تعرض الهرم القيادي في “حزب الله” لضربات كبرى، كان أفدحها خسارة للحزب اللبناني نجاح “إسرائيل” في اغتيال أمينه العام حسن نصر الله مع مجموعة هامّة من الصف القيادي الأول للحزب، في قصف ضخم طال ما أسماه جيش الاحتلال الإسرائيلي “مقر القيادة المركزي” لـ”حزب الله” في الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية بيروت.
تعدّ سلسلة الضربات الأكبر في تاريخ الحزب اللبناني، شملت استخدام “إسرائيل” لوسائل متعددة من أدوات الاستهداف، من ضمنها تفعيل أدوات الاستهداف الأمني “غير المباشر”، والاغتيالات المباشرة باستهدافات الطيران الحربي والمسيَّر لقادة وكوادر الحزب، ضمن تسلسل تصاعدي بدأ باغتيال المفاصل الميدانية الرئيسية في جنوب لبنان، مرورًا باغتيال فؤاد شكر قائد البرامج الاستراتيجية في “حزب الله” والمعاون الرئيسي لنصر الله -مثّل اغتياله بالون الاختبار الرئيس لقدرة الحزب على الحفاظ على قواعد الاشتباك وحائط الردع الذي ساد لسنوات-، وليس انتهاءً بمجزرة البيجر التي تلتها سلسلة متواصلة من الاغتيالات لأعضاء المجلس الجهادي في الحزب اللبناني، وصولًا إلى أمينه العام حسن نصر الله.
جاء الهجوم الإسرائيلي الكبير الذي لم يبدأ عند اغتيال نصر الله ولم يتوقف عنده، ضمن خطة استهداف ممنهج تهدف إلى القضاء على المستوى القيادي في “حزب الله” اللبناني، وتقويض أكبر قدر ممكن من مقدراته الاستراتيجية، وإدخال كادره وقيادته في حالة من الهوس الأمني الناتج عن عدم القدرة على تقدير حجم ومواضع الاختراق الأمني الكبير، ما سيضع “حزب الله” أمام خيارات محدودة وواقع مركّب يمثل الخوض في كل مسار فيه ممرات ضيقة في حقل ألغام كبير.
مركزية حسن نصر الله
لم يكن حسن نصر الله مجرد مسؤول تنظيمي أو قائد حزبي أو مرجعية دينية في تركيبة الحزب اللبناني، وحتى في حضور الحزب في وسط حاضنته الشعبية، إذ إن شخصية نصر الله ارتبطت ارتباطًا وثيقًا بالتاريخ الذهبي للحزب، الذي توسع وتحول إلى قوة ذات تأثير إقليمي خلال سنوات قيادته.
مثّل حسن نصر الله أبًا روحيًا لكل جمهور الحزب، وحرص -كما حرصت ماكينة الحزب الإعلامية والجماهيرية- على تأكيد مركزية حضوره، إذ لا يكاد يخرج موقف مفصلي أو مرحلة سياسية لبنانية، أو إقليمية، لا يكون لنصر الله المساهمة الرئيسية في تقديم الموقف ومبرراته وتداعياته لجمهور الحزب، والتأثيرات المتوقعة، ما يجعل من كاريزما “السيد” جزءًا من حمل الجمهور لهذا الموقف.
استثمر “حزب الله” كثيرًا في البناء المؤسسي، ولربما يمكن الدفع بأن الحزب كان رائدًا في هذا الجانب، حذا حذوه العديد من القوى في المنطقة التي تأثرت بمدرسة “حزب الله” وتنظيمها ومأسستها ومهنية تخصصاتها، إلا أنها، ورغم كل هذا، أيضًا لم تتجاوز أو تحاول تجاوز التأثير الكاريزماتي الكبير لأمينه العام، الذي يشكّل عمادًا رئيسيًا في ماكينة التأثير للحزب وفي الحزب في الوقت ذاته.
لم يكن تأثير حسن نصر الله مرتبطًا حصرًا بدوره الروحي وتأثيره المعنوي داخل الحزب، بل كان مضطلعًا اضطلاعًا مباشرًا في القيادة المؤسساتية للحزب، وكان يقود المجلس الجهادي للحزب اللبناني بنفسه، ويقرّ العديد من التفاصيل بنفسه، كما يحضر موقفه في صياغة المواقف الجمعية لقوى “محور المقاومة” في المنطقة، التي ساهم في صياغة استراتيجياتها على مدار عقود.
يجعل هذا الحضور والتأثير للأمين العام للحزب من غيابه غيابًا متعدد الأوجه والتأثير، خصوصًا في أحلك المراحل التي شملت استهداف غالبية القيادة المركزية التاريخية للحزب، وضربت العديد من مواضع القوة داخله، وهو ما يضاعف من تأثيرات هذا الغياب، إذ إن غياب التأثير الكاريزماتي والمعنوي من جانب، وغياب الوزن الداخلي القادر على جمع شتات كل أوجه ومؤسسات الحزب من جانب آخر، يجعل من تأثير هذا الغياب تأثيرًا استراتيجيًا على كل أوجه عمل الحزب ومساراته المستقبلية.
الاختراق الأمني
تمثلت المعضلة الأكبر للحزب بحجم الإطباق الاستخباراتي الإسرائيلي على الحزب ومقدراته، والذي من الواضح أنه يتجاوز كل هوامش الأخطاء الأمنية المنطقية، ولا يقتصر على شكل من أشكال الاختراق التقني والقدرات التكنولوجية لـ”إسرائيل”، ولا يمكن في الوقت ذاته عدّه شكلًا من أشكال الاختراق البشري المحدود لهيكلية الحزب اللبناني.
إن انعدام المقدرة على فكّ شيفرة الاختراق الأمني وتحديد مواضعه يضع الحزب أمام حالة من الإرباك المنطقي والمعقول، فبعد أشهر من تجاهل الإشارات الأولية عن وجود اختراقات أمنية، اضطر الحزب إلى الوقوف أمام الحقيقة في لحظة صادمة تمثلت بـ”مجزرة البيجر”، والذي اتضح أن الحزب لجأ إلى إدخاله، أي البيجر، إلى الخدمة بوصفه أحد خيارات الاحتياط الأمني قبل توسع المعركة، ما يعني أن الاختراق الأمني متعدد الطبقات والأشكال كان حاضرًا في خطط الطوارئ للحزب.
بلا شك، لا يمكن حصر الاختراق الأمني في القدرات الإسرائيلية، والتي ليست بسيطة أو متواضعة، إذ إن تكامل الجهود الاستخباراتية التي وفّرها الغطاء الأمريكي في معادلة الاشتباك الحالية عظّمت من قدرة “إسرائيل” على استثمار كل مصادر المعلومات لدى شركاء الولايات المتحدة في العالم والشرق الأوسط، لتتكامل مع الجهود الاستخباراتية الإسرائيلية المستمرة منذ عقود في استهداف الخصم الذي تبوّأ أولوية المخاطر الاستراتيجية لسنوات أمام مقدّري الأمن القومي في “إسرائيل”.
يضع هذا المشهد من تبقى من قيادة الحزب، وحتى كوادره على مستوى المفاصل الواصلة ما بين القيادة والمستوى الميداني، أمام حالة من الإرباك والاشتباه الذي قد يصل حدّ الهوس في كل منظومة الحزب الأمنية، ومقدراته وبنيته التحتية، ما يعني تهديدًا مباشرًا لروح العمل الجمعي التكاملي من جانب، والتخلي الطوعي عن مقدرات التأمين والمنشآت الاستراتيجية للحزب، واللجوء إلى استخدام خيارات بديلة تجنبًا للاستهداف والانكشاف.
سيضع الإرباك الناتج عن الاختراق الأمني العديد من معادلات تعافي الحزب من الضربات الحالية في مهبّ الريح، إذ يتطلب البحث عن مواضع الاختراق العديد من الإجراءات العاجلة، والتي ليس من اليسير تنفيذها في ظل استمرار حالة اشتباك تعرض فيها الحزب إلى ضربات تعدّ الأكبر في تاريخه، ومسّت أكثر مفاصل قيادته تأثيرًا.
الضغط الأقصى لمنع التعافي
جهّزت “إسرائيل” خطة متعددة الطبقات تهدف إلى خلق حلقات متواصلة من الضغط الهائل على “حزب الله”، تستهدف خلاله مقدرات الحزب الاستراتيجية، وبالتوازي هيئات الحزب القيادية، خصوصًا الصف القيادي الأول الأكثر تأثيرًا والذي يمتلك مفاتيح التحرك والمواجهة، وصولًا إلى تكليل هذا الضغط بالوصول إلى ذروته باغتيال الأمين العام حسن نصر الله.
ارتكز الهجوم الإسرائيلي الكبير على استهداف أضلاع مثلث القيادة الرئيسي: الاغتيالات المركزة للشخوص القيادية، واستهداف منظومات القيادة والسيطرة، واستهداف البنية التحتية الاستراتيجية التي تشمل الأسلحة النوعية ومكامن التأمين الاستراتيجي للقيادة والمقدرات وشبكة الاتصالات المؤمنة.
في الإطار ذاته، فرضت “إسرائيل” سيطرة بالنار على خطوط الإمداد المفترضة لإيصال السلاح والعتاد إلى “حزب الله”، عبر تحديد حركة الطيران المدني في مطار رفيق الحريري، وضرب كل المعابر البرية الواصلة بين الأراضي اللبنانية وسوريا، ومنع أية عملية لترميمها، والاستهداف المباشر لخطوط الإمداد داخل الأراضي السورية، والشريط الحدودي، الأمر الذي يهدف إلى حرمان الحزب من تعويض الفاقد من قدراته التسليحية، وأية محاولات للترميم الأولي لمنظومة القيادة، ولربما حتى تأمين جزء من الكادر القيادي للحزب خارج الأراضي اللبنانية.
تهدف “إسرائيل” من خلال سياسة الضغط الأقصى إلى منع الحزب اللبناني من جمع شتات نفسه، وإعادة ترتيب أوراقه، إذ إنها تقطف كل الرؤوس بشكل متتالٍ، وتحرم “حزب الله” من أوراقه النوعية تتاليًا، سعيًا إلى دفع الحزب إلى عملية تفكُّك داخلي بفعل غياب الهرم القيادي ومنظومات التواصل لإدارة الموارد البشرية والمادية، وقطع كل خطوط الإمداد ومحاصرة الحزب داخل حدود جغرافية محددة واقعة تحت ضغط النيران المكثف.
سيناريوهات قادمة
يضع المشهد المعقّد والغياب المؤثر للقيادة الأولى للحزب، وعلى رأسها أمينه العام حسن نصر الله، والضغط الأقصى عسكريًا على كوادره وحاضنته الشعبية وقدراته الاستراتيجية، الحزب اللبناني ومستقبله أمام سيناريوهات كل تجلياتها صعبة ومؤثرة، ويمكن حصرها بالتالي:
التراجع والانكفاء ووقف النزيف
وفق هذا السيناريو، تذهب قيادة الحزب الانتقالية إلى خيار الحد من النزيف الحالي للحزب وقيادته وكوادره، وقبول أية صيغة من صيغ التهدئة ووقف إطلاق النار، حتى لو كان الثمن تنازلات مؤلمة تقدمها هذه القيادة، سعيًا إلى الحفاظ على ما تبقى من موارد الحزب وقيادته، وبحثًا عن أفق لعملية الترميم والبناء والمراكمة من جديد على ما يتبقى من هذه الموارد، مع معالجة لمواضع الخلل والاختراق.
يكتنف هذا السيناريو العديد من جوانب الخسارة، أهمها أن هذا التراجع سيشمل التراجع عن الموقف المبدئي الذي اتخذه الحزب منذ بداية حرب الإبادة على قطاع غزة بفتح جبهة الإسناد للمقاومة في قطاع غزة والشعب الفلسطيني، ما يعني فعليًا التراجع عن الموقف الذي قدّم في سبيله الحزب تضحياته الكبرى وصولًا إلى اغتيال أمينه العام، وبناءً عليه سيحدّ هذا من الكثير من شرعية الحزب النضالية وشرعية القيادة الجديدة له، وسيمثل تراجعًا عمّا يعدّ وصية الأمين العام السابق حسن نصر الله.
سيفتح هذا السيناريو، وإن كان سيحدّ من النزيف الحالي للحزب وموارده، شهية الاحتلال على وضع متطلبات كبيرة تمسّ حضور الحزب وتواجده وبنيته التحتية، ولربما حتى تسليحه، ضمن اشتراطات مسبقة لأية عملية وقف لإطلاق النار، إذ إنه اتفاق سيكون من موضع التفوق للاحتلال والانكسار للحزب اللبناني.
التصعيد والانخراط الفعلي في مواجهة واسعة
يشمل هذا السيناريو أن يأخذ من تبقى من قيادة “حزب الله” قرارًا بفتح التصعيد على مصراعيه، ووضع الحزب كل أوراق قوته في معادلة المواجهة، وترك الأوضاع إلى ما ستؤول إليه ميدانيًا، ورفع تكلفة المغامرة الإسرائيلية إلى حدّها الأقصى، إذ إن كل ما يعقّد خيارات الحزب من حيث حجم الخسائر المتوقع والدمار في البنية التحتية بات أمرًا واقعًا، دون أن يردّ الحزب بالشكل الذي يوازيه.
تتمثل مواطن الضعف في هذا السيناريو بأن الحزب يمكن أن يخاطر بتلقي المزيد من الضربات الكبرى، التي من غير المعلوم حجم ومدى الإطباق الاستخباراتي الإسرائيلي فيها، كما أنه يخاطر فيه بفقدان العديد من الموارد الاستراتيجية واستنزافها دون القدرة على تعويضها في ظل تعطُّل خطوط الإمداد والحصار الإسرائيلي الحالي، كما أن هذا الخيار سيحدّ من قدرة “حزب الله” على ترميم صفوفه القيادية ومنظومات القيادة والسيطرة فيه، ما يعني أن سلوك الحزب الميداني قد يغلب عليه الارتباك وعدم الانسجام والتكامل.
إضافة إلى أن هذا السيناريو لن يمكّن الحزب من تحديد مواضع الاختراق ومعالجتها بالشكل اللازم، كون المعالجة تحت الضغط والاستهداف الكبير وحالة الطوارئ ستكون معالجات قاصرة، ما يعني أن حالة النزيف في المقدرات البشرية والمادية للحزب ستستمر.
من جانب آخر، إن جانب القوة في هذا السيناريو هو أنه يرفع وتيرة التصعيد ورفع الكلفة إلى حدّها الأقصى على كل الأطراف، قد يشكّل بوابة لزيادة الضغط الدولي على “إسرائيل” لوقف الحرب في كل الجبهات والتوصل إلى صفقة شاملة.
الحفاظ على الوتيرة الحالية ضمن قواعد الاشتباك المحددة سلفًا وترتيب الصف القيادي
وفقًا لهذا السيناريو، لن يتعجّل “حزب الله” في رفع وتيرة الاشتباك أو زيادة الضغط الميداني على “إسرائيل”، تجنبًا لتوسيعها وتيرة عدوانها لتطال مناطق أخرى في لبنان، بما يشمل استهداف البنية التحتية للدولة اللبنانية، وسيكون العمل على استيعاب الضربات الحالية واتخاذ تدابير سريعة تقلّل من هامش الخطأ، وتقلّص من إمكانية اغتيال المزيد من أعضاء الصف القيادي في الحزب.
سيسعى “حزب الله” من خلال هذا السيناريو إلى إدامة اشتباكه الإسنادي وسياسة التنقيط بالنيران، ويحافظ على ملامح موقفه الاستراتيجي الذي خطّه الأمين العام السابق حسن نصر الله، وسيحظى بنافذة لترتيب صفّه القيادي، وترميم منظومة القيادة والسيطرة، ما سيسمح بوضع استراتيجية مواجهة فعّالة، بعد حصر حجم الأضرار في القدرات المادية، وتجاوز الضربات في الصفوف القيادية وسدّ الشواغر، ما سيسمح له بالذهاب إلى خيارات تصعيد أو تهدئة وفق قراءة واقعية لمعطيات الميدان، والمشهد السياسي الإقليمي والدولي.
تكمن مواطن الضعف في هذا السيناريو في ضعف القدرة على وقف النزيف القيادي، ومع صعوبة اختيار الحزب لأمين عام جديد يحظى بالشرعية اللازمة، فإنه أيضًا سيخاطر بأن يكون أمينه العام الجديد وصفّه القيادي القادم تحت طائلة الاغتيال مرة أخرى، في ضوء الإطباق الإسرائيلي على مقدرات الحزب التأمينية وشبكة الاتصال الداخلي، ما سيمنح الاحتلال نقاط تفوق إضافية، وسيخلق تضعضعًا أكبر في بنية الحزب وصفوفه.
أما مواطن القوة في هذا السيناريو، أن الحزب لن يتراجع عن موقفه الاستراتيجي بإسناد المقاومة في قطاع غزة، ولن يقدم تنازلات جوهرية للاحتلال، وفي الوقت ذاته لن يتعجل إلى توسيع المواجهة، ما سيسمح له بهامش ضيّق يمكن عبره ترتيب منظومة القيادة، ولربما تحديد جزء من مواضع الخلل الأمني واتخاذ تدابير أولية تقلص من النزيف المستمر في مقدراته، وهو ما سيمنحه فرصة لوضع استراتيجية مواجهة ارتكازًا لتقييم واقعي للقدرات والموارد.
الضغط على حلفائه لتقديم مساهمات أكثر تأثيرًا تخفف من حجم الهجمة الإسرائيلية
ووفقًا لهذا السيناريو سيسعى “حزب الله” إلى تفعيل أوراق نفوذه على بقية مكونات “محور المقاومة” في المنطقة، بما فيها الضغط على الحليف الرئيسي في الجمهورية الإسلامية في إيران، لتفعيل أدوات اشتباك أوسع وأكبر تأثيرًا تسهم في تشتيت الجهد الإسرائيلي وترفع تكلفة استمرار الحرب بهذه الوتيرة، ما سيسهم في تخفيف جزئي للضغط الميداني على “حزب الله” ويؤمن له مساحة للتحرك والمناورة.
مواطن القوة لهذا السيناريو أن حلفاء الحزب يرون في الحزب جوهرة التاج في محور المقاومة، والمكوّن الأكثر تأثيرًا واستراتيجية، وبالتالي فإن المخاطرة بتركه يخوض غمار معركة بهذا الحجم سيكون مخاطرة بالمستقبل الاستراتيجي لكل مشروع “محور المقاومة” في الشرق الأوسط وتأثيره، وسيجعله يتساقط كأحجار الدومينو، وستزداد شهية الإجرام والعدوان لدى الاحتلال الإسرائيلي والولايات المتخذة لاتخاذ تدابير شاملة في الشرق الأوسط، تكسر عبرها كل أذرع “المحور” وأدوات المواجهة الإيرانية للهيمنة الأمريكية.
وبالتالي إن الانخراط الواسع من هذه المكونات في المواجهة سترتكز إلى عوامل متعددة، جزء منها مرتبط بالالتزام الأدبي والأخلاقي والمبدئي تجاه الحزب اللبناني، وجزء آخر مرتبط بالحاجة الحيوية لهذه القوى للحفاظ على قوة مكونات المحور ونجاعة استراتيجياته ضمانًا لمستقبلها وحضورها في المنطقة.
مواطن الضعف في هذا السيناريو أن لكل مكون من مكونات “محور المقاومة” العديد من حسابات الربح والخسارة، وفي جوهرها الحسابات الإيرانية الداخلية، التي ستجعل من الانخراط الإيراني المباشر خيارًا مستبعدًا بدرجة كبيرة في المنظور القريب على الأقل، خصوصًا قبيل الانتخابات الأمريكية القادمة، والتي تنتظرها القيادة الإيرانية بترقُّب، تنتظر فيها عودة للحزب الديمقراطي الأمريكي للبيت الأبيض، وتعمل على الامتناع عن توفير أية مادة تساهم في عودة وصول دونالد ترامب إلى المكتب البيضوي.
المصدر: نون بوست