2024-04-26 10:17 م

امريكا حاضنة الصهيونية وهادرة الحق الفلسطيني وراعية الإرهاب (2)

2017-02-13
بقلم: عبد الحميد الهمشري* 
التشبث بالثوابت ضرورة ملحة في مواجهة أخطار الصهيونية على المدى البعيد ما يجري على الأرض في فلسطين يحول دون حصول الشعب العربي الفلسطيني على أدنى حقوقه والمتمثلة بإقامة دولته المستقلة على الأراضي الفلسطينية التي احتلت بعد حرب 1967 والتي تمثل فقط 22% من المساحة الكلية لفلسطين التاريخية .. العدو الصهيوني ضرب بكل الاتفاقات مع السلطة الفلسطينية بعرض الحائط واستولى على المزيد من أراضي الضفة الغربية خاصة عاصمتها القدس وهو يسن القوانين التي تشرع الاستيلاء على الأرض الفلسطينية والاعتداء على المقدسات والتضييق على تنقلات الفلسطينيين الخاضعين لتحكُّم سلطة الاحتلال وأمريكا تحول دون اتخاذ أي قرار دولي بإدانة هذا الاحتلال أو اتخاذ خطوات نحو تنفيذ الاتفاقيات والالتزام بما تنص عليه الشرائع الدولية الخاصة بالأراضي المحتلة .. وأمام هذا الحال فإنه ليس أمام الفلسطينيين الآن سوى التمسك بثوابتهم التي جرى التغاضي عنها في مرحلة جس نبض العدو رغم أن كل الدلائل تشير إلى أن العدو مراوغ من الدرجة الأولى ليحصل على كل شيء دون أن يعطي أي شيء فهو يسعى للحصول على ما لم يستطعه في القتال الحصول عليه من خلال المفاوضات في ظل عدم امتلاك المفاوض العربي بما فيهم الفلسطيني لأرضية وثقافة التفاوض فيفقد من خلال التفاوض أمام تعنت ومراوغة المفاوض الصهيوني لبوصلته فيحصل العدو الصهيوني على كل ما يخطط له ويفقد المفاوض العربي بما فيهم الفلسطيني كل شيء لاتباعة أسلوب تلطيف الأجواء أو النفس الطويل لاسترضاء المفاوض الصهيوني وأمام جهله بصياغة ما يجري الاتفاق عليه يكون الثمن هو الحصول على لا شيء والدوران في حلقة مفرغة يكون ثمنها باهظاً لأن النتائج تبقى تصب في صالح العدو الصهيوني فمفاوضات الطرشان لا توصل لشيء سوى منح العدو المزيد من الوقت لفرض ما يريد بالضحك على اللحى فالمرحلة لا تتطلب جس النبض بماذا يبحث عنه العدو فمنذ تشكل الوكالة اليهودية في بدايات القرن الماضي والصهيونية العالمية تسعى لامتلاك الأرض الفلسطينية كاملة وتشتيت الشعب الفلسطيني في المنافي فمنذ نهاية عقد ثمانينيات القرن الماضي وبداية العقد الأخير منه وحتى الآ ن والعدو يراوغ وينفذ ما يريد وهذا مكنه من سحب البساط من تحت قيادة السلطة في رام الله التي تنفذ وتلتزم بتنفيذ المطلوب منها دون أن يلتزم العدو الصهيوني بما جرى الاتفاق عليه معها وهي تفقد سلطتها على الأرض بالتدريج وهذا الواقع فرض على الفلسطينيين التواقين للعيش بأمن وأمان أسوة بباقي شعوب الأرض العودة لمراجعة حساباتهم من جديد بالتمسك بدرب النضال بكل الوسائل المشروعة والمتاحة والتشبث بثوابتهم التي في فترة من الفترات وأمام الضغوط الهائلة على قيادتهم من مسايرة البعض وتحت حجج غير مقنعة للتساوق مع رغبات العدو الصهيو أمريكي المشترك والتجاوب مع كل الضغوط في سبيل الحصول على موطئ قدم على الأرض الفلسطينية ، ومع أن هذا سبق ووقعت فيه قيادات فلسطينية في الماضي ركنت إلى حسن نوايا المحتلين والغاصبين في ثلاثينيات القرن الماضي وما بعده وقبل ذلك منذ انكشفت الأطماع صهيو امبريالية في المنطقة العربية وبخاصة الأرض الفلسطينية وهذا ما يلزم الفلسطينيين في سبيل رفع الظلم الواقع عليهم لإعادة ترتيب أوراقهم من جديد أمام هذه الهجمة الشرسة بعدم الانصياع للضغوط الإقليمية والدولية وبصفة خاصة الأمريكية منها لأن الاستجابة المجانية للضغوط أنى كان مصدرها خاصة الأمريكية منها مرفوض شكلاً ومضموناً كون الشعب الفلسطيني يعي جيداً مدى التضليل والخديعة التي مورست في الماضي من قبل قادة العدو الصهيوني ورؤساء أجهزته الأمنية خاصة المخابراتية والاستخباراتية منها ومن قبلهم مارستها أيضاً عصابات الإجرام الصهيونية ويمارسها نتنياهو حالياً ولدوافع الضغط الأمريكي التي تصب في مصلحة التوجهات الصهيونية في المنطقة العربية عموماً وعلى الأرض الفلسطينية خصوصاً وفي هذا الظرف الحساس الذي تمر به المنطقة بأكملها وأمام وعود ترامب للصهاينة بنقل سفارة بلاده إلى القدس التي ليس فيها جديداً فأمريكا منذ نشأتها تحتضن الصهيونية العالمية وهي من مهدت الطريق للصهاينة بالهجرة إلى أرض فلسطين فدور أمريكا معروف لدى الجميع في نشأة الكيان الصهيوني وتمدده ورعايتها لإرهاب الدولة الممنهج الذي يعتمد أسلوب التفتيتت والتشتيت من خلال القوة العسكرية المباشرة كما حصل في ليبيا والعراق أو من خلال جماعات خارجة على القانون تدربها وتسلحها لتقود الإرهاب المنظم ضد الكيانات العربية أو دول أخرى تحاول الوقوف في وجه أمريكا كما حصل في أفغانستان وتشيلي ونيكاراغوا أو كما يحصل حالياً وفق مسلسل متتابع ابتدأ في الصومال في العقد الأخير من القرن الماضي ومن ثم في السودان فليبيا وسوريا ومصر وتونس واليمن والحبل على الجرار ولا أحد خارج الحلبة شئنا أم أبينا إلا بتكاتف الشعب العربي مع نفسه أولاً لرفض عملية اختراق مجتمعاته من قوى معادية تمولها أمريكا وأعوانها من صهاينة وأوروبيين ومن يرتمون في أحضان هذه القوى الفاجرة. . من هنا نفهم ما تسعى إليه الحركة الصهيونية من إثبات نظريتها ذات المنطلق السياسي الديني التي تقوم على تدخل البشر في تحقيق نبوءة مزعومة بعودة اليهود إلى فلسطين ضمن مشروع استعماري مدروس ومحبوك بدقة يتركنا نفعل كما كان يفعله السفسطائيون أثناء حصار القسطنطينية بالتحاور في مواضيع لا تنتمي للمخاطر التي كانت تحدق بهم وبمستقبل سلطتهم خلال حصار مدينتهم من قبل محمد الفاتح فكانت النتيجة سقوطها وانتهاءهم وإلى الأبد في الوقت الذي تسير فيه تكتيكات الأعداء في فلسطين وفق الاستراتيجيات المرسومة بدقة وإحكام والتي ما زالت تسعى لتجميع كل يهود العالم في الأرض الفلسطينية تكون عوناً لهم في بسط سيطرتهم على منطقة حساسة واستراتيجية من العالم وفق المفهوم الحضاري والمستودع الاقتصادي والمركز الاستراتيجي في فترة لم تكن فيها وسائل الاتصال كما هي عليه الآن ، فمنفذو هذا المشروع يؤمنون أن يهود اليوم هم من سلالة يعقوب ويعترفون بالكيان القومي الاستعماري لليهودي (المنتمي للديانة اليهودية)، ويمنحونه مشروعية سرقة الأرض الفلسطينية وتشريد شعبها منها، سواء بالاستناد إلى التوراة أو لبروتوكولات حكماء صهيون أو للشرعية الدولية أو لسياسة الأمر الواقع. فالصهيونية الحديثة كحركة عنصرية بدأت بالظهور في القرن السابع عشر الميلادي لكن بشكلها العلني السياسي ظهرت على مسرح الأحداث العالمية في القرن التاسع عشر حيث أخذت تدعو إلى تجميع اليهود في وطن خاص بهم وكان الأب الروحي لهذه الدعوة ثيودور هيرتزل الزعيم الأول لهذه الحركة وقد عقد بقيادته مؤتمر " بال" الأول بسويسرا سنة 1897م وأعقبه عقد عدة مؤتمرات في بال وفي دول أخرى .. فالصهيونية كفكرة استثمرت التراث الثقافي اليهودي والدعم الأوروبي فانتهت إلى اعتماد فلسطين لتكون دولة اليهود العنصرية ، مرتكزة في إقامتها لدولتها هذه على جدلية الإجلاء والتوطين والتي تعني توطين اليهود على حساب الفلسطينيين أصحاب الأرض بعد إجلائهم منها بكل السبل المشروعة وغير المشروعة على غرار ما حصل للهنود الحمر في أمريكا ، وكان الهدف من تبني أوروبا والأمريكان لفكرة دعم وطن قومي لليهود خارج أوروبا وأمريكا هو التخلص منهم أولاً وتوظيفهم في خدمة المصالح والمشاريع الاستعمارية الغربية ثانياً, ومن هنا نفهم الدافع الذي انطلق منه صياغة وعد بلفور بالتنسيق ما بين أمريكا وبريطانيا ، مع أن بلفور نفسه كانت له مواقف معادية لليهود,إذاً فإن الصهيونية حركة سياسية خدمتها الظروف وفقدان الهوية العربية خلال الحكم العثماني وضعف البنى التحتية والقدرة على الدفاع عن النفس أمام الأخطار التي تولدت نتيجة حالة الفراغ السياسي التي أصبحت تعيشها المنطقة العربية بعد سقوط دولة الخلافة العثمانية أمام تحالف الصهيونية مع دول فاعلة في أوروبا وأمريكا كانت وما زال هدفها توحيد اليهود في الشتات وتوطينهم في فلسطين لتكون إلى جانب ذلك قاعدة متقدمة للطامعين الاوروبيين والأمريكان .. وبالنسبة لاستخدام مصطلح الصهيونية فقد كان "ناثان برنباوم" الفيلسوف اليهودي النمساوي هو أول من استخدم هذا المصطلح وكان ذلك في عام 1890 م ، وكان أول من دعا علانية لتسهيل الهجرة اليهودية ودعم المشاريع الاقتصادية اليهودية هو هرتزل وكان ذلك في المؤتمر الصهيوني الأول الذي انعقد في مدينة بال السويسرية عام 1897 م حيث أعلن هرتزل بعد نهاية المؤتمر " الآن أستطيع القول أنه قد قامت دولة أسرائيل في فلسطين فبعد خمس أو خمسين عاماً ستقوم دولة إسرائيل في روح فلسطين وبعد عشرين عاماً يجري احتلال بقية أرض فلسطين " وهذا ما حصل بالفعل لكن تابع القول بأنه سيجري العمل بعد امتلاك كل فلسطين لتحقيق حلم " دولة إسرائيل من الفرات إلى النيل " وهو النهج الذي يسير عليه قادة العدو الصهيوني وامريكا والقوى الغربية الحاقدة.
*كاتب وباحث في الشأن الفلسطيني
Abuzaher_2006@yahoo.com