منذ عدة أسابيع قليلة، بدأت حركة “حماس” في رحلة البحث عن دولة جديدة توافق على استضافة قادة مكتبها السياسي، بعد علمها بحجم الضغوطات “الهائلة” التي تعرضت لها دولة قطر من قبل أمريكا وإسرائيل وحتى الدول الغربية، بسبب استضافتها “حماس” منذ سنوات طويلة، وأن وقت الرحيل قد حان.
القرار الذي ضجت به وسائل الإعلام خلال الساعات الماضية حول موقف الدوحة من المفاوضات ووجود “حماس” على أراضيها لم يكن مفاجئًا بالنسبة للحركة وقادتها، فقد تم إبلاغهم قبل أسابيع من قبل السلطات القطرية بأن الأوضاع اختلفت كثيرًا وهناك قرارات ستصدر تتعلق بوجود الحركة وقاتها على أراضيها.
قطر “لم ولن” تعلن بشكل رسمي “طرد” قادة “حماس”، لكن أبقت باب الرحيل مفتوحًا وذلك ضمن حدود التفاهمات التي جرت بين المسؤولين في قطر وقادة الحركة الفلسطينية، وعلى ضوءها سيكون حضور “حماس” في الدوحة ضعيف للغاية ويكاد يكون رمزيًا فقط، لكن مرحب بزيارة قداتها بأي وقت وذلك للتشاور في القضايا الفلسطينية المختلفة.
“حماس” وجهت بوصلتها نحو العديد من الخيارات المتاحة أمامها في الوقت الراهن لاستضافة قادة مكتبها السياسي وضمان توفير الحماية لهم وعدم اغتيالهم من قبل إسرائيل، خاصة أن الأردن ومصر وسوريا وقطر باتت أبوابهم مغلقة تمامًا، في حين دول عربية أخرى مثل السودان والجزائر واليمن وغيرهم من الدول “قد” لا ترغب الدخول بهذا الملف في الوقت الراهن، رغم تصريحات الكثير من المسؤولين في تلك الدول التي تدعم حق المقاومة ونصرة القضية الفلسطينية وإنهاء الحرب ومحاسبة إسرائيل على جرائمها، في حين طرحت دول أخرى شروطا “صارمة جدًا” للموافقة على استضافة الحركة وهو ما يتعارض مع أفكار “حماس” وتوجهاتها.
كن ووفق ما يتم رصده عبر الإعلام فإن خيارات “حماس” المتبقية هي تركيا لبنان أو إيران، مع ترجيح أن يتوجه قادة “حماس” إلى طهران للإقامة هناك مع المخاطرة بإمكانية اغتيالهم بسهولة، كما جرى مع إسماعيل هنية الرئيس السابق للمكتب السياسي لحماس.
ويرى مراقبون أن إقامة قيادة حركة “حماس” في إيران، قد لا يكون في مصلحة كل من إسرائيل والإدارة الأميركية لأنه سيعزز تيارات المواجهة العسكرية في حركة “حماس” على حساب التيارات الباحثة عن مقاربات سياسية.
في حين تعتقد قيادة “حماس” أن تركيا مكاناً مناسباً لإقامة قيادتها التي تتردد بصورة دائمة على أنقرة، وتقيم علاقة وثيقة مع القيادة التركية وأجهزة الدولة. وفي حال تعثر إقامتها في تركيا، فإن أحد الخيارات المطروحة أمام الحركة هي إيران.
وقال مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية، إن الولايات المتحدة أبلغت قطر بأن وجود حركة “حماس” في الدوحة لم يعد مقبولا بعد أن رفضت أحدث مقترح بشأن الأسرى في غزة.
ورد قيادي في “حماس” على الأخبار المتداولة بشأن طلب قطر غلق مكتب الحركة في الدوحة، وذلك بعد انسحاب الدولة الخليجية من جهود الوساطة لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، وقال القيادي في الحركة لوكالة “فرانس برس” إن الحركة لم تتلق أي طلب من قطر لغلق مكتبها في الدوحة.
وتقيم قيادات “حماس” في قطر منذ خروجها من سوريا في عام 2011 بناءً على تفاهمات عُقدت بين قطر من جهة وكل من الولايات المتحدة وإسرائيل من جهة ثانية تتعلق بحدود هذه الاستضافة.
ومن المستبعد حدوث ضغط أميركي “جدي” على قطر من أجل ترحيل قيادات “حماس” في هذه المرحلة بسبب الدور المركزي الذي تلعبه الدوحة في مفاوضات تبادل الأسرى التي حققت تقدماً كبيراً في الفترة الماضية، ووصلت حد التوافق على ورقة مقدمة من الجانب الأميركي في الثاني من يوليو الماضي، والتي فشلت بعد تراجع الجانب الإسرائيلي عنها، وهذه الخطوة ستترك أثرها على مفاوضات غزة، “وهو ما ليس في مصلحة أميركا وإسرائيل”.
وأمام هذا المشهد.. أين ستذهب “حماس”؟ ومن الدول التي ستفتح أبوابها لها؟ وما هو الثمن؟
المصدر: رأي اليوم