يعيش الفلسطينيون الذين غادروا قطاع غزة إلى مصر، واقعاً قانونياً ومعيشياً وإنسانياً صعباً، في ظل غياب الرعاية من الجهات الفلسطينية، وعدم منحهم إقامات من قبل السلطات المصرية، والتي تكتفي بالسماح لهم بالبقاء على أراضيها من دون منغصات أمنية، علماً أن عددهم يزيد عن 100 ألف شخص.
وفي ظل عدم وجود إقامات للفلسطينيين في مصر، تمتنع دول كثيرة عن منح من يرغب بالمغادرة تأشيرة دخول إلى أراضيها، إذ تشترط وجود إقامة مسبقة في القاهرة أو أية دولة لمنح الفلسطينيين حق الدخول. كما أن آلاف التلاميذ الموجودين مع عائلاتهم لا يستطيعون الالتحاق بالمدارس الحكومية أو الخاصة لعدم وجود إقامة، وباتوا يعتمدون على التعليم الإلكتروني الذي توفره السفارة الفلسطينية في القاهرة بالاتفاق مع وزارة التربية والتعليم في الضفة الغربية، أو التسجيل بالمعاهد التابعة للأزهر الشريف.
ودار الحديث مرات عدة عن جهود تبذلها السفارة الفلسطينية بالاتفاق مع السلطات المصرية لمنح الفلسطينيين القادمين من غزة إقامات مؤقتة إنسانية لمدة تتراوح بين ستة أشهر وسنة في ضوء استمرار الحرب، غير أن هذه المحاولات لم يكتب لها النجاح.
وتوقف السفر من قطاع غزة إلى مصر منذ سيطرة الاحتلال الإسرائيلي على معبر رفح، في حين تمكن عشرات الآلاف من السفر خلال الفترة من أكتوبر/تشرين الأول 2023 حتى مايو/أيار 2024، رغم اتباع السلطات المصرية سياسة التنسيق للمرور عبر أراضيها بعد دفع مبالغ مالية تتراوح بين 2500 إلى 5000 دولار أميركي لكل مسافر، لصالح شركة "أبناء سيناء" المملوكة لرجل الأعمال إبراهيم العرجاني.
واضطرت بعض العائلات الفلسطينية إلى دفع عشرات الآلاف من الدولارات من أجل النجاة من حرب الإبادة، علاوة على الجرحى الذين قدموا لتلقي العلاج في المستشفيات المصرية.
وتوجهت بعض العائلات الفلسطينية نحو دول مثل ليبيا وسلطنة عمان للحصول على إقامات في مقابل تسهيلات تمنح للفلسطينيين تشمل تأسيس شركات، بهدف الاستقرار حتى انتهاء الحرب في غزة.
وتقول السلطات المصرية إن رفضها منح الفلسطينيين إقامات في أراضيها مرده خشيتها من بقائهم في مصر، وسبق أن أكدت رفضها تهجير أهالي غزة إلى أراضيها أو توطينهم فيها. وبحسب السفير الفلسطيني في القاهرة، دياب اللوح، فإن أكثر من 105 آلاف فلسطيني وصلوا إلى الأراضي المصرية من قطاع غزة، في حين أن عدداً كبيراً من الفلسطينيين كانوا في مصر في انتظار عودتهم إلى القطاع المحاصر، لكن العدوان الإسرائيلي حال دون ذلك.
تقول الفلسطينية سلمى محمود إنها متواجدة في مصر منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، وإنها تمكنت من السفر بعد تنسيق مسبق، لكنها تعاني ظروفاً قاهرة خلال الفترة الأخيرة نتيجة عدم وجود إقامات. تضيف لـ "العربي الجديد": "كنت أنتظر العام الدراسي الجديد كي أتمكن من تسجيل أبنائي في المدارس، وكان الحديث يدور عن منح الفلسطينيين إقامات تهدف إلى تقديم تسهيلات متعلقة بالجانب التعليمي والصحي، لكن ذلك لم يحدث. هناك نقص في الخدمات المقدمة للفلسطينيين من قبل السفارة في القاهرة، ولا توجد معونات باستثناء بعض جهود جمعيات وجهات إغاثية بعيداً عن الجسم الرسمي الفلسطيني".
المصدر: العربي الجديد