2024-11-24 11:23 م

الحرب «اللامتماثلة» تواجه التفوّق العسكري الأميركي

2013-09-07
إسرائيل هي العنوان الوحيد للرد. هذه هي الرسالة التي بلغت مسامع المسؤولين الأميركيين والغربيين في معرض التحذير من تداعيات أية ضربة عسكرية تستهدف سوريا.
رئيس هيئة الأركان العامة الإيرانية حسن فيروز أبادي يحذر من أن «أي اعتداء على سوريا ستطال نيرانه إسرائيل». وزير الخارجية السوري وليد المعلم يقول إن «أي حرب على سوريا، ستتحول الى حرب شاملة لن تسلم منها المدن الإسرائيلية». قائد الحرس الثوري الإيراني محمد علي جعفري يردد ان «أي هجوم عسكري أميركي على سوريا سيؤدي إلى زوال إسرائيل قريباً». 
بالنسبة الى محور إيران ـ سوريا ـ «حزب الله»، انتهى وقت الكلام. أخرجت الخطط العسكرية والدفاعية من الأدراج. تم تحديد بنك الأهداف. حركت منصات الصواريخ من مخابئها ووجهت نحو أهدافها. وبسرية تامة، أعلن الاستنفار على جميع الجبهات المحاذية لمناطق المواجهة المحتملة، واتخذت إجراءات الجهوزية العسكرية بدءاً من الجنوب اللبناني مروراً بالبقاع الشمالي ومعه القصير وريف دمشق، وصولاً الى السواحل السورية في اللاذقية وطرطوس وانتهاءً بمضيق هرمز.
أسئلة كثيرة طرحت عن ساحة المواجهة الفعلية. أهي جنوب لبنان ام سوريا؟ وماذا عن الدور الإيراني في المعركة المفترضة؟ هل تتدخل بشكل مباشر بضرب إسرائيل من القواعد الإيرانية، أم تحصر المعركة على ارض سوريا فقط؟.
صحيح أن الولايات المتحدة هي صاحبة القرار في بدء الحرب. لكن نهايتها حتماً لن تكون بيدها. لم يلغ هؤلاء من حساباتهم التفوق الأميركي والغربي التكنولوجي، لا سيما في مجال القوة الجوية. لذا فالدواء الناجع لهذا الأمر، هو مبدأ الحرب «اللامتماثلة» التي خاضها «حزب الله» بنجاح منقطع النظير اثناء عدوان تموز 2006. والحرب «اللامتماثلة» تعبير يفرق بينها وبين الحرب التقليدية المعروفة.
سيناريوهات كثيرة رسمت حول ماهية وطبيعة هذه الحرب المفترضة ورقعتها الجغرافية، من بين أبرزها الآتي:
السيناريو الأول: مع سقوط الصاروخ الأول من طراز «كروز» او «توماهوك»، على الأراضي السورية، سيترجم «حزب الله» تهديداته السابقة، ويطلق من لبنان، وربما من سوريا، صليات عدة من الصواريخ نحو المدن الإسرائيلية. هنا الرد الإسرائيلي هو الذي سيحدد طبيعة الحرب. ففي حال اختار الإسرائيلي أسلوب عدم الرد كما حصل في العام 1991 عندما اطلق صدام حسين صواريخ سكود على إسرائيل، فإن المعركة ستكون محدودة في الزمان والمكان وتنتهي بسرعة. أما إذا لجأ الصهاينة الى الرد على لبنان، فإن «حزب الله» سيرد بالمقابل بشكل أكبر وأعنف، وعندها قد تكبر كرة النار، وتطال جميع دول المنطقة. وأما إن اختار الرد على سوريا عن طريق الجو فثمة احتمال من استعمال سوريا لوسائط الدفاع الجوي المتطورة التي تمتلكها بعد ان اشترتها من روسيا، والحديث هنا يدور حول منظومة من S300 التي تعد الأحدث في العالم.
يشكّل صمت المقاومة مصدر قلق كبير لـ«تل أبيب»، خصوصاً ان تقديراتها الاستخبارية تؤكد ان جميع الأسلحة الموجودة في سوريا وإيران، قد وصلت إلى «حزب الله» الذي بات يمتلك صواريخ قادرة على الوصول الى أي نقطة في الكيان الإسرائيلي. 
السيناريو الثاني: حصر المعركة بالأراضي السورية، بحيث لا يضطر «حزب الله» وسوريا وإيران، الى فتح عدة جبهات في آن معاً. وهو يتضمن ضرب «تل أبيب»، فضلا عن القواعد الأميركية المنتشرة في الخليج وفي تركيا، ولا سيما قاعدة أنجرليك. وأوردت صحيفة يديعوت أحرونوت عن خبراء عسكريين أجانب قولهم إن «سوريا بنت في عمق الأرض، وتحت غطاء كثيف من السرية، قاعدة صواريخ محصنة تتضمن وسائل إطلاق صواريخ بالستية». وبحسب الخبراء فإن هذه القاعدة التي بنيت تحت الأرض هائلة، وتتضمن 30 مقراً من الإسمنت المسلح ومصانع إنتاج ومختبرات تطوير ومراكز قيادة وسيطرة.
وتقول الصحيفة ذاتها أيضاً إنه وبحسب التقديرات فإن الجيش السوري يمتلك 100 ألف صاروخ متنوع، وهي تشكل تهديداً فعلياً لإسرائيل والقواعد الأميركية والأطلسية في المنطقة. ومن ابرزها صواريخ طراز «سكود دي» يصل مداها إلى 700 كيلومتر. وهي قادرة على حمل رأس حربي يزيد وزنه عن 150 كيلوغراماً، وبمقدوره استهداف أي مكان في إسرائيل. وتمتلك سوريا أيضاً صواريخ متطورة من نوع «اسكندر بي»، الذي يتميز بمدى أقل، حيث يصل مداه إلى 280 كيلومتراً، ويصعب اعتراضه.
اما السيناريو الثالث: فيتضمن حرباً شاملة مفتوحة على جميع الجبهات والخيارات. وقد تشمل دول المنطقة كافة، خصوصاً إسرائيل ودول الخليج العربي، ومن المرجح أن يلقي محور المقاومة حينها بجميع أوراق القوة، والقدرات الردعية الإستراتيجية التي يمتلكها، كصواريخ شهاب بأجياله 3 و4 و5. كما تمتلك إيران صواريخ تعمل بالوقود الصلب مثل «سجيل» التي يبلغ مداها حوالي 2000 كلم، وهو يندرج ضمن فئة الصواريخ البالستية الإيرانية التي تخرج من الجو ثم تعود اليه وتتجه بسرعة تتراوح بين 10 و12 ماخ (نحو 3400 الى 4080 متراً في الثانية) نحو الهدف.
اما السؤال الذي يتوقف عنده الإستراتيجيون فهو: ماذا اذا اندلعت حرب بحرية، وهل ثمة تكافؤ بين الأساطيل الأميركية والغربية من جهة، والقدرات البحرية لهذا المحور من جهة ثانية؟ الجواب هنا يعود الى فرضية الحرب «اللامتماثلة» أيضاً؟
تشير المعلومات الاستخبارية الأميركية والغربية، الى امتلاك هذا المحور لقدرات عسكرية بحرية لا يستهان بها. وهي تعتمد بشكل رئيسي على صواريخ من طراز برـــ بحر تطال جميع القواعد العسكرية المنتشرة في المنطقة، فضلاً عن تمكنها من أن تلعب أدواراً متناسقة فى البحار والممرات المائية المحيطة بالمنطقة العربية. ومن المرجح ان يشكل الحرس الثوري رأس الحربة في مواجهة القطع البحرية الأميركية والغربية، نظراً للقدرات البحرية التي يتسلح بها الحرس، ومن أبرزها: لنشات صواريخ صينية حديثة من طراز C-14 وزوارق سريعة مسلحة بصواريخ بحر ـ بحر وصواريخ مضادة للدبابات، وقواذف صواريخ عديمة الارتداد، ورشاشات متوسطة، بالإضافة إلى زوارق غير مأهولة مشحونة بمواد متفجرة توجه عن بعد كأسلحة (شبه انتحارية) والتي تلجأ الى الغارات البحرية المفاجئة.
كما بحوزة الحرس الثوري صواريخ صينية الصنع من طراز C-802.B تم تسليح القواعد البحرية التابعة للحرس الثوري في الخليج بها. كما دخلت صواريخ كروز قصيرة المدى على تسليح لنشات الصواريخ الصينية الصنع.
أما الخطر الأبرز فيأتي من صواريخ برّ - بحر من طراز «بي- 800» التي يطلق عليها «ياخونت»، وصواريخ كروز الإيرانية والتي قد تطلق من سواحل اللاذقية. ويتميز «ياخونت» بمستوى عال من الدقة وهي تعد الأكثر تطوراً، ويصل مداها إلى 300 كيلومتر، وقادرة على حمل رؤوس متفجرة بزنة 200 كيلوغرام. كما أنه يصعّب اعتراضه أو اكتشافه من قبل الرادارات لسرعته التي تفوق سرعة الصوت بمرتين وستة أعشار، لأنه يمضي الى الهدف بسرعة 750 متراً في الثانية الواحدة. 
وكانت إيران افتتحت خطاً لإنتاج صواريخ «قادر» من فئة صواريخ كروز البحرية التي يبلغ مداها 200 كلم، وتتميز بقدرة تدميرية عالية ضد الأهداف البحرية.
علي دربج/ صحيفة "السفير" اللبنانية