2024-04-26 11:15 ص

إرفعوا أيديكم عن سنّة سوريا !!

2017-05-14
بقلم: نبيه البرجي
«وما ادراك ما هم السنّة في سوريا. هم اصحاب الدم الذي يفجر الجبال،ولكن، ولكن، ولكن.....».
ذاك الدمشقي العتيق الذي  يعرف بشار الجعفري حين كان طفلاً في احدى حواري المدينة، قال لي «كدت ابكي حين قرأت ما كتبته حول شعورك لدى سماعك اذان الفجر في دمشق، وقلت انك كنت تظن كما لو ان الله هو الذي يرفع الاذان. جعلتني اتساءل ما اذا كان ذلك الصوت هو، حقاً، صوت الله».
وقال «بعيداً عن ثقافة «يا فلسطين جينالك»، انتهى الدور في سوريا. السنّة الذين كانوا يحملون الراية تشتتوا. قتلهم سنّة المنطقة حين حاول كل نظام ان يأخذ قطعة منهم. هكذا مزقوهم ارباً ارباً، اين هم اذا قامت الفديرالية في سوريا؟».
ويسأل «هل تتصور انه كان باستطاعة النظام ان يبقى يوماً واحداً لو لم يكن السنّة هم عموده الفقري؟ هؤلاء كانوا يعرفون الى اين يذهب بهم «الاخوان المسلمون» الذين تحولوا الى جماعة رثة، وتنتج كل تلك الاوبئة الايديولوجية التي اعادتنا الى العصر الحجري».
بصوت ملتاع يضيف «بعد سنّة سوريا، اي معنى للموشحات الاندلسية واي معنى للقدود الحلبية واي معنى لاغنية فيروز.... زهرة المدائن؟».
الدمشقي العتيق يحتفظ في جيب سترته بمقالة من جريدة عربية كبرى يأخذ فيها الكاتب على حافظ الاسد انه لم يبرم معاهدة سلام مع اسرائيل. الكاتب اعتبر ان كل الويلات التي المت بسوريا سببها موقف الرئيس الراحل واصراره على الوصول الى ضفاف طبريا».
لم يقل الكاتب ان كل بلوانا سببها ان اسرائيل زُرعت في ظهورنا، لا بل سأل «وهل بحيرة طبريا هي جنة عدن؟».
الدمشقي اياه  قال ان السنّي السوري حمل كل اثقال العرب، وكل آمال العرب «مهزلة ان يقال اننا مستعمرة ايرانية. هذه سوريا يا جماعة، وقد فتت السنّة العرب سنّة سوريا لتدجينهم لانهم رفضوا ان يبيعوا عظام خالد بن الوليد، ورفضوا ان يبيعوا عظام صلاح الدين، لا بل انهم رفضوا ان يبيعوا عظام يعرب بن قحطان لجون فوستر دالاس او لهنري كيسنجر او لكوندوليزا رايس....
يشعر بالذعر ان قامت الفديرالية او الكونفديرالية في سوريا. «هذا يعني ان سنّة تركيا سيقاتلون سنّة السعودية، وان سنّة قطر سيطاردون اي سنّي لا يمشي على خطى سيد قطب وحسن البنا. ولا شيء ينقذ السنّة سوى الدولة الموحدة، ولكن مع الاسف هناك من سقط في اللعبة الطائفية او في اللعبة المذهبية. وأكاد اقول الا مستقبل لسوريا...».
«ايها العرب، ايها الاتراك، ارفعوا ايديكم عن سنّة سوريا. دعوهم ينتشلون بلادهم من الحطام. لا احد غيرهم قادر على ان يعيد الى سوريا بهاءها، ودورها، وقوتها». الدمشقي العتيق يصرخ، وكاد ينتحب....
ويسأل «اي سوريا يصنعها الشيشان والاوزبك والطاجيك والايغور؟ هؤلاء آتون من ازمنة قديمة، ومن ايديولوجيات قديمة، وانت، انت، زرت دمشق، وزرت حلب، وزرت دمشق، الم تكن مدننا مزدهرة،  حتى ان صاحبك روبرت فيسك رأى فينا نمور الشرق الاوسط. من حوّلنا الى.... خراف الشرق الاوسط؟».
وقال «دعني اطلق عبرك صرخة السنّة في سوريا. هل الذي قتل الآلاف بسيارات المفخخة كان يقتل النصارى، او العلويين، او الدروز، ام كان يقتل السنّة؟».
استعرض كبار السنّة في الديبلوماسية وفي الميدان «هؤلاء لا يدافعون عن النظام، لان كل نظام زائل. انهم يدافعون عن سوريا التي وان تحطمت، وان تهدمت، لا يمكن الا ان تبقى قلب العرب وقلب العروبة».
وبالصوت المتهدج سأل «متى لم يكن السنّة اهل الجميع في سوريا؟ صاحبك نزار قباني ظل صديقاً نصف قرن لشاعر آخر، وحين مات هذا الاخير، ذهب نزار الى الجامع ليعزي ففوجئ بمن يدله على الكنيسة القريبة. من في سوريا كان يعرف او كان يسأل عن طائفة الآخر؟».
وقال «سواء اتانا هذا الهواء الاصفر من ايران او من العراق او من تركيا او من السعودية، فالضحايا هم السوريون، كل السوريين،  لكن مأساة السنّة تبقى الاكثر فظاعة لانهم اما تشتتوا على شواطئ وارصفة الامم او انهم تبعثروا بين تلك الايديولوجيات القاتلة».
لاحظ الى اي مدى الاثارة المذهبية البلهاء لدى الحديث عن تغييرات ديموغرافية في سوريا «يا جماعة، السنّة 74 في المئة. كل الطوائف الاخرى، وهم بعدد طوائفكم في لبنان لا يتجاوزون ربع السكان، فهل ستلجأ الى الاستنساخ لزيارة عديدها اما انها تستعيد الموتى من العالم الآخر؟».