2024-04-26 12:43 م

كشف حساب أوباما.. عنصرية بأمريكا.. وفوضى بسوريا.. وفشل بفلسطين

2017-01-17
يدرك الرئيس الأمريكي باراك أوباما أن مكانه في كتب التاريخ سيظل يقاس بحجم الآمال التي أثارها لدى انتخابه، والتي كانت كبيرة جدا داخل الولايات المتحدة وخارجها.

ووراء ابتسامته العريضة وهدوئه في مواجهة المعضلات وأسلوبه الأنيق في ممارسة السلطة الذي كان موضع إعجاب، ماذا سيبقى من ولايتي الرئيس الديمقراطي المولود من أب كيني مسلم، والذي أمضى فترة طفولته بين هاواي وإندونيسيا؟.

ومن تراجع كبير في نسبة البطالة إلى تصفية زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن والانفتاح على كوبا وإبرام الاتفاق العالمي حول المناخ، يمكن للرئيس الأمريكي الـ44 وهو أيضا أول رئيس أسود في تاريخ الولايات المتحدة، أن يتباهى بإحراز تقدم حقيقي.

لكنه لم ينجح في تحقيق حلم واحد هو التوصل إلى "أمريكا متصالحة مع نفسها".

وأظهرت سنوات التعطيل في الكونجرس الأمريكي وكذلك فوز دونالد ترامب المفاجئ في الانتخابات بعد حملة تميزت بحدة بالغة، مدى الشرخ والانقسامات القائمة في البلاد.

انقسامات سياسية بالطبع مع كتلتين جمهورية وديمقراطية ترفضان التحاور إلى حد تعطيل العملية الديمقراطية.

وهناك انقسامات عنصرية أيضا عادت إلى الواجهة بعنف كبير، وحرصا منه على ألا يعتبر "رئيس السود"، لم يكن باراك أوباما ربما الشخص المناسب لمعالجة هذا الملف.

والواقع مرير بالنسبة إلى أوباما الذي أكد في 2004 في الخطاب الذي ألقاه وسلطت عليه الأضواء، إنه ليس هناك "أمريكا تقدمية وأمريكا محافظة" ولا "أمريكا سوداء وأمريكا بيضاء".

وكأن هذا الرئيس الهادئ والعقلاني، الذي يصفه منتقدوه بأنه يكثر في إعطاء الدروس، لم يستشعر نبض "أمريكا الأخرى" أي أمريكا الطبقة الوسطى البيضاء القلقة من دوامة العولمة.

شعبية عالية

يغادر باراك حسين أوباما البيت الأبيض في سن الـ55 بشعبية عالية جدا كتلك التي حظي بها رونالد ريجن في المرحلة نفسها.

ولم يكن من السهل على هذا الرئيس الذي كان يخطو خطواته الأولى في المعترك السياسي، تنفيذ شعاره المشهور "نعم نحن قادرون"، في إشارة إلى عزمه على إحداث تغيير جذري في البلاد.

وكان أوباما وصل إلى سدة الحكم في سن الـ47 (كان أكبر سنا بأربع سنوات من جون إف كينيدي) وأقر بأنه كان يجهل مشاكل وتعقيدات واشنطن.

وانتقد أوباما بانتظام العراقيل التي كان يضعها الجمهوريون في الكونجرس بشكل منهجي حتى وإن لم يظهر مرونة ومهارة في التعامل مع هذا الوضع.

ولدى توليه مهامه، ورث أوباما فوضى اقتصادية ومالية وعقارية، ونجح في تمرير خطة نهوض صعبة بقيمة 800 مليار دولار.

ثم نجح في تمرير -بعد معركة برلمانية عاصفة- إصلاح النظام الصحي المعروف باسم "أوباما كيبر" الذي أخفق كل الرؤساء السابقين في اعتماده.

واليوم يستفيد 20 مليون أمريكي من هذا البرنامج الذي تعهد دونالد ترامب بالتخلص منه.

الفوضى بسوريا

وفي ملف السياسة الخارجية تعتبر النتائج متفاوتة.

وكان أوباما فاز بجائزة نوبل للسلام عام 2009، لتصبح هذه الجائزة بمثابة سيف ذي حدين؛ لأنها القت عليه مسؤولية تحقيق إنجازات تليق بهذه الجائزة في سياسته الخارجية.

ويمكن لأوباما سناتور إيلينوي السابق أن يفتخر بأنه نجح في إقرار قطيعة كاملة مع سياسة جورج بوش الخارجية.

فقد أمر بسحب القوات الأمريكية من العراق وأفغانستان (تم خفض عددها من 180 ألفا إلى 15 ألفا) وحظر اللجوء إلى أساليب التعذيب التي كانت تستخدمها وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) بعد 11 سبتمبر/أيلول 2001.

وحاول أوباما أن يعيد خلط الأوراق من خلال إدخال إيران في اللعبة الدبلوماسية عبر تأكيده، أن لأمريكا أولويات أخرى -في مقدمتها آسيا وإفريقيا- غير الشرق الأوسط.

لكن موقفه الحذر من الحرب في سوريا التي تسببت بأسوأ كارثة إنسانية منذ الحرب العالمية الثانية، انعكس سلبا على السنوات التي أمضاها في البيت الأبيض.

ورغم رفضه للانتقادات، أقر بأنه كان عاجزا في هذا الملف. وقال: "أتساءل بانتظام: هل كانت هناك مبادرة لم نفكر بها؟ هل كان هناك سبيل غير السبل التي عرضت على وكان يمكن لتشرشل أو إيزنهاور التفكير فيها؟". 

خطابات راسخة

في بعض الملفات كملف المناخ، نجح هذا الأخصائي في القانون الدستوري، في التأقلم.

من خيبة الأمل التي واجهها خلال قمة كوبنهاجن في 2009 تذكر بأن لا شيء سينجز في غياب محور مشترك أمريكي-صيني.

واستنادا إلى ذلك سيبنى نجاح اتفاق باريس في نهاية 2015.

وأخفق في ملفات أخرى كالنزاع الإسرائيلي-الفلسطيني وإغلاق معتقل جوانتانامو.

وبعد يومين على وصوله إلى البيت الأبيض، وقع مرسوما لإغلاق سجن جوانتانامو في كوبا خلال عام.

وبعد 8 سنوات لا يزال هذا السجن السيئ السمعة قائما لكن عدد المعتقلين فيه تراجع.

ومن ولايتي أوباما الرئاسيتين ستبقى مجموعة خطاباته راسخة في الذاكرة.

تقلبات التاريخ

ففي شارلستون حيث قتل 9 سود برصاص شاب يؤمن بتفوق البيض، يجد الكلمات المناسبة لمواساة أهالي الضحايا قبل أن يتلو صلاة رددها معه آلاف الاشخاص.

وفي شيكاجو حاول في خطابه الأخير أن يستعين للمرة الأخيرة بالطاقة التي حملته إلى السلطة في إحدى أمسيات نوفمبر/تشرين الثاني 2008.

وغداة الصدمة التي أحدثها انتخاب ترامب رئيسا، دعا أوباما إلى تقبل تقلبات التاريخ والمضي قدما مشددا على أنه لا جدوى من "التقوقع على الذات".