2024-11-24 01:57 م

شمشون يكتب نهايته في لبنان.. قراءة في كتابات إسرائيلية وغربية

2024-10-03

شهدت الأيام الماضية تصعيدا دراماتيكيا في الحرب على الساحة اللبنانية، واختراقا أمنيا إسرائيليا خطيرا لحزب الله، وموجة من الاغتيالات لقادة الحزب بما فيهم الأمين العام السيد حسن نصر الله، مما أعطى المشهد في الشرق الأوسط قتامة وضبابية فيما يتعلق بمستقبل الحرب ومحور المقاومة. وثار بقوة التساؤل حول مدى نجاح نتنياهو في تحقيق ما يسعى إليه من القضاء على قوى المقاومة وخلق واقع استراتيجي جديد في المنطقة تكون فيه إسرائيل هي القوة المهيمنة.

وفي هذا المقال، نحاول أن نزيل هذه الضبابية والقتامة من خلال بعض ما كتبته مراكز الأبحاث الإسرائيلية والغربية وستكون أهم مصادرنا في هذه المتابعة ما يلي:

ـ "الحملة في الشمال وإيران"، للكولونيل المتقاعد غابي سيبوني، مركز القدس للاستراتيجية والأمن JISS، أول أكتوبر تشرين الأول 2024.

ـ "الحرب النووية المحدودة والاستراتيجية الوطنية"، لويس رينيه بيريز، مركز بيجين السادات للدراسات الاستراتيجية BESA، أول أكتوبر تشرين الأول 2024.

ـ "اليوم التالي لنصر الله"، كارميت فالنسي، معهد دراسات الأمن القومي INSS، 29 سبتمبر أيلول 2024.

ـ "الصراع القادم مع حزب الله"، سيث جونز ودانيال بايمان، مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية CSIS، 21 مارس آذار 2024.

تاريخ الصراع بين إسرائيل وحزب الله

قاتل حزب الله إسرائيل منذ إنشائه في الثمانينيات أثناء احتلالها للجنوب بعد اجتياحها للبنان في 1982. ونجح الحزب في إجبار الجيش الإسرائيلي على الانسحاب من لبنان في عام 2000. وواصل الحزب هجماته على إسرائيل لاستمرار احتلالها مزارع شبعا. وقد خاض الحزب حرب 2006 ضد إسرائيل التي تعرض أداء الجيش الإسرائيلي فيها لانتقادات واسعة. وانتهت الحرب بقرار مجلس الأمن رقم 1701.

بعد حرب 2006، كانت الحدود في الغالب هادئة، حيث حرص الجانبان على تجنب حرب شاملة أخرى، غير أن الحالة اليوم بعد طوفان الأقصى حساسة لعدة أسباب:
ـ أدت حرب غزة إلى زيادة انعدام الأمن الإسرائيلي بشكل كبير. وإذا كانت حماس، الأقل تسليحًا وتدريبًا من حزب الله، فماذا يمكن أن يفعل حزب الله الأكثر قوة منها؟

ـ كان من تداعيات الاشتباكات بين حزب الله وإسرائيل نزوح أكثر من ثمانين ألف إسرائيلي في مظهر من مظاهر فقدان السيادة الإسرائيلية على جزء مما يسمى أرض إسرائيل ولأول مرة منذ نشأتها في 1948.

ـ لدى حزب الله قدرات عسكرية تجعله أقوى منظمة عسكرية غير حكومية في العالم..

ـ حزب الله يحتل مكانة بارزة في محور المقاومة كأحد قادة النضال الأوسع ضد إسرائيل، وكخط دفاع أمامي رئيسي لإيران في استراتيجية الدفاع الأمامي التي تنتهجها للدفاع عن أراضيها ومشروعها النووي.

ومع ذلك، وبالرغم من القوة العسكرية لحزب الله، ودوره المدني والسياسي في لبنان، وبروزه الإقليمي كرأس حربة وأكبر قوة عسكرية في محور المقاومة، فإن لديه أسبابا مهمة للحذر، يأتي على رأسها الحفاظ على شعبيته في لبنان، إذ قد يؤدي اندلاع حرب مدمرة إلى تقويض مكانته بشكل خطير، خصوصا في ظل الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي يعاني منها لبنان، وما أحدثته به إسرائيل من دمار واسع في حرب 2006.

عناصر قوة حزب الله

لدى حزب الله الكثير من عناصر القوة المادية والمعنوية، والتي تجعله رقما صعبا في الصراع وقوة رئيسية لمحور المقاومة. ويمكن إيجاز أهم عناصر قوة حزب الله فيما يلي:

1 ـ خبرة متراكمة:

لدى حزب الله خبرة تاريخية متراكمة منذ الاجتياح الإسرائيلي للبنان في 1982، ونجاحه في إجبار إسرائيل على الانسحاب في مايو آيار 2000، وانتصاره عليها في حرب تموز يوليو 2006 والتي كان داعما فيها أيضا لغزة التي كانت تشن على القطاع حملة أمطار الصيف عقب أسر الجندي جلعاد شاليط.

2 ـ المرونة الحركية وسرعة التكيف مع المتغير:

لدى حزب الله ثلاثون ألف مقاتل نشط، وعشرون ألف احتياطي. ومعظم قواته من المشاة الخفيفة التي تم تدريبها على التخفي والتنقل والاستقلال الذاتي. واستخدم الحزب أسلوب "قيادة المهمة": أي أن المجموعات المقاتلة تستطيع اتخاذ قرارات مستقلة في ساحة المعركة، مما سمح للحزب العمل بفعالية في ظل ظروف القوة النارية الإسرائيلية الساحقة، وساعد مقاتليه على سرعة الإنجاز والتخفي والتكيف مع المتغيرات المختلفة. ففي عام 2006، تم تدريب وحدات الصواريخ الخاصة على إنشاء موقع إطلاق النار، والتشتت في أقل من 28 ثانية. وواصل الحزب بناء قواته على هذا النهج، وإضفاء طابع اللامركزية، وهذا يمثل ميزة مهمة للحزب في المتغيرات المختلفة وسرعة ترميم قدراته وسلمه القيادي.

3 ـ المزايا الجغرافية لجنوب لبنان:

لجنوب لبنان العديد من المزايا لمقاتلي حزب الله، إذ يتكون في الغالب من تلال صخرية. وفي حرب 2006، استخدمت مجموعات صغيرة ومتنقلة من مقاتلي حزب الله الأشجار والغطاء النباتي والكهوف والمباني على طول سفوح التلال لإخفاء تحركاتهم وإطلاق الصواريخ والمُسيّرات على مواقع إسرائيلية على الحدود. وتمثل هذه التضاريس عائقا مهما لحركة أي قوة عسكرية إسرائيلية ثقيلة، وتجعلها عرضة للاستهداف باستخدام المقذوفات والأجهزة المتفجرة والكمائن.

ويمر بجنوب لبنان عدد من الأنهار، ومنها نهر الليطاني. وتمثل السيطرة على هذه الأنهار هدفًا استراتيجيًا مهمًا، إذ تعمل كتحصينات دفاعية طبيعية يمكن استغلالها لتحقيق مزايا تكتيكية في القتال.
4 ـ الأنفاق والمخابئ:
بنى حزب الله شبكة من الأنفاق والمخابئ في جنوب لبنان لتخزين المعدات واختباء الأفراد وعمل الكمائن وشن الهجمات الصاروخية. وخلال حرب 2006، كانت هذه الأنفاق، إضافة إلى البنية التحتية المدنية، حاسمة للحزب الذي استخدمها لإخفاء مراكز القيادة والمقاتلين، وتعقيد الاستهداف الإسرائيلي.

5 ـ ترسانة كبيرة من القذائف والصواريخ والمسيرات ووسائل الدفاع الجوي:

تشكل هذه الأسلحة تهديدا واضحا لإسرائيل، وربما يكون حزب الله هو المجموعة غير الحكومية الأكثر تسليحًا في العالم. وتشمل ترسانة حزب الله صواريخ بعيدة المدى والصواريخ الموجهة التي يمكن استخدامها في ضرب الأهداف عالية القيمة كالمراكز الاقتصادية والبنية التحتية الحيوية، ويمتلك حزب الله ترسانة كبيرة من الطائرات بدون طيار متنوعة الاستخدام من طائرات استطلاع إلى طائرات انتحارية وطائرات تحمل قذائف. ويمتلك حزب الله مخزونا مهما من الصواريخ الموجهة المضادة للدبابات والأجهزة المتفجرة المرتجلة لمهاجمة المركبات المدرعة والمواقع المحصنة. وكانت هذه القدرات حيوية لنجاحات الحزب التكتيكية في حرب 2006. ويمكن لحزب الله أيضًا شن هجمات على القوات الإسرائيلية باستخدام قنابل الأنفاق، وهذا من شأنه تعطيل تقدم القوات البرية الإسرائيلية. وستؤدي العبوات الناسفة إلى خسائر بشرية، والتي يعتقد قادة الحزب أنها ستقوض الإرادة السياسية في إسرائيل.

ومنذ حرب 2006، عمل حزب الله على تعزيز قدراته الدفاعية الجوية بما فيها المدافع المضادة للطائرات، وأنظمة الدفاع الجوي المحمولة. وعلى الرغم من أن هذه الأنظمة الدفاع الجوي قد تشكل تهديدًا للطائرات، إلا أن إسرائيل لا تزال تتمتع بتفوق جوي هائل على لبنان.

آثار اغتيال نصر الله

اغتيال نصر الله له تداعياته الاستراتيجية على المنطقة، والحرب مع حزب الله لم تنته بعد، فهو خصم يراه الإسرائيليون قويا وعنيدا، ولا يزال العديد من قادته وعشرات الآلاف من مقاتليه نشطين، ولديه أسلحة كافية لمواصلة عملياته. وقد أدت الأحداث الأخيرة إلى تكثيف تصميمه على تصعيد الصراع وإلحاق الضرر بإسرائيل. ويمكن أن يؤدي تعطيل هيكل قيادة حزب الله إلى إجراءات مستقلة من مختلف الفصائل، مما يشكل تحديات جديدة للجيش الإسرائيلي. كما زاد أيضا خطر الأعمال الانتقامية من إيران وأعضاء المحور الآخرين.

وباغتيال نصر الله، تدخل إسرائيل منطقة من عدم اليقين الكبير. فقد كان نصر الله شخصية يمكن التنبؤ بأفكارها وردود فعلها؛ لكن الفراغ الذي تركه يقلب كل التفاهمات والمعادلات التي وضعها. لذا، سيكون على إسرائيل العمل بجد في تحليل والتعامل مع خصم جديد في حقبة ما بعد نصر الله.

الأهداف والخيارات الإسرائيلية

في ضوء المشهد الاستراتيجي المتغير منذ 7 أكتوبر تشرين الأول، وقدرات حزب الله المتطورة، فإن كان لدى إسرائيل الخيارات الثلاثة التالية:

1 ـ التأكيد على الردع والعودة إلى الوضع السابق لـ 7 أكتوبر:

يعتمد ردع إسرائيل لحزب الله على فكرة أن التهديد بالحرب والضربات العقابية على الجماعة والبنية التحتية اللبنانية ستمنعه من شن هجمات واسعة النطاق على إسرائيل. ويعمل هذا التهديد من خلال تعريض شيء يعتز به حزب الله للخطر، مثل حياة قادته، وقوته في لبنان، ورفاهية ناخبيه.

2 ـ حرب محدودة:

تهدف الحرب المحدودة إلى دفع قوات الحزب بعيدًا عن الحدود الإسرائيلية. وتشمل ضربات جوية إسرائيلية منتظمة على قوات حزب الله بالقرب من الحدود، بينما كان حزب الله يطلق صواريخ مضادة للدبابات على البنية التحتية العسكرية والمدنية عبر الحدود، ويسمح للجماعات الفلسطينية المتمركزة في لبنان بمحاولة الهجوم العرضي عبر الحدود، وشن هجمات بالصواريخ وقذائف الهاون على المواقع الإسرائيلية. وهذا ما كان يحدث في الجنوب اللبناني وشمال إسرائيل منذ طوفان الأقصى حتى انفجارات أجهزة الاتصالات وحملة الاغتيالات ضد قادة الحزب.

3 ـ حرب تكسير عظام الحزب:

بدء حرب شاملة لتدمير قدرات الحزب وإجباره على الامتثال لمطالب إسرائيل. وهذا ما قاله رئيس الأركان هرتسي هليفي: "جزء من منطق إسرائيل هو أن الحرب مع حزب الله في مرحلة ما أمر لا مفر منه، وأنه لا ينبغي لإسرائيل انتظار هجوم مفاجئ". ومع ذلك، فإن الهزيمة الحاسمة للحزب لن تؤدي إلى تدميره نظرًا لجذورها العميقة في لبنان والدعم القوي من إيران. وهذا هو الخيار الذي تتبعه إسرائيل الآن.

أهمية حرب تكسير العظام

حتى وقت قريب، كان حزب الله هو الذي يملي وتيرة وشدة الأحداث في الشمال؛ لكن إسرائيل الآن أخذت زمام المبادرة بسلسلة الهجمات التي شنتها على حزب الله لوقف تبادل الضربات الذي يخدم استراتيجية إيران في إنهاك السكان الإسرائيليين .لذلك، يوفر الهجوم الإسرائيلي على حزب الله فرصة لتغيير الوضع الاستراتيجي في لبنان، ويتطلب ذلك ثلاثة مكونات رئيسية مطلوبة:

ـ اتخاذ إجراءات وقائية فورية بما فيها إجلاء جميع السكان المدنيين إلى ما وراء نهر الليطاني، واستهداف البنية التحتية للدولة اللبنانية في الجنوب التي يستخدمها حزب الله مثل الكهرباء والاتصالات والنقل ومرافق المياه، وتدمير جميع الجسور والمعابر فوق الليطاني لعزل جنوب لبنان وتحويله إلى منطقة قتال.

ـ إضعاف حزب الله وإخراجه من الجنوب، وتأمين منطقة عازلة حتى نهر الليطاني تتواجد فيها قوات إسرائيلية، وتدمير أكبر قدر من البنية التحتية للحزب، واستهداف عناصره في جميع أنحاء لبنان.

ـ تغيير الوضع في لبنان تغييرا جذريا عبر ضربات مدمرة على البنية التحتية في كل لبنان، مما يؤدي إلى الضغط الدولي على إسرائيل، والتي يمكنها في المقابل المطالبة بتدخل دولي لتفكيك حزب الله.
إسرائيل والتعامل مع الخطر الإيراني

في ظل تأزم الوضع في المنطقة وما قد تنحدر إليه من حرب شاملة بدت نذرها في الحرب الدائرة الآن في لبنان والهجوم الصاروخي الإيراني الكبير على إسرائيل مساء الأول من أكتوبر تشرين الأول ردا على اغتيال القائدين إسماعيل هنية وحسن نصر الله، فهناك أكثر من احتمال:

ـ رد إسرائيلي محدود لا يقابله رد إيراني مثل الذي حدث ردا على الهجوم الإيراني في 13 إبريل نيسان والذي جاء بعد استهداف إسرائيل للقنصلية الإيرانية في دمشق. ومما يؤكد هذا الاحتمال تأكيد إسرائيل أنها نجحت في تصدي الصواريخ الإيرانية.

ـ حرب تقليدية شاملة تستهدف البنية التحتية والاقتصادية والقواعد العسكرية الإيرانية حيث أن القضاء على محور المقاومة هدف استراتيجي لإسرائيل ومكسب سياسي لنتنياهو.

ـ حرب نووية محدودة: وعلى الرغم من أن التهديد الساحق المحتمل من حزب الله غير نووي، إلا أنه قد يحتاج إلى مواجهته بتهديد نووي محدود توجهه إسرائيل نحو إيران الراعية له. وهذا الخيار أيضا في حالة وجود خطر وجودي إيراني ضد إسرائيل مثل الحرب البيولوجية أو حرب النبض الكهرومغناطيسي التي يمكن أن تتسبب في تلف واسع لشبكات الكهرباء والاتصالات السلكية واللاسلكية والأجزة الالكترونية.

من بين هذه الاحتمالات الثلاثة، يبقى الاحتمال الأول هو الأكثر معقولية إلا إذا تطورت الحرب في لبنان بما يهدد بقاء محور المقاومة، فيكون تدهور الأوضاع سببا في اندلاع حرب شاملة في المنطقة أمرا متوقعا باعتبار أن الصراع الدائر الآن يرسم مستقبل المنطقة والعالم، ويحدد شكل المحاور الاستراتيجية الإقليمية والدولية، ويتوقف عليه مصير دول وقوى في الشرق الأوسط. أما طرح الاحتمال الثالث فيأتي في إطار الحرب النفسية التي تخوضها إسرائيل ضد إيران ودول المنطقة، ويأتي أيضا كورقة ابتزاز للقوى الدولية.

أمريكا وإدارة الأزمة

مع ارتفاع مخاطر الصراع، تحتاج واشنطن إلى تكثيف الجهود لمنع اندلاع حرب شاملة، لأنها يمكن أن تكون مؤثرة على الولايات المتحدة وكارثية لإسرائيل ومنطقة الشرق الأوسط:

ـ الانتخابات الأمريكية وما قد يؤدي إليه تصاعد التوتر في المنطقة من تهديد فرص كاميلا هاريس أمام ترامب، واستغلال كل من ترامب ونتنياهو لهذه الانتخابات لتحقيق الأجندة الشخصية لكل منهما.

ـ هناك مجموعة من التهديدات على سلم أولويات الأمن القومي الأمريكي: الصين في المحيطين الهندي والهادي ومطامعها في تايوان؛ كوريا الشمالية التي تسرع قدراتها التقليدية والنووية وتصدر تهديدات استفزازية لكوريا الجنوبية؛ والحرب الروسية الأوكرانية..

ـ القاعدة الصناعية الدفاعية الأمريكية مرهقة. ومن المحتمل أن تتطلب الحرب الشاملة بين إسرائيل وحزب الله أصولًا ومعدات وذخائر عسكرية أمريكية إضافية مطلوبة في المسارح الأخرى.

ـ يمكن أن تؤدي الحرب إلى زيادة التوترات بشكل كبير في جميع أنحاء الشرق الأوسط وخارجه، بما في ذلك الولايات المتحدة وأوروبا. وقد تواجه القوات الأمريكية في المنطقة ضربات أكبر وأكثر تكرارا.

ـ من المحتمل أن يكون للحرب الشاملة آثار كبيرة على التجارة وسلاسل التوريد وأسعار الطاقة.

ـ قد تُعرّض أنظمة صواريخ حزب الله إسرائيل بأكملها للتهديد، كما أن قواته البرية أقوى بكثير من قوات حماس.

وبالتالي، قد تلجأ الولايات المتحدة إلى التركيز على تنفيذ سياسة الدبلوماسية القسرية لإجبار حزب الله على الالتزام بقرار مجلس الأمن 1701 لاستعادة الاستقرار وانسحاب قواته من جنوب لبنان، ونشر الجيش اللبناني، وخطة تنمية لجنوب لبنان. وتتطلب هذه الدبلوماسية أن تقوم إسرائيل بتقديم تنازلات وتغييرات استجابة لقرار مجلس الأمن 1701 وإرضاء حزب الله. ومن المرجح أيضًا أن يسعى الحزب إلى إجبار إسرائيل على إخلاء مزارع شبعا وقرية الغجر، وربما يضعهما تحت قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان حتى يتمكن من الحصول على انتصار سياسي حتى عندما يقدم تنازلات.

ومما يجعل هذا الخيار محتملا هو استخدام الولايات المتحدة سياسة التهوين من تأثير الهجمة الصاروخية الإيرانية، والتأكيد على أن منظومة الدفاع الإسرائيلية نجحت في التصدي لمعظم الصواريخ التي أطلقتها إيران. وفي الوقت ذاته، تؤكد الإدارة الأمريكية على حق إسرائيل في اتخاذ كل ما يلزم للدفاع عن نفسها، وأنها ملتزمة بالدفاع عن إسرائيل ضد أي هجوم إيراني.

الشرق الأوسط  على حد السيف

مازال المشهد يحمل الكثير من المتغيرات والتحولات، وهو ما لخصته افتتاحية هآرتس في 2 أكتوبر تشرين الأول، فقالت: "إلى أين تتجه إسرائيل، عندما يكون الأفق الوحيد الذي يقدمه قادتها هو الحرب؟ تحت قيادة طائشة، تتخذ إسرائيل خطوات عملاقة نحو حرب إقليمية، بينما يسأل العالم نفسه: ماذا يريد؟! فإسرائيل تمر بأصعب فترة في تاريخها، تحت قيادة متهورة يرأسها رجل وعده الوحيد الذي قطعه ووفى به لشعبه هو العيش بحد السيف".

وبدء جميع الحروب أسهل بكثير من انتهائها، وليس من الواضح ما إذا كان لدى نتنياهو وداعميه من اليمين المتطرف أو حكومته المنقسمة بشدة أو ائتلافه الحاكم أي فكرة عن كيفية القيام بذلك. كما أنه في الوقت ذاته، وعلى الرغم مما قامت به إيران من توجيه ضربة صاروخية كبيرة لأول مرة لإسرائيل فإن من مصلحة الولايات المتحد وحلفائها في المنطقة هو منع تدهور الوضع إلى حرب شاملة خصوصا وأن ما يسعى نتنياهو إلى تحقيقه من انتصار عسكري في لبنان يراه معلقون إسرائيليون "ليس سوى سراب"، وهذا ما قاله الجنرال المتقاعد اسحاق بريك في هآرتس، 15 أيلول سبتمبر: "إسرائيل لا يمكنها تحقيق انتصار عسكري على حزب الله"، وأكده تسفي بارئيل أيضا بقوله في هآرتس، 25 سبتمبر أيلول: "مهما ندمر أو نغتال، فلن يكون مفر سوى عقد اتفاق رسمي مع لبنان".

ويبقى أيضا خطر انزلاق المنطقة في حرب شاملة غير مستبعد رغم وجود بعض الكوابح التي قد تؤخره، ويتوقف ذلك على نتنياهو الذي يراه الساسة الدوليون يسير  وفق مصالحه ورؤيته الشخصية، فهل يكون نتنياهو هو شمشون إسرائيل الجديد الذي يهدم المعبد على رأسه والآخرين؟! هذا ما سنراه في الأيام القادمة.

المصدر: عربي ٢١