2024-03-19 06:43 ص

الشيخ اخمد ياسين لم يثنه شلله من السير في طريق النضال

2017-03-23
بقلم: عبدالحميد الهمشري*
الشيخ أحمد ياسين شأنه شأن الكثيرين من أقرانه وأبناء شعبه؛ هجر مسقط رأسه قرية «جورة عسقلان» التاريخية التي ولد فيها قبل النكبة بعشر سنوات تقريباً مع أفراد عائلته حيث لجأوا إلى جنوبي قطاع غزة المحتل خلال نكبة الـ 48 ، عاش يتيماً حيث فقد والده عندما كان في الخامسة من عمره . ويعتبر الشيخ ياسين أحد أهم رموز النضال الفلسطيني الذين التزموا بوحدة المصير والهدف وصولاً للمبتغى من أجل الهدف الأسمى ألا وهو تحقيق النصر على عدو الأرض والإنسان في فلسطين التي تكالبت عليها وعلى شعبها قوى البغي والعدوان وأنشأت فيه كياناً سرطانياً الهدف من وجوده شل قدرة الأمة على النهوض والسير في ركب الحضارة الإنسانية ، فعاش رغم تعرضه للشلل بينما كان في السادسة عشر من عمره مناضلاً لم تثنه الإعاقة التي أصابته من النضال سواء بالمظاهرات التي خرج فيها احتجاجاً على العدوان الثلاثي على مصر في العام 1956 ، أو من خلال نضاله الدعوي لمقاومة المحتل من خلال المنابر في مساجد قطاع غزة المحتل ، حيث أنه اختار درب الإخوان المسلمين نهجاً لنضاله فاعتقل مراراً كثيرة منها اعتقاله من قبل سلطات الاحتلال الصهيوني عام 1982م بتهمة تشكيل تنظيم عسكري وحيازة أسلحة حيث أفرج عنه عام 1985 ضمن عملية تبادل أسرى. ومـن ثـم جـرى اعـتـقـالـه مـرة أخـرى فـي عـام 1989م مـع الـمـئـات مـن أعـضـاء حـركـة حـمـاس لـيـصـدر بـحـقّـه حـكـم بـالـسـجـن مـدى الـحـيـاة لـيـتـم الإفـراج عـنـه ضـمـن عـمـلـيـة تـبـادل بـيـن الـمـمـلـكـة الأردنـيـة الـهـاشـمـيـة والـعـدو الـصـهـيـونـي إثر تعرض رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل لمحاولة اغتيال فاشلة في عمان ، وكان لجلالة الملك الراحل الحسين رحمه الله الفضل الكبير في تحريره من الأسر حيث جرى نقله من سجنه في فلسطين المحتلة إلى العاصمة عمان ، أجريت له إثرها فحوصات طبية في مدينة الحسين الطبية ومن ثم جرى نقله إلى قطاع غزة المحتل . من آرائه التي كان يعبر عنها دائماً أنه يكره الظلم الذي أقسى أنواعه وفق تلك الآراء اعتقال الحريات بوجه عام . وكان ينادي بضرورة مقاومة المحتل حتى إخراجه نهائياً من أرض فلسطين كلها، وكان يرى ومن خلال خبرته السياسية التي اكتسبها خلال عمله النضالي أن يبقي خيط الوصل مع السلطة الفلسطينية رغم اختلافه معها في الكثير من التفاصيل والمفاصل وقد نال احترام الرئيس الفلسطيني الراحل الشهيد ياسر عرفات. حاول العدو الصهيوني اغتياله لأكثر من مرة إحداها محاولة فاشلة تمت بواسطة صواريخ أطلقتها مروحيات الأباتشي الصهيو - امريكية على شقّة كان ملازم فيها تلميذه ورفيق دربه الشيخ إسماعيل هنية. وفي يوم الإثنين 22/3/2004م نجح العدو في اغتياله مستغلاً خروجه من المسجد بعد إنهائه لصلاة الفجر في إحدى حواري حيّ صبرا في قطاع غزة بينما كان عائداً لمنزله حيث جرى اغتياله بإطلاق صواريخ عليه أثناء كان على كرسيه المتحرك من الطائرات الصهيونية بعملية أشرف عليها رئيس الوزراء الصهيوني آنذاك أرئيل شارون شخصياً حيث قضى شهيداً وانضم لقوافل الشهداء من رموز النضال الفسطيني الذين بحق أياديهم بيضاء في مسيرة العمل النضالي المنظم والداعي لوحدة ولم الشمل الفلسطيني لا تمزقه . انقضى على اغتيال الشهيد ثلاثة عشر عاماً، ذلك المناضل الذي لم تثنه عدم قدرته على الحركة بسبب الشلل عن السير في درب النضال كما لم يسعفه هذا العجز عن عدم تمادي العدو الصهيوني من أن ينال منه بإطلاق الصواريخ عليه وبإشراف رئيس وزراء العدو آنذاك ويطال حياته أمام مرأى عالم انقطعت فيه معاني الأخلاق والقيم بدعمهم لصلف العدو وغروره ليستمر في تعامله مع سكان الأرض المحتلة كما يحلو له بالسجن والتقتيل والأسر وتكميم الأفواه لا بالعمل على إخراج هذا العدو من الأرض المحتلة تمهيداً لقيام دولة فلسطينية وفق ما تنص عليه الشرائع السماوية والعهود والصكوك الدولية . رحم الله الشهيد أحمد ياسين وكل رموز النضال الفلسطيني من قادة ومقاومين فقد سطروا بدمائهم الزكية الطاهرة درب الحرية والنصر الذي طال انتظاره.
* كاتب وباحث في الشأن الفلسطيني