2024-12-03 07:09 م

مفاوضات غزة: هل يربطها نتنياهو بالانتخابات الأميركية؟

2024-09-09

تسيطر حالة من الغموض على مسار مفاوضات غزة المتعلقة بإبرام صفقة تبادل بين حركة حماس والحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو، رغم محاولات الوسطاء تقريب وجهات النظر التي تبدو أبعد من أي وقت مضى. ورغم التوقعات السابقة بإمكانية الوصول إلى صفقة، على غرار الصفقة الإنسانية التي استمرت نحو أسبوع (في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي)، وأفرج في مقابلها عن عشرات الأسرى الفلسطينيين، مقابل عدد من الأسرى الإسرائيليين، إلا أن هذا السيناريو لم يتكرر حتى الآن.

وعلى مدار شهور الحرب الطويلة، فشلت كل محاولات الوسطاء الأميركيين والقطريين والمصريين في الوصول إلى اتفاق يضع حداً للحرب الإسرائيلية ويسهم في الوصول إلى صفقة تبادل حقيقية. ومع انسحاب الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن من سباق الانتخابات الرئاسية ودعمه نائبته كامالا هاريس أمام غريمه السابق دونالد ترامب، فإن مفاوضات غزة أخذت طابعاً جديداً، وفق قراءة محللين وخبراء فلسطينيين. وسبق أن أفشل نتنياهو عدة أوراق طرحها الوسطاء، كان من أبرزها مقترح مايو/أيار الماضي ومقترح يوليو/تموز الماضي الذي تمسكت به حركة حماس ورأت فيه الحل لإنهاء الحرب وتحقيق شروطها. في المقابل، فإن انسحاب بايدن أربك المشهد على صعيد مفاوضات غزة؛ إذ باتت الإدارة الأميركية الحالية ضعيفة ولا تمتلك أدوات ضغط حقيقية، لا سيما مع العلاقة القوية التي تربط ترامب بنتنياهو.

علاوة على ذلك، فإن تقدير الفصائل الفلسطينية أن نتنياهو يسعى إلى منع أي اتفاق قبل وصول الرئيس الأميركي الجديد أملاً في وصول ترامب لسدة الحكم من جديد، بالإضافة إلى رغبته في عدم تعزيز موقف هاريس في سباق الانتخابات. إلى جانب ذلك كله، يدرك نتنياهو أن الوصول إلى صفقة خلال الفترة الراهنة يعني فتح لجان تحقيق فيما حدث يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، عدا عن فتح تحقيق في الاتهامات الجنائية الموجهة له خلال الفترة التي سبقت عملية طوفان الأقصى.

ولم تحضر حركة حماس جولة مفاوضات غزة الأخيرة، التي عقدت في العاصمة القطرية الدوحة في 15 أغسطس/آب الماضي، واكتفت بالحصول على مخرجات الجولة التي حملت تغييرات جوهرية أدخلها نتنياهو على مطالبه. في المقابل، فإن الإدارة الأميركية الحالية، وبعد حالة الفشل الذريع التي مُنيت بها على مدار شهور طويلة، كانت تستعد لإطلاق ورقة جديدة للتفاوض حولها، قبل أن تقرر تأجيلها في ظل التقديرات بصعوبة الوصول إلى اتفاق. وأعلن رئيس الوفد التفاوضي لحركة حماس خليل الحية أخيراً موقف حركته بشكل واضح من مفاوضات غزة، حيث حمل الموقف تشديداً على عدم الحاجة إلى أوراق جديدة وضرورة الضغط على الطرف الإسرائيلي لتنفيذ مقترح بايدن الأول وورقة 2 يوليو.

مفاوضات غزة فاشلة منذ البداية
واعتبر رئيس مركز مسارات للأبحاث والدراسات الاستراتيجية، هاني المصري، أن مفاوضات غزة فاشلة منذ البداية، وأن هدف نتنياهو واضح ويتمثل في استمرار الحرب على القطاع وفصائل المقاومة الفلسطينية. وقال المصري، لـ"العربي الجديد"، إن نتنياهو يرى في مفاوضات غزة والوصول إلى اتفاق تعزيزاً لموقف الفصائل الفلسطينية ومنحها صورة نصر، من خلال عملية التبادل التي ستتم خلال أي صفقة يتم الوصول إليها. وأشار إلى أن أحد أهداف نتنياهو هو البقاء في المشهد السياسي وعدم مغادرته، خلافاً لبعض التقديرات التي تقول إن ذلك ليس أحد الأهداف، بالإضافة إلى رغبته في إطالة أمد الحرب أطول فترة زمنية ممكنة.

وبحسب رئيس مركز مسارات، فإن نتنياهو يعوّل على إمكانية وصول ترامب إلى سدة الحكم من جديد، وهو ما من شأنه تعزيز موقف اليمين المتطرف الإسرائيلي وتنفيذ "صفقة القرن" التي سبق وأن أعلنها عام 2017. وأكد أن وصول ترامب يحمل اختلافاً عن وصول هاريس للحكم في الولايات المتحدة، حيث سيعزز الأول الموقف الإسرائيلي بضم مناطق "ب" في الضفة الغربية، فيما تُعتبر هاريس داعمة لما يعرف بحل الدولتين، حتى وإن لم تمتلك رؤية سياسية شاملة للملف الفلسطيني. ورأى أن الوصول إلى اتفاق غير ممكن في المرحلة الحالية أو على الأقل قبل الانتخابات الأميركية، إذ سيشكّل ذلك ضربة لكل الأهداف التي أعلنها نتنياهو، وشدد عليها طوال فترة الشهور الماضية.

نتنياهو يستغل ضعف الإدارة الديمقراطية
من جهته، قال الباحث والكاتب في الشأن السياسي، ساري عرابي، إن نوايا نتنياهو أن يستغل فترة الأشهر الأخيرة من حكم بايدن (ينتهي في 20 يناير/كانون الثاني 2025) وضعف الإدارة الديمقراطية وظروف الاستقطاب الانتخابي واضحة منذ فترة مبكرة. وأضاف عرابي، لـ"العربي الجديد"، أن نوايا نتنياهو كانت نوايا واضحة، منذ وقت مبكر، أنه لن يعقد صفقة مع حركة حماس قبل الانتخابات الأميركية المقبلة، إلا لو حصلت ظروف أو اعتبارات أو معطيات غيرت مجرى المسار. وأشار إلى أنه إذا كان نتنياهو معنيا باستمرار هذه الحرب فما الذي يمنعه أن يستغل ضعف الإدارة الأميركية الحالية، وفي الوقت نفسه أن ينتظر الفرص المتاحة بعد قدوم إدارة جديدة، سواء كانت جمهورية أو ديمقراطية.

وأكد الباحث والكاتب في الشأن السياسي أن نتنياهو يبحث عن الفرص التي تهيئ له استمرار هذه الحرب، لا سيما أن السنة الأخيرة من عمر الإدارة الأميركية هي سنة انتخابية، وهذا يجعلها أكثر ضعفاً على التأثير في الخيارات الإسرائيلية. وتوقع أن يبحث نتنياهو بعد قدوم الرئيس الأميركي الجديد مدى إمكانية جعل هذه الحرب مفتوحة، أو يرى الأنسب إنهاء هذه الحرب والذهاب نحو صفقة، وهو ما يعكس سياسة نتنياهو القائمة على استثمار الفرص. ولفت إلى أن نتنياهو يعمل على استمرار الحرب حتى تفتح الحرب نفسها فرصاً أفضل بالنسبة له وللاحتلال، لا سيما فيما يتعلق بقطاع غزة، وبالسؤال الذي لم يتم الإجابة عنه حتى اللحظة وهو "اليوم التالي في غزة"، معتبراً أنه لا وجود لمفاوضات إنما مقترحات يتفاوض الوسطاء والأميركيون مع الاحتلال عليها، وبالتالي لا توجد أي مفاوضات حقيقية منذ يوليو/تموز الماضي وحتى اللحظة.

المصدر: العربي الجديد