2024-05-03 11:35 م

لماذا تهدد قطر بسحب وساطتها بين حماس و”إسرائيل”؟

تواجه جهود الوساطة التي تقودها دولة قطر بين حركة المقاومة الإسلامية حماس و”إسرائيل”، تحديًا جديدًا بعدما أعلنت الدوحة أنها ستجري تقييمًا لدورها كوسيط في الأزمة المستمرة منذ أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي.

وتداولت وسائل الإعلام العالمية والإقليمية على نطاق واسع التصريحات التي أدلى بها رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، يوم الأربعاء، والتي قال فيها، إن بلاده تجري “تقييمًا لعمل الوساطة” في مفاوضات وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، موضحًا أن “المسألة أخذت شهورًا طويلة والخلافات واسعة”.
وأضاف ابن عبد الرحمن في مؤتمر صحفي بالدوحة، عقب لقائه نظيره التركي هاكان فيدان: “هناك إساءة لاستخدام هذه الوساطة لمصالح سياسية ضيقة، وهذا يستدعي تقييمًا شاملًا لدور الوساطة”.

وأكد أن “الدوحة ملتزمة بدورها، لكن هناك حدود لهذا الدور”، موضحًا: “لا يستطيع (الوسطاء) تقديم أشياء الأطراف نفسها تتمنع عنها”، “قطر ستتخذ القرار المناسب (بشأن ذلك التقييم) في الوقت المناسب”.

وفي إشارة إلى انتقادات عضو في الكونغرس الأمريكي للوساطة القطرية، قال ابن عبد الرحمن: “هناك سياسيون يسيئون لدولة قطر خلال حملاتهم الانتخابية”، لافتًا، في الوقت نفسه، إلى أن قطر تواصل اتصالاتها ومشاوراتها مع الدول “الشقيقة والصديقة” لوضع حد للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.

تقييم العلاقة بين واشنطن والدوحة
جاءت تصريحات رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري بعد انتقادات وجهها عدد من المشرعين الأمريكيين للدوحة تتعلق بوساطتها في شأن وقف إطلاق النار والإفراج عن الأسرى، كان آخرهم زعيم الأقلية الديمقراطية بمجلس النواب ستيني هاميلتون هوير، الذي دعا في بيان له الولايات المتحدة إلى إعادة تقييم علاقتها مع قطر، إذا فشلت الأخيرة في ممارسة الضغط على قادة حماس.

وأضاف زاعمًا في بيانه “سعت حماس إلى استخدام وسيطها قطر – التي ساعدت منذ فترة طويلة في تمويل (المنظمة الإرهابية) – لتقديم تنازلات أكبر من إسرائيل”.

بيان هوير المنحاز لـ”إسرائيل” بشكل فج وجد انتقادات لاذعة حتى من بعض زملائه الديمقراطيين، إذ ردّ عليه الدبلوماسي السابق وليام غرانت بقوله: “الدعوة للضغط على قطر أمر مضلل. إنهم وسطاء. إيران وربما سوريا لديهما نفوذ على حماس، لكن الولايات المتحدة لا تملك أي نفوذ عليهما. وإذا طردت قطر القيادة “السياسية” لحماس من الدوحة، فإن المفاوضات البطيئة الحالية مع أصحاب القرار في حماس في غزة سوف تستغرق وقتًا أطول”.

فيما علّقت سفارة قطر في الولايات المتحدة على بيان النائب الديمقراطي، قائلةً إنها فوجئت بالتصريحات التي أدلى بها عضو الكونغرس الأمريكي ستيني هوير عن أزمة الرهائن المحتجزين بقطاع غزة وتهديده “بإعادة تقييم” العلاقات الأمريكية مع قطر، وأكدت أن قطر وسيط فقط والدوحة “لا تسيطر على إسرائيل أو حماس”، لافتة إلى أن الطرفين وحدهما المسؤولان عن التوصل لاتفاق.

وأضافت السفارة “بالطبع، التقدم الحديث بطيء، والنائب هوير ليس وحده من يشعر بالإحباط. لكن اللوم والتهديد ليسا بناءين”، وذكر البيان أن قطر من أبرز حلفاء الولايات المتحدة خارج حلف شمال الأطلسي ويتمركز بها حاليًا 10 آلاف جندي أمريكي وأضخم حضور عسكري أمريكي في الشرق الأوسط.

واستنكرت السفارة القطرية في واشنطن أيضًا، إشارة هوير إلى أن حماس يجب ألا تكون في قطر، وورد في البيان: “من المؤكد أنه من المغري أن نفعل ما يقترحه وأن نبتعد عن الأطراف التي تبدو متعنتة.. لكن ينبغي أن نتذكر أن دور قطر في الوساطة قائم فقط لأن الولايات المتحدة طلبت منا في 2012 الاضطلاع بهذا الدور بما أن (إسرائيل) وحماس، للأسف، ترفض كل منهما التحدث مع الأخرى مباشرة”.

مطالبة بطرد قادة حماس
سبق بيان عضو مجلس النواب ستيني هوير تعليقات أخرى مماثلة (وإن كانت أقل حدة) في مجلس الشيوخ، ففي 15 مارس/آذار الماضي، انضم السيناتوران تيد بود (جمهوري من نورث كارولينا) وجوني إرنست (جمهوري من آيوا)، إلى بيان مشترك لرئيس لجنة العلاقات الخارجية السيناتور بن كاردين (ديمقراطي من ميرلاند) والعضو البارز في اللجنة جيم ريش (جمهوري من إيداهو)، بالإضافة إلى أربعة أعضاء آخرين في مجلس الشيوخ ذكروا فيه أنه: “إذا رفضت حماس إجراء مفاوضات معقولة، فلا يوجد سبب لاستمرار قطر في استضافة المكتب السياسي لحماس أو أي من أعضائها في الدوحة”.

وجاء في البيان “نحن نقدر العمل الذي قامت به قطر حتى الآن للتوسط في إطلاق سراح الرهائن ونحث قطر على مضاعفة جهودها واستخدام كل نفوذها لتأمين الإفراج الفوري عن جميع الذين احتجزتهم حماس في هجومها الشنيع في 7 أكتوبر/تشرين الأول”.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، رد السفير القطري لدى الولايات المتحدة الشيخ مشعل بن حمد آل ثاني بحسم على سيناتور جمهوري بعدما اتهم الأخير قطر بما وصفه بـ”استضافة الإرهابيين”، في إشارة إلى مكتب “حماس” في الدوحة، فرد الأول بأن هذا جرى بناءً على طلب الولايات المتحدة.

وكتب آل ثاني على موقع إكس ردًا على السيناتور تيد باد، “كما أوضحت لك عندما التقيت بك الأسبوع الماضي، تم إنشاء القناة مع حماس في قطر بناءً على طلب الولايات المتحدة للحفاظ على خطوط اتصال مفتوحة”.


المصدر: نون بوستوأضاف: “نحن نركز على المفاوضات ونعمل جاهدين مع جميع الأطراف للمساعدة في إطلاق سراح المزيد من الرهائن بأمان”.

رد السيناتور باد بأنه يعتقد أن حماس تماطل في الوقت بين الجهود الدولية، وأضاف “السيد. سعادة السفير، إنني أقدر جهود الحكومة القطرية لحمل حماس على إطلاق سراح الرهائن. لكنهم (حماس) يستغلون ضيافتكم لكسب الوقت”.

غير أنّ السيناتور الجمهوري عاد مجددًا في أبريل/نيسان الحالي وقدّم مشروع قرار إلى مجلس الشيوخ للنظر في إنهاء وضع قطر كحليف رئيسي لأمريكا من خارج حلف شمال الأطلسي، إذا لم تطرد قادة مكتب حماس أو توافق على تسليمهم للولايات المتحدة.

مشروع قرار لإلغاء تصنيف قطر حليف رئيسي
قال تيد باد في مشروع القرار المنشور على موقعه الرسمي: “أنا لا أتقدم بمشروع القانون هذا للنظر في إنهاء تصنيف قطر كحليف رئيسي من خارج الناتو باستخفاف، هذه ليست النقطة التي بدأت فيها هذه العلاقة، ولكنها انعكاس لما نحن فيه اليوم والتحذيرات التي وجهها أعضاء الكونغرس مرارًا وتكرارًا إلى قطر بشأن مسؤولية الاستمرار في استضافة حماس”.

وبرر بقوله “وضع الحليف الرئيسي من خارج الناتو هو امتياز ويجب على دول مثل قطر أن تكسبه باستمرار. إن الفشل في اتخاذ إجراء ضد حماس بدأ يبدو كأنه دعم ضمني لمنظمة إرهابية أجنبية حددتها الولايات المتحدة. وهذا سلوك غير مقبول بالنسبة لحليف رئيسي من خارج الناتو. إن تأمين إطلاق سراح الرهائن يتطلب القوة والوضوح الأخلاقي. نحن نطلب ذلك من قادتنا، ويجب أن نطلبه من حلفائنا الرئيسيين”.

من جهتها ردت سفارة قطر في واشنطن ببيانٍ قالت فيه: “من المخيب جدًا للأمل رؤية السيناتور تيد باد يقدم مشروع قرار يهدد فيه تصنيف قطر في 2022 كحليف رئيسي لأمريكا من خارج حلف شمال الأطلسي والسبب لأن حماس وإسرائيل لم تتوصلا لاتفاق إطلاق سراح الرهائن”.

وتابعت السفارة: “علاقتنا مع الولايات المتحدة الأمريكية لا تقتصر فقط على الجانب الدفاعي ومن بين أمور أخرى قامت قطر بهدوء وبصورة ناجحة بالتوسط لإطلاق سراح الأمريكيين في أفغانستان وإيران وفنزويلا، هذا سجل لتعاون ناجح يستند على المصالح المشتركة والالتزام.. من التهور التقليل من شأن الشراكة التي بنتها بحذر الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها على مدى عقود”.

وجاء في البيان القطري: “منذ العام 2006 توسطت قطر بنجاح في العديد من الصراعات بين إسرائيل وحماس لاستعادة السلام في المنطقة، وعلاقتنا مع الجانبين مبنية على دور الوساطة هذا، في الأزمة الحالية دور قطر في الوساطة يتحدث عن نفسه مع إطلاق سراح 100 رهينة للآن، ونحن مصممون على القيام بكل ما هو مستطاع، ولكن قطر وسيطة فقط – نحن لا نسيطر على حماس أو إسرائيل – وفي النهاية حماس وإسرائيل وحدهما مسؤولتان عن الوصول لاتفاق”.

التحركات يقف خلفها اللوبي الإسرائيلي
يعتقد جون هوتسون – باحث في مشروع سنتينل لمراقبة الصراعات- أن التحركات الأخيرة المكثفة التي يقودها مشرعون أمريكيون ضد الدوحة منسقة ومنظمة يحركها اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة من أجل حث إدارة الرئيس جو بايدن على استهداف دولة قطر.

وفي حديثه لـ”نون بوست” يجزم هوتسون بعدم إمكانية تمرير مشروع القرار الذي طرحه السيناتور الجمهوري تيد باد، نظرًا لأنّ حلفاء قطر “الديمقراطيون” يتمتعون بأغلبية داخل مجلس الشيوخ لا يمكن أن يدعموا المشروع، موضحًا أنه لاحظ أن مشروع القرار الذي طرحه باد لم يحظَ بدعم أي عضو ديمقراطي، فقط اثنان من زملائه الجمهوريين المتشددين وهما: جوني إرنست وريك سكوت.

وردًا على سؤال من “نون بوست” حول انضمام عدد من المشرعين الديمقراطيين في مجلس الشيوخ في مارس/آذار الماضي إلى بيان يطالب قطر بطرد قادة حماس إذا رفضت الأخيرة “إجراء مفاوضات معقولة”، قال هوتسون إنه يمكن ملاحظة الفرق في لهجة البيانيْن، لافتًا إلى أن البيان الأول الذي وقّع عليه أعضاء ديمقراطيون مثل السيناتور بن كارن يتضمن توجيه الشكر لقطر على جهودها، ولا يحمل أي لغة تهديد مثل إنهاء تصنيف قطر كحليف رئيسي من خارج الناتو.

غير أن الخبير الأمريكي يستدرك بالقول إنه لا يمكن تجاهل دور اللوبي الإسرائيلي والمنظمات التابعة له، مثل لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية (تسمى اختصارًا أيباك) AIPAC، موضحًا أنها تعمل بلا هوادة للتأثير على أعضاء الكونغرس ومنهم الديمقراطيون البارزون، مشيرًا إلى أن زعيم الأقلية الديمقراطية بمجلس النواب ستيني هاميلتون هوير – الذي دعا الولايات المتحدة إلى إعادة تقييم علاقتها مع قطر – من أقوى حلفاء “إسرائيل” في مبنى الكابيتول.

“أيباك” ضغطت لإغلاق جامعة تكساس في قطر
ذكر هوتسون لـ”نون بوست” أنه يعتقد أن قرار إغلاق جامعة “تكساس إيه آند أم” (Texas A&M) الأمريكية جاء نتيجة للضغوط التي نفذتها “أيباك”، مستطردًا أن مجلس أوصياء الجامعة الأم بولاية تكساس، صوّت بأغلبية على إنهاء عقد فرع الجامعة في قطر الذي تأسس عام 2003، بمبررات غير منطقية “عدم الاستقرار المتصاعد في الشرق الأوسط”.

وأضاف الباحث الأمريكي أن تصريحات رئيس الوزراء القطري بأن الدوحة تجري “تقييمًا” لدور الوساطة يشير إلى غضب قطري لإحساس المسؤولين القطريين بأن الولايات المتحدة تريد من الدوحة أن تتبنى موقفها بدعم “إسرائيل” فقط، وأن تتجاهل معاناة الشعب الفلسطيني.

وفي تحليله للتطورات الأخيرة، كتب المدون القطري البارز “بوغانم” على صفحته بموقع إكس:

“اغتيال مراسلين الجزيرة من قبل الكيان الصهيوني

محاولة طرد قناة الجزيرة من غزة

المسودة الامريكية ضد قطر التي تسربت منذ أيام من قبل بعض أعضاء السيناتورز المحسوبين على نتنياهو في الكونجرس الأمريكي

اتهام نتنياهو بعدم حياد الوساطة القطرية

جميعها تراكمات يستخدمها نتنياهو والمساندين له للتأثير على الوساطة القطرية بهدف انتزاع موقف من حماس لصالحه وذلك بعد فشل خططه في إنهاء الحرب وعدم تحقيق الأهداف، لذلك تارة يحاول كسب موقف لصالحه وتارة يحاول إطالة أمد رئاسته، وهناك الحاقدين على الدور القطري الذي تلعبه ونجحت في عدة وساطات من قبل”.

قطر هي المحاور الوحيد القادر على الاختراق
رغم التهديدات القطرية فإنّ بعض المحللين يقولون إنه من غير المرجح أن تتراجع الدوحة تمامًا عن المحادثات رغم الانتقادات التي تعرضت لها من “إسرائيل” وحلفائها في الكونغرس الأمريكي.

وفقًا لـ”سي إن إن” يقول عدد من الخبراء إن قطر هي المحاور الوحيد القادر على إبرام صفقة بسبب علاقاتها مع حماس والتحالف مع الولايات المتحدة. وهي تستضيف المكتب السياسي لحماس، لكنها أيضًا موطن لقاعدة عسكرية أمريكية قوامها 10000 جندي”.

قالت آنا جاكوبس، كبيرة المحللين الخليجيين في مجموعة الأزمات الدولية ومقرها بروكسل: “أعتقد أنهم سيحاولون المساعدة، ويحاولون التوسط، لطالما استطاعوا ذلك”، مضيفة أن قطر تشعر بالقلق إزاء انتقادات السياسيين الأمريكيين، وقالت جاكوبس لشبكة سي إن إن: “لقد اضطروا إلى مواجهتها لفترة من الوقت”.

ويرى تقرير لمجلة ناشيونال إنترست أن منتقدي الدوحة “من المشرعين الأمريكيين” يخاطرون بإبعاد الشريك الدبلوماسي الأكثر فعالية للولايات المتّحدة في الشرق الأوسط وحليف إستراتيجي أساسي من خارج حلف شمال الأطلسي يستضيف أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في المنطقة.

وأضاف التقرير الذي أنتجه – عمر حسن عبد الرحمن زميل في مجلس الشرق الأوسط للشؤون الدولية وكريستيان كوتس أولريكسن زميل في معهد بيكر للسياسات العامة في جامعة رايس في هيوستن – “هذا الهجوم يشكل رادعًا لأي طرف منخرط في دبلوماسية جادّة، في وقت لا تستطيع المنطقة تحمّل مزيد من النزعة العسكرية بينما تتوجّه نحو حرب واسعة النطاق لا نهاية لها”.

وأوضح كاتبا التقرير أن “قطر سدّت الفراغ الدبلوماسي الأمريكي وتوسّطت إلى يومنا هذا بين الولايات المتحدة وإيران لإطلاق سراح السجناء الأمريكيين، وبين الولايات المتحدة وطالبان لإنهاء الحرب في أفغانستان، وهذا يشمل مساعدة المدنيين الضعفاء الذين تُرِكوا لمصيرهم بعد الخروج الأمريكي المتسرّع والفوضوي في أغسطس 2021، وفي العام الماضي، تفاوضت قطر أيضًا على عودة الأطفال الأوكرانيين الذين أسِروا في روسيا، وكذلك دخلت في مفاوضات بين الجهات السياسية الفاعلة في فنزويلا لتأمين أجواء تنافسية عادلة قبيل انتخابات العام 2024”.

وفي مقال بعنوان “قطر جزء من الحل لحرب غزة، وليست المشكلة”، يرى الدبلوماسي الإسرائيلي السابق ألون بينكاس أنه “إذا كانت قطر في الواقع بصدد إعادة تقييم دورها بجدية كوسيط بين الجانبين، فهذا تطور سيئ للغاية”.

وقال بينكاس في مقاله بصحيفة هآرتس: “حتى الحجة التي ألقيت على قطر بأنها تؤوي قادة حماس في الدوحة لها بعض السياق: طُلب منها القيام بذلك، لأن كل من إسرائيل والولايات المتحدة تخشى أن يستقروا في إيران”.

وأضاف “أدوار قطر الإنسانية والوساطة في غزة ليست جديدة، وشفافة نسبيًا ولا غنى عنها. ينظر القطريون إلى الوساطة كأداة للسياسة الخارجية الثقافية ونوعية سياسية تسمح لبلد صغير جدًا بالتنقل في طريقه من خلال بيئة جيوسياسية مضطربة”.

وتابع “إذا كان لدى إسرائيل مرشح أفضل للوساطة في الاعتبار، فلا بأس. إذا لم يحدث ذلك، فسيكون من الحكمة وقف الهجوم. إنه لا يحقق شيئًا على الإطلاق”.

وكان بينكاس قد اتهم في وقت سابق، رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو بمحاولة “جعل قطر كاذبة ومسؤولة عن هجوم السابع من أكتوبر الماضي”، مبينًا “أن لائحة الاتهام ضد قطر بدأت تظهر في الولايات المتحدة أيضًا”.

وذكر أنه “مهما كانت هذه الحجج واهية فقد أصبحت هي المفضلة لدى إسرائيل والتي تتلخص في إلقاء اللوم على قطر بسبب علاقتها بالحركة”.

أخيرًا، يبدو أن قطر وبإعلانها على لسان رئيس الوزراء وزير الخارجية أنها بصدد تقييم الوساطة، كأنها تقول للولايات المتحدة بشكل غير مباشر أنها ضاقت ذرعًا بانتقادات المشرعين وتهديداتهم، فهي تريد أن تُذكرهم بأنّ واشنطن هي التي طلبت من قطر إبّان عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما إنشاء قناة اتصال مع حركة حماس، وأنه يمكنها إيقاف هذه الوساطة وإفساح المجال لأطراف أخرى.

الدور المعقد الذي تلعبه قطر في الوساطة في الأزمات الدولية أصبح موضع تركيز كبير رغم انتقادات مشرعين أمريكيين بارزين، وكشفت هذه الأزمة عن انخراط قطر على أعلى مستوى في الديناميكيات المعقدة للمنطقة، إذ أوضحت تلك الأزمة أنه لا غنى عن الدوحة في التوسط لإطلاق سراح الأسرى وإيقاف العدوان، وقد فعلت ذلك بالفعل في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي وما زالت تحاول.

المصدر: نون بوست