وثق مكتب فلسطين في اتحاد المؤرخين العرب، في تقرير عاجل، الأضرار الأولية التي لحقت بالمواقع الأثرية والتاريخية في مدينة غزة القديمة نتيجة العدوان الإسرائيلي.
وبحسب "معا" قامت طواقم المكتب بتوثيق الانتهاكات وتحديد حجم الدمار في البلدة القديمة بعد دخول الهدنة حيز التنفيذ، حيث تم رصد الأضرار من خلال الصور التي تظهر حجم التدمير الواسع. ووفقاً للتقرير، تعرض الجزء الجنوبي من الجامع العمري، بما في ذلك الجزء المسقوف، لتدمير كلي، كما تعرضت مئذنته لضرر كبير.
أما ساحة البوابة الشمالية، فقد نجا معظمها من الدمار، بما في ذلك المحراب والإيوان والبوابة. وبخصوص بيت صهيون، فقد تعرض لضرر جزئي بسيط.
في الوقت نفسه، تعرض سباط العلمي ومنزل العلمي الأثري للدمار مع بقاء جزء من القبة معلقة، في حين أغلق الردم الشارع المؤدي إليها.
كما دُمر بيت الغصين بالكامل، وتحول إلى كومة من الركام، وهو نفس مصير بيت السقا وحمام السمرة، حيث لم يتبقَ سوى بعض الحجارة الرملية.
قصر الباشا، الذي يعد من أبرز المعالم التاريخية، تعرض للتدمير الكامل، ولم يبقَ منه سوى واجهته الشمالية.
كما تعرضت المكتبة العمرية لتشققات جراء القصف، وهي بحاجة إلى ترميم عاجل.
أما سبيل عبد الحميد، فقد تم تجريفه بالكامل، ولم يتبقَ له أي أثر. كما تم تدمير جامع عثمان قشقار، في حين بقي مسجد السيد هاشم صامداً، رغم أن مسجد علي بن مروان تعرض لضرر في السور الخارجي.
فيما يخص المباني الحكومية، نجا مبنى البلدية القديم من التدمير، لكن مبنى الأرشيف دُمِّر بالكامل، بما في ذلك محتوياته التي تضم أرشيفاً يعود إلى 150 عامًا.
كما تعرض مبنى شرطة البلدية القديمة في شارع عمر المختار لتدمير جزئي.
حسام أبو النصر، ممثل فلسطين في اتحاد المؤرخين العرب، أكد أن الصور التي تم جمعها تُعد دليلاً مادياً على العدوان الإسرائيلي، الذي يتناقض مع القوانين الدولية واتفاقية لاهاي واتفاقية جنيف.
وأشار أبو النصر إلى أن المكتب كان الجهة الأولى التي وثقت العدوان منذ بداية الحرب في نوفمبر 2023، حيث أصدر ثلاثة تقارير متتابعة حول المواقع الأثرية المتضررة.
وأشار التقرير إلى أن 206 مواقع تاريخية وأثرية قد تعرضت للتدمير من أصل 325 موقعاً مسجلاً.
كما تم تدمير أربعة متاحف رئيسية، هي: متحف الخضري، متحف العقاد، متحف شهوان، ومتحف خان يونس، إضافة إلى ثمانية متاحف تراثية أخرى، التي فقدت العديد من المقتنيات الثمينة، مثل تمثال الإله عناة في متحف خان يونس، وأحد وجوه توابيت الكنعانية في متحف الخضري.
وأكد أبو النصر أن التقارير الدورية حول الأضرار تم إرسالها إلى رئيس مجلس الآثريين العرب، د. محمد الكحلاوي، وأمين عام اتحاد المؤرخين العرب، د. محمد المشهداني، كما تم إيصالها إلى منظمة اليونسكو ومنظمات دولية أخرى.
ونتج عن هذه التوثيقات إصدار كتاب بعنوان "آثار غزة وحرب التاريخ"، الذي رصد تاريخ المواقع الأثرية وتدميرها مع وضع تفاصيل دقيقة حول حالتها قبل وبعد العدوان.
وأضاف أبو النصر أن العمل جارٍ على إعداد تقرير حول إمكانية ترميم هذه المواقع.
وأشار إلى أن ما تعرضت له المواقع الأثرية في غزة يشبه ما حدث في الحروب العالمية الأولى والثانية، وكذلك ما لحق بمخطوطات بغداد أثناء غزو التتار. ورأى أبو النصر أن بعض المواقع يمكن ترميمها، بينما لا يمكن إعادة بناء البعض الآخر، مشيراً إلى إمكانية بناء نماذج مشابهة لتظل شاهدة على التاريخ.
كما شدد على ضرورة وضع لافتات تعريفية على المواقع لتوثيق تاريخها أمام العالم، في مواجهة سياسة الاحتلال الرامية إلى طمس التاريخ والهوية الفلسطينية.