2024-04-26 06:29 ص

شعارات أمريكا ونظرية خالى عطا!

2017-09-26
بقلم: أنور عبداللطيف
هل تذكرون عبارة «إسرائيل كلبة أمريكا» التى ملأت حوائط مصر بعد هزيمة 67 فى الريف والبنادر؟ فلم يكن الهدف منها تحقير إسرائيل بقدر ما كان تبرير الهزيمة بأننا كنا نواجه قوة عظمى إذا تحدثت عن السلام كذبت واذا خاصمت فجرت وإذا وجدت مصلحتها مع الجن الأزرق عقدت معه الصفقات بلا ضمير، وظل هذا الشعار يتردد حتى أكده الرئيس السادات بعد انتهاء «آخر الحروب» فوضع فى يدها كل أوراق السلام، وكان السادات ومن بعده الرئيس مبارك يراهنان على أن «شركات» أمريكا ستكتشف أن مصالحها فى دعم مصر أكثر فائدة لها من مساندة إسرائيل، وفى هذه النقطة بالذات اختلف معهما الضمير المصرى الذى يمثله فلاح بسيط اسمه عطا الإمام، حكايته حكاية! 

بعد أن وصلته أنباء صعود الأمريكان على سطح القمر عام 1969 وأنهم بعد احتلالهم القمر سيحتلون المريخ ، استدعى الدعاء المصرى القديم الذى واجهنا به أسلحة الفرنسيس قبل 150 سنة وهو: يا خفى الألطاف نجنا مما نخاف!، وشرح: أن الأمريكان قد علو فى الأرض وبدأوا يبحثون عن مكان ينفثون فيه سموم جبروتهم وقد وجدوه فى الفضاء، وبعد أن يفشلوا ـ وهذا هو المؤكد ـ سيلتفتون إلى أهل الأرض، وعندما اجتمعنا حوله ـ وكنا صغارا أمام الجامع ـ راح يخط على التراب ويغرز أصابعه فى الأرض ويشرح نظريته: إذا بقيت سوسة فى باطن الأرض أو ثعبان وصرصار عليها لم ينجح الأمريكان فى ترويضها وهى مخلوقة من نفس الطين ومن نفس الماء فلن ينجحوا أبدا فى إقامة علاقات طيبة مع أى كائنات فضائية أخرى!.. وفعلا التفت الأمريكان إلى أهل الأرض وابتلعوا طعم «الراعى الأوحد» كما ابتلعوا بترول العراق وبترول ليبيا ولم يملأ عينهم تراب المنطقة كلها وأسواقها وتسخيرها لخدمة مصالحها ومع ذلك ظل أمن اسرائيل أولا وثانيا وعاشرا! 

أقول هذا الكلام بمناسبة المبارزة الدبلوماسية التى اجتازها الرئيس السيسى بنجاح حين سأله مذيع فوكس نيوز ـ كما أتذكر ـ عن الفرق بين ترامب والرئيس السابق أوباما، فأجاب الرئيس : أننى تنبأت بنجاح ترامب حين التقيته فى أثناء الحملة الانتخابية ووجدته جادا معارضا لموقف أوباما من الحرب على الإرهاب، وأن هناك استراتيجيات تبنتها إدارة أوباما لدعم الجماعات المتطرفة وجماعة الإخوان والرئيس الأسبق محمد مرسى، ولكن الرئيس كان محددا وقال: مقاومة الارهاب لا ينبغى أن تتم بالوسائل العسكرية والأمنية فقط بل يجب أن تمتد لتشمل العناصر الاقتصادية والثقافية والاجتماعية وإن الشر ليس فى الفكر المتطرف ولكن فى المنظمات المتطرفة فى إشارة إلى جماعة الإخوان التى تتراخى إدارة ترامب عن اعتبارها إرهابية، ثم عاد المذيع ليسأل لكن مصر لجأت إلى الأساليب العسكرية فقط للرد على ذبح 21 قبطيا مصريا فى ليبيا وهو شخصيا يؤيد ذلك فما هى وجهة نظركم؟ فرد الرئيس هذا صحيح وأنه كان لابد من الثأر لدماء هؤلاء المصريين ثم خلص الرئيس الى عدم رضاه عن التأخير الامريكى فى اعتبار الجماعات المتطرفة جماعات ارهابية فـ «العبرة ليست فى التصريحات ولكن فى الصراحة والوضوح ونتائج السياسات على الأرض».. والتناقض بين إدانة قطر فى «بوستات» ترامب وعدم اتخاذ اجراء بمنعها من توفير الدعم والملاذ والتمويل بالسلاح للجماعات المتطرفة فى المنطقة ! 

وانسحبت تلميحات الرئيس الى موقف امريكا من الديموقراطية وحقوق الانسان وحقوق الاقليات الذى يعوم على هوى الموقف القطرى ومفهومها للأقليات التى يجب الا تأتى على حساب وحدة الدولة الوطنية وسلامتها، فلا يمكن أن تفرض مفهوم إمارة تتكون من عدة عائلات على مفهوم دول تزيد عن حجم قطر مئات المرات تتسم بالتنوع الثقافى والحضارة والعرقى مثل سوريا او مصر او السودان او ليبيا، وهو نفس المعنى الذى عبر عنه الرئيس فى كلامه عن دور قوات حفظ السلام ، التى يجب ألا يقتصر على الفصل بين المتحاربين ومتابعة تنفيذ الاتفاقيات وفرض الوصاية على الدول المستضيفة مع عدم قيامها بدورها رغم أجهزة الرصد والتنصت فى تتبع أوكار ومسارات تهريب الأسلحة للجماعات التكفيرية وهو الأمرالذى يبقى على عمليات الإرهاب دائمة ومشتعلة كما يحدث فى سيناء، وقال الرئيس «إن مسئولية الراعى الأول للسلام ليست فقط حماية مواطنيه بل حماية أمن وسلام العالم كله».. 

وخلاصة الكلام والمعنى أن مسئولية «الراعى الأوحد» للسلام فى العالم ـ كما قال خالى عطا ـ يجب أن تمتد لمنع إهدار المواثيق التاريخية بسد النهضة، ومنع سوسة فى باطن الأرض اسمها قطر من النخر فى خشب الدول الكبيرة حولها، ومنع ثعبان اسمه الصهيونية من بلع الحقوق الشرعية للشعب الفلسطينى، ومنع صرصار اسمه حقوق الانسان والأقليات من تقويض وحدة الدول بدساتير مشبوهة كالذى يجرى إعداده لسوريا وليبيا وكما يحدث الآن فى كرستان العراق وكما حدث من قبل فى السودان! 
الاهرام المصرية