2024-11-30 12:40 م

سوريا ستصد العدوان الأمريكي

2013-08-30
كتب صائب شعث
في تركيا هناك صدام شعبي مع حركة الإخوان "الاردوغانية"  الجالسة في عرش السلطة, سمح هذا التناقض مع السلطة لوسائل الإعلام التركية نشر خبر بالصوت والصورة  قبل عدة شهور يقول بان "الشرطة التركية القت القبض على مجموعة من المعارضة المسلحة السورية في تركيا بحوزتها 2 كيلوغرام من مادة غاز الأعصاب السارين" وهي تكفي للفتك بأربعة ملايين إنسان. لم يظهر هذا الخبر ثانية على و سائل الأعلام التركية، و لا حتى الغربية، فهذا الكشف يدين الحكومات التركية والغربية معا.

ضربت خان العسل القريبة للحدود التركية بغاز الأعصاب وكانت مجزرة بشعة اتهمت الحكومة السورية العصابات المعارضة المسلحة و الأجنبية بارتكاب المجزرة, و طلبت الدولة السورية آنذاك  من الأمم المتحدة بأن ترسل فريق من الخبراء الأممي للتحقيق. لم يصل هذا الفريق إلا بعد خمس شهور من المماطلة والعرقلة في  أروقة الأمم المتحدة مارستها الدول الغربية, في هذه الأثناء احتلت العصابات المسلحة خان العسل و نبشت قبورها وأعدمت كل الأدلة التي تدينها كما حدثنا وزير الخارجية السوري وليد المعلم في مؤتمره الصحفي في دمشق. الجهة التي قالت في تلك الأثناء بان الجيش العربي السوري هو من ضرب المنطقة بالكيماوي كانت إسرائيل, و إسرائيل رتبت أدلتها في تلك الفترة لجر الولايات المتحدة لقيادة حملة عسكرية تدمر سوريا كما العراق و ليبيا، بحجة الأدلة التي وفرتها!  لتواجه  أمريكا بمقولة أوباما بان استخدام الأسلحة الكيمياوية في سوريا خط احمر، أي يتطلب رداً عسكرياً من جحافل الناتو.

خطط الأسد المتأهب

كانت مناورات الأسد المتأهب لدول حلف الناتو في الأردن على الحدود السورية باشتراك الدول الخليجية و إسرائيل, مجرد غطاء لتوفير العتاد والسلاح  الذي سيستخدم في ضرب سورية لفرض منطقة حظر جوي والأخطر من ذلك كانت هذه المناورات  غطاء لقيام إسرائيل و المارينز الأمريكي بتدريب عشرات الألاف من التكفيريين و المرتزقة و الإرهابين ومن اللاجئين السوريين أيضا على حرب العصابات في معسكرات شيدت خصيصاً علي الأراضي الأردنية. هذه المناورة قامت ببيان الهجوم على المطارات و قواعد الصواريخ ومحطات الرادارات و بطاريات الدفاع الجوي السورية  ومحطات الإنذار المبكر التي دمرت العصابات المسلحة  في سوريا جزء منها خصوصا المحيط بالعاصمة دمشق، سهل  هذا هجوم إسرائيل الأخير على جبل قاسيون  عبر الأجواء الأردنية وضربه بأسلحة نووية تكتيكية.

هذا الهجوم كان جهزت ودربت له قوات أرضية تندفع نحو دمشق لتحتل العاصمة أو جزء كبير منها،  يشكل عمودها الفقري عشرات الألاف من التكفيريين و المرتزقة و الإرهابين ومن اللاجئين السوريين الذين دربوا علي  حرب العصابات في معسكرات الأردن من قبل اختصاصيين إسرائيليين و أمريكان. ذلك جهز وخطط له لينفذ قبيل انعقاد جنيف 2 لتنجح أمريكا بالفرض على سوريا كل شروط  إسرائيل  والغرب،  إلا أن الكارثة حلت بخططهم. الجيش العربي السوري اصبح متمرسا في حرب العصابات  و تبنى تكتيكات الحرب الشعبية الثورية  التي حققت انتصارات استراتيجية قلبت الموازين علي ارض المعركة واصبح عشرات الألاف من عصابات الإرهاب التي قدمت من 73 دولة " لتحرير"  سوريا في حالة هروب ودفاع عن النفس في معظم الأراضي السورية.

لقد جن جنون أمريكا وإسرائيل وعملائهم, فطار أمير قطر بقرار أمريكي وخلفه الملك السعودي, و ألقى الشعب المصري حركة الإخوان المسلمين في ظلمات الماضي السحيق، فدخلت السعودية على الخطط بشراسة مع إمارات الخليج لتشتري موقف الجيش المصري ليضمنوا مساندته لهم أو حياده  في سوريا ، و خوفا من اليوم  الذي سيتقدم الجيش العربي السوري للانتقام منهم، نسوا شيوخ الخليج امرين:

أولا. إن من قام بالثورة على الإخوان كان 33 مليون مصري وليس الجيش، الجيش ساند الشرعية الثورية الشعبية لحماية الوطن  و حفظ الأمن القومي المصري . و الجيش  العربي المصري هو جيش أحمد عرابي و جمال عبد الناصر حامي  نهضة واستقلال الشعب العربي و هو ليس كتركيبة الجيش التركي يدافع عن السلطة و موقعه في استراتيجيات الناتو.  فمن يخرج عن الخط الشعبي الوطني القومي العربي في مصر و يهدد امنها القومي، سينزل له الشعب العربي المصري العظيم مستندا إلي جيشه الوطني، و يرمي به خلف قضبان العدالة كما فعل مع مبارك والإخوان.

ثانيا. إن الجيش العربي السوري جيش قومي عربي يحمي العرب في ربوع الوطن العربي و لا ينتقم من الشعب العربي أو أوطانه و الحكام المتآمرون على سوريا هم متآمرين على الشعب العربي كله و الشعب كفيل بهم، وتجربة مصر خير دليل

اذا لماذا الضربة الكيمياوية على الغوطة الأن؟

في شهر رمضان المبارك و على مائدة إفطار جماعي قال الرئيس السوري بشار الأسد لضيوفه  بان سبب النجاحات الاستراتيجية التي بات الجيش العربي السوري يجسدها في تحريره المناطق التي احتلتها العصابات المسلحة ، يكمن في " تحول الحرب في هذه المناطق إلي حرب شعبية تلاحم فيها الجيش والشعب معا في حربهم للقضاء على الإرهاب، وفي المناطق التي حصل فيها هذا التلاحم بين الشعب و الجيش  لا وجود الأن للعصابات الإرهابية". 

تقدم الجيش العربي السوري نحو تطهير قرى ريف دمشق التي شكلت قاعدة الانقضاض على المخيمات الفلسطينية و ضواحي العاصمة دمشق، هذا التقدم يهدف لتأمين العاصمة كما تذكر المصادر الأمنية. و بإخضاع هذه الخطوات الأمنية إلى منطق التحليل السياسي نكتشف:  بأن الجيش العربي السوري تمكن من إجهاض خطة مناورات الأسد المتأهب التي تدربت عليها قوات الناتو  و إسرائيل و عملائهم على حدود الأردن مع سوريا و  التي حشد لها الناتو  و أنفقت عليها السعودية ودول الخليج المليارات لتدريب وتسليح عشرات الألاف من المرتزقة  الذين أكملوا اشهر طويلة من التدريب على حرب الشوارع لإسقاط دمشق علي يد خبراء إسرائيليين وأمريكان. بعد انتهاء التدريب ادخلوا المرتزقة  عبر الحدود الطويلة للأردن مع سوريا  و تجمعوا بعد ذلك في الغوطتين انتظارا لساعة الصفر لشن الهجوم على دمشق و ذلك على ما اعتقد أثناء اجتماع رؤساء أركان جيوش الناتو و إسرائيل في الأردن، الذي تم قبل يومين، ولكن لم تجري الرياح كما تشتهي السفن الأمريكية، لقد تمكن الجيش العربي السوري من اصطيادهم و القضاء على الألاف منهم بالعديد من الضربات الاستباقية في الغوطة الشرقية والغوطة الغربية و محيط مطار دمشق.

المتكبر والمتغطرس الغربي يتسأل مذهولاً! كيف تفشل كل هذه الجهود و ينتصر جيش عربي من دول العالم الثالث أمام جبروت الناتو وإسرائيل؟  هنا  قاموا بتهريب أسلحة كيماوية بنفس الطريقة التي هُربت بها إلى خان العسل و ضربت عصابات المرتزقة الغوطة بها. لا احد يتحكم باتجاه الريح  سوى رب العالمين!  فأصابت الغازات السامة الألاف من المدنيين و أفرادا من الجيش العربي السوري و المسلحين. من ضرب سكان الفالوجة بالكيمياوي و قذائف اليورانيوم المخضب؟ الم يكن الجيش الأمريكي. من ضرب غزة بالفسفور الأبيض المحرم دوليا؟ الم تكن إسرائيل، من ضرب جبل قاسيون في دمشق  بصاروخ نووي تكتيكي؟ الم تكن إسرائيل.

تم استقدام سيناريو بيل كلنتون  " التدخل الإنساني" في ضرب صربيا إلي سوريا . و يفرض تسليح الإرهاب  في سوريا بأحدث الأسلحة على الراي العام الدولي  و تشريعهم و تمويلهم كثوار من اجل الحرية والإنسانية، تماما كما حدث مع مجاهدي أفغانستان أثناء حكم رونالد ريغان صورت روسيا بالشيطان والمجاهدين بالثوار، و  كما سلحت و دربت الإدارة الأمريكية وإسرائيل الجيش الحر لتحرير كوسوفو و استخدامه في تفكيك يوغسلافيا. اليوم تحت يافطة  حماية المدنيين الذين ساهمت في قتلهم  تجرف الحضارة والتاريخ من ارض الحضارات و ترتكب ابشع  المجازر  و يأكل مرتزقتها  لحوم البشر و يسبوا نساء العرب.

الهدف الاستراتيجي استكمال اغتصاب فلسطين وإلحاق الهزيمة النهائية بالعروبة 
 
لقد ورَثت بريطانيا العظمى صنيعتها الصهيونية في فلسطين تُراثاً زاخراً و قذراً من سياسة فرق تسُد راكمته في سنوات  استعمارها واستعبادها لشعوب كثيرة. أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي  الأول "بنغوريون"  بان بقاء إسرائيل ككيان مرهون  بقدرتها على خلق الصراعات بين العرب و تفرقتهم  و تدمير جيوشهم.

حروب و دمار تتعرض لهم الدول العربية على الدوام منذ زرع هذا الجسد الصهيوني السرطاني الغريب في جسد الوطن العربي. واذا نظرنا عن قرب عن الشركاء والعملاء المحليين في الهجوم  الدائم على الجسد العربي نجدهم هم ذاتهم شركاء الغرب الاستعماري الذي دمر الجيش العراقي في عدة حروب و فُكك العراق إلى مناطق وطوائف و أعراق متناحرة تتصيد بعضها بعضا بالسيارات المفخخة. هم من هجم علي ليبيا تحت شعار التدخل الإنساني، عربان وناتو،  ليبيا دمرت  وأبيد جيشها و هي رهينة لعصابات مافيا تسيطر على مفاصل ثروتها البترولية و يتصارع شعبها طائفيا و عرقيا ودينيا هو من دمر الصومال و جوع و شرد أهله  وجزء السودان  ووضعت ثرواته ومياه النيل فيه تحت سيطرة صهيونية.

اليوم أتخذ القرار بتسليح المعارضة المسلحة ومجموعات الإرهاب الدولية في سوريا بأسلحة متطورة جدا بهدف ضمان استمرار و بقاء الحرب مشتعلة في سوريا وليس كما يزعموا للوصول لحماية المدنيين أو للوصول لحل سياسي بين الدولة والعصابات المسلحة. فالهدف هو  استنزاف و  تدمير الجيش العربي السوري للوصول إلى  مرحلة تفتيت سوريا لدويلات طائفية متناحرة ويكون من السهل الهيمنة عليها كما في ليبيا والعراق و تنجر لبنان ومصر اليوم  و مستقبلا السعودية ذاتها و دول الخليج لمعمعة التفتيت.

أي أنها حرب لتعديل سايكس بيكو بضربات رخيصة لا تكلف الغرب في الأرواح و لا  تدفع المال فالسعودية ومشايخ الخليج تتكفل بفواتير الدمار، تماما كما كانت تفعل الإمبراطورية البريطانية وضعت العربان ليواجهوا العثمانيين و بمال البنك المصري الذي سرقت بريطانيا ذهبه مولت الحروب. هل نحن بانتظار مؤتمر فرساي جديد  الذي سيبدأ في جنيف 2  بعد التأكد من نجاعة  ضربات صواريخ الناتو و الصهاينة وعملائهم  في تقليم أظافر سوريا و إضعاف قدرات جيشها  و فرض عليها خارطة سياسية و جغرافية جديدة، تطمئن من خلالها  أمريكا المنسحبة من المنطقة العربية بعد هزيمتها في العراق  لخضوع سوريا أولا كقاعدة المقاومة الأولى للمشروع الصهيوني الإمبريالي  لهيمنة قاعدتها العسكرية المتقدمة إسرائيل.  و تحويل إسرائيل إلى الدولة العظمى  المهيمنة في المنطقة، إسرائيل تكلف الموازنة  الأمنية للولايات المتحدة الأمريكية سنويا 3 مليارات  دولار على شكل مساعدات عسكرية و امنيه وتكنولوجية، في حين حاملة طائرات أمريكية واحدة في المتوسط تكلف البنتاغون 5 مليارات  دولار سنويا، هذا ارخص بكثير لتجمع الشركات الإمبريالية الأمريكية. لذلك تعمل جاهدة الإمبريالية لإنهاء قضية فلسطين و تدمير أي دولة تنادي بالحق الفلسطيني.

 

  لقد قامت قوى الاستعمار و الرجعية العربية المتحالفة معه بالكثير لفرض الهزيمة على العرب، ولكن الشعب العربي استطاع بأن يعيد بناء ذاته بعد كل ضربة أو خسارة لمعركة. أنصع هذه المراحل كانت بقيادة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر في عام 56  فقد استطاع مواجهة القوي العظمي آنذاك بريطانيا وفرنسا وصنيعتهم إسرائيل، وتمكن الشعب العربي في مصر بقيادة  جمال عبد الناصر من مقاومة العدوان وهزيمته ، وكنتيجة أطاح بهيبة و مكانة هذه الدول على الساحة الدولية  و جعل منهم دول درجة ثانية لم تعد عظمي بعد هزيمتهم أثناء عدوانهم على مصر بسواعد عربية، وصعدت أمريكا كالإمبراطورية الغربية الأقوى .رُغم هزيمة 67 التي باغتت الضربات الجوية الأمريكية والإسرائيلية الجيش المصري  من القواعد الأمريكية  في  ليبيا التي دمرت البنى التحتية المدنية و العسكرية في مصر، إلا أن مصر عبد الناصر  أعادت بناء الجيش من جديد، ليعود و ليهزم إسرائيل تارة أخرى في حرب أكتوبر عام 73 برفقة شريكه الأبدي الجيش العربي السوري الذي حرر فيها مناطق واسعة من  الجولان و شمال فلسطين  المحتلة خسرها ثانية لضربات جوية كثيفة أمريكية إسرائيلية،  فور إعلان  السادات لوقف إطلاق النار في الحرب، بناءً على نصائح كيسنجر وزير الخارجية الأمريكية آنذاك   و فيصل ملك السعودية، دون إعلام   مسبق أو تشاور مع شريكه العربي السوري..

لقد نجحت المقاومة العربية في لبنان و غزة في الحاق الهزائم   بإسرائيل: في لبنان عام  2000 و وضربات الانتفاضة الفلسطينية الثانية الموجعة له وطرد الكيان الغاصب من غزة، و هزيمته علي يد المقاومة اللبنانية عام 2006، و صمود غزة عام 2008 ونجاح المقاومة الفلسطينية عام 2012 من غزة  بضرب قلب الكيان الصهيوني  في القدس و تل أبيب المحتلتين. صمود سوريا الأسطوري أمام ابشع الحروب الإرهابية على الشعب العربي إلي اليوم ،كل هذا يشير إلى أن المستقبل في المنطقة سترسم معالمه المقاومة العربية  بقيادة سوريا قلب العروبة النابض.  هذا دون التعريج على الدور الإيجابي للحلفاء الاستراتيجيين للمقاومة العربية في مواجهة قوي الهيمنة  و الغطرسة والظلام.