2024-11-25 11:43 م

بيروت وطن المثقفين والمبدعين الفلسطينيين والعرب..!

2013-05-04
كتب شاكر فريد حسن 
بيروت/ تلك المدينة اللبنانية الزاهية الجميلة ببحرها وشاطئها ومناخها واماكنها ومقاهيها واحيائها وازقتها ومبانيها الأثرية واسواقها الشعبية ، هي واسطة العقد ومركز الاشعاع الفكري والثقافي والسياسي والفني . وقد شكلت على الدوام محجاً وملتقى ووطناً للفلسطينيين والعرب بلا استثناء . هؤلاء المثقفين اصحاب الادمغة والعقول ، الذين ضاقت بهم الحياة في بلدانهم أو الذين هجروا من وطنهم بعد النكبة، فلجأوا اليها واتخذوها موطناً لهم ولعطاءاتهم . وكم كان الشاعر امجد ناصر صادقاً  حين كتب في يومياته قائلاً :" بيروت وشم حمله كثير من الذين تنفسوا هواءها وشربوا ماءها ورف لهم جناح في فضائها ".
ومن بين هؤلاء المثقفين وعشاق الحرف والكلمة نذكر على سبيل المثال لا الحصر :" محمود درويش ، معين بسيسو، عز الدين المناصرة، حنا مقبل، رشاد ابو شاور، انيس الصائغ ، يحيى يخلف، غسان زقطان، على فودة، احمد ابو مطر، امجد ناصر، سعدي يوسف ، غالب هلسا، حسين مروة" والقائمة طويلة جداً.
وبعد ان حوصرت بيروت ودمرت بفعل العدوان العسكري الاسرائيلي – الامريكي الوحشي والبربري ضاعت منهم ، واصبحوا بلا وطن يأويهم ويحتضنهم ويدفئهم ،فراحوا يبحثون عن وطن آخر جديد.  ومن منا لا يذكر ما قاله شاعر فلسطين العظيم محمود درويش آنذاك : " بيروت خيبتنا الأخيرة، ونجمتنا الأخيرة "، فهي المكان الذي كان ينعم فيه ويتنفس الهواء النقي ويشعر بالراحة النفسية والاستقلالية والحرية بعيداً عن انظمة القهر والقمع الاستبدادية. . 
وحين سلبت بيروت تأخر محمود عن مغادرتها والرحيل عنها والخروج منها ، وتساءل بألم وحرقة وحسرة : الى أين سأذهب ؟ فهذا العالم ضيق كحذاء طفل رضيع . وأخذ يبحث عن مكان آخر يواصل فيه اصدار مجلته "الكرمل" ،فاختار قبرص . والجواب طبعاً واضح ومعروف عن سبب هذا الاختيار ،لأن المثقفين ضاقوا ذرعاً بالانظمة العربية الرجعية القمعية الاستبدادية ـ التي تخنق الكلمات وتحرق الاوراق ، وتريد للثقافة أن تكون خادمة لها ومطية بيديها ،  ولأن المثقفين عليهم ،  كما قال الشاعر الفلسطيني علي الخليلي :" أن يكونوا عروة في قميص السلطان".
لقد غيرت الحرب معالم وحياة بيروت ،وبدلت وجهها الزاهي القديم حتى غابت عنها الاشراقة ، بعد ان عصفت بها الاحداث ومزقتها الطائفية والمعارك الاهلية ، فتراجع فيها العمل والنشاط الثقافي والوطني ، وصارت ليس كما عهدناها عاصمة ومنارة للثقافة والادب والفن والمسرح الاصيل ، فن الرحابنة وفيروز ووديع الصافي ونصري شمس الدين وسواهم . وانحسرت فيها حركة النشر والطباعة بعد  سيطرة النشر الالكتروني ،وها هي مجلة (الآداب) اشهر المجلات الادبية والثقافية والفكرية اللبنانية والعربية تغلق ابوابها وتحتجب عن الصدور بعد تضاؤل عدد قرائها، ونتيجة الازمة المالية والمصاعب الاقتصادية.والسؤال : هل بيروت قادرة على النهوض وغسل يديها بعبير بحرها ورائحة وديانها وشذا جبالها والعودة الى مجدها الغابر، بلداً للأوف والعتابا والميجنا ،ومركزاَ لاشراقات الفكر والأدب والثقافة ،ومحجاً للطلائع والنخب المثقفة المبدعة ، ووطناً للحب والأمل والوئام والتسامح والوفاق الوطني ..؟! هذا ما ننشده ونتمناه .