وعليها، لتحسين شروط التفاوض الأمريكي الغربي البعض العربي المرتهن أمام المحور المقاوم الممانع والمضاد، وهناك سلاّت من الضغوط القادمة على الأردن لمزيد من توريطه بالحدث السوري، لنقل الفوضى اليه ولجعله(مثل اسفنجة) تمتص مخرجات المفاوضات الفلسطينية الأسرائيلية العبثية، فذهب الملك الى موسكو بجانب أسباب أخرى ثنائية واقليمية سنأتي على ذكرها لاحقاً، مع استمرار الرياض في صنع الطبخة الكبرى ذات الرائحة التي تزكم الأنوف. الدولة الأردنية بمؤسساتها المختلفة وعنوانها الملك، والأخير يدرك حركة التاريخ في الجغرافيا الثابتة وعليها، ويدرك قاعدة الدفع التاريخي الحاد(الأحتكام والأمتثال لثقافة العولمة والتجارة الدولية ونسج المصالح وتهيئة أسباب تعظيم المكاسب وتحويل الأخطار الى فرص)، ويدرك أنّ العالم بعد ضم القرم وعودتها الى حضن أمها الرؤوم ليس كالعالم قبل الضم، ولأول مرة بعد الحرب العالمية الثانية تتغير الحدود الدولية، ويمتد هذا الأدراك الى أنّ الصراع الأن في العالم هو صراع بين(مفهوم احترام مبادىء الأخلاق التقليدية في السياسة الدولية واحترامات عميقة للقانون الدولي)وهذا المفهوم المتصاعد تتبناه نواة الدولة الروسية، و(مفهوم تصنيف الدول في العالم بين محور الخير ومحور الشر) تتبناه مؤسسات الولايات المتحدة المختلفة لتبرير عداواتها على الشعوب المستضعفة، كونها فقدت القدرة على التأثير وفي التأثير الجدّي والحقيقي في خصومها وحلفائها، وهي كما وصفها الأعلام المضاد للمحور الأمريكي الغربي البعض العربي المرتهن والتابع، مثل لاعب كرة القدم الذي وصل لسنّ متقدمة من العمر، فصار يلعب بخبرته لا بقدرته على المناورة والمراوغة. ويلحظ العالم أجمع الفرق بين الأنموذج الروسي الصاعد كقوّة دولية عظمى، والأنموذج الأمريكي الذي استنفذ مخزوناته من سلاّت الكذب وقواميس الأفتراء والغدر، والأستكبار والأحتقار والخديعة والأجرام، باسم الواقعية السياسية الأنتهازية وعبر المكارثيون الجدد في الأدارة الأمريكية، صدى المجمّع الصناعي الحربي وصدى البلدربيرغ الأمريكي ونواة حكومته الأممية، حيث أخرجت واشنطن موسكو من مجموعة الثماني الدولية G8، لتعود الأخيرة لصفتها الأمبريالية G7 بدول سبع، كما أنهت كافة أشكال التعاون العسكري والمدني مع موسكو بما فيها مكافحة الأرهاب ومكافحة المخدرات ومكافحة الأتجار بالبشر، وأبقت أمريكا على التعاون بين روسيّا والناتو في الملف الأفغاني، لغايات تأمين بعض انسحابات للقوّات الأمريكية والناتو من أفغانستان في نهايات هذا العام ان صدقت الرؤى والنوايا. فانّ دلّ هذا على شيء فانما يدل على مدى انتهازية واشنطن، فهي تلغي ما يناسبها وتبقي ما يتفق ومصالحها الآنية الضيقة، فهي دولة تعاني من النرجسيّة والسوبر ايغو بشكل شمولي، وصار نفوذها المعنوي يتراجع بسبب مواقفها السياسية وتدخلاتها الأمنية غير الأخلاقية. ومع ذلك أعطتها الفدرالية الروسية درساً في الأخلاق السياسية، حيث اعتبرت موسكو مسألة الأنسحاب عبر آراضيها وعبر مجالها الجوي مسألة انسانية صرفة بامتياز، حيث الخطورة كبيرة على سلامة القوّات الأمريكية الأحتلالية والناتويّة عبر الطرق البريّة الباكستانية، حيث نشاطات عسكرية عميقة لجماعات(طالبان باكستان)المسلّحة، والأخيرة بدأت حوار مع اسلام أباد في محاولة مشتركة من الباكستان وواشنطن، لتأمين طريق بديل احتياطي للأنسحابات العسكرية الأحتلالية الأمريكية الأطلسية من الأفغانستان عبر الباكستان برّاً كخطّة بديلة، في حال تصاعد مروحة المواقف الروسية المتصاعدة كنتاج لحالات الكباش الروسي الأمريكي، لجهة الدبلوماسي والسياسي، وان لجهة الأقتصادي والعسكري، وان لجهة المخابراتي والعلمي، وان لجهة الثقافي والفكري، وتداعيات كل ذلك على مشاعر العداء القومي والكراهية لكل أطراف معادلات الكباش الأممي. كما نجد أن الولايات المتحدة الأمريكية نهجت سلوك فجّ في التعامل مع من كانت تعتبره الشريك الروسي الأستراتيجي، حيث قامت واشنطن بتعليق التعاون بين وكالة ناسا في برنامج الفضاء ومؤسسة الفضاء الروسية، باستثناء النشاطات المتعلقة بمحطة الفضاء الدولية الروسية، والأخيرة بنتها موسكو وتستفيد منها أمريكا في الأبحاث العلمية المتقدمة، ومع كل هذه الأنتقائية الفجّة غير الأخلاقية لواشنطن فانّ الروسي لن يطرد الأمريكي من محطته، وعلى قاعدة أنّ البحث العلمي هو ملك للبشرية جمعاء، وهذه قيمة علمية وانسانية مضافة تدلّل على قوّة ورقي وتسامي انساني، للفدرالية الروسية ونموذجها الأخلاقي والعلمي المتنامي والراقي. فلم تكن روسيّا بحاجة إلى سنوات لتعيد ترتيب بيتها الداخلي وآفاقه الخارجية، كي تعود بقوّة إلى واجهة المسرح الدولي، أذكر كمتابع ما بعد احتلال بغداد في 9 – 4 – 2003 م، قالت: وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة رايس - التي كانت مستشارة للأمن القومي آنذاك - إلى القول بحق جبهة الممانعة الأوروبية للتدخل الأمريكي السافر بالعراق المتكونة من فرنسا وروسيا وألمانيا آنذاك، ملخصةً سياسة بلادها بحق هذه الدول حيث نطقت: علينا أن نعاقب فرنسا ونسامح ألمانيا ونهمل روسيا. فقد استطاعت موسكو أن تخرج من المخاض العسير غير المكتمل، الذي دخلته مع انهيار حلف وارسوا وتداعي الإتحاد السوفياتي السابق خلال أربع سنوات فقط على مقولة الدكتورة رايس الأنفة، مثبتة خطأ مقولتها، فهي لم تفهم رايس حقيقة الفدرالية الروسية جيداً، بالرغم من أنها توصف بالخبيرة بالشؤون الروسية، فالشعور القومي الوطني الروسي والمستند على ارث الإتحاد السوفياتي، وقوتها العسكرية والنووية الإستراتيجية وإمكاناتها الاقتصادية والطبيعية، مع وجود زعيم قومي روسي هو فلادمير بوتين ذو الرؤية الواضحة والذي يفكّر ويعمل بالاتجاه الصحيح، أفشل ما كانت ترجوه وتتمناه العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي من انهيار كامل للدولة الفيدرالية الروسية. فالوضع الروسي في الشرق الأوسط له آفاقه الخاصة، فموسكو حاضرة وبقوّة على كل الجبهات: من إيران المستهدفة خاصرتها الضعيفة لروسيّا، ومن اليمن المستعر والمشتعل والمقسّم إلى فلسطين المحتلة والتي تتعرض قضيتها هذا الأوان العربي للتصفية والأنهاء عبر مفاوضات عبثية، ومن مياه الخليج المسلوبة السيادة أمريكيا، إلى سورية التي تتعرض إلى حرب كونية سافرة، إلى لبنان الساخن مروراً بالعراق والذي يتعرض إلى حالات مخاض عسير ومحاولات العبث عبر بعض أطراف من العربان المرتهنين للخارج، الى أوكرانيا كمجال حيوي روسي ذو أثر على سلامة الأمن القومي الروسي، موسكو تعود بقوّة ودبلوماسيتها أخذت تظهر دينامية متنامية إزاء الأزمات التي تهز المنطقة، وصارت موسكو وبشكل متجدد وجهة رئيسية للتعاطي مع هذه الأزمات، وعادة مرةً أخرى إلى المياه الدافئة في الخليج والبحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط. تحولت موسكو بعهد بوتين لثلاث فترات رئاسية إلى طرف نشط يقدم مقترحات ويدافع عنها، فالدبلوماسية الروسية تسعى جاهدةً وبثبات لاستعادة مواقع النفوذ التقليدية لدبلوماسية الاتحاد السوفياتي السابق، من خلال التخلي عن العامل الأيديولوجي والتركيز على عامل المصالح الإستراتيجية بالدرجة الأولى، معطوفاً على ما يمكن أن توفره موسكو بفضل موقعها كقوّة عظمى لها دور رئيسي في مجلس الأمن الدولي وفي الرباعية الدولية للسلام في الشرق الأوسط، بالرغم من أنّ ملف السلام صار ملف إسرائيلي داخلي، تنهيه الأخيرة مع الجانب الفلسطيني لوحدهما، ولم يعد ملفاً أمريكيا رئيسي كما تروج بعض وزارات الخارجية العربية. وتأتي عودة موسكو على الجبهة الدولية والجبهات الإقليمية الأخرى، على أساس الاستفادة من الصعوبات التي تعاني منها الولايات المتحدة في العراق وأفغانستان وسورية ولبنان واليمن وايران، وهذا يمنحها صك تواصل وانفتاح على تلك الأطراف التي لا تتعامل معها واشنطن، حيث تستفيد وتوظف موسكو بؤر النزاعات والملفات الساخنة لأسماع صوت مختلف عن الصوت الأمريكي والغربي بشكل عام، وهذا ما يجعلها مسموعة ومقبولة لدى الجانب العربي لوقوفها إلى جانب حقوقه المشروعة، وأقلها إقامة دولته على الأراضي المحتلة لعام 1967 م وعودة القدس الشرقية لتكون عاصمة لتلك الدولة وعودة اللاجئين والنازحين إليها، فروسيا اليوم لاعب نزيه وحقيقي وعادل في كواليس الصراع العربي - الإسرائيلي وجوهره القضية الفلسطينية، كما هي لاعب نزيه وعادل وحقيقي في تداعيات ما يسمّى بالربيع العربي، ودورها الحقيقي والفاعل والمتصاعد في الحدث السوري، للحفاظ على الدولة السورية وعلى الأمن والسلم الدوليين . تقول المعطيات النظرية لعلم العلاقات الدولية، بأنّ التوازن الإقليمي يرتبط دائماً بالتوازن الدولي، وبتنزيل هذه الحقيقية إلى الواقع الميداني، فقد كان التوازن الإقليمي الخاص بمنطقة الشرق الأوسط يرتبط بالتوازن الدولي الخاص بنظام القطبية الثنائية خلال فترة وجود القوتين العظميين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي السابق ولكن بعد انهيار القطبية الثنائية وانفراد واشنطن بالزعامة محاولةً الهيمنة على النظام الدولي، بدا واضحاً أنّ منطقة الشرق الأوسط قد شهدت على أساس اعتبارات التوازن الدولي، حدوث فراغ في الميزان الأممي بسبب غياب القوّة السوفياتية التي انهارت وعدم تقدم روسيا أو الصين لملء الفراغ في الميزان الدولي، صعود قوّة إسرائيل في ميزان القوى الإقليمي، هبوط قوّة الأطراف العربية في ميزان القوى الإقليمي، مع الأخذ بعين الاعتبار حالة انقسام سادت في المنطقة العربية, بحيث أكد ما يسمى بمحور الاعتدال بالمنطقة - الذي انهار كليّاً - على ضرورة المضي قدماً في القبول بالنفوذ الأمريكي وتقديم التنازلات للمشروع الإسرائيلي - الأمريكي - الغربي. وعلى الطرف الآخر، أكد ما يسمّى بمحور الممانعة بالمنطقة على ضرورة المضي قدماً في الاعتماد على الإرادة العربية والقدرة الذاتية ومبادئ العدالة والحقوق المشروعة، كوسيلة لمواجهة المشروع الإسرائيلي – الأمريكي – الغربي في المنطقة الشرق الأوسطية. الآن تمثل جهود روسيا الفدرالية، بمواقفها المختلفة إزاء الحدث السوري وإزاء إيران وبرنامجها النووي السلمي، وإزاء الدور التركي المتلون وكافة الملفات الأخرى في المنطقة ومنها الملف الأوكراني، بما فيها ملف التسوية السياسية، هذه الجهود الإستراتيجية والتكتيكية تشكل رسائل جديدة تحمل الإشارات التالية: بدء عودة روسيا لمنطقة شرق المتوسط ، من أجل ملء الفراغ الذي خلَفه انهيار الإتحاد السوفياتي، ردع النفوذ الأمريكي في المنطقة، عن طريق التأكيد بانّ أمريكا لن يكون في وسعها الإنفراد الكامل بممارسة النفوذ على المنطقة، ردع الأسرائليين من مغبة اعتماد استخدام القوّة الغاشمة المرفوضة، ودبلوماسية العمل من طرف واحد عن طريق وضع الأسرائليين أمام روادع على النحو التالي : إنّ موسكو تمثل لاعباً دولياً مؤثراً في الساحة الأممية، لأنّ لها دوراً كبيراً في إدارة الصراع الدولي الدبلوماسي في مجلس الأمن الدولي واللجنة الرباعية، إنّ موسكو قادرة على تعزيز قوّة الأطراف الأخرى، وإعادة نظام سباق التسلح الذي سبق أن شهدته المنطقة على النحو الذي يضعف التفوق العسكري النوعي الإسرائيلي الحالي، ولموسكو خارطة طريق جديدة في الشرق الأوسط، حيث تتحدث المواقف الروسية عن نفسها، بأنّ موسكو تسعى حالياً إلى معاقبة الولايات المتحدة الأمريكية عن طريق القيام بلعب دور معاكس لواشنطن في منطقة الشرق الأوسط، رداً على دور واشنطن المعاكس في أوكرانيا ومنطقة البلقان وشرق أوروبا ودفاعاً عن مصالحها الإستراتيجية عبر الحدث السوري، الذين يتبنون وجهة النظر هذه يلمحون بطريقة أو بأخرى إلى الفرضية القائلة:- باحتمالات أن تؤدي ضغوط موسكو على إسرائيل و واشنطن في الشرق الأوسط وبعد ضم القرم الى روسيّا عبر استفتاء شعبوي نزيه، إلى عقد صفقة بين موسكو و واشنطن تتراجع بموجبها واشنطن عن استهداف النسق السياسي السوري، وتقديم تنازلات لموسكو في ملفات نشر برنامج الدفاع الصاروخي والقواعد العسكرية الأمريكية وغيرها وبالمقابل تتراجع موسكو عن ملفات الشرق الأوسط غير الإستراتيجية، وعدم استهداف المصالح الأمريكية وخاصة في جورجيا على ان يكون ذلك بالتفاهم معها. ولكن على العكس تماماً، تبدو التحركات الروسية وهي تشي إلى أنّ ثمة " خارطة طريق روسية دولية " تقوم موسكو بتقفي معالمها الرئيسية، كون التحركات الروسية المعاكسة لأمريكا شملت: منطقة الخليج العربي: سبق للرئيس الروسي فلادمير بوتين زيارتها. منطقة الشرق الأدنى: يوجد صعود روسي معاكس لأمريكا في أوكرانيا حيث تم ضم القرم، أرمينيا حيث تقول المعلومات أن موسكو أرسلت منصات صواريخ الى منطقة نارغوبي كارباخ، على الحدود المتنازع عليها بين أرمينيا وباكو بموافقة الحكومة الأرمينية، وهذا يشي بشيء ما ازاء نظام أذربيجان الموالي للغرب وأمريكا، كذلك في منطقة القوقاز والقفقاس، إضافة إلى الموقف الروسي المتجدد والثابت والداعم للنسقين السوري والإيراني. منطقة آسيا الوسطى: استطاعت موسكو أن تضعف الوجود الأمريكي في آسيا الوسطى عن طريق الاتفاقيات الثنائية مع دولها الخمس: تركمنستان، أوزبكستان، كازاخستان، طاجيكستان، وكيرغيزستان. منطقة الشرق الأقصى: تحركات روسيا في ملف الأزمة النووية الكورية الشمالية بحيث أدّت إلى إضعاف الموقف الأمريكي المتشدد في المنطقة، ويضاف إلى ذلك انخراط روسيا – بكين ضمن منظمة تعاون شنغهاي كمنظمة إقليمية، التي استطاعت أن تفرض نفوذها الجيويوليتيكي على الإقليم الأوراسي الذي يضم روسيا، الصين، منغوليا، دول آسيا الوسطى، والذي سبق أن أجمعت كل النظريات الإستراتيجية على انّه يمثل مفتاح السيطرة على العالم باعتباره يمثل منطقة القلب الاستراتيجي لخارطة العالم . من ناحية أخرى، إن انخراط روسيا في أجندة الصراع العربي - الإسرائيلي ضمن جهد شامل ونوعي، بالإضافة لما ذكر سابقاً في متن المقال، يهدف من جهة أخرى مكافحة ومواجهة انخراط واشنطن المتزايد في إقليم أوراسيا ( آسيا الوسطى، القوقاز، القفقاس )، كذلك البدء بالتحركات المتعلقة بالملف النفطي، مع كل من مصر والجزائر وغيرها من البلدان الشرق الأوسطية النفطية، لبناء قوّة ناعمة نفطية روسية لجهة بناء تحالف نفطي روسي - شرق أوسطي . حتّى الآن، تنظر التحليلات الأمريكية إلى أن التحركات الروسية في الشرق الأوسط تهدف إلى معاقبة أمريكا، ولكن كما هو واضح فانّ التحرك الروسي يمكن أن يكون جزئيّاً بسبب هذه المعاقبة، وما لم تنتبه إليه التحليلات الأمريكية الصادرة حتّى الآن، هو أنّ روسيا قد باشرت التصدي للسلوك الأمريكي في ملف كوسوفو ومنذ البدء وقبل أكثر من خمس سنوات من الآن، عن طريق استخدام الملف الجورجي وتداعيات هذا الاستخدام الروسي المشروع من وجهة نظر موسكو، على اعتبار أنّ ذلك يمس أمنها القومي ومجالها الحيوي والآن استخدام الملف الأوكراني بعد ضم القرم. فموسكو وعبر فعلها وصبرها، تقول للولايات المتحدة الأمريكية: نجمك آفل بسرعة، وحضارتك ستستقر في مزبلة التاريخ عبر حركة الأخير، وأنّ الفراغ ستملاْه قوى جديدة صاعدة، وأنّ النظام الدولي الجديد المتعدد الأقطاب، سيولد من رحم الأزمات ومن رحم متاهاتك السياسية والعسكرية والأقتصادية والعلمية الفجّة، وأنّ العالم استعاد عبر ميكانيزمات فعله ميزة وصفة العالم المتعدد الأقطاب وهذا ما يدركه الجميع. 
Mohd_ahamd2003@yahoo.com