2024-11-24 05:31 م

حاضر الإسلام السياسي ومستقبله في كل من تونس ومصر

الدكتور عزالدين عناية

2013-09-21
روما/ أجرت جريدة "الشروق" الجزائرية حوارا مع الدكتور  عزالدين عناية، الاستاذ التونسي في جامعة روما، بشأن حاضر الإسلام السياسي ومستقبله في كل من تونس ومصر. وفيما يلي نص الحوار:
- قبل سنتين، اختارت شعوب "الربيع العربي" الإسلاميين لحكمها، و بعد عامين يسعون لطردهم لماذا هذا التحول؟
الشعوب التي شهدت الربيع العربي هي كالفرس الجموح تعيش غليانا محتدما ومتواصلا، وهو أمرٌ طبيعيٌ في سوسيولوجيا الثورة. حيث تنظر الشعوب المنتفضة إلى المؤسسات والأحزاب والقادة، بمثابة الوسائل، لبلوغ أهداف منشودة بأسرع وقت ممكن. وعادة تكون تطلعاتها رومانسية وتعوزها الواقعية، وأي إخلال بالهدف، مهما كانت مبرراته، من شأنه أن يبدّد رصيد تلك الثقة. فعندما يستحكم فيروس الثورة بشعب مّا يغدو إرضاؤه صعبا. والحالة الثورية كما تمنح الثقة بشكل عفوي تنزعها بشكل سريع أيضا، وهو ما عاشته مصر مع من صعّدتهم للسلطة وما تشهده تونس راهنا. وبالتالي، الإسلاميون أو غيرهم، سيلقون المصير نفسه، إلى حين تهدأ الأوضاع. هناك معادلة اجتماعية معقَّدة وشائكة، صعب أن يدركها ساسة مبتدئون، بعضهم لفظتهم السجون، وآخرون قدموا من المنافي، وغيرهم استقلوا قطار التحول بانتهازية فائقة، ليجدوا أنفسهم في موضع الصدارة.
فالتعاطي مع السياسة في الأوضاع الثورية، خصوصا منها التي لم تستبطن توجها إيديولوجيا موحَّدا، غير التعاطي مع الأوضاع العادية. والأحزاب التي صعِدت للسلطة في تونس ومصر، عوّلت على الشرعية الانتخابية وحسبتها سدرة المنتهى، وغفلت عن أن البنية الاجتماعية عقب الثورات هي بنية مضطربة، كل يوم هي في شأن. هذه المرحلة حساسة ينبغي التعاطي معها بحكمة ومرونة، ومن لم يمتثل لذلك يكون عرضة للسقوط، ومن هذا الباب تأكل "الثورات" أبناءها وتقول هل من مزيد.
وقد كان تراجع منسوب موالاة الإسلاميين في مصر ناتجا عن عوامل عدة، ألخّصها بإيجاز: بدءا ينبغي أن نقرّ أن مصر لم تحصل فيها ثورة، وأن ما حدث هو تجييش هائل للناس لإسقاط نظام فاسد، فالشعب ما كان مهيأ أصلا للثورة. وما حصل هو تقليد لما جرى في تونس، ومغامرة لامتطاء حصان التاريخ الذي أطلّ من بلاد المغرب. والثورات ما لم تندلع بحافز داخلي، فهي سرعان ما تتعثر. وما نشهده في مصر اليوم هو انهيار لحلم الثورة وتبخّر لرومانسية الثوار. فالحنجرة التي صدحت بالرحيل على مبارك تستصرخه اليوم للعودة لإنقاذ البلاد