2024-11-30 06:36 م

ضربات نتنياهو لكيري وعباس: استباحة إسرائيلية لحقوق الفلسطينيين

2014-01-11
وجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ضربتين تحت الحزام لمساعي وزير الخارجية الأميركي جون كيري للتوصل إلى اتفاق إطار يسهل التقدم نحو الحل النهائي للصراع العربي الإسرائيلي. 
الضربة الأولى تمثلت بإعلانه، بالرغم من التحذيرات والتهديدات، عطــــــــاءات لــبـــــــــنــاء 1400 وحـــــــــدة استيطانية في الضفة الغربية والقدس الشرقية، والثانية بتأكيد رفضه شمول اتفاق الإطار مدينة القدس، التي كانت بين أبرز قضايا الحل النهائي. 
وإذا لم يكن هذا كافياً، فإنه بسبب التحريض الذي يتعرض له، كشف الجمهور الإسرائيلي في آخر استطلاعات رأي، أن 53.5 في المئة منهم لا يثقون البتة بكيري، وأن 80 في المئة لا يؤمنون بأن مساعيه يمكن أن تحقق السلام. 
وفي رد متأخر على إطلاق سراح الدفعة الثالثة من معتقلي ما قبل اتفاق أوسلو، أعلنت وزارة الإسكان الإسرائيلية عطاءات لبناء 1400 وحدة سكنية في مستوطنات الضفة الغربية والقدس الشرقية. 
وتتضمن العطاءات هذه، بناء 600 وحدة سكنية في رمات شلومو في القدس الشرقية، وحوالي 801 وحدة في مستوطنات تقع ضمن الكتل الاستيطانية في الضفة الغربية. 
وكان نتنياهو أعاق نشر هذه العطاءات لمدة أسبوعين إلى ما بعد انتهاء زيارة وزير الخارجية الأميركي الأخيرة إلى المنطقة. ويبدو أنه عمل على توقيت نشر العطاءات في وقت ما، في المنتصف بين زيارتين لكيري، المنتظر وصوله إلى الأراضي المحتلة مطلع الأسبوع المقبل. 
وقد اعتبر الأمين العام لـ«حركة السلام الآن»، ياريف أفنهايمر نشر العطاءات «عمل شارة سعر سياسية. فرئيس الحكومة يحرج ويهين (الرئيس الفلسطيني محمود عباس) أبو مازن عن طريق توسيع لا يتوقف للبناء في المستوطنات. والعطاءات الأخيرة هي مجرد ذرائع لتفجير المفاوضات وتدمير مساعي جون كيري». 
وبديهي أن إعلان العطاءات هذا يثير غضب الفلسطينيين على وجه الخصوص، بعدما كانوا هددوا مراراً بتفجير المفاوضات إن أصرت إسرائيل على تنفيذ سياسة «مستوطنات في مقابل أسرى»، التي انتهجتها منذ بدء المفاوضات. 
وقد أعلن رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير صائب عريقات أن هذا الإعلان «يثبت التزام إسرائيل الواضح بتدمير مساعي تحقيق السلام وفرض نظام التفرقة العنصرية». وأضاف إن هذه العطاءات تشكل «اختباراً لقدرة الإدارة الأميركية على كبح جماح النشاطات الإسرائيلية الرامية لتخريب محادثات السلام». 
ويحاول نتنياهو عبر عطاءات البناء الاستيطاني إرضاء الأوساط اليمينية المتشددة داخل «الليكود» و«الائتلاف الحكومي» التي تعلن اشتباهها به وبتحركاته. 
ولكن هذه العطاءات تعزز الخيبة عند الوزراء في حكومة نتنياهو، ممن يحاولون العثور على طرف خيط للاعتدال في التعامل مع خطة كيري. ومن بين هؤلاء وزيرة العدل تسيبي ليفني، ووزير المالية يائير لبيد، الذي اعتبر نشر العطاءات «ليس مجرد فكرة سيئة وإنما فكرة ستبذل (هناك مستقبل) كل ما في وسعها لإبقائها مجرد فكرة سيئة». 
ولكن سوء الفكرة لا يقف عند هذه الحدود، بل يتخطاها في إبلاغ نتنياهو عدداً من كبار المسؤولين الإسرائيليين رفضه أن تتضمن اتفاقية الإطار أية إشارة إلى القدس. 
وقال لهم، وفق صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، إنه لا يعتزم الموافقة على وثيقة يُذكر فيها حتى ولو بشكل عمومي إقامة عاصمة فلسطينية في أرض من أراضي القدس المحتلة. وأوضح نتنياهو بأنه سيتمسك بهذا الموقف حتى بثمن تفجير الاتصالات على وثيقة الإطار. 
وأشارت «هآرتس» إلى أن القدس هي المسألة الأصعب التي يحاول كيري التجسير فيها على الهوة بين الطرفين. ولهذا السبب يدرس الأميركيون صيغاً مختلفة يمكن تمريرها مثل «القدس الكبرى»، التي تسمح للفلسطينيين بالقول إنها تعني القدس الشرقية، فيما تسمح لإسرائيل بالقول إنها أبو ديس أو العيزرية. 
وقد أشارت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية إلى أن الخلاف انتقل مؤخراً من وجهه الإسرائيلي الفلسطيني، إلى وجهه الإسرائيلي الأميركي، بحيث صار في الوسع القول إن احتمالات التوصل إلى اتفاق إطار باتت متدنية جداً. 
وكتب المراسل السياسي للصحيفة، إيلي بردنشتاين، أن التوتر بين مبعوث نتنياهو اسحق مولخو، والمبعوث الأميركي مارتين إنديك بات عظيماً. حيث «تشعر إسرائيل بأن كيري يستخدم الاتحاد الأوروبي كمسدس موضوع على الطاولة في المعركة الأولى كي يلمح لنتنياهو بأنه إذا لم يلن، فسيتلقى مقاطعات مختلفة من حضارة العالم القديم». 
وأضاف بردنشتاين إن «كيري يضغط على نتنياهو لقبول صيغة تعترف بالقدس كعاصمة الدولتين وصيغة مخففة في مسألة اللاجئين تتيح تحقيقاً محدوداً لحق العودة. كما أن الصيغة التي ستظهر في الورقة الأميركية بالنسبة على خطوط 1967، هي سبب وجيه للجدال». 
ومهما يكن الحال، فإن استطلاعات الرأي التي نشرت أمس، تظهر أن نتنياهو واليمين لا يغردان بعيداً عن تطلعات الجمهور الإسرائيلي. 
فالاستطلاع الذي نشرته «معاريف» يوضح أن نسبة 80 في المئة من الجمهور اليهودي لا تؤمن بكيري ولا بقدرته على تحقيق السلام. كما أن 73 في المئة منهم لا يؤيدون الانسحاب العسكري الإسرائيلي من غور الأردن، بل إن 53 في المئة يرفضون سلاماً يقوم على تبادل أراض واعتراف بإسرائيل دولة يهودية وتقسيم القدس. 
أما استطلاع «إسرائيل اليوم»، فأظهر أن 53,5 في المئة من الإسرائيليين لا يثقون بكيري ولا يرونه وسيطاً نزيهاً. كما أن 70 في المئة من الجمهور اليهودي يرفض إخلاء غور الأردن في إطار أي اتفاق شامل مع الفلسطينيين. 
إلى ذلك، اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أمس، أن إعلان إسرائيل عزمها بناء وحدات استيطانية جديدة يشكل عقبة أمام السلام. 
وفي مؤتمر صحافي، أعرب بان عن «قلقه من الإعلان عن بناء أكثر من ألف وحدة سكنية» في القدس الشرقية والضفة الغربية المحتلة. وقال إن «هذا النشاط غير قانوني، وليس ذلك فحسب، بل إنه يشكل أيضاً عقبة أمام السلام». 
وأضاف الأمين العام للأمم المتحدة «في الأشهر المقبلة نأمل أن يحرز الإسرائيليون والفلسطينيون تقدماً حاسماً لحل نزاعهم والخروج من الوضع القائم الخطير». 
عن "السفير" اللبنانية