2024-04-26 10:01 م

مابين أوباما " المخلّص" و " إنسانية " كاميرون و"حرد" أوردغان؟؟

2014-09-30
بقلم : محمد بكر*  
من تحت قبة الجمعية العامة للأمم المتحدة وعلى المسرح العراقي – السوري تستمر العروض الأميركية - الغربية في تصوير مشاهدها " الالتفافية " وتقمص الأدوار , وتظهير النيات الحسنة في مواجهة " داعش " , والحفظ الجيد لما خطه السيناريست الأميركي في فلمه الطويل والجديد إذ بات أوباما الذي كانت سياسته وسياسة سلفه ولاتزال الصانعة والراعية لكل تلك الكوارث والأزمات, وكل ذلك التدمير والقتل الذي مر على المنطقة , بات اليوم " المخلص" الأول والأوحد يتباكى ويذرف دموع التماسيح, ويندد " بفواحش " داعش من قطع ٍللرؤوس واغتصاب ٍ للنساء وقتل ٍ للأبرياء , وهو الذي أغشى العيون, وصم الآذان ,عن كل فواحش الأرض, وكل موبقات الدنيا التي خلفتها آلة القتل الإسرائيلية على الأرض الفلسطينية , كل ذلك لم يثر حفيظته, ولم يحرك مشاعره قيد أنملة وهي التي ثارت ولم تهدأ " لهبة ٍ " أسموها داعش. على المقلب الآخر لم تكن المشاهد المؤاداة على مسرح مجلس العموم البريطاني مختلفة عن نظيرتها الأميركية ولم تأت بأي جديد سوى بسيل ٍمن الضحك الذي انهمر على وجوه المستمعين لخطاب كاميرون إذ أكد أن جهود محاربة "داعش " لايمكن أن تقتصر على العمليات العسكرية إنما يجب أن تتضمن (جهوداً إنسانية), لضم المزيد من الدول إلى التحالف, وقد تناسى السياسي العتيد مااتشحت به مملكته, وما طفحت به , ومالبسته منذ عقود من أثواب الخسة والتآمر والكذب والرذيلة والفواحش ,من وعد بلفور مروراً بالوعد التاريخي لحاييم وايزمان الرئيس الإسرائيلي الأسبق, وعالم الكيمياء, المخترع للميكروب المنتج للأسيتون الذي تزودت منه بريطانيا في الحرب العالمية الأولى بهدف صناعة المتفجرات, وحققت حينها بريطانيا الانتصار على " الدولة العثمانية" , وقتها رفض وايزمان التكريم على فعله ( الكبير والعظيم ) , لكنه تحصّل على وعد من سيء الذكر آرثر بلفور لجهة المساعدة في أن تكون فلسطين وطناً قومياً لليهود وهذا ما حصل تماماً , ولا ننسى في السياق ذاته ما كتبه ضابط المخابرات البريطاني توماس إدوارد لورانس " لورنس العرب " الذي أرسلته بريطانيا لتأليب القبائل العربية ضد "الامبراطورية العثمانية " , كتب لورانس يقول: " لقد كنت أعلم أننا إذا كسبنا الحرب فإن عهودنا للعرب ستصبح أورقاً ميتة , غير أن الاندفاع العربي كان وسيلتنا الرئيسة في كسب الحرب الشرقية " مضيفاً : " إنه أكثر ما يكون مدعاة ً للفخر أن الدم الانكليزي لم يسفك في المعارك الثلاثين التي خضتها لأن جميع الأقطار الخاضعة لنا لم تكن تساوي في نظري موت انكليزي واحد " . على المسرح التركي كان للمشاهد والفصول الواردة من هناك , لوناً خاصاً وأدواراً أكثر كوميدية من سابقاتها, لجهة سذاجة الطروحات, وصراحة الأقوال, لم يغرد فيها الرئيس التركي الجديد خارج سرب السياسة وفن الممكن فحسب, بل بات لسانه يسرد بطلاقة كل ما يختلجه قلبه ويطرح كل ما هو غير ممكن, لا بل المستحيل بعينه, وهو الذي يعلم علم اليقين أن الذي لم يتحقق مطلقاً في البدايات, من السذاجة بمكان معاودة طرحه مجدداً في هذه الأوقات ولاسيما بعد التوازنات الدولية التي فُرضت قسراً على المشهد الدولي , إذ أبدى السيد أردوغان أعلى مستويات " الحرد " من التحالف ضد داعش مشترطاً إقامة منطقة عازلة وفرض حظر جوي"كصداق ٍ مقدم" للموافقة على الانضمام للتحالف, معلناً ومن دون أي حرج أن بلاده غيرت موقفها من " داعش " بعد إفراج الأخيرة عن الرهائن الأتراك , وكذلك فعلت ربيبته قطر التي باتت هي الأخرى تميز وعلى لسان أميرها "الوسيم حتى نعومة النساء" بين مجموعات إرهابية متطرفة وأخرى ما سماها ثورية إسلامية في سورية وهو الذي أعلن في زيارته الأخيرة إلى ألمانيا أن دولاًَ عربية ناصبت العداء لحركات إسلامية لأهداف سياسية بحتة, في صورة مثالية للولاء التركي – القطري والانتماء المطلق للفكر الأخواني الداعشي . إذا ًهذه هي السياسات الغربية لم ولن تتغير , كل وعودها وعهودها أوراقاً ميتة, تماماً كتوصيف لورانس, وهو مايحدث اليوم بدقة متناهية في إعادة " مقيتة " للتاريخ , تمضي فيه أميركا وحلفائها لإكمال المهمة وتدمير مالم يدمره "الربيع" مدعاة فخرهم الذي لم يُسفك فيه دم أمريكي أو بريطاني واحد , كل ذلك تطبيقاً لنظرية هنري كسينجر وبرنارد لويس في الإحراق من الداخل , وتحقيقاً لأمن الكيان الصهيوني تحت شعار مكافحة الإرهاب, إذ تدمر المنطقة بأبنائها ومواردها ومكوناتها وحضارتها وإرثها التاريخي . وكما بادلت بريطانيا " إسرائيل " العطاء الكيميائي بالوفاء , وكما شكر وايزمان وأثنى على دور لورانس وخدماته التي قدمها "لإسرائيل" في كتابه (التجربة والخطأ) , فربما يأتي اليوم الذي يشكر فيه نتنياهو و ليبرمان ويثنيان على دور كاميرون وبريطانيا في تدمير مادمروه باسم الربيع ومكافحة الإرهاب , فكانوا خير أمناء على أمن "إسرائيل " , والرعاة لسلامتها وبقائها , وحتى " الحرد " التركي الحاصل الذي قد يكون ما يبرره آنياً, لجهة الحقد الدفين في القلب التركي على العرب وتعاونهم مع بريطانيا لإسقاط الامبراطورية العفنة , إلا أنه في الميزان الدولي, وفي لعبة المحاور لن يهرول أوردغان إلا باتجاه الملعب الأميركي , ولن يلعب إلا دور البطولة, لا بل البطولة المطلقة إن لزم الأمر في مسلسل " خدمة " الكيان الصهيوني , طال "الحرد" أم قصر . فهل يدرك " متبنو العقيدة القومية " أي منقلب ٍ ينقلبه الغرب ؟ وهل يغير التنسيق مع دمشق أي شيء ٍ فيما يدور في عمق التوجه الغربي ؟؟ وهل تكفي الرسائل لجهة إرسال السفن الحربية إلى شواطئ البحر المتوسط للجم التوجه الأميركي الجديد أو صياغة سيناريوهات " استهداف " جديدة ؟؟ وإلى متى تستمر الثنائية المقيتة " منهم الحديد والنار .. ومنا لحمنا الصامد (( المنتصر )) ؟؟
 * كاتب سياسي فلسطيني مقيم في سورية
mbkr83@hotmail.com