تنتشر في مدينة العريش بمحافظة شمال سيناء، شمال شرقي مصر، أماكن باتت معروفة للسكان، تُلقى فيها المساعدات الإنسانية التي كان من المفترض أن تصل إلى قطاع غزة خلال الأشهر الماضية، لكن تاريخ صلاحيتها انتهى، أو شارف على الانتهاء، في ظل عدم وجود موعد محدد لإعادة إدخال المساعدات إلى القطاع بسبب استمرار وجود جيش الاحتلال الإسرائيلي في محور فيلادلفيا ومعبر رفح البري.
وعلى أطراف مدينة العريش، وفي عدة أماكن مفتوحة من المدينة، يتزاحم المواطنون على أكوام المساعدات الإنسانية التي تلقي بها مؤسسات أهلية وحكومية، وجميعها مؤسسات مصرية تعمل منذ بداية الحرب على غزة في تنظيم تسلُّم المساعدات الواردة من دول العالم عبر مطار العريش، والتي كانت تُوضَع في مخازن تابعة لمحافظة شمال سيناء، ولجمعية الهلال الأحمر المصري.
يقول نور محمد، من مدينة العريش لـ"العربي الجديد"، إن "شاحنات كبيرة تأتي إلى المنطقة التي أقطن بها بين الفينة والأخرى لتفرغ حمولتها على جانب الطريق، وبعدها يبدأ الناس بأخذ كميات منها، ولا سيما التي لا تزال صالحة للاستخدام منها، أو لا توحي رائحتها وشكلها بانتهاء صلاحيتها. المساعدات الملقاة وصلت من عدة دول حول العالم، وبعضها مكتوب عليها أسماء دول مثل تركيا والسعودية وقطر ودول عربية وأوروبية أخرى، ويستخدم سكان العريش جزءاً منها، ويباع جزء آخر في الأسواق".
يضيف محمد: "يتكرر التزاحم في بعض مناطق العريش التي باتت معروفة بإلقاء المساعدات الإنسانية فيها، التي كان من المفترض أن تصل إلى أهالي غزة، لكن استمرار إغلاق المعبر، والكميات الكبيرة من المساعدات لم يتركا حيزاً في المخازن المتوافرة. كذلك تزدحم بعض شوارع العريش بالشاحنات المحمّلة بالمساعدات، حتى اشتكى المواطنون من تأثيرها بحركة السير، ما دفع سلطات المدينة إلى توجيه الشاحنات إلى خارجها باتجاه مناطق الظهير الصحراوي".
ويؤكد مسؤول في الهلال الأحمر المصري بمدينة العريش أن "كميات كبيرة من المساعدات الإنسانية التي وصلت إلى مصر عبر مطار العريش الدولي تمهيداً لنقلها إلى قطاع غزة فسدت، لأن جزءاً منها عبارة عن أدوية تحتاج إلى ظروف تخزين خاصة غير متوافرة، وجزء منها مواد غذائية معلبة، ومضاف إليها مواد حافظة لها تاريخ صلاحية، وأعدت كي تصل إلى غزة في غضون وقت قصير قبل إغلاق معبر رفح البري".
وبيّن المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن "كميات كبيرة من المساعدات موجودة في المخازن التي لم تعد تتسع لمساعدات جديدة، وبالتالي تبقى المساعدات المحمّلة على الشاحنات في مكانها، وتستمر الشاحنات بالوقوف في الطرقات، سواء في منطقة معبر رفح، أو على الطريق الدولي بمدينة العريش، وجميع هذه المواد المحمّلة على الشاحنات فسدت بسبب تعرّضها لأشعة الشمس على مدار الأشهر الأربعة الماضية منذ إغلاق معبر رفح في شهر مايو/أيار الماضي".
وأشار إلى أن "هناك جزءاً من هذه المساعدات أتلفتها شركات الشحن، في ظل رغبتها في مغادرة المنطقة، فألقت الشاحنات المساعدات في عدة مناطق داخل محافظة شمال سيناء قبل مغادرتها، ما أوجد أكواماً من المساعدات في شوارع العريش وبعض المناطق الأخرى".
من جهته، كشف مصدر في مجلس مدينة العريش لـ"العربي الجديد"، أنهم اضطروا إلى دفع الشاحنات المحمّلة بالمساعدات لمغادرة حرم مدينة العريش، والتوجه إلى الظهير الصحراوي والطريق الدولي إلى حين إدخالها إلى قطاع غزة، وإجبار السائقين على مغادرة المناطق السكنية بعد شكاوى المواطنين المتكررة من سلوكيات بعض السائقين، وكذلك الزحام الذي تتسبب به هذه الشاحنات، وإغلاقها بعض الطرق، أو شغلها مواقف السيارات التي كان يستخدمها المواطنون.
وأوضح المصدر أن "هناك حالة من الرقابة على مخازن المساعدات الإنسانية المتوجهة إلى غزة، ويجري إتلاف كل ما انتهت صلاحيته، أو بات غير صالح للاستخدام الآدمي، وذلك بمتابعة من الجهات المختصة العاملة في مدينة العريش، وقد يكون حصل بعض الخلل في عملية الإتلاف، ما أدى إلى إلقاء بعض هذه المساعدات في مناطق سكنية، وبالتالي أخذ المواطنون كميات منها لاستخدامها، أو لبيعها في الأسواق بعيداً عن الرقابة الحكومية".
ويبعد معبر رفح البري نحو 45 كيلومتراً من مطار العريش الدولي، والذي استقبل كميات كبيرة من المساعدات الإنسانية المخصصة لقطاع غزة منذ بداية العدوان الإسرائيلي، لكن الكثير منها لم يتم إدخاله إلى القطاع.
المصدر: العربي الجديد