رام الله/ حضر ناجي العلي، الفكرة والهوية والرسالة والروح، وغاب الجسد، كل شيء في في عرض 'انتظر' بقصر رام الله الثقافي كان يقول إن العلي موجود، حي يرزقّ، يحدث الحاضرين، ويهمس لهم، يروي مواقف حدثت له وأخرى مر بها الوطن، فلسطين.
الداخل إلى صالة العرض في القصر يجد نسخة مطابقة لقبر ناجي العلي، بشاهد قبره المكتوب باللغة العربية، الذي يقول عنه المنظمون 'إنه القبر الوحيد المعرف باللغة العربية في عاصمة الضباب لندن'.
تتوالى الشواهد المؤكدة على أن ناجي العلي الحي، موجود في رام الله، فحركات مصمم الرقص ماهر شوامرة ورفاقه الراقصون، نقلت صمت العلي في قبره، وهمسات عقله وفكره وريشته، لتجسد الواقع الفلسطيني بالحركة والإيقاع، عبر تداخل الألم مع الأمل، والحلم بالواقع، وليظهر صراع داخل الراقصين وداخل المجتمع المشاهد، فكل راقص يعبر عن هذا الصراع على طريقته، رغم تناسق الأداء مع الجماعة وضبط الإيقاع مع الحركة.
صرخ العلي في العرض الذي تواصل لساعة من الزمن، وقدمه مركز الشرق والمسرح الراقص، عبر لوحات فضّل شوامرة تسميتها 'بخطاب مع الغائب، عبق، جنون، جسد، أشلاء، حياة، واقع، والغريب'، فالعلي من تحت التراب يجلس، يفكر، ينتظر، يرسل الرسالة تلو الأخرى، كأنه ناقوس يدق حدود الوطن، كأنه يخاطب غائبته: 'قتلوها ليصلوا لي، ذات يوم سوف تصبحين مملكة وتفتحين عينيك'.
يقول شوامرة 'إن فكرة العرض 'أنتظر' من هناك جاءت من الرقم (230191) (رقم قبر ناجي العلي في لندن)، من شاهد كتب عليه 'الشجرة، فلسطين 1936'،... 'كنت أنظر يوما لرسم من رسومات أحد الفنانين، الذي منحني أبعادا جديدة، يومها أرسلت لي إحدى الصديقات كاريكاتيرا لناجي العلي وأبعاده تتناول قضايا مختلفة على المستوى الفلسطيني والدولي، هنا بحثت عن فكرة لخلق رقصة أو عمل، لاستوحي عملا شرقيا وقوة لاستخدامه في مسرح الرقص المعاصر'.
ويضيف: 'عرض اليوم مستوحى من قبر العلي، من فكره داخل القبر، حيث شعرت وأنا أقف أمام قبره عام 2009 في لندن، أن لديه أفكارا في عقله، لأن أعمال الكاريكاتير التي رسمها تحاكي اليوم، ويوما ما قلت لزوجته 'إنبشوا عليه قبره لأنني اعتقد أنه حي'.
استخدم شوامرة في عرضه منصات استخدمت أيام الرومان لحرق الجثث، وتوابيت استخدمت للفراعنة، ويقول: 'الخشب للموتى، والموتى ينطقون بموروثهم وتفكيرهم، والخشب قريب لهؤلاء الأموات الناطقون'. (وفا)