2024-04-27 07:47 م

ماذا لو استمرت حرب غزة ستة اشهر اخرى؟!

نشرت مجلة "نيويوركر" الأمريكية، تقريرا، تحدثت فيه عن التدهور المتزايد للأوضاع الإنسانية في قطاع غزة، والتوقعات المتشائمة بخصوص العدوان المتواصل عليه، الذي يُنذر بوقوع المزيد من الضحايا.   
     
وقالت المجلة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن باحثين من مركز جامعة "جونز هوبكنز" للصحة الإنسانية وكلية لندن للصحة والطب الاستوائي، أصدروا هذا الأسبوع، تقريرًا، يستعرض تقديرات لـ"عدد الأشخاص الذين قد يموتون في غزة في الأشهر الستة المقبلة".

وقدّر المؤلفون ما يُسمى بـ"الوفيات الإضافية" التي تشمل الوفيات الناجمة عن حرب الاحتلال الإسرائيلي بشكل مباشر، وكذلك تلك الناجمة عنها بشكل غير مباشر بسبب عوامل مثل المرض وعدم القدرة على الوصول إلى الرعاية الطبية. وقد وضع مؤلفو التقرير نموذجًا لثلاثة احتمالات: إذا كانت الأشهر الستة المقبلة من الحرب مماثلة للأشهر الثلاثة الأولى، أو إذا تصاعدت الحرب، أو إذا كان هناك وقف لإطلاق النار.

وأوضح: "‌إذا استمرت الحرب في مسارها دون تصعيد حتى أوائل آب/ أغسطس - مع استمرار قصف إسرائيل المناطق المكتظة بالسكان ومنع دخول الغذاء والدواء - يتوقّع الباحثون ما بين 58.260 و66.720 حالة وفاة إضافية إلى أكثر من 28 ألف حالة وفاة أعلنتها وزارة الصحة في غزة منتصف شباط/ فبراير (ويبلغ هذا العدد حاليًا أكثر من تسعة وعشرين ألفًا)".

وتابع: "وإذا تصاعدت الحرب، يتوقع المؤلفون أن يرتفع عدد القتلى إلى ما بين 74.290 و85.750 حالة وفاة إضافية خلال الأشهر الستة المقبلة. (وُضعت توقعات سيناريو التصعيد بناءً على أعلى عدد من الضحايا في شهر واحد)"، مردفا أنه "حتى لو بدأ وقف إطلاق النار على الفور، يتوقّع الباحثون أن ما بين 6550 إلى 11580 شخصًا سيموتون خلال الأشهر الستة المقبلة، حتى لو لم تكن هناك حرب. (في كل سيناريو، تشمل الأعداد الوفيات الناجمة عن الأوبئة المحتملة)".

‌ويقول أستاذ الاقتصاد في جامعة رويال هولواي بجامعة لندن، والخبير في تقدير عدد القتلى المدنيين، مايكل سباجات: "في الوقت الحالي، يبدو هذا بمثابة محاولة جادة لتحديد حجم الوفيات، وخاصة الوفيات الناجمة عن غير الأعمال العدائية في غزة". مشيرا إلى أن الدراسة لم تخضع بعد لمراجعة النظراء، بسبب ضيق الوقت.

إلى ذلك، يوضح بول بي شبيغل، وهو أحد مؤلفي التقرير ومدير مركز الصحة الإنسانية في كلية جونز هوبكنز بلومبرغ للصحة العامة، كيفية إعداد التقرير والوضع الإنساني المتردي في غزة.
وناقش بول بي شبيغل "العوامل المختلفة التي شكّلت توقعات المؤلفين، ولماذا حتى سيناريو وقف إطلاق النار يمكن أن يشهد أكثر من عشرة آلاف حالة وفاة إضافية، وما الذي يجعل غزة فريدة من نوعها من بين المآسي الإنسانية".

كيف قررت التركيز على ثلاثة سيناريوهات، وهل يمكنك التحدث عما تتألف منه تلك السيناريوهات؟
بول بي شبيغل: أردنا أن ننظر إلى التطرّف المحتمل بالإضافة إلى الوضع الحالي، ومن ثم قمنا بتطوير ثلاثة سيناريوهات لتحديد النطاق. وهذه ليست توقعات بل تقديرات. تستمر هذه السيناريوهات على مدار ستة أشهر، بدءًا من 7 فبراير/ شباط. لذا فإن سيناريو الحالة الأولى هو وقف إطلاق النار، والسيناريو الأوسط هو ما نسميه الوضع الراهن، وهو ما يحدث وما يستمر في الحدوث الآن، بينما يتمثل السيناريو الأسوأ في التصعيد.

لذا، عندما تقول "الحالة الأفضل" و"الحالة الأسوأ"، هل تقصد من حيث الخسائر البشرية، أم أنك تقصد شيئًا آخر؟
نحن نتحدث فقط عن الضحايا. إذا قرأت التقرير بعناية شديدة، خاصة من منظور أكاديمي. نحن غير مسيّسين ولا نقوم حتى بأي نوع من الاستنتاجات السببيّة. وما نحاول فعله حقًا هو توثيق الوفيات الإضافية وفقًا لهذه السيناريوهات الثلاثة المختلفة.

هل يمكنك التحدث عن ماهية هذه التوقعات؟ هل ينبغي لنا أن نفكر في هذا الأمر بنفس الطريقة التي نفكر بها في استطلاعات الرأي، مع هامش خطأ؟ هل ينبغي لنا أن نفكر في هذا كنوع من الحسابات غير المتوقعة؟
هذه التقديرات أشبه بالتفكير في التوقعات المختلفة لتغيّر المناخ. وعادة ما تكون التوقعات لفترات زمنية أقصر. وهذه توقعات طويلة المدى، على مدى ستة أشهر، وهي مبنية على السيناريوهات.

في ظل سيناريو وقف إطلاق النار الفوري، لا تزال ترى زيادة في الوفيات تتراوح بين 6550 إلى 11580. هل يمكن شرح لماذا سيكون هذا هو الحال؟ وهل يمكنك أن تشرح بالضبط ما الذي تقصده بالوفيات الإضافية؟
إن الوفيات الإضافية هي الوفيات التي لم تكن لتحدث لولا هذا الصراع. إذًا هذه هي الوفيات التي من المتوقع أن تحدث بسبب الصراع الحالي. فعلى سبيل المثال، لم تكن هناك وفيات بسبب الصدمة عندما لم يكن هناك صراع، قبل 7 أكتوبر/ تشرين الأول. والوفيات الناجمة عن الصدمات كلها وفيات إضافية، ولكن الوفيات الأخرى ناجمة عن مرض السكري، وما إلى ذلك. 

كان علينا أن ننظر في كيفية عمل النظام الصحي في الوقت الراهن، والوصول إلى الخدمات، فضلا عن القيود التي يواجهها الأشخاص الذين يعانون من مرض السكري من حيث الوصول إلى الأنسولين بنسبة معينة، ما يعني زيادة في نسبة الوفيات. وبالمثل، نحن ندرك أنه في كل عام هناك أمراض معدية متوطنة. 

نحن ندرك عدد الأشخاص الذين ماتوا بسبب فيروس كورونا وعدد الأشخاص الذين ماتوا بسبب الأنفلونزا في الماضي. ونزيد في الوقت الحالي هذه الأعداد بسبب الوضع الحالي المتمثل في الاكتظاظ، ونقص المياه والصرف الصحي، ونقص العلاج.

أما في سيناريو وقف إطلاق النار، سيظل هناك الكثير من الوفيات الإضافية خلال فترة الستة أشهر تلك. ويعزى ذلك إلى أن الظروف متدهورة ووصلت إلى مستوى خطير. هناك الكثير من الإصابات البليغة، على الرغم من أنه قد لا يكون هناك الكثير من الصدمات الجديدة- وقد يكون هناك بعض الإصابات بسبب الذخائر غير المنفجرة- إلا أنه ستكون هناك إصابات بليغة للأشخاص المصابين والذين سيموتون. علاوة على ذلك، سيستمر انتشار الأمراض المعدية، وربما بعض الأوبئة. 

في الوقت الحالي، لا يبدو أن وقف إطلاق النار على وشك الحدوث، ولكن إذا تم التفاوض عليه، فما هي الأشياء المهمة التي يجب أن تحدث على الفور لضمان بقاء عدد القتلى ضئيلا قدر الإمكان؟
ينبغي أن تكون هناك –وبسرعة كبيرة جدًا – كمية هائلة من المياه بالإضافة إلى مرافق الصرف الصحي. لذلك، يجب إدخال الماء والغذاء والوقود بكميات كبيرة.

أولا، يجب أن تكون هناك بعض الأطعمة المغذية، خاصة للأطفال الذين يعانون من سوء التغذية. ثانيا، هناك العديد من فرق الطوارئ الطبية التي تنتظر حتى تتمكن من الدخول، وهي شبه مستقلة أو مستقلة. لديهم جراحون، ولديهم خيام طبية، ويجب السماح لهم بالدخول وأن يكونوا قادرين على إنشاء أماكن لدعم النظام الحالي - ليس استبداله وإنما لدعمه. 
اقرأ أيضا:

انتقادات لتناقض "العمال البريطاني" بشأن الحرب على غزة واستمرار دعم "إسرائيل"
ستكون هناك حاجة إلى الكثير من الموظفين الذين لديهم بعض التخصصات في الصدمات لأن حالات الصدمات شديدة للغاية. لن يقتصر الأمر على الأخصائيين العامين فحسب، بل ينبغي أن يكون هناك الكثير من الجراحين وأخصائيي إعادة التأهيل. لذلك سيكون هناك حاجة إلى قدر هائل من الخدمات اللوجستية، ولا أعرف ما إذا كانت الجهات التي تسيطر على الحدود ستسمح بدخولها، حتى لو كان هناك وقف لإطلاق النار.

في سيناريو المسار الأوسط، الذي تسميه سيناريو "الوضع الراهن"، هل تنظر إلى الوفيات الحالية وتضع تقديرات لها؟
أكّد شبيغل أنه ربما كان هذا هو السيناريو الأكثر تحديًا بالنسبة لهم لأن الأمر لا يبدو كما لو أن الأشهر الأربعة الماضية متشابهة.. لذلك استخدمنا متوسط الأشهر الثلاثة الأولى من الصراع لنقول إن هذا هو الوضع الراهن. بالنسبة للتصعيد، استخدمنا أكبر عدد من الوفيات خلال فترة شهر واحد، وهكذا حددنا الاختلاف بين الوضع الراهن والتصعيد.

ما يُبلغ عنه في الغالب هو حالات وفاة بسبب الصدمة. عندما تسمع عن ثمانية وعشرين ألف حالة وفاة، فهذه حالات وفاة مفاجئة في المقام الأول، ولكنها قد لا تشمل حالات الوفاة التي ظلت تحت الأنقاض ولم يتم الإبلاغ عنها. وقد لا يشمل ذلك مجموعة من الوفيات الأخرى الناجمة عن الأمراض المعدية أو الأمراض غير المعدية.

عذرًا، ماذا تقصد بـ"تحت الأنقاض"؟
نعم، هناك استخفاف بالوفيات الحالية لأنه لا يتم الإبلاغ عن جميع الوفيات لأن هناك عائلات معينة لا تزال تحت الأنقاض ولم تنتشل بعد. أُبلِغ عن بعضها، لكن ليس جميعها.

فيما يتعلق بالوفيات إما التي لا تزال تحت الأنقاض كما تقول أو بسبب المرض، كيف يمكنكم الوصول إلى أرقام جديرة بالثقة في أي من هاتين الحالتين؟
بالنسبة للوفيات التي لا تزال تحت الأنقاض، استخدمنا مصدرًا مستقلاً آخر، وهو عدد الوفيات بين الموظفين والعاملين في وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا). لقد كان لديهم أكثر من مائة وخمسين حالة وفاة. 

إنهم دقيقون للغاية لأن "الأونروا" وكالة تابعة للأمم المتحدة، ولديهم ثلاثة عشر ألف عامل في غزة ونظام قائم لهذا نستخدم ذلك كنوع من المعيار الذهبي، ثم نستخدم الوفيات التي تم الإبلاغ عنها مبكرًا من قبل وزارة الصحة في غزة. لقد نظرنا إلى الفرق بين هذين الإثنين ومن هناك توقعنا عدد الوفيات التي قد تكون في عداد المفقودين، وربما كانت أكثر بحوالي 10 إلى 15 بالمائة.

لذا، من خلال النظر إلى موظفي الأمم المتحدة هؤلاء البالغ عددهم حوالي ثلاثة عشر ألفًا في غزة، وعدد الأشخاص الذين تم تسجيل وفاتهم على أيدي "الأونروا" مقابل عدد القتلى منهم في الإحصاء الرسمي، فإنك تستخدم ذلك لتقدير عدد الوفيات نسبةً إلى السكان بشكل عام؟
نعم بالضبط.

هل ينطبق ذلك على الأشخاص تحت الأنقاض، كما تقول، وعلى الأشخاص الذين يموتون بسبب المرض أو أي شيء آخر؟
ليس بالضرورة، لأن هذا الجانب الأخير من المرض أكثر تعقيدًا بعض الشيء. فعلى سبيل المثال، لدينا الصدمات النفسية، والأمراض المعدية، والأمراض غير المعدية، وصحة الأمهات والأطفال حديثي الولادة. 

لقد قام زميلي فرانشيسكو تشيتشي، الذي كان يقوم بهذا العمل لسنوات، بأحد أصعب الأجزاء، وهو فهم متى قد تحدث الأوبئة، وهذا يصبح أكثر تعقيدًا. كان علينا أن ننظر تاريخيًا إلى فترات حدوث الأوبئة، ونظرنا تاريخيًا إلى الصراعات الماضية في غزة، ونظرنا إلى معدلات التطعيم، ثم ما فعله فرانشيسكو هو وضع افتراضات معينة.

مثلا، متى كان آخر تفش للكوليرا؟ لقد مضى وقت طويل على هذا الأمر بالفعل. ولحسن الحظ، لم يكن هناك الكثير من الكوليرا في غزة، بسبب ظروف المياه والصرف الصحي، ولأننا نعلم أنه كانت هناك كوليرا في سوريا ثم في لبنان، وقمنا بإنشاء نماذج افتراضية لانتشار الكوليرا لتقدير نسبة الأشخاص الذين قد يموتون بسبب ذلك.

في مثال آخر، نظرنا إلى عدد الأشخاص الذين يعانون من مرض الكلى المزمن، وعدد الأشخاص الذين كانوا يخضعون لغسيل الكلى، وبعد ذلك تمكنا من العمل للحصول على تقارير عن عدد أجهزة غسيل الكلى التي كانت تعمل في أي منطقة. 

على هذا النحو، يمكن أن نتوصل إلى تقديرات للأشخاص الذين قد يموتون بسبب الوضع الصحي الحالي، وسيكون هذا هو الوضع الراهن. وعندما نتجه نحو التفاقم، علينا أن نفترض أنه سيكون هناك عدد أقل من أجهزة غسيل الكلى وبالتالي يموت المزيد من الناس.

كيف نعرف أن عدد العاملين في "الأونروا" يمثل إجمالي عدد السكان؟
كان السؤال هو: هل كان من الممكن أن يكون لدى "الأونروا" مستوى أعلى من معدلات الوفيات لأنها كانت مستهدفة على وجه التحديد؟ وكان الجواب لا، لأنه في الوقت الذي قمنا فيه بذلك، لم يمت سوى عدد قليل جدًا أثناء وجودهم في العمل والباقون منهم منتشرون في أنحاء غزة أو نزحوا وقُتلوا في المباني السكنية أو في المنازل على سبيل المثال.

على الرغم من أننا تحدثنا كثيرًا عن الآثار الثانوية للحرب، فهل ما زال من المتوقع أن الغالبية العظمى من الوفيات في المستقبل المنظور ستأتي مباشرة من الحرب نفسها؟
في بعض الحروب الطويلة الأخرى، كما هو الحال في جمهورية الكونغو الديمقراطية، نعلم أن الوفيات غير المباشرة أعلى من الوفيات الناجمة عن الصدمات، ولكن ذلك بسبب ضعف نظام الرعاية الصحية ولأن الأمراض المعدية أعلى بكثير في تلك الأماكن.

ولأنه لا يوجد مثل هذا النوع من القصف الجوي الضخم في منطقة مركّزة صغيرة مثل غزة. ونتوقع، بمرور الوقت، أنه في ظل سيناريو الوضع الراهن، سيظل هناك قدر هائل من القصف، لكن معدلات الأمراض المعدية ستزداد، خاصةً إذا كان هناك وباء.

إن تصعيد الحرب قد يعني أشياء مختلفة. هل يمكنك التحدث أكثر عن كيفية توقعك لهذا الاحتمال؟
لقد أخذنا عدد الوفيات على مدى فترة ثلاثة أشهر، لكننا اخترنا الشهر الذي سُجّل فيه أعلى معدل للوفيات، والذي كان أكثر في البداية. وهذه توقعات لذا يتعين علينا أن نضع افتراضات، لكن ما قلناه هو أننا سنتوقع ذلك للأشهر الستة المقبلة. 

كما أن معظم الوفيات في سيناريو وقف إطلاق النار تحدث بسبب الأمراض المعدية، ولكن هناك وفيات كما ذكرت بسبب الصدمات، وهناك وفيات للأمهات. في الوضع الراهن، وبعد ذلك بشكل أكبر في التصعيد، من المفهوم أن ترى زيادة كبيرة في الوفيات بسبب الصدمة، لأن المزيد والمزيد من الوفيات ستحدث بسبب القصف.

لقد ذكرت عدة مرات سيناريو الوضع الراهن، الذي حددته في الدراسة على أنه الأشهر الثلاثة الأولى من الصراع، وبالتالي يشمل الشهر الأول، عندما كانت الوفيات أعلى. وإذا كنت قد حددت الوضع الراهن على أنه خلال الشهرين الأخيرين فقط؛ فهل ستكون توقعات الوضع الراهن أقل؟
نعم، وكان علينا أن نختار تاريخ البدء وهذا يشمل فترات الصعود والهبوط. وفي سيناريو التصعيد، قمنا بذلك في الأصل خلال الأسبوعين الأكثر تطرفًا، لكننا شعرنا أنه كان مرتفعًا للغاية وسيكون شديدًا للغاية لذلك جعلنا مدة السيناريو أربعة أسابيع لأننا اعتقدنا أنها معقولة. فالنقطة المتعلقة بالتوقعات هي أنه يجب وضع افتراضات.

بالنسبة لسيناريو الوضع الراهن، أنت تقول إنك استقريت على فترة الأشهر الثلاثة الأولى، على الرغم من أن ذلك سيُظهر حصيلة أعلى من فترة الشهرين الأخيرين، ولكن بالنسبة لفترة التصعيد، فقد نظرت إلى إجمالي شهر بدلاً من النظر إلى الأسبوعين الأكثر تطرفًا.

نعم بالضبط. هذا صحيح تماما.

لقد أذهلني أن الفجوة بين وقف إطلاق النار والمسار الحالي أكبر بكثير من الفجوة بين المسار الحالي والتصعيد، وهذا يعني أن المسار الحالي الذي تسير فيه الحرب، حتى بدون تصعيد، يتضمن عددًا كبيرًا بشكل لا يصدق من الوفيات المتوقعة.

نعم هذا صحيح. لكننا فوجئنا إلى حد ما بأنه لا يزال هناك الكثير من القتلى في سيناريو وقف إطلاق النار - لأن الكثير من الناس يعتقدون أنه بعد وقف إطلاق النار يجب أن يعود كل شيء إلى طبيعته بسرعة إلى حد ما، ولكن هذا ليس هو الحال. ثم هناك أيضًا النمذجة الوبائية. ما لم يحدث هو زيادة كبيرة في الأمراض المعدية، ولكن كلما طال أمد هذا الأمر، أصبحت المياه والصرف الصحي، وهو أمر مروع
بالفعل، والمأوى أسوأ. 

لذلك، عندما تنظر إلى الأمراض المعدية غير الوبائية، ستجد الكثير من التهابات الجهاز التنفسي، والكثير من فيروس كورونا والانفلونزا. والفرق الوحيد هو أن بعض الأمراض المعدية تنخفض في تلك المرحلة الثانية لأنها موسمية. وفي الوقت الحالي، نحن في موسم سيئ لفيروس كورونا والأنفلونزا.

ما هو الدور الذي تلعبه المجاعة والجوع هنا؟ هل يعتبر عدم القدرة على الوصول إلى الغذاء أمرًا من شأنه أن يؤدي بشكل مباشر إلى المزيد من الوفيات، أم أن الأمر يتعلق أكثر بتدهور الصحة العامة لسكان غزة، وهو ما سيؤدي إلى آثار ثانوية؟

نعم، إنه ليس سببًا مباشرًا، ولكنه سبب أساسي. وتشمل نماذجنا آثار سوء التغذية الحاد على معدلات الوفيات. والأكثر عرضة للخطر هم الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين ستة وتسعة وخمسين شهرًا. 

وبالنظر إلى أعداد الشاحنات التي تدخل لنقل الغذاء، والتقارير الصادرة عن الأونروا وغيرها، فقد استخدمنا كل هذا للتوصل إلى معدلات سوء التغذية الحاد.

كيف يختلف هذا الصراع أو يتشابه مع الصراعات الأخرى التي قمت بفحصها؟
أنا أتحدث هنا بشكل أقل عن التقرير في حد ذاته، وأكثر عن ماضيّ، ولكن قبل مجيئي إلى هوبكنز، قبل سبع سنوات، عملت مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لمدة أربعة عشر عامًا. 

لقد زرت جميع أنحاء أفريقيا والشرق الأوسط وأجزاء من آسيا. وأقرب ما يمكن أن يكون عليه الأمر هو حرب المدن في الموصل أو الفلوجة. وهذا يختلف لعدة أسباب، الأول هو أنه لا يوجد ما أسميه صمام الهروب. ففي معظم المواقف، يكون الأشخاص قادرين على التنقل والهروب، لكن الناس هنا غير قادرين على الحفاظ على سلامتهم على الرغم من أنه يقال لهم: اتجهوا جنوبًا، اتجهوا جنوبًا، اتجهوا جنوبًا؛ فلا توجد منطقة آمنة، ولا توجد مساحة آمنة. 

الوضع رهيب الآن في السودان ولا يوجد الكثير من الأمان، لكن الناس قادرون على مغادرة السودان، أو الذهاب إلى أجزاء معينة من السودان لأنها آمنة.
والأمر الثاني هو أن هذه قطعة صغيرة جدًا من الأرض، قطاع غزة. إن شدة القصف واتساع نطاق القصف هائلة على مستوى متناسب. لقد شهدنا في الماضي عمليات قصف مشابهة لهذا، ولكن ربما ليس بنفس الشدة. والكثافة السكانية العالية تجعل الأمر صعبًا للغاية.

وأخيرًا، آخر ما يجعل الأمر مختلفًا هو أن غزة كانت تحت الحصار لفترة طويلة جدًا. ولا يستطيع الناس الحصول على المياه والغذاء والوقود الأساسي، مما يؤدي إلى تفاقم الظروف الصحية. وقد تعرضت العديد من هذه المرافق الصحية والأنظمة الصحية للهجوم، وبالتالي فهي لا تعمل أيضًا. وهذا يجعلها محفوفة بالمخاطر للغاية ويخلق حالة أزمة من النوع الذي لم نشهده منذ فترة.