2024-04-26 08:35 م

النمر بين أنياب التنين

2017-02-07
استعرضت صحيفة "أرغومينتي إي فاكتي" آراء خبراء آسيويين حول العلاقات الصينية–الأمريكية؛ مشيرة إلى اعتقادهم بأن روسيا تستطيع جني المكاسب من تدهورها.

 جاء في مقال الصحيفة:

يعتقد خبراء آسيويون أن بإمكان روسيا جني أرباح وفيرة في حال تخليها عن الدولار في الوقت المناسب وبيع الأسلحة الحديثة وتحسين قيمة الروبل.

ويوضح معلق الصحيفة غيورغي زوتوف: إذا قلنا إن الصين تعيش وضعا عصيبا بعد انتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة، فإن هذا يعني أننا لا نقول شيئا؛ فحتى بائعو الشعيرية المصنوعة من الرز في شارع المسلمين في مدينة سيان، يسألونني: هل صحيح أن أمريكا تريد الشجار مع الصين؟
لقد حفظ الصينيون تهديدات ترامب عن ظهر قلب. تقول مي لين (55 سنة): "يقال إنه وعد بإعادة إنتاج الشركات الأمريكية كافة إلى الولايات المتحدة مثل آي فون والتلفزيونات وغيرها. هذا يعني أن العشرات من مصانعنا سوف تغلق، وسوف يصبح أولادي عاطلين عن العمل؟ ملعون "النمر الورقي" (النمر الورقي صفة أطلقها ماوتسي تونغ على الولايات المتحدة منذ زمن بعيد وكانت منسية، ولكنها عادت هذه الأيام إلى التداول من جديد)، سوف نريه قدراتنا".

وإذا كانت الولايات المتحدة والصين على حافة نزاع اقتصادي وسياسي، فإن السؤال هنا يطرح نفسه - ماذا يمكن أن تكسب روسيا من هذا الوضع؟

يقول مستشار بورصة شنغهاي تشينغ لون: بالتأكيد، الصين مستعدة للرد على "الحرب المالية" لترامب. لنبدأ بالإشارة إلى أن الدولار يحافظ على موقعه بصعوبة كبيرة. وقد انخفضت الاستثمارات في السندات الأمريكية خلال السنوات الأخيرة بمقدار 242 مليار دولار. في حين أن الصين اشترت سندات أمريكية قيمتها تريليون و220 مليار دولار. والآن تصور ماذا سيحصل إذا عرضت الصين هذه السندات للبيع. سيتحول الدولار العملاق إلى ورقة تواليت. لذلك، فإذا قرر ترامب "اغتصاب" الاقتصاد الصيني، فإن الرد سيأتيه سريعا. وماذا ستكسب روسيا من هذا؟ روسيا تحتفظ باحتياطي النقد الأجنبي بعملتي الدولار واليورو، فإذا نجحت في توقُّع لحظة وقوع "النمر" بين أنياب "التنين" وتخلت عن العملة الأمريكية واستبدلتها بالذهب والبلاتين، فإنها ستكسب كثيرا.

كما أن الصين مستاءة من مغازلة السياسيين في حاشية ترامب الانفصاليين في جزيرة تايوان، ودعوتهم إلى التعامل معهم وليس مع النظام الشيوعي في بكين.

يذكر أن الجيش "الأحمر" الصيني بقيادة ماوتسي تونغ تمكن في الحرب الأهلية من طرد قوات تشان كاي تشيك إلى تايوان عام 1949. ومنذ ذلك الحين تعدُّ بكين إعادة "الجزيرة المحتلة" قضية وطنية. أما في واشنطن، فتعلو الأصوات المطالبة بإيقاف الصين عسكريا إذا لم تتخل بكين عن مطالبتها بجزر سبراتلي في بحر الصين الجنوبي، والتي تطالب بها كل من فيتنام وبروناي والفلبين وماليزيا، وذلك لاكتشاف حقول ضخمة للنفط والغاز فيها. 

من جانبه، يشير المحلل السياسي الفلبيني ميلفين راميرس إلى أن العلاقات بين الولايات المتحدة والصين في عهد ترامب سوف تتفاقم حتما. بيد أنها لن تصل إلى نشوب حرب واسعة النطاق بينهما، بل ستقتصر على مناوشات مسلحة في منطقة جزر سبراتلي، كاستعراض للقوة. كما أن الأمريكيين يمكنهم إنزال قواتهم في تايوان، وإنشاء قاعدة عسكرية هناك. وهنا يجب على روسيا برأيه أن تمسك زمام المبادرة وتعمل على إجلاس الجانبين إلى طاولة الحوار. وعلينا ألا ننسى مجال الاقتصاد، حيث ستضطر الصين إلى تحديث قواتها المسلحة وخاصة البحرية منها، وهذه فرصة جيدة لروسيا لبيع صواريخ حديثة وحاملات طائرات وطرادات حربية إلى الصين والحصول على مليارات الدولارات. وبالطبع، إن النزاع الاقتصادي–السياسي بين "النمر" و"التنين" هو فرصة جيدة لروسيا لتعزيز عملتها "الروبل". وآمل ألا تفوت روسيا هذه الفرصة. لأن قيمة الدولار واليوان سوف تنخفض في حال وقوع مواجهات بين بكين وواشنطن، وسيكون على المستثمرين البحث عن عملات بديلة.

يقول معلق الصحيفة غيورغي زوتوف إن في الصين رأيا شائعا، ولكنه غير معلن، حول ضرورة شن حرب مظفرة خاطفة واستعادة تايوان وإحاطتها وجزر سبراتلي بقواتنا البحرية. ويمكن صياغة هذا الرأي بالشكل التالي: إذا ما قرر ترامب إفساد صداقته معنا، وإلحاق الضرر باقتصادنا وتقديم المساعدات إلى أعدائنا، فماذا سنخسر لو استولينا على تايوان بسرعة وحاصرنا جزر سبراتلي بسفننا الحربية؟ وقد أخبرني الصينيون أنهم "يأملون بالمساعدة من جانب روسيا. ولم أجب بشيء على هذا الكلام، ولكني فكرت في أنه إذا كنا نقارن الصين بالتنين والولايات المتحدة بالنمر. فأنا أقول إن على الدب الروسي البقاء جانبا في هذا الصراع.

لأن السياسة – هي دائما مثل عروض السيرك. لقد وعد الرئيس الأمريكي الجديد بالكثير في حملته الانتخابية، بما في ذلك بإلغاء العقوبات المفروضة على روسيا. لذلك علينا أن نتفاعل مع تفاقم الصراع بين "التنين" و"النمر" على ضوء سلوك الإدارة الأمريكية. فقبل فترة ساعدنا على مصالحة الغرب مع إيران، ولكننا بالمقابل لم نحصل على شيء سوى انخفاض أسعار النفط.

لقد قدمت روسيا مساعدات مجانية إلى العديد من الدول في تسوية مشكلاتها. فهل حان الوقت لتغيير هذه الوضعية، ومحاولة جني المكاسب من ذلك؟
المصدر/ روسيا اليوم