كتب شاكر فريد حسن
يافا عروس فلسطين وعاصمة الساحل الفلسطيني النائمة على شاطئ البحر المتوسط ، الممتدة جذورها في عمق التاريخ الكنعاني. هذه المدينة العريقة الجميلة بين مدائن الوطن السليب والذبيح والجريح ، كانت كعبة الشعر والأدب ومنارة الثقافة والصحافة ووعاء النشاط الثقافي ، وغدت رمزاً لحلم عودة المشردين والمهجرين من أبناء شعبنا الفلسطيني في اماكن اللجوء والشتات والمنافي القسرية.
وقد اشتهرت بمينائها وشاطئها الجميل وأسواقها العتيقة في حي العجمي الشهير ، وأيضاً بآثارها التاريخية وساعتها وكنائسها ومساجدها ومآذنها وبرتقالها، الذي يعتبر أحد أشياء المكان الممتد في عمق الماضي القديم. ومن منا نحن الفلسطينيين لم يتذوق طعم البرتقال اليافاوي اللذيذ؟!.
ومن بطن يافا خرج الى الدنيا البرفيسور ابراهيم ابو لغد وهشام شرابي والشاعر الغنائي جميل دحلان وغيرهم.
وكان الشاعر الفلسطيني المميز بأشعاره الشعبية ذات النكهة الفلسطينية الأصيلة ـ الاستاذ سعود الاسدي، لبى في العام 1993دعوة رابطة شؤون يافا ، وشارك في الأمسية الفلسطينية / التراثية/ الثقافية/ الفنية التي أقامتها في حينه. وفي تلك الأمسية القصيرة قدم الاسدي مداخلة مقتضبة حول التراث الشعبي وقرأ مجموعة من قصائده ذات العبق الفلسطيني التراثي الشعبي . واستهل حديثه بقوله :
ايام كنا زغار والدنيا امان
ونركض ورا البياع والعالم وساع
ونقلوا: شو حملك يا عم
ومنين جاي؟!
وبقول : من يافا محمل بردقان!!
وما كان من المحامي ابن يافا ورئيس الرابطة نسيم شقر الا أن احضر شعار رابطة شؤون عرب يافا امام الأسدي ليراه ، وهو عبارة عن شجرة البرتقال.
وهكذا انتهت الأمسية، التي ادخلت البهجة والسرور الى قلوب الحاضرين ، الذين امتعهم وادهشهم شاعرنا الملهم القدير سعود الاسدي باشعاره المحكية ، التي تشتغل بموضوعات فولكلورية ومواقع وامكنة ورموز ومضامين من بيئته وواقعه وحياته الريفية الرعوية ، التي تلون وتصبغ آفاقه وتجعله يحن الى ايام مضت ومرت ، ولا تزال تعيش في خياله وتهيجه. وتفرق الجمهور ليعود كل واحد الى بيته، وظلت اجواء هذه الامسية عالقة في المخيلة والذاكرة .