بدأت ملامح إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب تتضح، مع إعلاناته المتلاحقة عن تعيينات في مناصب مختلفة أرسلت إشارات حول السياسات التي سيتبناها ترامب خلال ولايته الجديدة.
ومن أبرز الملفات التي بدأت ترتسم ملامح سياسات ترامب في التعامل معها الملف الفلسطيني – الإسرائيلي، في ظل الواقع السياسي والأمني المعقد الذي فرضته تداعيات الحرب المستمرة في قطاع غزة منذ أكثر من 13 شهرًا.
وكانت الولاية الأولى لترامب (2016-2020) متوترة للغاية فيما يتعلق بهذا الملف، إذ اعترف بالقدس المحتلة عاصمة موحدة لإسرائيل، ودعا خلالها لإنهاء دور ""، كما شهدت قطيعة بين إدارة ترامب والسلطة الفلسطينية، التي أظهرت محاولة لفتح صفحة جديدة في العلاقات خلال الولاية الثانية.
ووعد ترامب بإزالة جميع العقبات أمام توريد شحنات الأسلحة لإسرائيل، كما اختار ماركو روبيو وزيرًا للخارجية، الذي يُنظر إليه على أنه من "صقور السياسة الخارجية"، وكان يكرر بأن "إسرائيل يجب أن تدمر كل عنصر في حماس".
وأعلن ترامب اختيار مايك هاكابي سفيرًا للولايات المتحدة لدى إسرائيل، الذي يعلن بشكل واضح رفضه حل الدولتين، ويدعم استمرار المشروع الاستيطاني، بعد دعوات وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش إلى بسط سيادة إسرائيل على الضفة الغربية.
واقع معقد
يرى المختص في الشأنين الفلسطيني والإسرائيلي، عزيز المصري، أن "اختيارات ترامب لرموز إدارته الجديدة تعكس إلى حد بعيد ملامح سياساته تجاه الملف الفلسطيني"، مشيرًا إلى "واقع معقّد ستفرزه السياسات الجديدة".
وقال المصري، لـ"إرم نيوز"، إن "ترامب اختار طاقمه الداخلي من زاوية الانعزالية الأمريكية تحت شعار أمريكا أولًا، وفي الملفات الخارجية اعتمد أشخاصًا يتبنون نهجًا متشددًا تجاه إيران والصين، ومرنًا إلى حد ما تجاه روسيا، أما في ملف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، فقد اختار طاقمًا مواليًا بالكامل لإسرائيل".
وأضاف: "بعض من اختارهم ترامب ينتمون لمجتمع المستوطنين في إسرائيل، ولهم تصريحات مسبقة مؤيدة وبشدة للاستيطان"، مشيرًا إلى أن "هذا يعطي انطباعًا كبيرًا حول مسار السياسة الأمريكية واستراتيجية ترامب في السنوات الأربع القادمة".
وقال إن "سفير واشنطن لدى إسرائيل هاكابي من الشخصيات التي تنتمي لمجتمع المستوطنين وتروج له، بالإضافة إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عيّن شخصية من مجتمع المستوطنين سفيرًا لإسرائيل في أمريكا".
وأضاف أن "هذا التقاطع في شخصية السفيرين الأمريكي والإسرائيلي، وما يحمله الاثنان من تأييد كبير وإيمان عقائدي بأهمية ضم الضفة الغربية، يخدم توجهات وسياسات سموتريتش وبن غفير ونتنياهو نفسه".
وتابع: "هاكابي يرى ضم الضفة نوعًا من الاستحقاق الديني والأخلاقي تجاه إسرائيل، وهو مدعوم بشكل كبير من المستوطن الأمريكي السفير السابق في تل أبيب ديفيد فريدمان".
وأوضح أن "ترامب يرى أنه يستطيع بالسياسة والصفقات الحصول على الثمن الذي يريده دون خوض حروب، وسيعمل على إنهاء الحرب في غزة ودعم إدارة جديدة لها وفق الشروط الإسرائيلية".
وحول العلاقة مع السلطة الفلسطينية، توقع المصري أن يعيد ترامب سياسته السابقة في التعامل مع السلطة، والضغط عليها بما يحول دون سقوطها، والحفاظ عليها كإطار إداري بلدي يدير شؤون المواطنين ويحفظ الأمن دون أي سقف سياسي يؤدي إلى دولة".
مرحلة قاتمة
ويرى المحلل السياسي إيادة جودة أن "اختيارات ترامب لإدارته تمثل مؤشرًا على بداية مرحلة قاتمة في استمرار انتهاك الحقوق الفلسطينية"، لافتًا إلى أن "الانحياز الأمريكي لإسرائيل بات سمة عامة للإدارتين الجمهورية والديمقراطية على حد سواء".
وقال جودة، لـ"إرم نيوز"، إن "الشخصيات التي اختارها ترامب في غالبيتها تتماهى بشكل كامل مع سياسات الحكومة اليمينية في إسرائيل، ما سيشكل دافعًا لتنفيذ جميع المشاريع التهويدية والاستيطانية فيوالقدس".
وأضاف: "حكومة نتنياهو على مدار عام كامل كانت تعمل بتسارع كبير لتنفيذ مشاريع تحسم فيها ملف الضفة الغربية والقدس، ووجود أشخاص متطرفين ومؤيدين لخطواتها في الإدارة الأمريكية سيزيد وتيرة هذه المشاريع وبشكل أخطر".
وتابع: "من المتوقع أن تكون فترة ترامب الثانية أكثر قسوة على الفلسطينيين، لأن ترامب وإدارته يعتقدون أن حسم الملف الفلسطيني الإسرائيلي سيكون أسهل الملفات الخارجية الثقيلة التي تنتظر ترامب، مثل ملف الحرب التجارية مع الصين، والحرب في أوكرانيا".
وأشار إلى أن "اختيارات ترامب المعلنة، حتى اللحظة، تشير إلى أن الرئيس الأمريكي الجديد هو من سيقود سياسات إسرائيل خلال الفترة المقبلة، على عكس ما كانت الأوضاع عليه خلال إدارة الرئيس الحالي جو بايدن".
المصدر: ارم الاخبارية