2024-03-19 06:30 ص

غسان كنفاني ترك لنا شيئاً لا يذهب

2017-07-13
مروان عبد العال
أعترف أنني كنت قد سمعت باسمه للمرة الأولى يوم استشهاده. لم أكن أعرفه قبل ولم أحظَ بمقابلته في الحياة، وهذا شرف لا أدّعيه وإن كنت أتمناه. ترسّخ في ذهني شهيداً، منذ تردد اسمه «الشهيد غسان كنفاني» وسط أناشيد ثورية تصدح من مكبر صوت مثبت فوق خزان المياه قرب مكتب «الجبهة الشعبية» الكائن في الطرف الساحلي من المخيم ذات صيف وسط لهيب تموزّي وضجيج وغضب وزحمة شباب، ولعلعة الرصاص في الهواء... لم أفهم ما يجري حينها.

غسان الشهيد

قرأتُ غسان الشهيد بقرار حزبي. كان كتابه هو المادة التثقيفية للمرتبة التنظيمية. كان هناك نسخة واحدة للكتاب لدى المسؤول فقط، والقراءة يقوم بها عضو من المرتبة فيما يستمع الباقون، ثم نتوقف عند فصل محدد لإفساح المجال للنقاش والاستفسار والتحليل، على أن يستكمل الفصل التالي في الأسبوع الذي يلي. صرتُ أكثر شغفاً للاجتماع المقبل لمعرفة البقية، لاستطلاع غسان الأبعد من الشهيد، ليتحول إلى المعلم والراوي والقائد، بل يزداد حضوره كلما ازدادت المعرفة به أكثر، كأنه ترك للقارئ رأسمال البحث عن هوية في رصيد من تساؤلات مستمرة، وأكتشف نفسي في نصه الجديد وفكرته المبتكرة، أحس بأنه يعنيني في الصميم، كأنه يكتب لي حكايته، أتخيل أبطاله يجولون في الأزقة وناسه كل الذين حولي، في رياض الأطفال المنتشرة باسمه في المخيمات، وبأغاني تصدح من حناجرهم الطرية «غسان... غسان علّمنا حب القضية» فيخترقنا بدقة تعبيراته ليصل عمق الوجدان، ويستولي على الروح والتفكير. ولم أكن وحدي على هذا الحال، فقد قاسمني بذلك رفاق وأصدقاء على مقعد الدراسة وفي أزقة المخيم. وأقرّ أن غسان كنفاني استدرجنا إلى غواية القراءة التعارفية إليه والمطالعة التفاعلية في كتاباته ومقالاته ودراساته.

الرفيق غسان

بقرار طوعي، اعتبرت نفسي أنتمي إلى الرفيق غسان كنفاني، المثقف الثوري، الذي صاغ المفهوم الأعمق والأدق للعمل السياسي، مشاركاً في المراحل الأولى لبلورة استراتيجية الصراع، وبناء الحركة الوطنية الفلسطينية كحامل وطني للمشروع التحرري. نبحث عن مقالاته في ملفات مجلة «الهدف»، نقرأ حواراته الفكرية القديمة كأنها بنت الساعة، ونعصر جملة المفاهيم الثورية التي صاغها حول الوحدة الأفقية بين الفصائل والتنظيمات، والوحدة العمودية، أي بين التنظيم السياسي والجماهير. وأن الوحدة لا تعني التماثل، إنما صلابة وطنيتها ووحدتها تكون في التنوع والاختلاف وتعدد الآراء. حول الدولة «المسخ» التي لا يمكن أن تقوم على فلسطين ناقصة. تعلمنا منه أن الحس السياسي هو الفطرة التي تؤسس للوعي المنضبط لقاعدة التناقض الرئيسي مع العدو، وما تفعله الحساسية السياسية التي تحول السياسة إلى حنكة وفهلوة وشعاراتية وكلمات عرجاء تنهك القيم واللغة، الذي يدرك أن لا حياة بدون ماء لا سياسة من دون ثقافة، وغسان كنفاني المناضل الذي صاغ مشروع الاشتباك التاريخي المجتمعي، وانخرط فيه بكل تفاصيل حياته، فلم يكن مكانه بين المثاليين الذين يكتفون بالثرثرة، المقيمين في صالونات وقاعات المؤتمرات المدفوعة الكلفة والأبحاث، وزمن الثقافة المدفوعة الأجر من صناديق الدول المانحة وبنوك التمويل الدولية وشيكات التسول لصناعة مفردات الترويض والتطبيع والتمييع.

غسان المفكر

المفكر الذي لم يخسر معركته ضد العدم، الشاب الذي قدّم نتاجاً متدفقاً غزيراً لا يشيخ، أغنته ثقافته الواسعة، واعتماده على مصادر ثرية ومتنوّعة. قدّم مادةً علميّة تستحقّ أن تدرّس في كليات العلوم السياسية، وما أبدعه في مجال البحث والأدب والفكر والسياسة تميز كأسلوب في المقاومة الثقافية، ولا بدّ أن يأخذ مجراه في الوعي السياسي المقاوم للمشروع الصهيوني.


ما قيمة الشعوب
بلا رموز؟ وما معنى
كرامة الإنسان من دون الاعتزاز بالنفس؟

علّمنا غسان المفكر طريقته في وعي الآخر بمنهج التقابل في التعاكس كوسيلة هجومية في تشريح مركبات الفكر الآخر، ومراجعة المسار التاريخي لعملية الصراع وأصله الفكري، وأساس «الرواية الصهيونية» التي تدرجت منذ بدايات القرن الماضي لتشويه الوعي الحقيقي وصناعة هويّة سياسية أساسها طمس وإلغاء هوية الآخر. بحثٌ بعمق في صورة البطل المخترع الذي يظل كمعطى وصفي للشخصية؛ لكنه ليس هو الشخصيّة دائماً، وتتجلى صورة الآخر بالصدمة التي أحدثها مؤخراً صاحب «اسم الوردة» المفكر والروائي الإيطالي أمبرتو إيكو، عندما كتب روايته قبل الأخيرة «مقبرة براغ» فكتب: «من أكره؟ اليهود، قد أقولها من دون تفكير، ولكن بما أنني أخضع إلى تعليمات هذا الطبيب النمساوي (أو الألماني) قد أقول إنني ليس لدي أي شعور سلبي تجاه هؤلاء اليهود الملعونين». لتضرب بعد شهر من صدورها رقماً قياسياً في مبيعاتها: سبع طبعات متتالية خلال شهر واحد حتى وصل رقم المبيع إلى 600 ألف نسخة والسبب يعود إلى أنها رواية تشير بشكل عام إلى فكرة «الشر بالمطلق» فلسفياً.
الرواية التي دفعتني للعودة إلى دراسته في الأدب الصهيوني، عندما تعرض أمبرتو إيكو لهجمة شرسة وأتهم باللاسامية، لأن الرواية كما يقول، بطلها بائس ومزور وقاتل، وجاسوس متعدد المواهب، متورط في قضية درايفوس، الكابتن اليهودي الذي خدم في الجيش الفرنسي ثم سرعان ما واجه اتهاماً في قضايا تجسس، كما جعله الروائي يشارك في صياغة «بروتوكولات حكماء صهيون». الصورة النمطية التي يقولبها الغير مسبقاً عنك ويفبركها، تترسخ الصورة كالحقيقة عن شخصيتك في الأذهان. البطل الجديد الذي سعت الصهيونية لرسمه عبر تسييس شخصية اليهودي، هذا الآخر الذي فكفكه غسان كنفاني مبكراً، عندما أدرك حجم المعركة الفكرية التي تخوضها الصهيونية لاستعادة شخصية «اليهودي» الضحية لدى الآخرين للتأسيس للعنصرية.
لعنة المنفى

نجد أنفسنا في المعاكس الذي تناوله في وعي الأنا بقراءة عميقة لثورة 1936 مراجعة تاريخية يدرس فيها أسباب عدم انتصار الثورة حينها، مستنتجاً: «أن الذي يقاتل لا يقود والذي يقود لا يقاتل». وفي دراسته للأدب المقاوم تحت الاحتلال كتب غسان «أن الشكل الثقافي في المقاومة يطرح أهمية قصوى ليست أبداً أقل قيمة من المقاومة المسلحة ذاتها» تجلت في شخصية البطل في رمزية يمكن تسميتها «لعنة المنفى» حين اكتشف غسان أنه لاجئ بلا بلد، بلا عمل، بلا وطن، بلا نظام، وبلا تنظيم سياسي، له حقوق إنسانية وليس كحقوق سياسية. جسدتها مجموعته «أرض البرتقال الحزين» وهي أوراق قصصية من غزة والرملة والطيرة، سجلت «نوستالجيا الوطن»، من قهر المنفى وطرحت ذلك التساؤل: كيف يمكن محو العار؟ شق طريق نحو المستقبل؟ البرتقالة الجافة، وللقصة بعض من سيرة الكاتب الذاتية: عائلة تغادر عكا إثر الاحتلال إلى لبنان، وعندما يرى رب العائلة البرتقالة في طريقه، ينفجر باكياً. لم يستطع احتمال خزي المنفى: والخيمة وبطاقة التموين وكيس الطحين والتسول فيتمنى الموت، وهكذا نجده يحتضر، وإلى جانبه برتقالة جافة. تظهر شخصية الفلسطيني اللاجئ، هي سيرته التي عاشها بتفاصيلها وبالسنوات الست بين دمشق والكويت، ثم عمان فبيروت التي وسمت حياته، إذ كان يمارس أثناء فراغه الرسم والكتابة والقراءة، قراءة الأعمال السياسية. ترافق المنفى في المنفى مع ولادة الأشكال الجنينية للتنظيم عبر عمليات فدائية من قطاع غزة وسوريا التي جعلته يستعيد الشعور بوعي نفسه كذات وطنية فاعلة، أسهم غسان كنفاني برصد تطور الشخصية الوطنية مدّها برمزية مفردات جديدة أضافت للأدب معايير جمالية جديدة.
وفي قراءة المتعاكس الآخر للمنفى الفلسطيني، نجده يكتب التحولات التي أحدثها الأدب الصهيوني في الشخصية اليهودية، وما فعلته بيدها في صناعة «الغيتو»: «تخوض قتالاً مريراً لا يوازيه في تاريخها إلا القتال على جبهة كاملة هي جبهة رفض الاندماج». لذلك تخوض أيضاً صراعاً مبكراً لتحويل شخصية «شيلوك» اليهودي المحتال في مسرحية شكسبير «تاجر البندقية» إلى شخصية اليهودي التائه ابن «الغيتو» والمنفي والضعيف، ثم إلى صورة شخصية اليهودي الذكي والمحنك والعبقري والقوي. اقتحم غسان كنفاني معقل المركزية الأوروبية وطبيعة الصراع الدائر داخلها والدور الذي لعبته دانييل ديروندا في لحظة حاسمة من تاريخ يهود أوروبا، بمواجهة دعاة التعصب، ونقلت الشخصية اليهودية في الأدب من مجالها الواقعي إلى مجال المغامرة والغزو وجعلت منها «بطلا» عنصرياً أقنع تيار التعصب بضرورة إعادة استعمار فلسطين. وترجم للعبرية حتى أضحى «إنجيلاً صهيونياً». وقد أطلق الصهاينة اسم جورج اليوت على أحد شوارع تل أبيب بعد احتلال فلسطين مباشرةً. أن يذكر بأن الصهيونية الأدبية سابقة على الصهيونية السياسية، وأن هيرتزل بدأ روائياً قبل أن يكون سياسياً.

وعي المنفى

مفتاح فلسطين ليس الصحراء... بل الحقيقة. هذه خلاصة الموت الحتمي لشخصيات «رجال في الشمس» ولا جنة بديلة عن جنة فلسطين، كما أوجز في مسرحية «الباب» وأن كل محاولات بناء جنة أخرى في المنفى ستبوء بالفشل. وبعبارته الفنية الرائعة: «لا أرتد حتى أزرع في الأرض جنتي.. أو أقتلع من السماء جنتها.. أو أموت أو نموت معاً». وفي روايته (القبعة والنبي) صرتَ نبياً يبحث عن قبعة. حتى تبلور الوعي بأهمية المرجعية الفكرية. النبي هنا هو المقاتل الذي سيبشر بإيديولوجيا جديدة (الشيء/القبعة). وتتبلور شخصية البطل أكثر في «عائد إلى حيفا» كان يتحدث طوال الوقت عن بيته وابنه والبحر، في المنفى ومن خلال الماضي غسان كان يفتش عن فلسطين الحقيقية.

غسان المخيم

كان الراوي ينطق بلسان البطلة في «أم سعد»، تلك الإنسانة التي تعيش في مخيم البؤس وتدلي بفكرته التغييرية «إن الثورة لا يصنعها البؤس بل وعي البؤس»، هذا يذكرنا بما أورده فرانز فانون في كتابه «بشرة سوداء قناع أبيض»، يقول: «إن الحل لا يكمن في الزنوجة. فالذي يمجد الزنوج لا يقل مرضاً عن الذي يكرههم»، والذي يخلد اللجوء، ويسعى لتحويله من حالة سياسية إلى حالة إنسانية، لا يقل حقداً أو تآمراً لتصفية القضية بدل حلها، وكي تتكرر النكبات وتأبيد حياة الخيمة، ليست خيمة المقاتل بل خيمة اللاجئ التي تنتشر وتتوسع وتعبر الحدود والقارات. عوضاً عن خلق فزاعة المخيم، لتدمير القلاع من داخلها، ليصير كل مخيم يبحث عن مكان وأمان وعن لقمة عيش، بدل أن يبحث ويناضل ويسير على طريق العودة إلى الوطن، وليس طريق قسري نحو منفى جديد. وصف هذه الحالة في قصة قصيرة له لا زالت وقائعها حتى اللحظة «ألست ترى أنكم استطعتم نقلي، وبقدرة قادر من إنسان إلى حالة؟ أنا إذن حالة لمخيمات كقيمة تجارية تدر الربح وقيمة سياحية وقيمة زعامية، فكل زائر يجب أن يذهب إلى المخيمات وعلى اللاجئين أن يقفوا بالصف وأن يطلوا وجوههم بكل الأسى الممكن زيادة على الأصل، فيمر عليهم السائح ويلتقط الصور ويحزن قليلاً، ثم يذهب إلى بلده ويقول: زوروا مخيمات الفلسطينيين قبل أن ينقرضوا».


علّمنا طريقته في
وعي الآخر بمنهج
التقابل في التعاكس كوسيلة هجومية

لذلك وضع غسان كنفاني الاسم الأول على لائحة الاغتيال، التخلص من هذا العيار الثقيل من القيادة «البطل الإيجابي» ليفسح المجال لقيادة الوزن الخفيف وتعميم شخصية «البطل السلبي» كأبي الخيزران مثلاً، المهرب الذي لسان حاله يردد «معك قرش تسوى قرش!»، يستهدف البطل الإيجابي ذلك المناضل الثاقب النظرة والحاد الذكاء. كما ظهر جلياً في مقابلة مصورة منذ 1972 عندما سأله كارلتون: «تتكلمون عن احتمال ألا تقاتلوا». أجابه غسان بسرعة استنكارية: «لا نقاتل من أجل ماذا؟».
أدركت أن هذا الصنف من الرجال لا يقاتل بسلاح عادي، وليس من الذين تتم هزيمتهم بسهولة في ساحة المعركة! قد ينتهي جسداً لكن فكرته باقية، قوته في العبارة التحررية «لا»، الكلمة التي يكمن فيها جذور التمرد، فالمقاومة للمستعمر تبدأ من قول «لا» لتصبح إثباتاً لحرية الإرادة في الإنسان وبخاصة حينما يقول الجميع «نعم» وهذا الأمر يتعلق بالغالبية. وكما استنتج المفكر تودوروف أنها تصبح أكثر خطورة لأننا امتثاليون نوعاً ما، ومستسلمون في غالب الأحيان. لذلك كلمة «لا» تعني رفض منطق المستعمر، أما كلمة «نعم» فهي إشارة بقبول حتمية الاستعمار.
في الوقت الذي يؤدي فيه الموت رقصته الأخيرة، من ضفاف الفرات إلى قلعة الشهباء التي أحرقت بالأمس مسرح الخراب، وأزاحت الستار عن بشاعة النص وفظاعة الدور، ولأن الفكر يضبط ويوجه السياسة، لنجيب عن سؤال من أين أتى هؤلاء بكل هذه الجريمة؟ حتماً الأصل في الفكر الظلامي الأحادي، سواء كان من الصنف «الأفيوني» بحسب ماركس أو «فيتامين الضعفاء»، بحسب ريجيس دوبريه. أم فيروس أو الجرثومة المناط بها الفتك بالأنسجة الحية لكل خلية وطنية في أي مشروع ثقافي نهضوي وطني أو قومي.
لا يموت غسان إلا إذا أسقطنا «الكنفانية» عندما نردد رطانة السياسة بإقصاء الثقافة، ما قيمة الشعوب بلا رموز؟ والأوطان بلا مقدس؟ وما معنى كرامة الإنسان من دون الاعتزاز بالنفس؟ والثقة بالمستقبل وتحقيق النصر. لأنها البطولة المستمرة من جيل ولد نشيد القضية ومستمدة من الرجال والبنادق، إلى مطاردة الشهداء الذين كتبوا بدمهم كل فلسطين، وتسليم قاتلهم الغاية الكبرى لتضحيتهم. لأنها فكر التحرر في رواية فلسطينية أسطورية ستنتصر على الخرافة، لأن نسجها من خيوط الحق والحقيقة وهي فينا باقية، شيء لا يرى ولا يمس ولا يذهب. الكلمة الرصاصة في معادلة القوة الناعمة والممتنعة والمتجددة. تؤمن «الكنفانية» أن في هزيمة الكيان الصهيوني هزيمة لكل ما هو متخلّف في الحياة العربية، لأنها كانت في الإضافة الحسية للقضية الفلسطينية، أعطتها ولم تأخذ، حملتها إلى الإنسانية ولم تحولها إلى منفعة آنية، تلك «الكنفانية» التي توجس خطرها العدو في جيل انقلاب جديد يحمل قنديل الحرية إلى قصور العتمة والظلام والظلم والظلامية، جيل كان قد بشّر بغسان وهو من عبّر عنها بقوله: «لقد دهشت حين سمعت مجدداً حوار أبطالي حول مشاكلهم، واستطعت أن أقارن حوارهم بالمقالات السياسية التي كنت قد كتبتها في الفترة الزمنية ذاتها، فرأيت أن أبطال القصة كانوا يحللون الأمور بطريقة أعمق وأقرب إلى الصواب من مقالاتي السياسية».
أخيراً، باقة ورد وفي ذكراك وإن كنتَ تعتبر أن الورد شيء يذهب. غسان ترك لنا شيئاً لا يذهب...
* قيادي في «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين»
رأي