2024-04-27 03:49 ص

كم تحتاجك الأمة العربية .. سيدي

2017-06-13
بقلم: ميشيل كلاغاصي
كم تحتاجك الأمة العربية .. سيدي في أصعب الأزمان, وأحلك الليالي, عندما يهبط الضباب وتضعف الرؤية , و تعوي الذئاب , و يكتمل القمر بدرا , وتهرع الطقوس لقرع نواقيسها , ويعزف الشيطان ألحان التمرد , فتصتك السكاكين وتشحذ نفسها بنفسها , ويحضر شهود الزور, ويلبس الوحوش ثياب المحفل المزركشة بنقوش عربية كافرة وبروكار ٍ دمشقي مزور , فُضحت فيه لمساتُ "كوهين" على الرغم من صَبغةِ شعره و لونِ لحيته المألوف , واسمه العربي القديم. وعندما تهيم الخراف ذعرا ً, وتنتصب الخيل واقفة ً ويلامس بطونها دم ٌ أحمر قاني بريء, ويتراكض الجميع في شتى الاتجاهات, يحملون هوية ً حوّلها عواء الذئب رقما ًغير مقروء وبلا عنوان , فتشخص العيون وترتجف القلوب وتبرد الأطراف وتتدلّى الأكتاف وتنحني الرقاب من تلقائها تحت ساطور الجزار , فتبحث الجذور و النبضات الخافقة والخراف التائهة عن الراعي والمنقذ والمخلص. جاء في كتب وصحائف الحق أن "عدو الإنسان أهل بيته ", كيف لنا أن نصدق أولا نصدق , ونحن نرى أغصاننا تعصُفها "الرياح" القديمة جيئة ً وذهابا ً, فتتصادم وكأنها تتعانق ويسيل دمها نسغا ً ناقصا ً في شرايين أوراقنا , فتحمل الأوراق ثمرا ً شريرا ً, تلمع قشوره يوم العيد , فتتحول إلى قمصان عار ٍ وأكاليل شوك ٍ في مراسم صَلبِ ودفن الهوية , وسطَ رياح ٍ باردة في ربيع ٍ سيأتي بعد نثر التراب وتذرية عظام الحقل في عيد السراب. نعم لقد فعلها أعداء بيت الإنسان وأبناء عمومتهم , ولم يكتشفوا الغريب , فلطالما حسبوه معهم وبماله ووعوده أغراهم وأعماهم, وجاء اليوم بسكاكينه لينحرهم .. صمد الراعي وتحمّل أوجاعه وآلامه, واستّل صدقه ومحبته واستجمع قواه وقوته وبأسه , وضرب فاسه في قلب الأغصان السامة , ونزع ترياقها ونفخه نارا ً في وجوههم , لفحَت صِباغ شعرهم وتلاوين لحاهم وفرك جلودهم وفكّ جدائل شعرهم , فتدحرجت كؤوس خمرهم , وانقلب هيكل محفلهم , وأطاح بمزامير طقوسهم الرملية وكشف حجاب الشيطان , الذي أخذ يترنح ويتراقص هنا وهناك. هذا حالنا و هذه قصتنا, في وطن ٍ عربي كبير, وأمة وُعدت أن تكون خير أمة ٍ أُخرجت للناس , و يتساءل المرء على مساحة الوطن الكبير, ماذا لو لم يحمل الرئيس بشار الأسد راية الدفاع عن سورية والأمة العربية ؟ ماذا لو نجح مشروع نحر الأمة والهوية في سورية ؟ وما هو مصير الأرض العربية وهويتها و إنسانها وإسلامها وكافة معتقداتها وأديانها ولغتها وتاريخها , وكيف سيكون شكل مصير و مستقبل الأجيال العربية القادمة ؟. ففي الوقت الذي ضعف فيه من لم يبيع نفسه للشيطان فصمت , ونأى بنفسه على أمل تفادي الطوفان , وهرع الأحمق والحاقد والإنتهازي والمتطرف لركوب الموجة , فتضاعف عدد السكاكين في صدر وظهر سورية , ولم يتقاسم الأغلبية معها حصته منها , وتركوها تُذبح عنهم ولأجلهم ولأجل هويتهم وقضيتهم الأولى فلسطين , فيما اكتفى البعض الاّخر برفع صور القائد من بعيد , أما الأبطال والمقاومون فهبوا و زأروا كالأسود , وصهروا دمائهم بدماء شجعانها , ومن مثلك أيتها المقاومة الإسلامية الشريفة في لبنان , ومن مثلك سماحة السيد حسن نصر الله , وما أصدق حلفائنا في العالم وخصوصا ً الدولتان الإيرانية والروسية العتيدة. صمدت سورية وقاتلت برجولة وشجاعة , وقادت دفاعها عن الأمة جمعاء لا عن سورية فحسب , متكئة ً على حكمة وشجاعة قائدها وأملها البشار, ولم تصوّب سهامها على ناكري الجميل ولم تصيبهم في مقتل , على الرغم من امتلاكها المقدرة , وتعرضت لإنتقاد الكثيرين ممن أحبوا كثيرا ًوغضبوا كثيرا ً, فخاضت المعركة بعقلها لا بعاطفتها , ودافعت عن الشعوب والدول العربية وكشفت لهم المخططات وما يُحاك ضدهم , ولم تتوان عن إنقاذ أخواتها في الدول العربية.. واستطاعت كشف زيف المعركة, وأسقطت أقنعة الغزاة والمعتدين, فأظهر الشرير غضبه وضاعف حقده ولا يزال.. فكان أن بدأ العالم يُبصر و أخذ يعود إلى رشده تدريجيا ً , فيما وصل الأعداء إلى الحائط المسدود . وها هي سورية و قد راكمت انتصاراتها , وأجبرت العالم على السير في ركبها بعيدا ًعن الأهوال والمجهول , ودفعت الكثيرين للتفكير الجدي بمسار الحل السياسي, وفسح المجال أمام الحوار السوري- السوري , الذي سيضع حدا ً للمسرحية الدامية في سورية , على الرغم من امتلاكها قدرة الحسم العسكري. ولكن .. ماذا عن الدول العربية وشعوبها ؟ فلبنان يعج بالخونة و بائعي الأوطان , وخلايا الإرهاب الصاحية والنائمة, ولا بد من شكر الله تعالى أن فيها جيشا ً ومقاومون صدقوا ما عاهدوا في حفظ لبنان ومناصرة قضايا شعوب الأمة , فيما تترد مصر- الدولة في اختيار طريقها , وعينها على سيناء وما يحصل فيها , وعينها الأخرى على إخوان الشياطين بغياب الزعيم جمال عبد الناصر , واليمن يئن تحت ضربات الغدر السعودي وعدوانه الظالم و يُذبح شعبه في مدارسه ومشافيه وبيوته بلا ذنب ٍ ارتكبوه ؟, وتونس تُضرب من جديد وسط من يحاولون خطف ثورتهم وأمنهم واستقرارهم , فيما تحولت ليبيا إلى بؤرة ٍ داعشية بإمتياز وتنتظر عودة الطليان بغياب عمر المختار , أما العراق فلم يشفع له تاريخه العظيم ولا مقاماته ومقدساته في إيقاف مقصلة الإرهاب الحاقد , والسودان يُناصر اّل الشيطان ويضع نفسه في خدمتهم بوجود وغياب البشير , أما فلسطين فتنتظر من يسمع صوتها ويحمي مُصليِها وطُهر أرضها ويَصون حقوق وكرامة أهلها , والبحرين ترزح تحت نير حاقد ٍ أهوج لا يرى ولا يسمع صوت شعبه يحمي عرشه التافه بدبابات صهاينة اّل سعود , أما عرب الخليج فلا حول ولا قوة فالقبضة الحديدة والقمع والقتل وسيّاف الرياض حاضرٌ لجز رؤوسهم في ساحات العواصم الخليجية . أرادوها حروبا ً طائفية ومذهبية, وألبسوها أثوب الحرية والديمقراطية التي لا يعرفونها ولم يسمعوا بها , و مع صمود سورية وانتصارها , وعجز وفشل أعداء الأمة في النيل منها , يتجدد الأمل وتعود القلوب للخفقان من جديد , ويَشعّ النور من جديد ومن حاضرة العرب وقمم قاسيون , بصوتها الهدار وقبضتها القوية لتسترجع الهوية والإنسان من برائن الوحوش . وبعيدا ًعن حكام وحروب العروش البائدة والزائلة لا محالة , ها نحن نرى العروبة والشعوب العربية من المحيط إلى الخليج , يستعدون لتصحيح الخطيئة , ولإعلان القائد والزعيم الأوحد , الرئيس بشار الأسد - راعيا ً ومنقذا ً ومخلصا ً-, ولسان حالهم يقول : كم تحتاجك الأمة العربية , سيدي.