2024-09-23 11:25 م

ما تريد إسرائيل تحقيقه من خلال عدوانها على لبنان؟

2024-09-23

يحاول الاحتلال الإسرائيلي من وراء تصعيده العسكري على لبنان، والذي يخلّف وراءه المجازر، دفع حزب الله إلى الموافقة على سحب قواته إلى شمالي نهر الليطاني، كما يدّعي، عبر شنّ هجمات قوية وممارسة حرب نفسية ومعركة على الوعي مستخدماً ضمن أوراقه سكان الجنوب اللبناني، والضغط على الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، من أجل الفصل بين الجبهة الشمالية (الحدود اللبنانية الجنوبية) والجبهة الجنوبية (قطاع غزة). هذا على الرغم من أن التوتر بين الاحتلال الإسرائيلي وحزب الله كان قد بدأ فعلياً قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أي أنه سبق عملية "طوفان الأقصى" التي نفذتها حركة حماس، إذ كانت الحدود قد بدأت تسخن على خلفية قضية خيام حزب الله عند الحدود اللبنانية الجنوبية. كما تدّعي إسرائيل أنها تطالب بتطبيق القرار الأممي 1701 الذي تبناه مجلس الأمن الدولي عام 2006، وأن هذا قد يدفع نحو حلحلة التصعيد على جبهة لبنان.

يستغل الاحتلال الفرصة السانحة أمامه لتوجيه أكبر قدر من الضربات لحزب الله، ولكن للبنان ومواطنيه أيضاً، تحت ذريعة تغيير الوضع في الشمال، وهو ما عاد وأكد عليه اليوم رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، خلال زيارته مقر سلاح الجو وإجراء تقييم أمني، بمشاركة وزير الأمن يوآف غالانت ورئيس هيئة الأركان هرتسي هليفي ومسؤولين آخرين، قائلاً "لقد وعدت بأننا سنغير ميزان القوى في الشمال، وهذا بالضبط ما نفعله".

وادعى نتنياهو: "لأولئك الذين لم يفهموا بعد، أريد أن أوضح سياسة إسرائيل، نحن لا ننتظر التهديد، بل نستبقه. في كل مكان وفي كل جبهة وفي أي وقت. نحن نقضي على مسؤولين كبار، ونقضي على إرهابيين، ونقضي على الصواريخ ومستمرون في ذلك. من يحاول المساس بنا نؤذيه أكثر. لقد وعدت بأننا سنغيّر التوازن الأمني، ميزان القوى في الشمال، وهذا بالضبط ما نفعله. نحن ندمّر آلاف الصواريخ والقذائف الموجّهة نحو المدن الإسرائيلية والمواطنين الإسرائيليين". وفي محاولة منه لحشد جبهته الداخلية، قال نتنياهو إن الأيام المقبلة هي أيام صعبة ومعقدة.

في سياق متصل، ذكر موقع "واينت" العبري، اليوم الاثنين، أنه في ظل اتساع رقعة الحرب الإسرائيلية على لبنان وكذلك التصعيد من قبل حزب الله، الذي وسّع نطاق دائرة القصف، تُسمع في إسرائيل ولبنان في الأيام الأخيرة، رسائل تدعم تطبيق القرار 1701 لمنع حرب أكبر من الحاصلة. ولفت الموقع إلى أن وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، طالب بذلك وبالمقابل نظيره اللبناني عبد الله بوحبيب. وهدد كاتس مؤخراً، في حديث مع عشرات وزراء الخارجية حول العالم، "إذا لم يسحب العالم حزب الله إلى شمالي الليطاني بموجب القرار 1701، فإن إسرائيل ستفعل ذلك". وادعى مسؤولون إسرائيليون كبار في الآونة الأخيرة، أن جيش الاحتلال الإسرائيلي ينجح في إبقاء حزب الله بعيداً عن الحدود، من خلال العمليات العسكرية، بهدف الضغط عليه لقبول تسوية.

استخدام ورقة المدنيين في لبنان
"إذا كنت موجوداً في مبنى به سلاح لحزب الله ابتعد عن القرية حتى إشعار آخر"، كانت هذه واحدة من الرسائل التي وجهها الاحتلال الإسرائيلي اليوم للبنانيين عدا عن المكالمات الهاتفية وذلك لدفعهم للنزوح من الجنوب. ومع ذلك لم يسلم المدنيون من القصف الإسرائيلي كما يواصل جيش الاحتلال توسيع قصفه لعدة مواقع في لبنان ويتوعد بالمزيد. وتدخل الرسائل للبنانيين في إطار الحرب النفسية، وكذلك ليستبق جيش الاحتلال قصفه للمدنيين بأنه "وجه تحذيرات لهم"، ما قد يخدمه أيضاً في حال الدعاوى الدولية. المحلل العسكري في إذاعة جيش الاحتلال أمير بار شالوم، اعتبر أن "هذه الحرب النفسية والمعركة على الوعي لا تقل أهمية عن الضربات العسكرية".

الضغط على السنوار
أما اللواء في الاحتياط يسرائيل زيف، فاعتبر في مقال في موقع القناة 12 العبرية اليوم، أن الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله لديه نقطة خروج يمكن أن تخدمه، وأن الضربات التي وجهها إليه جيش الاحتلال الإسرائيلي تُفكك جزءاً من قدرات حزب الله. وكتب "نصر الله بخلاف (يحيى) السنوار (رئيس المكتب السياسي لحركة حماس) لديه تفكير منطقي ورؤية استراتيجية وقادر على اتخاذ القرارات وعلى الرغم من الضربات التي تلقاها، لا تزال لديه فرصة لإنقاذ جزء من تنظيمه وإعادة تأهيله ولو جزئياً".

وتابع "هذا يمكن أن يحصل في حال قام بالخطوة الوحيدة المطلوبة" الضغط على السنوار بدلاً من مقارعة إسرائيل بالصواريخ، إذ "يمكنه التمسك بالسردية التي حددها، وهي أن مشاركته في الحرب هنا هي من أجل التضامن مع حماس في غزة...". وأردف "عليه حث السنوار لكي يوافق فوراً على صفقة مع إسرائيل، بحيث أنه يوجد حدود للثمن الذي يمكن أن يدفعه حزب الله من أجل حماس. وفي حال لم يوافق السنوار على ذلك، يخرج نصر الله ويعلن أنه فعل ما يكفي من أجل حرب ليست له، والدخول في مفاوضات حول القرار 1701، على أمل أن تقبل إسرائيل بذلك أيضاً".

ويرى زيف أن التسوية أفضل لمصلحة إسرائيل أيضاً، من استمرار الضربات المتبادلة، "فصحيح أن حزب الله يتلقّى ضربات أكبر، ولكن في نهاية المطاف هذا مكلف أكثر للدولة والاقتصاد المتقدّم، من منظمة في دولة فاشلة"، على حد تعبيره. أما توجه إسرائيل إلى مناورة برية بعد حرب طويلة في غزة، فهذا خيار ليس مفضلاً من كل النواحي، برأيه.

الحل يبدأ من غزة
عضو الكنيست السابق والباحث في معهد الأمن القومي، عوفر شيلح، اعتبر أن من يبني على الفعل العسكري وحده لحسم الأمور في لبنان فهو مخطئ. أما الخيار الآخر برأيه، فيدمج بين توجيه ضربات عسكرية في لبنان، ومسار سياسي يبدأ من غزة بالأساس. وأشار إلى أن "حرب لبنان الثانية بدأت بشكل جيد بالنسبة لإسرائيل، ولكن بدأت الأمور تتدهور لاحقاً". واعتبر أن الحرب المتواصلة تستنزف الشرعية الدولية والاقتصاد الإسرائيلي، وأن الهدف الاستراتيجي، يجب أن يكون محوراً موازياً للمحور الإيراني، مضيفاً أن مواصلة الاستنزاف هو لعب في ملعب أعداء إسرائيل.

أما بخصوص إقامة منطقة عازلة داخل لبنان، فاعتبر أنّ "من يتحدثون اليوم عن منطقة عازلة لا يفهمون ماذا يقولون، لأن الوضع يختلف عما كان سابقاً في حرب لبنان، حين كانت المنطقة العازلة تدار من قبل جيش لبنان الجنوبي (قوات لحد الموالية لإسرائيل)، ولم يكن ذلك أمام حزب الله الذي يحاول دخول إسرائيل". ويرى أنه من أجل السيطرة على منطقة عازلة حقيقية، ربما يحتاج جيش الاحتلال إلى ثماني فرق عسكرية في جنوبي لبنان، مضيفاً أن هذا "إما يعبّر عن مقولة سياسية أو غير مهنية، لأن من يقولها لا يعرف ماذا يقول".


المصدر: العربي الجديد