2024-03-19 01:22 م

الثقافة والمعرفة

2018-01-15
بقلم: حاتم استانبولي
الثقافة والمعرفة موضوعان مختلفان من الممكن ان تكون لك ثقافة ولكن من الممكن في غالب الأحيان ان لا تملك المعرفة . الثقافة لها اوجه مختلفة تتعلق كثيرا في منطقتنا بالخلفية الفكرية والعقائدية للفرد او المجموعة او المجتمع وعادة ما تختصر الثقافات بالثقافة السائدة وهذا ما تتسم به المجتمعات الشرقية . التدقيق في ما حولنا نجد ان الاغلبية لهم ثقافة احادية وبالرغم من اننا نعلم انها ثقافة لا تتوافق مع تطورات العصر الا ان بحكم العادة تمارسها الاغلبية الساحقة. والسؤال هنا يطرح لماذا ؟ برايي السبب هو غياب المعرفة الحسية الملموسة . والمعرفة غيابها بسبب غياب الوعي للثقافة الموروثة واختصارها بترديد مقولات لم يدقق بها . والا ماذا نسمي هذه الفوضى المنتشرة من خلال انتشار ثقافة الأحتراب الطائفي والمذهبي والقومي وسيادة النزعات العنصرية التي هي في كثير من الأحيان ناتجة عن عدم وعي طريقة الحصول على الثقافة من خلال المعلومة التاريخية وطريقة استحضارها وتوريثها . وبشكل عام فن المعرفة تأتي نتيجة النشاط الأجتماعي الفعال وهي انعكاس له . وللحصول على المعرفة تتطلب طرق علمية ووسائل منهجية . اذا دققنا في الصورة العامة فاننا نرى ان اكثرية (المعارف) تاتي من خلال السمع او الاستقبال من وسائل اعلامية متعددة وغالبا ما تتسم بنقل الخبر او تكرار ما تنشره مراكز ابحاث ممولة . القفزة النوعية في التطور والانفتاح الاعلامي وخاصة عبر وسائل التواصل الأجتماعي .المدقق بما تحتويه تجدها انعكاس للفوضى السائدة في المجتمعات وتستخدم في كثير من الاحيان بحسن نية او سوئها لتعميق الفوضى من خلال تناول الموضوعات الهامة والمفصلية بطرق تتسم بالسطحية وتقزيم التطلعات العامة من خلال تعميم الرؤية الفردية واعتبارها هي الناظم بغض النظر عن موقعها. للمعرفة وسائلها ومنهجها ولتحصين المجتمع يتطلب ان ان نعيد بناء مفهوم المعرفة والثقافة والفرق بينهما . يجب ان نتسائل دائما ان نقل اي خير يجب ان يعتمد على ذكر المصدر ودقته ومصداقيته . يجب ان تعلم ان المعلومة التاريخية عند ذكرها يجب ان يذكر مرجعها . يجب ان نقرأ المعلومة او الخبر بصورة نقدية. كيف لمجتمع ان تتطور معرفته وثقافته ولا يوجد مكاتبات عامة في مدنه وقراه او مدارسه . الثقافة المتنوعة والمتعددة هي طريق لتعميق المعرفة بشرط ان تكون دائما تحت منظار النقد والتجديد . النقد هو احد اهم وسائل تطوير المعرفة . المقولات والافكار لا بمكن نزعها من سياقها التاريخي تردادها او محاولة نقلها حرفيا لتطبيقها هي محاولات ستيوء بالفشل . التاجرب التاريخية والأفكار التي انتجتها هي تملك ظروفها التي من الممكن الأستفادة من ملامحها العامة . يجب ان نقرأ ظروفنا وننتج مقولاتنا وافكارنا التي تتلائم مع ظروف مجتمعاتنا مستفيدين من ارثنا التاريخي الذي يجب اعادة انتاجه عبر عملية نقدية واعية وشاملة تبرز الطابع الأنساني لدوره وتحريره من الجمود العقائدي الذي اتسم به على مدار مئات والأف السنين . المعرفة السياسية تتطلب ثقافة ومعرفة متنوعة وعميقة المعرفة السياسية هي تكثيف للمعرفة الاقتصادية والأجتماعية والفلسفية والقانونية والفكرية. ان تكون سياسي يعني ان تكون قد قرأت صحيفة الأمس واليوم وتساهم في صنع عناوين صحيفة الغد . واهم شرط للمعرفة السياسية من اجل التغيير ان تكون وطنية اي لا تخضع لشروط خارجية. من الممكن ان تاخذ بعين الأعتبار ولكنها يجب ان تكون الناظم. بهذا الصدد فان الدول او مراكز الأبحاث والدراسات ان لم يكن تمويلها وطنيا فان نتائجها لن تكون وطنية وانما خدمة لأجندة الممول . بالنسبة للدول فان البنك الدولي والنقد الدولي وتفريخاتهم الأقليمية والمحلية هي التي ترسم شروط اكلنا وثقافتنا وتتحكم بسياساتنا . بالنسبة للمراكز فان ميزانيات وزارات الخارجية في الدول الراسمالية يندرج بها بند تحت عنوان تطوير او دعم الديمقراطية وهو العنوان الذي من خلاله يتم تقويض المجتمعات والتلاعب بمكوناتها الداخلية.وتستخدم للتسلل الى المنظومة الداخلية للدولة والنظام والمجتمع بحيث تتكون منظومة ضاغطة بالأتجاهين على الدولة ونظامها والمجتمع ومكوناته , وتستخدم لأهداف سياسات مموليها. الديمقراطية هي عملية متكاملة وتتطلب وعي جمعي لضرورتها وتنتج عن عملية تفاعلية متكاملة بين منظومة الحكم والمجتمع بحيث تقبل منظومة الحكم النقد الواعي الدائم لسلوكها وتتيح الفرصة للمجتمع عبر ادواته المدنية والسياسية حرية العمل والنشاط وتقديم البرامج, وعلى منظومة الدولة ان تحسم ولائها للمجتمع وتتعامل بحيادية معه على اساس القانون والعقد الاجتماعي. ان حماية المجتمع من الفوضى تتطلب تعميم تنوع الثقافة والمعرفة والحصول عليها وحمايتها قانونيا . وهذا ينطبق على ادوات العمل السياسي والأجتماعي (الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني ) واهم ما يميز تطورها هو احترام مواعيد تجديد حياته الداخلية وبرامجه واحترام مفهوم النقد الواعي . فلا يمكن نقد النظام ومنظومته ونعتها بالألقاب التي هي صحيحة في اكثريتها وتمارس ذات الأساليب داخل منظومة الحزب او المنظمة المدنية او النقابية. لا يمكن ان تكون بطل الهزيمة لتحاول ان تصنع نصرا . واخيرا علينا ان نفرق بين السياسي والناشط السياسي الاول يصنع المستقبل والثاني يعمم ما يقوله الأول . تراكم الثقافة المتنوعة من خلال ملموسية نقدها تنتج المعرفة الواعية . شرط الوعي هو النقد. واحترام النقد شرط المسؤولية . حدوث النقد الواعي هو تاكيد التفاعل الواعي . النقد الواعي هو اهم عناصر تماسك منظومة الدولة والمجتمع واساس امنها الأجتماعي والسياسي والأقتصادي اجهزة الأمن هي حامية المنظومة القانونية التي تتيح التفاعل الواعي بين منظومة الحكم والمجتمع وهي ليست اداة للسلطة الحاكمة بل هي اداة للدولة وهي دائما يجب ان تاخذ موقف الحياد. الجيش هو الضامن الوطني لوحدة الدولة بمنظومتها النظام والمجتمع .