2024-11-22 11:05 م

هذه دلالات قرار الاحتلال باعتبار الضفة الغربية "ساحة قتال"

2024-09-02

يكشف قرار المؤسسة الأمنية للاحتلال الإسرائيلي، أمس الاثنين، أن الضفة الغربية لم تعد "ساحة ثانوية" بل "ساحة قتال" مباشرة بعد قطاع غزة، وهو أول تصريح من نوعه حول الضفة الغربية منذ بدء حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة قبل أحد عشر شهراً، المخاطر التي ستواجه الضفة الغربية في المرحلة المقبلة.

استراتيجية الاحتلال الإسرائيلي التي تُدعى "جز العشب"؛ أي اغتيال المقاومين كخيار أول أو اعتقالهم كخيار ثانٍ بشكل دائم ويومي حتى لا تكبر المقاومة وتقوى أكثر، هي الاستراتيجية الإسرائيلية المتبعة منذ سنوات طويلة في الضفة، وزادت حدتها عبر عمليات عسكرية مركزة منذ معركة "سيف القدس" صيف 2021، حيث تشكلت علناً مجموعات المقاومة المسلحة، وتصاعدت الأمور أكثر بعد السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، لعمليات أكثر وحشية بمساعدة سلاح الجو الإسرائيلي.

وجاء في تقرير للقناة السابعة الإسرائيلية، اليوم الثلاثاء: "منذ بداية الحرب تم تعريف منطقة الضفة أنها (ساحة ثانوية) وهي ساحة تحتاج صيانة متكررة، لكن الهجمات الأخيرة أثبتت للمسؤولين أن هذا لم يعد ممكناً، والآن الجهاز الأمني يقرر تغييراً كبيراً في سياسته وتحديد منطقة الضفة الغربية على أنها (ساحة قتال) مباشرة بعد غزة، العملية في جنين ليست نهاية القصة".

خبراء: القرار ترجمة فعلية لضم الضفة الغربية
ويرى كتاب ومحللون سياسيون خبراء في الشأن الإسرائيلي في حديثهم مع "العربي الجديد" أن قرار جيش الاحتلال بتحويل الضفة الغربية إلى "ساحة قتال" مباشرة هو ترجمة فعلية لضمها، وتهميش السلطة الفلسطينية وإضعافها، والأهم أن إسرائيل فشلت في تحييد أو إبعاد الضفة الغربية عن المعركة في قطاع غزة.

وحول ما يعنيه هذا القرار، يقول الكاتب والمحلل السياسي عادل شديد لـ"العربي الجديد": "إن المعنى الحقيقي لهذا القرار أن المشروع الإسرائيلي لفصل الضفة الغربية عن قطاع غزة والاستفراد الأمني والسياسي في غزة فشل، وبالتالي الواقع الجديد يتطلب نقل القوات الإسرائيلية إلى الضفة الغربية، وما إلى ذلك من تداعيات على مجمل الحالة في المنطقة من عمليات وخسائر إسرائيلية، وإضعاف مكانة السلطة أكثر وأكثر".

وأضاف شديد: "لكن الأهم يعني إفشال الرواية الإسرائيلية بأن الحرب على قطاع غزة تستهدف حركة حماس والمقاومة، والحقيقة أنها تستهدف الكل الفلسطيني"، معقباً: "طبعاً الإجراءات التي اتُّخذت إسرائيلياً منذ اليوم الأول في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي في الضفة الغربية كانت تهدف إلى نزع كل فتيل للمقاومة في الضفة حتى لا تتطور الأمور، لكن إسرائيل فشلت، وهي مضطرة اليوم للقتال على ثلاث جبهات رئيسية: قطاع غزة، والضفة الغربية، والجبهة الشمالية ضد حزب الله بشكل أساسي، وهذا يثقل على الجيش".

ويرى شديد أنه "في لحظة ما الخطاب الإسرائيلي كان موجهاً بأن القضاء على حركة حماس يخدم الفلسطينيين ويخدم السلطة وحركة فتح، على قاعدة أن مشروع حماس ضد المصلحة الوطنية، وهو مشروع إيراني وليس القصد منه إفشال المشروع الإسرائيلي، الآن دخول الضفة على خط المقاومة بهذا الشكل الكبير يؤكد أنه لا فرق بين الضفة وغزة، وأن استهداف غزة يجب أن يواجه في الضفة، وممنوع على الإسرائيلي أن يستفرد بقطاع غزة، وأن الأمن الفلسطيني مرتبط بالأمن الإسرائيلي، سواء في الضفة أو قطاع غزة".

ومنذ بدء اجتياح الضفة الغربية، وتحديداً في شمال الضفة، في الـ28 من شهر أغسطس/ آب الماضي، سجلت وزارة الصحة الفلسطينية 33 شهيداً ونحو 130 إصابة، ما يرفع حصيلة الشهداء في محافظات الضفة إلى 682 شهيداً، ونحو 5700 جريح. وبحسب توزيع الشهداء، فإن من بينهم 19 شهيداً في محافظة جنين، و4 شهداء في محافظة طوباس، 5 شهداء في محافظة طولكرم، 3 شهداء في محافظة الخليل، بينما كان من بين مجموع الشهداء 7 شهداء من الأطفال، وشهيدان من المسنين.

أما الخبير في الشؤون الإسرائيلية عزام أبو العدس فيقول لـ"العربي الجديد": إن "القرار الإسرائيلي يعني أن إسرائيل بدأت بضم الضفة الغربية بشكل فعلي، إذا كنا نذكر كلام الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بضم الضفة الغربية، أي السيطرة على الأرض وترك السكان، وبالتالي الضفة الغربية ستخضع للأحكام العسكرية لجيش الاحتلال الإسرائيلي، وإسرائيل تسير في مخطط لإفقار الضفة الغربية من الناحية الاقتصادية وشل المجتمع الفلسطيني وتفتيت المدن الفلسطينية والاستفراد بكل مدينة، وهذا سيتزامن مع إطلاق يد المستوطنين في الضفة الغربية".

وتابع أبو العدس أن "إطلاق يد المستوطنين يعني أن تصبح الضفة الغربية ساحة عمل للمستوطنين ونقطة سيطرتهم، وبالتالي هذا يصب في إصلاح ما تزعم إسرائيل أنه (خطأ استراتيجي)، وهو ما يقوله اليمين الإسرائيلي منذ عام 2015 بشكل علني بأن هناك خطأ ارتكب سنة 1948 وهو ترك جزء من الفلسطينيين في الضفة الغربية وعدم تهجيرهم، والآن يجب تسوية هذه المشكلة بالنسبة لهم وبأسرع وقت ممكن".

وحول تداعيات هذا القرار الإسرائيلي، يوضح أبو العدس "أولاً سنشهد محاولات لاستئصال المقاومة الفلسطينية، وثانياً إطلاق يد المستوطنين لتهجير الأهالي عبر العنف وجعل الريف الفلسطيني مكاناً غير آمن وبالتالي تهجير الناس باتجاه المدن". ويكمل أبو العدس: "أما الركن الثالث فهو تفكيك السلطة الفلسطينية، والأخيرة حتى الآن غير مدركة لحجم الكارثة الواقعة على الأرض، وحسب معرفتنا بطريقة تفكير صانعي القرار في السلطة فهم يظنون أن الأمور سوف تعود إلى السادس من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، ويعود كل شيء إلى ما كان عليه سابقا".

ويشير أبو العدس إلى أن "القيادة الفلسطينية حتى الآن لا تدرك أننا بتنا في مرحلة مختلفة كلياً وهي مرحلة حسم الصراع، وبالتالي إسرائيل لا تريد دولة فلسطينية والدليل أن الكنيسيت صوت بنسبة 97% على قانون يمنع إقامة دولة فلسطينية مهما كانت الأسباب، هذا يعني أن لا أفق لقيام دولة فلسطينية، وهدف مهم من سيطرة المستوطنين هو تفكيك السلطة والمجتمع الفلسطيني واستبدالها بكيانات خدماتية أخرى مثل العشائر ورجال الأعمال وأمراء الحروب وغيرهم من الكيانات الوظيفية".

ويقول أبو العدس: "السلطة الفلسطينية الآن تفقد أدوارها وتفقد السيطرة، أي نظام حكم يقوم على مسألتين: الجباية وتوفير الأمن، والسلطة اليوم عاجزة عن الاثنتين معا وتعصف بها أزمة اقتصادية بنيوية، فضلا عن أن السلطة تفقد جدواها بالنسبة للاحتلال كذراع أمني، حيث كانت تقوم بدور اعتقال المقاومين ومصادرة الأسلحة، أما الآن فالحالة خرجت عن السيطرة، وبالتالي عناصر السلطة الفلسطينية في حالة إحباط وعدم يقين وهناك تراخي في مواجهة المقاومة، وبعد كل هذا الإجرام في الضفة الغربية لا تستطيع السلطة اليوم أن تسوّق سرديتها حول الحل السياسي".


المصدر: العربي الجديد