2024-11-25 06:44 م

المفكر والمناضل الفلسطيني ناجي علوش في ذاكرة الشعب

2013-08-05
كتب شاكر فريد حسن 
مر عام على وفاة الباحث والناقد والشاعر والمفكر والمناضل والقائد السياسي الفلسطيني ناجي علوش ، أحد اعمدة الثقافة الوطنية الفلسطينية والنضال الوطني الفلسطيني ، الذي كان حاضراً بجلال الحدث بين القصيدة والفكر والسياسة والبحث النقدي والأدب . 
ناجي علوش قامة ثقافية وفكرية عالية ، وسنديانة فلسطينية شمخت في تربة المواقف الوطنية والقومية والطبقية الصلبة، والتحدي بين احرار لم تلن لهم قناة ، حمل الراية في زمن النضال والثورة وواصل مسيرته الكفاحية والنضالية رافضاً الركوع والخنوع . انه ضمير الثورة الذي وهب وكرس حياته في خدمة القضايا العربية والفلسطينية ، قضايا الوطن والأمة ، مخلصاً ووفياً لفكره الوطني والقومي والعروبي ، متمسكاً بالثوابت الوطنية الفلسطينية ، رافضاً شعار عدم مهادنة الاستعمار وعدم التفريط بالحقوق المشروعة الثابتة لشعبنا الفلسطيني الأبي ، وهو صاحب مقولة "بالدم نكتب لفلسطين " .
عانق ناجي علوش نور الحياة في بلدة بير زيت ، ونشأ في بيئة فلاحية فقيرة ، تعلم في مدارسها وتخرج من الكلية الأهلية الثانوية في رام اللـه عام 1985، ثم انتقل الى الاردن ، وهناك عمل معلماً في مدارسها ، بعد ذلك سافر الى الكويت وفيها وجد تعاطفاً مع أفكاره القومية العروبية ومعتقداته السياسية الثورية بين المغتربين العرب ، ثم سافر الى بيروت وعمل في دار "الطليعة" ، بعدها انتقل الى سورية ثم عاد واستقر في الاردن وبقي فيها حتى يوم وفاته يوم 29 تموز العام 2014 .
انضم ناجي علوش لحزب البعث الاشتراكي بقوة حسه القومي والوطني وظل اشتراكياً ، زاهداً في الحياة حتى أواخر حياته . كان أحد قياديي حركة "قتح" وعضو سابق في المجلس الثوري للحركة ، وهو من الذين تمسكوا بثوابت الرؤيا الفلسطينية فضلاً عن قيادته اليسار الجذري في "فتح"، وقد تولى منصب الأمين العام لاتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين .
اهتم ناجي علوش بالفكر وتركز في دراسة الفكر العربي المعاصر ، وترك وراءه ارثاً غنياً وافراً من الابداع الفكري المعرفي والثقافي والنضالي والشعري ، وتاريخاً مشرفاً ناصعاً من الكفاح الوطني القومي والثوري . 
صدر لناجي علوش مجموعة من الدواوين والمجموعات الشعرية وهي : " هدية صغيرة، النوافذ التي تفتحها القنابل ، الزهرة والناي ". اما في مجال الفكر والسياسة فصدر له : "الثورة والجماهير ، المقاومة العربية في فلسطين ، الماركسية والمسألة اليهودية ، الثورة الفلسطينية ابعادها وقضاياها ، مناقشات حول الثورة الفلسطينية ، نحو ثورة فلسطينية جديدة، الحركة القومية العربية ، حول الجرب الأهلية في لبنان ، الوطن العربي : الجغرافية الطبيعية والبشرية ، المشروع القومي من الدفاع الى الهجوم ، الديمقراطية ، المفاهيم والاشكالات " .
ناجي علوش مثقف حقيقي انتمى الى نموذج المثقف النقدي المستقل عن المؤسسة ،كان مثقف الناس المنحاز للشارع ، المرتبط وجدانياً بالشعب ، المحب للبسطاء ويعطف عليهم ، المناصر لقضايا الفقراء والكادحين والمسحوقين والمستضعفين في الأرض . وهو شاعر الوجدان الفلسطيني ، وشاعر الثورة والمقاومة والحركة الكفاحية الفلسطينية ، وشاعر الأمل والتفاؤل ، الذي مجد في شعره الانسان التواق للتحرر والانعتاق من كل العوامل المناهضة لانسانيته المهدورة المسلوبة في متاهات التعصب . تميز بشاعرية مرهفة واحساس حاد بقضايا الوطن والشعب ، وارتبطت أشعاره بالأحداث والمعارك الوطنية والثورية ، وتشابكت فيها القيم والأهداف الوطنية والنضالية السامية ، وانحازت  الى أبناء الأرياف والمخيمات والفقراء ورجوم الصوان وتراب فلسطين .
يقول الأديب الفلسطيني مراد السوداني : " ناجي علوش ، سادن الفكرة الجمرة ، قائد غوار الثقافة اشتداداً وامتداداً في المشهد الثقافي الفلسطيني والعربي. حالة استثنائية مفرد وجمع، ونموذج المثقف الند ، والفارس المدخر، بقولة الجبل والعناد ، ثابت على الثابت ،صنو الغفاري وأبي ذر ، متقشف حد الفقر ، غني بقلبه وقلمه الحر ، لم يك ظلاً لأبن أنثى ، ولم يقف على باب أحد ، ولم يقتطف لقمة من فم أحد . مقاتل فذ ، سياقه الجسارة والفعل المقدس ، انعم من دمعه ، وأحدٌ من الحد".
ناجي علوش شاعر فذ، وكاتب  متنوع بالغ الخصوبة ، ومفكر استثنائي عميق ، يعد من الأسماء الرائدة اللامعة المضيئة والراسخة في الحقل الثقافي والفكر الوطني والسياسي الفلسطيني الملتزم المقاوم والنظيف ، أمن بالفكر العقائدي الثوري ، فكر الاصلاح والنهضة والتغيير ، والتزم قضايا الوطن والانسان الباحث عن الحرية والطامح بالحياة الكريمة ، وهز بكتاباته وجدان الانقياء المعمورين بالحس الانساني والشعور الطبقي ، عاش فقيراً وكريماً وأبياً عزيز النفس ، وسيظل محط تقدير شعبنا ومثقفيه ومبدعيه لما قدمه وأضافه للمكتبة الفلسطينية والثقافة الوطنية الديمقراطية من منجزات فكرية وأعمال ابداعية جادة راقية وأصيلة ، وسيبقى حاضراً في قكر ووجدان وثقافة وذاكرة الشعب ، الذي أحبه وأنحاز اليه .