2025-03-18 01:05 ص

نتنياهو لجأ إلى مكائد سياسية وإعلامية لعرقلة صفقة التبادل

2025-03-13

نشرت قناة "كان 11" الإسرائيلية تحقيقًا صحفيًا بعنوان: "خطوة بخطوة: تسريبات سياسية وإعلامية اسرائيلية عرقلت صفقات التبادل"، كشف أن مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، لجأ الى  مكائد سياسية وإعلامية أثرت سلبًا على المفاوضات الخاصة في صفقات التبادل بين إسرائيل وحركة حماس.

وأظهر التحقيق كيف أن التسريبات إلى وسائل الإعلام كانت سببًا في تعطيل بعض الاتفاقات، إلى جانب تسجيلات صوتية من اجتماعات مغلقة لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو مع عائلات "المخطوفين"، بالإضافة إلى الرسائل الصادرة عن مكتبه والتي وجدت صدى داخل الائتلاف الحكومي.

ومع مرور أكثر من عام ونصف على الحرب، لم يعد أحد يرى أن مفاوضات استعادة "المخطوفين مسألة بعيدة عن السياسة". ووفقًا للتحقيق، فقد لعبت السياسة دورًا محوريًا في كل مراحل التفاوض.

ويقول التحقيق: "منذ انضمام بيني غانتس للحكومة بعد أربعة أيام من اندلاع الحرب، اختار نتنياهو ترك مسؤولية اللقاء بعائلات المخطوفين لغانتس ووزير الجيش حينها يوآف غالانت، بهدف تجنب إثارة غضب معارضي الصفقة داخل الحكومة".

وخلال اجتماع مسجل مع عائلات المخطوفين، في 12 تشرين الثاني/نوفمبر 2023، أقر غالانت بفقدان العائلات للثقة في الحكومة، لكنه حذّر "من أن حالة عدم الثقة يمكن أن تُستغل من قبل العدو لتعميق الانقسام الداخلي وإضعاف الدعم الشعبي للحكومة".

وفي 22 تشرين الثاني/نوفمبر 2023، أُبرمت أول صفقة تبادل، لكن سرعان ما انهارت في الأول من كانون الأول/ديسمبر 2023 بعد أن أعلنت حماس أنها لن تتمكن من إطلاق سراح العدد المتفق عليه من المخطوفين.

وردّت الحكومة الإسرائيلية باستئناف العمليات العسكرية، مما أثار غضب العائلات التي رأت أنه كان بالإمكان استمرار التفاوض. ونتيجة لذلك، اندلعت احتجاجات، مما دفع نتنياهو إلى لقاء العائلات في 5 كانون الأول/ديسمبر 2023.

وفي تسجيل لهذا الاجتماع، قالت إحدى المخطوفات المحررات، إلينا تروبانوف: "كنا في الأنفاق، ولم نخشَ من حماس، بل كنا نخشى أن تقتلنا إسرائيل وتزعم لاحقًا أن حماس هي من فعلت ذلك". ورد نتنياهو بأن العمليات العسكرية كانت ضرورية لإطلاق سراح الرهائن، لكنه قُوطع بغضب من أحد أفراد العائلات، الذي وصف كلامه بـ"الهراء".

ويتابع التحقيق؛ أنه مع بداية عام 2024، تصاعدت الاحتجاجات، وبدأت الحكومة بإرسال رسائل مختلفة لعائلات الرهائن. وفي 2 كانون الثاني/يناير 2024، قالت سارة نتنياهو لهم: "حماس تستمد قوتها من الرسائل التي تبثها وسائل الإعلام الإسرائيلية، علينا جميعًا التفكير في ذلك". وحسب شهود، لم تكن هذه المرة الأولى التي تحذر فيها زوجة رئيس الحكومة من التأثير السلبي للإعلام على المفاوضات.

وبحلول نيسان/أبريل 2024، بدأت الضغوط تتزايد داخل الحكومة، حيث طالب وزراء اليمين المتطرف، مثل بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، بشنّ عملية عسكرية في رفح. وفي 29 نيسان/أبريل 2024، ناقش الكابنيت المصغر صفقة تشمل وقف إطلاق النار مقابل إطلاق سراح الرهائن، حيث تم اقتراح الإفراج عن 40 مخطوفًا ومخطوفة كحد أقصى، مع إمكانية الاكتفاء بـ 18 كحد أدنى.

وحسب التحقيق، فإنه بعد هذا الاجتماع مباشرة، التقى نتنياهو في سموتريتش، الذي لم يكن جزءًا من الكابنيت المصغر، وسرعان ما تسربت معلومات للصحافة حول الصفقة المحتملة. 

وبمجرد أن علمت حماس بأن الحكومة مستعدة لقبول الإفراج عن 18 مخطوفًا فقط، رفضت التفاوض على عدد أكبر، مما أدى إلى انهيار المحادثات. ونتيجة لذلك، قررت إسرائيل تنفيذ عملية عسكرية في رفح، مما دفع غانتس إلى الانسحاب من الحكومة.

ومع استمرار الاحتجاجات، بدأ وزراء وأعضاء في الكنيست من حزب الليكود بشنّ هجمات ضد المتظاهرين، متهمينهم بالانتماء للمعارضة اليسارية. وأفاد أحد المتحدثين باسم عائلات الرهائن في غزة، بأنهم تعرضوا للإهانات والتهديدات، حيث تم اتهامهم بأنهم "أعداء الشعب" و"المسؤولون عن استمرار الحرب".

ومع حلول تموز/يوليو 2024، عرضت حماس صفقة جديدة تتضمن انسحابًا إسرائيليًا جزئيًا من ممر فيلادلفي/صلاح الدين، مقابل إطلاق سراح عدد من المخطوفين، لكن الحكومة، التي لم يعد فيها غانتس، شهدت معارضة شديدة من سموتريتش وبن غفير. ومع ذلك، تم الاتفاق على بدء مفاوضات جديدة.

وفي 27 تموز/يوليو 2024، بعثت إسرائيل "رسالة توضيحية" للوسطاء تضمنت شروطًا جديدة، مما أدى إلى عرقلة المفاوضات مرة أخرى. وفي 29 آب/أغسطس 2024، اقترحت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تقديم تنازلات بشأن ممر فيلادلفي/صلاح الدين لإنجاح الصفقة، لكن نتنياهو لم يطرح هذا الخيار للنقاش في الكابنيت الموسع، بل صوّت الوزراء على قرار الإبقاء على السيطرة الإسرائيلية الكاملة على ممر فيلادلفي/صلاح الدين.

وتابع الحقيق أنه في 5 كانون الأول/سبتمبر 2024، نشرت صحيفة "جويش كرونيكل" تقريرًا جاء فيه أن يحيى السنوار، قائد حماس، يخطط لتهريب الرهائن إلى إيران عبر ممر فيلادلفي/صلاح الدين. 

وبعد أيام، قالت سارة نتنياهو لعائلات الرهائن: "ليس لدينا خيار سوى البقاء في ممر فيلادلفيا، لأن هناك معلومات تفيد بأن المخطوفين قد يتم تهريبهم إلى اليمن أو إيران".

وفي تشرين الثاني/نوفمبر 2024، فاز دونالد ترامب بانتخابات الرئاسة الأميركية، مما أدى إلى زيادة الضغوط الدولية على إسرائيل لإتمام صفقة التبادل. ورغم توقيع اتفاق جديد في كانون الثاني/يناير 2025، لم يعد هناك دعم داخل الحكومة لاستمرار المفاوضات.

وفي تعقيبه على هذا التحقيق الصحفي، نفى مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية أي تأخير متعمد في توقيع الاتفاق في تموز/ يوليو 2024، واصفًا الادعاءات بأنها "كاذبة تمامًا". كما رفض ما ورد في التحقيق من أن تسريبات 29 نيسان/ أبريل 2024 عطّلت المفاوضات، مشيرًا إلى أن إسرائيل نجحت في استعادة 196 "مخطوفًا" ومخطوفة حتى الآن.

وختمت القناة بالقول: "رغم إنكار الحكومة، إلا أن التحقيق أظهر بوضوح كيف أن التسريبات السياسية، والانقسامات داخل الحكومة، والحملات الإعلامية لعبت دورًا أساسيًا في عرقلة صفقات التبادل، مما أدى إلى استمرار معاناة العائلات الإسرائيلية التي تنتظر عودة أحبائهم".

الترا فلسطين

آراء ومقالات