2024-12-05 04:29 ص

بعد أحداث سوريا.. مخاوف من عودة نشاط الجماعات الجهادية في المنطقة

2024-12-03

واشتدت حدة المعارك خلال اليومين الماضيين، خاصة في مدينة حلب ومحيطها، حيث شنت فصائل مسلحة، أبرزها “هيئة تحرير الشام”، هجوما مكثفا أدى إلى سيطرتها على مناطق داخل المدينة. في المقابل، بدأت القوات الحكومية السورية عمليات عسكرية واسعة في ريفي حلب الغربي والجنوبي في محاولة لاستعادة المناطق التي خسرتها.
أثارت هذه التطورات تساؤلات حول إمكانية عودة هذه الجماعات إلى النشاط المكثف، ومدى تأثير ذلك على أمن واستقرار المنطقة.
تشترك سوريا بحدود طويلة مع دول عدة مثل العراق، لبنان، والأردن، مما يجعل النشاط الجهادي داخلها عابرا للحدود بسهولة.
الخبير الأمني العراقي فاضل أبو رغيف، وهو أحد أبرز من فكك الهيكل التنظيمي لتنظيمي القاعدة وداعش، قال في مقابلة مع موقع “الحرة” إن “المفارز الخاملة لتنظيم داعش في العراق، ستحظى بشيء من التحفيز بعد الأحداث في سوريا”.
وبالنسبة لأبو رغيف، فإن ما شهدته سوريا خلال الأيام الماضية، سيرفع من معنويات جماعات جهادية في العراق ولبنان، ودول أخرى.
لكن هناك من يرى أن “المعارضة السورية” هي فرصة للسوريين لإعادة الحياة إلى مدنهم، في إشارة إلى “مساوئ” النظام السوري الذي تسيطر عليه عائلة الرئيس بشار الأسد.
أسعد حنا، مختص بالشؤون العسكرية والأمنية، يرى أن ما يحدث في سوريا، هو نشاط لجميع الفصائل، وهو “فرصة” لإعادة ملايين المهجرين إلى بيوتهم في حلب وحمص وحماة.
وقال خلال مقابلة مع موقع “الحرة” إن “ما يحصل هو رسالة للعالم بأن النظام السوري غير قادر على الاستمرار، ولن تستقر سوريا طالما الأسد موجود في السلطة”.
وينقل حنا وهو باحث سوري، مشاهدات من سوريا، ويشير إلى عدم وجود أي اعتداء من الجماعات المسلحة التي سيطرت على حلب ومدن أخرى، على المرافق العامة أو المدنيين. “حتى المسيحيين في حلب، أكدوا ذلك وبقوا في بيوتهم تحت سيطرة المعارضة”، وفقا لقوله.
وفي ظل تصاعد الأوضاع داخل سوريا، شهدت البلاد سلسلة من الضربات الجوية الإقليمية. نفذت الولايات المتحدة غارات استهدفت جماعات مدعومة من إيران، بينما شنت إسرائيل هجمات جوية على مواقع في وسط البلاد.
فصائل المعارضة تسيطر على مطار حلب
أعلنت فصائل المعارضة المسلحة في شمال سوريا سيطرتها على مطار “منغ” العسكري في ريف حلب من الجهة الشمالية، ليكون رابع المطارات التي تقع تحت قبضتها في عمليتها العسكرية المستمرة منذ الأربعاء الماضي.
ويواجه المجتمع الدولي تحديا يتمثل في الفشل بالتوصل إلى حلول سياسية للصراع في سوريا. ويجعل استمرار الأزمة دون أفق واضح مناطق النزاع ساحة مفتوحة للنشاط الجهادي، ما يعقد الوضع الأمني ويزيد من احتمال تصاعد العمليات العسكرية.
مراقبون يرون أن استغلال الجماعات الجهادية للوضع السوري لا يقتصر على العمليات المسلحة فقط، بل يمتد إلى تجنيد عناصر جديدة. ويعد الفقر والبطالة والنزوح الناتج عن الصراع المستمر بيئة خصبة لاستقطاب الأفراد، خاصة في المناطق التي تفتقر إلى الخدمات الأساسية والدعم الحكومي.
ويحذر أبو رغيف من محاولات الجماعات الجهادية “استمالة” الشباب بسبب الحاجة المالية، وضمهم إلى تنظيماتها، مما يزيد من قوتها ونفوذها في المنطقة، على حد قوله.
وأظهرت التطورات الأخيرة في سوريا أن خطر الجماعات الجهادية لم يتراجع بالكامل، بل ربما أصبح أكثر تعقيدا نتيجة لتغير طبيعة النزاع في المنطقة.
وقال فراس إلياس، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة الموصل، المدينة التي شهدت إعلان “دولة الخلافة” بزعامة أبو بكر البغدادي عام 2014، إن “تمكن هذه الجماعات من إعادة إنتاج نفسها، ضمن الخارطة العسكرية والميدانية في سوريا، سيوفر لجماعات مسلحة أخرى ناشطة إلى إعادة إنتاج تموضعات جديدة في الجغرافية السورية”.
وأضاف أن “تحركات هذه الجماعات، مرتبط بشكل أو بآخر بدور الفواعل الإقليمية، روسيا وتركيا وإيران”.
“من دون ذلك” سوريا مهددة.. تحذير من مبعوث الأمم المتحدة
بالنسبة له، أكد بيدرسون أنه سيستمر إشراك جميع الأطراف مردفاً “سأكون على استعداد لاستخدام مساعيي الحميدة لعقد محادثات سلام جديدة وشاملة بين الأطراف الدولية والسورية بشأن سوريا”.
وفي المقابل، مثلما هناك مخاوف من تمدد الجماعات الجهادية أو إعادة نشاطها، تبرز مخاوف بشأن الدور الإيراني والجماعات المسلحة التابعة لها في المنطقة، خاصة سوريا.
ولعبت هذه الجماعات دورا كبيرا في الحرب السورية منذ عام 2011، ومكنت نظام الأسد من الاستمرار في حكم البلاد، رغم الهزات العنيفة التي تعرض لها.
ويعتقد أسعد حنا أن تحفز الأحداث في سوريا ما أسماها “الجماعات المعتدلة” في دول النزاع، ويرى أن ما يحدث فرصة “ذهبية” لإعادة الاستقرار للشرق الأوسط، خاصة مع قرب استلام إدارة ترامب السلطة في الولايات المتحدة.
لا تقتصر تداعيات الأحداث في سوريا على المنطقة فحسب، بل يمكن أن تمتد إلى أفريقيا، حيث تربط بعض الجماعات المسلحة هناك علاقات غير مباشرة مع التنظيمات الجهادية النشطة في سوريا.
وفي أوقات سابقة، استفادت الجماعات الجهادية مثل “داعش” و”هيئة تحرير الشام” من الانهيار الأمني في سوريا لإعادة تنظيم صفوفها وتوسيع نطاق عملياتها. ورغم الخسائر التي تعرضت لها في السنوات الأخيرة، لا تزال هذه الجماعات تمتلك خلايا نائمة وشبكات دعم في العديد من المناطق.
(الحرة- مصطفى سعدون)