2024-11-28 01:38 ص

بنوك عالمية تخفض موظفيها في الشرق الاوسط مع سعيها لتقليص النفقات

2012-09-29
تخفض بنوك أمريكية وأوروبية كبرى أعداد موظفيها في الوحدات المصرفية الاستثمارية بالشرق الاوسط اذ أن ندرة الصفقات وحاجتها لخفض النفقات تغطيان على الامكانات الواعدة للاسواق الناشئة.
وخفضت عدة مؤسسات من بينها دويتشه بنك وكريدي سويس ونومورا هولدنجز اليابانية أعداد الموظفين في فرقها المصرفية الاستثمارية بالمنطقة في الاسابيع القليلة الماضية.
 
وكانت تخفيضات الوظائف في بادئ الامر لصغار المصرفيين لكن الجولة الاخيرة شملت مديرين من بينهم رئيس العمليات المصرفية الاستثمارية لدى نومورا في دبي.
 
وقال مصرفي كبير في دبي طلب عدم نشر اسمه لانه غير مخول بالحديث الى الاعلام //سنشهد مزيدا من الانكماش في مجال الانشطة المصرفية الاستثمارية في الشرق الاوسط في العامين المقبلين. هناك كثير من المصرفيين يحاولون الفوز بنفس الصفقات في سوق لا تكاد تنمو.// وتأتي التخفيضات الاخيرة بعد خطوات مماثلة لبنك أوف أمريكا وروتشيلد في وقت سابق من هذا العام.

وتأتي أيضا بعد سنوات من التوسع المتسارع حيث شكلت البنوك الاجنبية فرقا كاملة للانشطة المصرفية الاستثمارية لاسيما في المركز المالي الرئيسي في دبي في ظل اغراء الايرادات النفطية التي تنفقها صناديق الثروة السيادية والشركات المدعومة من الحكومة في المنطقة على الاستثمارات الخارجية.
 


وقوضت الازمة المالية العالمية عام 2008 تلك الامال العريضة وأضرت بشهية المستثمرين وتضررت المنطقة بشدة من انخفاض أسعار النفط وهبوط سوق العقارات. وتعافت أسعار النفط بعد ذلك لكن منذ اندلاع ثورات الربيع العربي العام الماضي أصبحت بعض الصناديق السيادية تضخ مزيدا من أموالها في الداخل مع تركيز الحكومات على تطوير اقتصاداتها المحلية لتخفيف السخط الاجتماعي. وفي غضون ذلك أدى انعدام الاستقرار السياسي في شمال افريقيا الى عزوف بعض المستثمرين عن ابرام صفقات هناك ولو لفترة مؤقتة.
 


وقال تيموجين انجين المدير المساعد للخدمات المالية في مؤسسة ستاندرد اند بورز للتصنيف الائتماني في دبي //فتح العديد من بنوك الاستثمار العالمية فروعا في الشرق الاوسط قبل فترة ليمان براذرز لان قوة أحجام التداول في السوق وتدفق الصفقات شجعهم// في اشارة الى انهيار بنك ليمان براذرز الامريكي في سبتمبر أيلول 2008.
 


وتابع //غير أنه بعد انهيار ليمان انكمشت أحجام التداول بشدة في معظم أسواق المنطقة وكذلك الصفقات المصرفية الاستثمارية.// ونظرا لان البنوك العالمية تواجه قلة في الاعمال في منطقة الشرق الاوسط وأزمة ديون في منطقة اليورو وتشديدا للقواعد التنظيمية في بلدانها فقد صارت أقل صبرا مما كانت في سنوات الازدهار.
 


وولى الزمن الذي كانت فيه مقرات البنوك في نيويورك ولندن تدعم أنشطتها المصرفية الاستثمارية في الشرق الاوسط وأصبح التركيز على تحقيق الايرادات وخفض النفقات.
 


لكن قطر استثناء من هذه الاجواء القاتمة في الخليج اذ أنها تعزز بقوة استثماراتها الخارجية من خلال صندوق الثروة السيادي والكيانات المرتبطة بالدولة. وأنفقت الدولة الخليجية الصغيرة مليارات الدولارات هذا العام لشراء حصص في شركات كبيرة مثل اكستراتا للتعدين ورويال داتش شل والمجموعة الاعلامية الفرنسية لاجاردير.
 


لكن قطر وحدها لم تكن كافية لتنشيط السوق الاقليمية. فقد بلغت رسوم الانشطة المصرفية الاستثمارية في الشرق الاوسط 8ر234 مليون دولار في النصف الاول من 2012 بزيادة خمسة بالمئة عن مستواها قبل عام لكن بانخفاض شديد عن نحو مليار دولار حققتها البنوك خلال فترة الازدهار في 2005 و2006 بحسب بيانات تومسون رويترز.
 


ويقتسم حصيلة الرسوم 20 بنكا عالميا عينت مصرفيين كبارا لاجتذاب أعمال في المنطقة أو نقلتهم من أماكن أخرى. ونظرا لعدم استعداد الشركات والحكومات لدفع رسوم كبيرة للحصول على الاستشارات أصبح من الصعب تبرير وجود فرق كبيرة من الموظفين. وغالبا ما تتطلب المنافسة على الصفقات أن تخفض البنوك الرسوم لاسيما اذا كان العميل هو كيان شرق أوسطي مهم يمكن أن يفتح لها أبواب مزيد من الصفقات.
 


وقال مصرفي ثان طلب عدم كشف هويته بسبب حساسية المسألة //وضع الرسوم في المنطقة غير مشجع. سترى عملاء مستعدين لابرام صفقات بعدة مليارات دولار لكنهم غير مستعدين لدفع رسوم قدرها مليون دولار.//
 


وأضاف //حين كانت شركة اتصالات تسعى لشراء زين العام الماضي عرض بنك كبير امدادها بالمشورة مقابل رسوم تبلغ مليوني دولار. وهذه الرسوم لصفقة قيمتها 12 مليار دولار كان يمكن أن تكلف الشركة رسوما بين عشرة ملايين دولار و20 مليون دولار في الغرب.//
 
وفي نهاية المطاف تراجعت اتصالات الاماراتية عن خططها لشراء حصة أغلبية في زين الكويتية العام الماضي.

وتنافست نحو عشرة بنوك للفوز بدور استشاري في الاندماج المزمع الذي تدعمه حكومة امارة أبوظبي بين شركة الدار العقارية وشركة صروح العقارية هذا العام على أمل الفوز بصفقات أخرى في الامارة الغنية. واختارت أبوظبي في نهاية الامر أربعة مستشارين من بينهم جولدمان ساكس الذي سيقود الفريق.

وقال مصدر مصرفي مشارك في العملية //البنوك لا تتوقع رسوما سخية من هذه الصفقة... الحكومة هي التي تتخذ القرار في هذه الصفقة لذلك فأدوار البنوك محدودة بذلك لكنها قد تكون مدخلا جيدا لصفقات في المستقبل.//
 
ونقلت البنوك عددا من كبار موظفيها الى مقراتها أو الى مناطق فيها فرص أفضل. وهناك مصرفيون اخرون يستقيلون من تلقاء أنفسهم لتأسيس شركات بمفردهم أو للانتقال الى مراكز مالية أكثر جاذبية.
 


ونقل بنك روتشيلد رئيس وحدته المصرفية الاستثمارية بالشرق الاوسط هيرفي ساوكو الى باريس في مايو ايار وعينت مكانه كريس هاولي المتخصص في عمليات الاندماج والاستحواذ. ونقل البنك أيضا العضو المنتدب للخدمات الاستشارية للسندات والاسهم بول رينولدز الذي كان شخصية مهمة أثناء اعادة هيكلة ديون دبي عام 2009 من المنطقة الى عمليات البنك في شمال أوروبا.
 
ونقل بنك ستاندرد تشارترد المدير الاقليمي لتغطية العملاء في الشرق الاوسط ديفيد لو الى جوهانسبرج ليعمل مديرا اقليميا لتمويل الشركات في افريقيا. وفي مارس اذار قرر بنك اتش.اس.بي.سي تعيين اندرو دل رئيسا تنفيذيا للبنك في جنوب افريقيا بالاضافة الى دوره كرئيس لاسواق السندت لمنطقة وسط وشرق أوروبا والشرق الاوسط وافريقيا. وانتقل دل من دبي الى جوهانسبرج بعد هذا التعيين.

وينتقل بعض المصرفيين الى قطاعات مصرفية أخرى تنطوي على فرص نمو أفضل. فقد انتقل ألبرت مومدجيان المتخصص في الانشطة المصرفية الاستثمارية والذي أدار أنشطة كريدي أجريكول في المنطقة الى منصب رفيع في قسم ادارة الثروات للاسواق الناشئة في بنك يو.بي.اس السويسري.
ويأمل المصرفيون أن يتزايد نشاط الصفقات في السنوات المقبلة مع عودة الاستقرار السياسي الى الشرق الاوسط تدريجيا بعد الربيع العربي وحين تظهر مؤشرات على حل أزمة ديون منطقة اليورو.
لكن المصرفيين الامريكيين والاوروبيين الذين يتنافسون على الصفقات المستقبلية ربما سيقومون برحلات من مقراتهم في الخارج الى المنطقة بدلا من العمل في دبي أو مراكز أخرى في الشرق الاوسط.
(رويترز)