2024-04-26 09:40 ص

الكرد كـ "جندرمّة" لليانكي الأمريكي في الشمال السوري...!!

2017-03-05
بقلم: المحامي محمد احمد الروسان*
الأستراتيجية الروسيّة في سورية تقوم بحدها الأدنى، بتولي قوّاتها الفضاء السوري والبحر السوري، في حين يتولّى الجيش العربي السوري العقائدي، والحرس الثوري وحزب الله والمقاومات الشعبوية السورية، والحشد الشعبي في العراق تطهير الأرض السورية والعراقية من سفلة الأرهاب وزبالته، وموسكو أعلنت لمن زارها مؤخراً أنّها لن تسمح بتسهيل دخول الأرهابيين الى سورية من دول الجوار السوري كما كان الحال من قبل، وهذا ما تم افهامه للتركي، فسقف وعمق تطبيع العلاقات الروسية التركية محكوم بسقف تغيير أنقرة لسياساتها ازاء سورية وغلق الحدود. وكما قلنا أنفاً أنّ الأسرائيلي الصهيوني قبل بالتخلي عن زبالة الأرهابيين، مقابل ترتيبات أمنية على الحدود في الشمال مع الأردن، والأردن قبل بالأجراء الروسي الأخير وابتعد عن الموك، ورفض فتح حدوده للطرف الثالث بالحدث السوري، وهو في طريقه نحو نصف استدارة ازاء دمشق بمساعدة الروسي، وفي حالة أن رفض التحالف العربي الذي يقوده السعودي والأماراتي والقطري، لجل الرؤية الروسية الجديّة الآن والتي بدأت تترسم على أرض الواقع والميدان، فانّ الجغرافيا اليمنية ستكون مقبرة لجنود هذا التحالف غير الشرعي، وخارج قرارات الشرعية الدولية والعربية أيضاً، لذلك قد نرى ثمة انحراف سعودي مفاجىء نحو اجتراح الحلول وبشكل سري حتّى اللحظة ازاء المسألة السورية واليمنية والعراقية، وان كان مصدره الرعب. الخطر على سورية لم يعد من الجنوب السوري بفعل الجيش العربي السوري، وحزب الله، والحرس الثوري، والمقاومات الشعبوية السورية، بجانب الدور الأيجابي لعمّان غير المعلن والذي هو في طريقه الى التحالف مع دمشق بمساعدة الروسي، وانما الخطر يأتي من الشمال السوري حتّى اللحظة، والرئيس التركي منغمس بعمق حتّى العنق في الحرب ضد حزب العمّال الكردستاني والذي تعتبره واشنطن وتركيا منظمة ارهابية، كما هو منخرط بالأستراتيجية الأمريكية بدرجة الثمالة والهذيان، لذلك الحشود الغربية لأسقاط الأسد ونسقه السياسي سيكون من الجانب التركي ان حدثت، من هنا جاء الفعل الروسي العسكري الجديّ الأخير والمتفاقم من جديد. أمريكا تحارب العرب بالعرب عبر حلف ناتو عربي بدافع الرجولة الوهمية مع كل أسف، لأشعال حرب بسوس القرن الحادي والعشرين، ولمحاربة كل من لا يسير في الفلك الصهيوني والأمريكي من العرب، فالى من تبقى من العرب ولم يطق عرق الحياء فيه، لنعيد انتاج أنفسنا وفقاً لمصالحنا القومية ولنبدأ بالخطوة الأولى الآن، ولنصل الى تفاهمات شاملة ولو بحدها الأدنى مع النسق السياسي السوري وعنوانه الرئيس الدكتور بشّار الأسد لنعيد الروابط من جديد. واضح أنّ ما يجري في شرقنا الأوسط، هو حرب السيطرة على هذه المنطقة الحيوية، حيث الغاز ومسارات خطوط أنابيبه عصبها ومحركها، والأطراف الرئيسيّة المشاركة في هذه الحرب، بجانب إيران وتركيا والسعودية وقطر "واسرائيل"، الكثير من الدول الغربية وعلى رأسها أمريكا، والأخيرة لا تملك حقول غاز في منطقتنا وان كانت تملك محميات أمريكية، لكنها تريد امتلاك الفيتو على تحديد مساراتها إزاء شمال أوروبا وجنوبها، كون واشنطن استراتيجياً تعمل على إضعاف كل دول القارة الأوروبية وعلى رأسها ألمانيا وحصتها من العوائد(تضررت السياسة الأمريكية من خروج بريطانيا من الأتحاد الأوروبي، كونها حصان طروادة الأمريكي والأسرائيلي في القارة الأوروبية العجوز ولكنها متصابية)، ومن المحتمل أن تدخل مصر إلى ساحة الصراع في المستقبل، من هنا يجب تفهم الوضع الحسّاس لإيران، حيث تقف بكل وضوح وقوّة في وجه تغيير النسق السياسي في سورية وعنوانه الرئيس الدكتور بشّار الأسد، لأنها تعتبر أنه إذا ما سقطت الحكومة السورية، فهذا يعني تعاظم في قوّة منافسيها في المنطقة، وأنّ استراتيجيات إدارات التوحش الأمريكية سوف تستهدفها ومن ورائها الفدرالية الروسية والصين وعبر تركيا ذاتها، حيث إيران نفسها الخاصرة الروسية الضعيفة. اذاً ما يجري في المنطقة، هو حصيلة جمع نتائج التصادم الدولي حول المصالح الاقتصادية وأوثق استثماراتها وعلاقاتها، بجانب صناعة الأزمات والإرهاب والاستثمار في العلاقات العسكرية، والسيطرة على الموارد الطبيعية وعلى منابع الطاقة ومسارات عبورها ووصولها، بأقل تكلفة وبأسرع وقت إلى مصانع ومجتمعات منظومات الدول المتصارعة. إن الاتفاقيات الإستراتيجية بين أقوى المكونات الدولية موجودة، والخلافات صارت محصورة في الأهداف وكيفية المعالجات، ومقاربات المصالح الدولية الاقتصادية والسياسية، خاصةً مع وصول الفدرالية الروسية إلى المياه الدافئة، حيث منابع النفط والغاز والصخر الزيتي واليورانيوم واستثمارات موسكو الحقيقية في ديكتاتوريات الجغرافيا، للوصول إلى عالم متعدد الأقطاب وحالة من التوازنات الدولية للحفاظ على الأمن والسلم الدوليين. أمريكا لا تريد انهاء الأزمات في منطقة الشرق الأوسط، بقدر ما تريد ادارة الأزمات، لا بل وأزيد من ذلك، تستخدم الأزمات عبر الوكلاء من بعض عرب، كأسلوب ادارة لذات الأزمات، لذلك واشنطن دي سي تدرك أنّ العقدة الحقيقية في المنطقة تكمن في أنّ كل شيء ممكن وفي ذات الوقت ليس كلّ شيء متاح، وتدرك أنّ وكلائها في المنطقة لا يدركون ذلك، وان أدركوه تناسوه وبادروا الى الفعل لغايات آنية ضيقة، وجعلوا صراعاتهم كدول صراعات شخصية بل وطفولية. وهناك بون شاسع بين الممكن والمتاح، وهو المسؤول عن تموضع الشكل والجوهر الذي ينتهي اليه مسرح العمليات، حيث تضيق الخيارات كل الخيارات، وزمن المتاح بدأ يتلاشى قبل الكارثة القادمة التي ستمزّق المنطقة وعبر حرب العرب بالعرب، حيث العرب ما زالوا يمارسون استراتيجية اللهاث وراء ايران، والأخيرة توظف وتستثمر في الأيديولوجيا لأحداث اختراقات جيواستراتيجية تخدم مصالحها، في حين أنّ العرب الأيديولوجيا عندهم تستخدم لحماية الأنظمة حتّى ولو قادت الى تفتيت المجتمعات أو حتّى الغائها. العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي شعرت أنّ الروس أوقعوها وغيرها في فخ اتفاق الأعمال العدائية في الداخل السوري عبر منصة أستانه بأرقامها التي مضت والقادمة وفي خديعة عظيمة، وأنّ الاتفاق من شأنه أن يؤسس لمحاربة حقيقية وفعلية للعامود الفقري للجماعات الإرهابية المسلّحة كجبهة النصرة فرع القاعدة في الداخل السوري(ما تسمى جبهة فتح الشام – جفا بزعامة الأرهابي حسين احمد الشرع)بجانب داعش وباقي المنظمات الأرهابية المتناسلة الأخرى، كون أمريكا تعوّل على القاعدة في سورية لتحقيق التوازن مع الجيش العربي السوري في الميدان خاصةً وبعد تحرير تدمر من داعش وبشكل نهائي، وما يتأسس على ذلك بالزحف نحو السخنة فدير الزور فالرقة مع احتمالية تحالفات هنا وهناك مع قوّات الحماية الكردية في هذا المسار الميداني العسكري(اتفاق منبج مع قوّات الحماية الكردية الأحتلالية والجيش السوري مؤشر ما حقيقي للقادم في الميدان العسكري، ازاء دير الزور والرقة عبر السخنة بعد تحرير تدمر ومجالها الحيوي)، لكي تملك أوراق عسكرية وتصرفها على طاولة المفاوضات السياسية لاحقاً، لحماية مصالحها في المنطقة وعلى الساحل السوري والساحل اللبناني، وما يحتويان على ثروات طبيعية كبيرة من غاز ونفط، كون الحرب على سورية هي حرب عيون الطاقة بمشتقاتها المحتلفة بالدرجة الأولى. والأمريكان وجوقتهم يسعون لأبعاد الروس والسوريين عن شرق سورية وشمال شرقها، لقطع التواصل الجغرافي لمحور المقاومة الممتد من ايران فالعراق فسورية فلبنان، ولتقام ما أسميه في جلّ تحليلاتي السياسية والأستخباراتية، بدولة القاطع في شمال شرق وشرق سورية وقلبها في الرقّة. ومن زاوية أخرى، يسعى الروسي في الكواليس لكي يتم اعتبار ما تسمى بأحرار الشام(الأخوان المسلمون السوريون)وما يسمى بجيش الأسلام، منظمتين ارهابيتين تشملهما عمليات القصف المشترك لاحقاً بين موسكو وواشنطن في حال تم تنفيذ الأتفاق الروسي الأمريكي المرجو، وبعبارة مغايرة: تعديل أمريكي مقابل تعديل روسي على بنود الأتفاق العسكري بينهما. والغارات الأمريكية على مواقع الجيش السوري في دير الزور سابقاً وما يعد حالياً(ثمة معلومات حول ذلك)ولاحقاً نعم وبعمق عزّزت وتعزّز الإرهاب بشكل عام، وخاصة ارهاب عصابة داعش، وأثبتت بشكل قاطع أنّ واشنطن تستثمر في الإرهاب الأممي عبر الوكلاء، من توابع من الدول والمشيخات الخارجية لأعاده توجيه نحو روسيا والصين وايران، وجلّ قارة أسيا وخاصة في شمال غرب أسيا، ضمن استراتيجية الاستدارة الأمريكية بعد اعادة تموضعاتها العسكرية في منطقة الشرق الأوسط، وليس انسحاباتها كما يروج البعض من السذج من من يدّعون التحليل السياسي والخبرة. تكمن عمق المصالح الأمريكية في عدم فصل واشنطن لما تسميه بالجماعات المعتدلة عن الجماعات الراديكالية، لأنّها هنا سوف تخرج بصفر مصالح، حيث التداخل الديمغرافي الإرهابي على الجغرافيا السورية، بمعنى آخر: تجد في العائلة والأسرة الواحدة من مع الجماعات الراديكالية، وشقيقه أو أباه مثلاً مع الجماعات المعتدلة التي تسميها كذلك أمريكا، من هنا تكمن الصعوبة بجانب أسباب أخرى. فأمريكا لا تريد تنفيذ الاتفاق مع الروسي لا حالياً ولا لاحقاً، كون تنفيذ الاتفاق يحرجها وتفقد مصالحها في الداخل السوري، ويمنعها من ادخال السلاح عبر الممرات الإنسانية، وبالتالي عدم تحقيق التوازن العسكري الميداني مع الجيش السوري والحلفاء له. بلا أدنى شك أنّ الدخول العسكري التركي في الشمال السوري لجرابلس والباب وغيرها وبغطاء جوي أمريكي، ثلم جديد لحق بالسيادة السورية وهو بمثابة انتداباً تركيّاً. فالتركي دخل جرابلس في السابق ودخل الباب ودفع بزومبياته اليهما من بقايا ما يسمى بالجيش الحر وأحرار الشام(الأخوان المسلمون)والتي هي أشرار الشام، وجماعة نور الدين زنكي عبر ما تسمّى بقوّات درع الفرات والتي في جلّها عناصر جبهة النصرة القاعديّة الأرهابية، وفي نفس الوقت وفّر الغطاء الجوي الأمريكي الآخر للكرد للتقدم في مناطق أخرى يسيطر عليها داعش، انّه فخ أمريكي متقدم عن فخ اسقاط الطائرة الروسية للتركي، للتورط مع الكردي في الداخل السوري، وتوظيفات أمريكية للكرد ضد الجميع. والأمريكي يدفع بالكردي أيضاً الى خلط الأوراق في الشمال السوري(الأتفاق بين الجيش السوري وقوّات الحماية الكردية حول منبج، لم يتم بغفلة عن واشنطن عبر الروسي، وقد يبخّر حلم درع الفرات في الشمال السوري)، حيث الأمريكي ما زال يراهن على الكردي بجانب داعش والنصرة لخلط الأوراق، وتوظيف الجميع ضد الجميع لأستنزاف الجميع لغايات ترتيب مصالحه في اقامة القواطع في شرق سورية ودولة القاطع وقلبها في الرقّة السورية. الأمريكي يسعى الى مزيد من العسكرة في حرب الشمال السوري، حيث من شأن ذلك أن يقود الى فرض حل اقليمي في سورية، على حساب حلفائه الكرد أولاً والقضاء على ما تم انجازه حتّى الأن من قبلهم، فهم أول وآخر الأوراق لأمريكا في الداخل السوري. وتشكل الحسكة جوهر وقلب المشروع الكردي، فمساحة الحسكة 23 ألف كيلو متر مربع، ضعف مساحة لبنان، وتمتلك كل العتاصر الأقتصادية التي تجعل من الكيان الكردي قابلاً للحياة بعيداً عن المركز في دمشق، وتحوي أكثر من ثلثي النفط والغاز السوري في حقول الرميلان والهول والجبسة، وتنتج سهولها أكثر من مليون طن قمح، وتضم أكثروأكبر مصادر المياه والطاقة السورية في سلسلة السدود والبحيرات، من سد الفرات الى سد تشرين، فبحيرة الأسد. والأندفاعة الكرديّة في سورية تقع ضمن سياقات وأفاق وفعل ومفاعيل الأستراتيجية الأمريكية، وبالرغم من اتساع الأندفاعة الكردية فهي محكومة بالقلق، من مؤشرات استراتيجية اقليمية لأحتواء مشروعهم في سورية، وأي توسعات كردية بالمستقبل مربوط بالغطاء الجوي الأمريكي، وهو الذي حوّل مناطق انتشار قوات الحماية الكردية الى مناطق كردية آمنة، وهذا يعني أنّ جلّ المشروع الكردي بات رهينة الغطاء الجوي الأمريكي، وهذه ورقة تستثمرها واشنطن بشكل ثلاثي مزدوج: ازاء دمشق كورقة السلخ من جغرافية سورية، وازاء تركيا كدولة كردية في الشمال السوري أو كيان كردي فدرالي من شأنه أن ينقل العدوى الأنفصالية الى الداخل التركي، وازاء الكرد أنفسهم لكي يبقوا كقوّات درك أمريكية في الداخل السوري(جندرمّة لليانكي الأمريكي). انّ الدعم الأمريكي للكرد حتّى اللحظة عسكري ويرغب الكرد بتحويلة الى سياسي، فثمة جزء أساسي من المكاسب الجغرافية الكردية تحقق خلال الشراكة في الحرب على عصابة داعش، والبنتاغون الأمريكي يرفض الى الآن ربط الدعم العسكري بالسياسي، وموقف الخارجية الأمريكية ما زال يدعم ما تسمى بالمعارضة السورية الائتلافية دون غيرها ولم يستبدلها بالتحالف مع حزب الأتحاد الديمقراطي مثلاً، فالرهان الأمريكي هو على النصرة وقوات الحماية الكردية، ويحرص على العلاقة العسكرية فقط مع الكرد، وأي تنسيق أمريكي سوري مشترك ومعهما الروسي، سوف يعمّق الريبة الكردية بواشنطن دي سي، فالمسألة السورية مفتوحة على كلّ شيء، والوضع في المنطقة صار أقرب الى حرب اقليمية كبرى، قد تتدحرج الى عالمية ثالثة ان لم يتم تنفيذ الأتفاق الروسي الأمريكي بحذافيره، وكذلك التفاهمات التي تجري بصمت بفعل الواقع الميداني العسكري السوري الذي يحققه الجيش العربي السوري وحلفائه. وأرى وأحسب أنّه ثمة قرار أمريكي أتخذ ازاء تسخين الصراع في الحسكة ليستعر وينفجر بشكل أكبر، هو قرار أمريكي بامتياز للضغط على روسيّا، وردّاً على التعاون العسكري الروسي الأيراني حزب الله وخاصةً في جبهة حلب سابقاً وتحرير تدمر الآن من دواعش ماما أمريكا. ففتح وتفجير الصراع في الحسكة لتشتيت جهود دمشق وحلفائها الساعية لحسم الصراع في السخنة فدير الزور ثم فتح جبهة الرقة، مع تفعيل للقوّات الفضائية الروسية والسورية في قصف ادلب عاصمة المسلحين الأرهابيين الآن حيث تم تجميعهم هناك، وليس أمامهم هؤلاء الأرهابيون الاّ خيارين: امّا الصعود الى السماء لملاقة الحور العين التي جهدوا من أجلها أو الدخول الى الداخل التركي فراراً من القصف الجوي، فالمعركة الآن من ايران الى العراق الى سورية الى تركيا حرب كانتونات كردية، وقلب المشروع الكردي في سورية هو الحسكة كما أسلفنا للتو. تشكل جرابلس اللبنة الأولى في بناءات تركية لمنطقة آمنة في الشمال السوري من جرابلس الى اعزاز، والكرد من حيث يعلمون أو لا يعلمون وعبر فائض القوّة التي شعروا فيها، بعد تحرير منبج في السابق في مشروعهم الفدرالي بدفع من واشنطن، هاهم يساهمون ويساعدون تركيا في احيائها من جديد ووضعها تحت التنفيذ(أعتقد فشل تركي في تحقيق ذلك، كون دمشق لن تسمح وتحت أي ظرف، وما اسقاط الطائرتين الأسرائليتين العام الماضي وقت اجازة عيد الأضحى المبارك، الاّ رسائل للعابثين في جبهة الجنوب السوري، والعابثين في حرب الشمال السوري على حد سواء). ويبدو أنّ جرابلس ظاهراً في عهدة ارهاب مختلط بمسمى بقايا جيش حر، والجبهة الشامية، وحركة نور الدين زنكي وغيرها، وعملياً هي في عهدة تركيا وقوّاتها الخاصة، واستخباراتها ومخابراتها، فهل سيقوم الطيران السوري والروسي لاحقاً عندما تتعثر التسويات السياسية بضربها، على اعتبار أنّ الدخول التركي الى الشمال السوري مؤشر لقرب التسويات السياسية مثلاً؟ ان التركي يسعى على عملية دفوعات لداعش نحو الداخل السوري وعمقه(جنوب شماله فوسطه)ليكون وسيلة ومسارات لأستنزاف جديد للقوّات السورية أو حتّى الكردية نفسها. وبعبارة أخرى، وعبر ما يسمى بدرع الفرات التركي تم ادخال مزيد من الزومبيات الأرهابية، وبغطاء أمريكي الى الداخل السوري، وسيصار الى دفع هذه الزبالة الأرهابية نحو مساعدة الأمريكي للسيطرة على الرقّة، وأجزاء من دير الزور لأقامة دولة القاطع الأمريكي فيها. وكان لدخول الروسي على الخط في الحسكة أن روّض الجميع، الأمريكي بعض الشيء، وأثار شهية تركيا لطرق باب دمشق في مواجهة خطر الدولة الكرديّة الحلم، وقد تكون أحداث الحسكة السابقة وما يجري فيها الآن والقادمة في قابلات الأيام بقرار أمريكي، مرتكزاً لجملة من التحولات الكبرى في المنطقة ازاء الملف السوري، فالأمريكي بصفاقة سياسية، أي وبوقاحة لم يعد قادراً على ستر عورة الأرهاب في قوّاته الأداة(قصد)، والتركي عاجلاً أم آجلاً بات ملتزماً بضرورة مزيد من طرق الباب الدمشقي، ان عبر موسكو، وان بشكل مباشر وقد فعلها أكثر من مرة، حيث بدا للتركي أنّ الخاسر في المسألة السورية وميدانها، سيقبل بخروجه للتركي من ناتج الحل السوري بتهديد مباشر لأمنه القومي، وظهر الخليجي على حقيقته بأنّه أقل من وصفه بطرف في الأزمة السورية، فهو أداة وممول لا أكثر ولا أقل من ذلك. الفعل الدمشقي المركزي في الحسكة، لم ينزع فتيل فتنة طائفية، بل ألزم وبأقل تكلفة عسكرية ممكنة(الدمى الأمريكية)بالتزام الحدود المسموح لها في مناطق الشمال السوري، وما بدا للأسايش لم يكن الاّ وهم اعلامي نتيجة للتريث السوري، ودمشق في الحسكة بعدم فتحها معركة مع الكرد، وبنزعها لفتيل الفتنة حتّى اللحظة، وفّرت قوّاتها العسكرية لجبهات أخرى ضرورية، لجهة دير الزور، بالرغم من أنّ الأمريكي يسعى لتطوير بقاء التركي في الشمال السوري كمستنقع له ودفعه لمواجهة مع الجيش السوري، كما يسعى بمرحلة لاحقة، لأستنزاف التركي عبر الكردي والعكس صحيح في حرب الشمال السوري، ولكن في كلا الحالتين الضابط لهذا العبث الأمريكي الكارثي هي موسكو، فهل تنجح الأخيرة في ذلك، في ظل تعقيدات الميدان السوري وغموضه وتداخلات الديمغرافيا في مساربه المتعددة؟ وصحيح واقع أنّ التركي نقل جزء من صراعه مع حزب العمّال الكردستاني الى داخل الأراضي السورية، كما فعل ذات الأمر في الداخل العراقي، بموافقة من الكاكا مسعود البرزاني. ولا سلاح جو لقوّات(قسد)هذا الآوان عبر الأمريكي، ومخزوناتها من صواريخ تاو الأمريكية على وشك النفاذ كما تقول المعلومات ان لم تكن قد نفذت، وتعتمد في هذه اللحظة على صواريخ ميلان وأنواع من صواريخ روسية أخرى مثل: كميتس وكونكورس، ومعضلة(قسد)أنّ الجبهات مفتوحة عليها من الجميع، داعش يقاتلها والترك كذلك، وهي تبدو أنّها قرّرت الأنتحار العسكري على مشارف الرقة كورقة أمريكية وأداة، ان لم تتغير ظروف المعادلة في الشمال السوري. وفي المعلومات، انّ ما تسمى بحركة أحرار الشام وهي أشرارها(الأخوان المسلمون في سورية)، أجرت العديد من الحوارات مع المخابرات التركية وبطلبها وبعد فشل الأنقلاب العسكري، فثمة عرض لفكرة كانتون اسلامي يفرض على أي مشروع فدرالي يطرح كحل للأزمة السورية(أصابع تركية وراءه واضحة)، ومجرد نقاش الكانتون الأسلامي في مفاصل حركة أحرار الشام، فهذا يعد تراجعاً فرضه الواقع على مبادىء الحركة والتي تنص بمجملها على اقامة مشروعها الأسلامي على كامل التراب السوري. وتركيا لجهة العمل السياسي والذي هو نتاج لفعلها العسكري الآن في الشمال السوري على طول الشريط الحدودي مع الدولة السورية، ستحاول وأد مشروع الفدرالية ان غرب الفرات، وان شرق الفرات، وتسعى لفرض هذا الكانتون الأسلامي لوضع واشنطن أمام الأمر الواقع ولأحراج باقي الأطراف الدولية ومنعها للسير خلف الأجندة الكرديّة وخاصةً يسار الطرف الألماني، فأنقرة ترى في هذا الكانتون الأسلامي في شمال سورية عامل تفجير للفدرالية في حال اقامتها، بسبب التناقضات الجوهرية بينه وبين الكانتون الكردي. أحرار الشام بل أشرارها(الأخوان المسلمون في سورية)تتقمّس السياسة التركية في الشمال السوري، فهي دعمت مشروع المنطقة الآمنة بالرغم من معارضة جبهة النصرة له، ووصفتها جبهة النصرة لأحرار الشام بأنّها في خدمة الأمن القومي التركي، يعني يرى فرع القاعدة في سورية، أنّ الأخوان المسلمين السوريين(أحرار الشام)يخدمون الأمن القومي التركي، وتماهي وتساوق عميق وواضح بين أحرار الشام وأنقرة، ومخابرات الأخيرة تدرب أفراد الأولى، وسعي اخوان سورية ضمن الأندفاعة التركية في الشمال السوري لتأسيس ادارة ذاتية اسلامية لمواجهة الأدارة العلمانية الذاتية التي يمثلها الكرد، والتركي استبدل ارهابيين بارهابيين ان في الباب، وان في جرابلس وصار لاعب أساسي في حرب الشمال السوري، والأرهابيون المسلّحون هناك صاروا اوراقاً وميليشيات تركية. انّ انجازات الجيش السوري وتحريره حلب وتدمر وباقي بؤر الصراع والنزاع ان بالسلاح وان بالمصالحات يؤكد أنّ المأزق تركي بالدرجة الأولى وسعودي قطري ثانياً، فيما واشنطن شئت أم أبيت مشغولة بدواخلها بسبب عقابيل وتداعيات الأنتخابات الرئاسية الأمريكية، ومشاكل الرئيس ترامبو مع المعارضة الأمريكية الديمقراطية بشعارات الحفاظ على المصداقية الأمريكية، والتي هي في باطنها قطبة العلاقة الجمهورية الأمريكية مع الروسي، وانعكس ذلك الى حد ما على أوضاع الأرهابيين المسلّحين. عصابة داعش في جلها الآن محصورة في الرقّة وفي بعض مناطق الحسكة وفي جزء من دير الزور وريفها، وان كانت الفصائل العسكرية الأرهابية في الجنوب السوري تحوّلت الى بطالة ارهابية بفعل التفاهمات الأردنية الروسية السورية بدعم مصري واضح(يجب اجتثاثها عبر تنسيق اردني سوري روسي ايراني وفعل مصري، قطعاً للضغوط الخليجية على عمّان وللطريق على استثمارها اسرائليّاً وأمريكيّاً وخليجيّاً روتانيّاً)، ورغم ذلك الاّ أنّ هناك ثمة استثمارات اسرائيلية وأمريكية فيها، راجع تحليلنا التالي: جبهة الجنوب السوري ولواء بني كنانة بمثابة مثلث برمودا أردني، على محرك البحث غوغل، والجيش السوري في جبهة الجنوب السوري مستمر في استراتيجيات التجزير لمواقع سيطرة الأرهابيين ثم حصار المجزّر منها ليصار الى قضمة كاملاً، ويسيطر على جلّ العقد الجغرافية في الجنوب السوري، والأردني وعبر الموك يركز على قتال داعش، ويحافظ على خط الأمن على طول الحدود مع سورية بعمق 6 – 8 كم مربع ومتفاهم على ذلك مع دمشق وموسكو، مع تحوّل السلفية الجهادية التكفيرية الى خطر أردني داخلي أنكر ذلك الرسمي الأردني أم لم ينكره. نواة العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي صدى المجمّع الصناعي الحربي الأمريكي ذراع جنين الحكومة الدولية، تجترّها اجتراراً للأستراتيجيات الولاياتية الأمريكية السابقة مع تعديلات وتحسينات واضافات هنا وهناك، وتجديد للأدوات من دول وظيفية وحركات وأحزاب وتيّارات تنفذ الخطط والعمليات القذرة، مع تحسينات للمبرّرات واستخدامات للمصطلحات بكثافة على شاكلة المعزوفات التالية: الحرية والتحرر، وحقوق الأنسان والأنعتاق من نير الظلم، والديمقراطية والتعددية السياسية والحزبية، والحاكمية الرشيدة وتطوير الموارد البشرية، والشفافية والنزاهة، ومحاربة الفساد، وما الى ذلك من مصطلحات وكلمات تستلذ لسماعها الأذن البشرية وتطرب، وتسترخي الأجساد الذكورية والأنثوية لها على حد سواء. جزء من هذه الأستراتيجيات الأمريكية حول العالم بعناوين فرعية لكنّها هامة، تتمفصل في تشجيع واسناد جلّ الحركات الجهادية المسلّحة في أماكن النفوذ الأمريكي وما يعتبر مجال حيوي وجزء من أمنه القومي، على المطالبات بالأنفصال وتشكيل الكيانات او الدويلات وعلى طول الحدود ما بين تواجدها ومراكز الدول التي تطالب بالأنفصال عنها. الولايات المتحدة وحلفائها من الغرب وبعض من عرب مرتهن، تعمل على توظيفات وتوليفات لسوق الجهاد الأممي كفردوس جهادي في تعزيز الفكر الأنفصالي الذي تنادي به الحركات المسلحة، في الرغبة بالأنفصال والأبتعاد عن مراكز الدول التي تفعّل عملها العسكري فيها، وتحت معزوفات الأستراتيجيات الأمريكية السابق ذكرها خدمة لمصالحها ومصالح حلفائها، بعبارة أخرى البعض يوهبن الحركات وبالتالي الثورات، والبعض الآخر يعمل على أخونة بعضها، أمّا الأمريكي فيوظّف ويولّف فيستثمر ويحصد، والولايات المتحدة الأمريكية مستعدة لتأمين الاعتراف الذي يتيح للحركات الإسلامية السنية الانفصالية أيّاً كانت الغطاء القانوني الدولي، وعلى وجه الخصوص عدم اتهامها بواسطة أمريكا والاتحاد الأوروبي وحلفائهم بالإرهاب، طالما انّ ذلك يخدم المصالح ويحقق لها نقاط ربح في ساحات الخصوم.
*عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية
mohd_ahamd2003@yahoo.com