2024-09-17 06:50 م

ماذا سيجري لغزة في شهر ديسمبر المقبل؟

2024-09-09

بعد أن أفشل رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، بشكل متمعد كل التحركات والمبادرات التي طُرحت لوقف إطلاق النار في قطاع غزة والتوصل لاتفاق مع حركة “حماس” على تبادل الأسرى والتهدئة، بدأ الإعلام العبري يروج للمخطط الكبير الذي طُبخ على نار هادئة منذ أشهر طويلة.
ورغم تكتم نتنياهو طوال الشهور الماضية عن نشر تفاصيل هذا المخطط، إلا أن الإعلام العبري وهفوات بعد المسؤولين الإسرائيليين المتطرفين فضحته وسربت ما يُحاك للقطاع وسكانه بداية من شهر ديسمبر المقبل، وهو الموعد الذي قد يكون تاريخًا فاصلا قد يتسبب بقلب المنطقة بأكملها.
“إعادة الحكم العسكري لقطاع غزة”، كان هذا هو المخطط الكبير الذي يحلم نتنياهو بتنفيذه، ويبدو أن موعد تحقيق هذا الحلم قد اقترب في ظل معطيات ودلائل على الأرض تؤكد أن هذه المرحلة اقتربت فعليًا، خاصة بعد تسريبات الإعلام الأيام الماضية والترويج لبقاء الجيش وتعيين مسؤول عسكري لإدارة شؤون القطاع المدنية، وتصريح وزير المالية الإسرائيلي الذي حسم الجدل بشكل نهائي.
وأعلن وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، وجود خطط منظمة -اعتبارا من كانون الأول/ ديسمبر المقبل- لتطبيق السيطرة الإسرائيلية على المساعدات الإنسانية إلى غزة، والتجهيز لإدارة القطاع بشكل كامل.
تفاصيل المخطط الكبير
وأوضح أن المستوى السياسي يريد تحمل مسؤولية المساعدات الإنسانية بغزة لكن الجيش يرفض ذلك، مشددا على أن سيطرة إسرائيل على المساعدات الإنسانية مفتاح النجاح المدني بغزة، لولا معارضة رئيس الأركان هرتسي هاليفي، وفق تصريح سموتريتش.
ويعد تصريح وزير المالية الإسرائيلي، هو الأخطر والأقرب للحقيقة لما يُحاك لغزة، في ظل تعهد نتنياهو بعد الخروج من القطاع وإحكام السيطرة على مفاصله، ورفضه القاطع لعودة السلطة الفلسطينية أو حركة “حماس” للسيطرة على القطاع مجددًا.
وتطبيقاً لرؤية نتنياهو حول اليوم التالي للحرب استحدث رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هيرتسي هليفي منصباً جديداً يحمل اسم “رئيس الجهود الإنسانية المدنية في غزة”، وعين العميد إلعاد غورين في المنصب، وبسرعة اعتمد وزير الدفاع يوآف غالانت القرار الذي حظي بموافقة نتنياهو.
ويعيد استحداث منصب جديد في الجيش الإسرائيلي تحت عنوان “رئيس الجهود الإنسانية المدنية في غزة” خلط الأوراق، إذ يحمل المسمى الوظيفي هذا مهمات مدنية ويعد خطوة لتأسيس إدارة مدنية في القطاع بدلاً من السلطات الفلسطينية سواء كانت حكومة “حماس” أو السلطة الفلسطينية.
لكن وجود غورين وإدارته الجديدة ضمن هيكليات الجيش الإسرائيلي يوحي بأن هذا الضابط هو الحاكم العسكري لغزة، وفي وسائل الإعلام الإسرائيلية وصف بأنه “قائد غزة” الجديد، وله مهمات عسكرية ومدنية في الوقت نفسه.
وذكرت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية (كان) أن إلعاد غورين سيتولى إدارة الجوانب الإنسانية وتنسيق القضايا المدنية، بما في ذلك متابعة عودة النازحين ومشاريع إعادة البناء في قطاع غزة، أي أنه سوف يقوم بمهمة قائد عسكري ومدير مدني.
وأثار نتنياهو الكثير من التساؤلات بشأن ما إذا كان يجهز لاحتلال قطاع غزة مجددا ولعودة الحكم العسكري فيه بعد الانسحاب منه عام 2005، ومن الإجراءات التي أثارت التساؤلات، تمسك نتنياهو ببقاء الجيش الإسرائيلي في محور فيلادلفيا على الحدود مع مصر، وإيعازه للجيش بالاستعداد لتوزيع المساعدات الإنسانية الدولية على الفلسطينيين في قطاع غزة.
ومنذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، تتولى منظمات أممية ودولية مهمة توزيع المساعدات الإنسانية في ظل تفشي المجاعة لاسيما في الشمال، جراء الحرب والحصار الإسرائيلي.
وفي الأشهر الأولى من الحرب، أعلن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن مرارا أن إسرائيل لن تعيد احتلالها لقطاع غزة ولن تعيد الاستيطان إليه، ولن تقتطع أي جزء منه ولن تعيد فرض الحصار عليه.
قلب الأوراق
لكن تلك التصريحات اصطدمت مع امتناع نتنياهو عن طرح خطة لليوم التالي للحرب، وإصراره على بقاء الجيش في محور فيلادلفيا، ثم إيعازه للجيش بالاستعداد لتوزيع المساعدات الإنسانية، ما يعني فعليا بقاءه في غزة.
بدوره، قال موقع “واينت” العبري، إن نتنياهو أصدر تعليماته لمؤسسة الدفاع بالاستعداد لتوزيع المساعدات الإنسانية في غزة، بدلاً من المنظمات الدولية على الأرض”، وبشأن رد الجيش، قال الموقع إن “الجيش الإسرائيلي أبدى مخاوفه بشأن الفكرة، التي تهدف إلى كبح الضغوط الدولية ضد إسرائيل”.
وتابع الموقع الإخباري: “في الأشهر الأخيرة، درس مكتب رئيس الوزراء سلسلة من الخيارات لتحسين الوضع الإنساني في غزة، وكان أحد الحلول الممكنة تعيين جنرال يتولى مسؤولية القضية الإنسانية في غزة لتوزيع المساعدات الإنسانية”.
وبشأن تحديات تلك الخطوة، أشار الموقع إلى أن “تعيين جنرال في الجيش الإسرائيلي للإشراف على توزيع المساعدات الإنسانية في غزة يعني أن مسؤولية إسرائيل في قطاع غزة سوف تستمر، وربما تتوسع على مدى السنوات القليلة المقبلة”.
وسبق أن قالت القناة 12 الإسرائيلية، إن قرار نتنياهو هذا، وإصراره على وجود عسكري إسرائيلي على طريق فيلادلفيا “من الممكن أن يؤدي إلى الخطة الحقيقية لإسرائيل في غزة، وهي عودة الحكم العسكري”، وأوضحت القناة أنه “في المناقشات الأخيرة، عارض رئيس أركان الجيش هرتسي هاليفي توزيع الجنود المساعدات، مدعيا أنه يعرض قواتنا للخطر دون داع، وبالتالي يجب على الجيش عدم المشاركة في المساعدات، ولهذا الغرض هناك منظمات دولية”.
وسبق أن أعلن نتنياهو في أكثر من مناسبة، رفضه عودة السلطة الفلسطينية لحكم غزة، أو بقاء حماس، قائلا: “لا حماستان ولا فتحستان”.
ورفضت الفصائل الفلسطينية بصورة قاطعة أي وجود إسرائيلي في غزة وتعهدت بالتصدي لهذه الخطوة، ويقول المتحدث باسم “حركة فتح” حسين حمايل إن “الهدف من الإدارة المدنية الإسرائيلية في غزة استدامة الحرب واحتلال دائم للقطاع، ولكن هذا لن يحدث وستذهب السلطة الفلسطينية للقطاع وتديره”.
أما رئيس مكتب العلاقات الوطنية في “حماس” حسام بدران فيقول إن “موقفنا من موضوع اليوم التالي للحرب ثابت، ونرفض أية قوة خارجية، وترتيب الوضع الفلسطيني في غزة والضفة شأن فلسطيني مبني على التوافق الوطني”.
وفي هذا الصدد تقول أستاذة العلوم السياسية أماني القرم إن “هذه الخطوة تشير إلى استعداد إسرائيل لاحتلال طويل الأمد في القطاع، ومحاولة تطبيق رؤية استراتيجية واضحة لدى الحكومة الإسرائيلية لما يعرف باليوم التالي لما بعد الحرب في غزة”.
وتضيف، “اختيار منسق للإدارة المدنية في غزة من الجيش الإسرائيلي يعني أن إدراك الجيش أن المسؤولية الإسرائيلية عن الجوانب الحياتية اليومية في غزة ستتواصل، بل ستزداد خلال الأعوام المقبلة وسيبقى نحو مليوني فلسطيني تحت مسؤولية تل أبيب”.
وتوضح القرم أن اختيار مسمى “رئيس الجهود الإنسانية المدنية في غزة” اختاره الجيش بعناية فائقة، مما يعني أن إسرائيل تحاول منح قواتها شرعية دولية لمواصلة الحرب تحت ذريعة التعامل مع الأزمات الإنسانية.
كما قالت الكاتبة نوعا لنداو في مقال نشرته صحيفة “هآرتس” العبرية، إن “حكومة نتنياهو تريد ليس فقط إبقاء التواجد العسكري الإسرائيلي فيها، بل أيضا فرض الحكم العسكري”، ورأت أن “هذا يتبين ضمن أمور أخرى من التسريبات والتقارير، التي تفيد بأن تل أبيب تنوي السيطرة في القريب على توزيع المساعدات الإنسانية بالقطاع”.
وأمام هذا التطور..
هل انتهى فعليًا حكم حماس لغزة؟ وكيف سيطبق نتنياهو الحكم العسكري في ظل المقاومة؟ وما  موقف مصر من هذا المخطط؟

المصدر: رأي اليوم