بدأت حركة حماس وفصائل المقاومة الفلسطينية بتنفيذ تهديدها بإعادة اطلاق العمليات الاستشهادية في العمق الإسرائيلي، كرد على المجازر الإسرائيلية في قطاع غزة والحملة العسكرية على مدن ومخيمات الضفة الغربية، ولم تكن عملية تلك ابيب التي وقعت في 19 من اب أغسطس وتبنتها كلا من القسام وسرايا القدس سوى البداية كما قالت المقاومة الفلسطينية في بيان العملية، لتأتي عمليتا غوش عتصيون وكرمي تسور قرب الخليل، لتأكدا ان هذا النوع من المقاومة والذي توقف في نهاية تسعينيات القرن الماضي قد عاد مجددا.
تبدي المؤسسة الأمنية الإسرائيلية مخاوفها من مغبة عودة العمليات الاستشهادية إلى داخل إسرائيل، حيث أعلن جهاز الأمن العام الشاباك والشرطة عن رفع حالة التأهب القصوى في مركز البلاد.
وتجمع قراءات المحللين الإسرائيليين على أن فصائل المقاومة الفلسطينية، وفي ظل استمرار الحرب على قطاع غزة، تسعى إلى توحيد الساحات في القطاع والضفة الغربية، وتصعيد شامل في الضفة من خلال العودة إلى العمليات الاستشهادية والتفجيرية داخل المدن الإسرائيلية.
وحسب مصادر فلسطينية تحدثت اليها “راي اليوم” فان قرار العودة العمليات الاستشهادية تم اتخاذه من قبل الاجنحة العسكرية، وتم تبنيها من قبل القيادات السياسية للفصائل الفلسطينية في ضوء أولا حجم المجازر التي ارتكبتها إسرائيل بحق المدنيين الفلسطينيين في غزة، وكذلك حملة القتل والتدمير التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي في الضفة، وثانيا العودة لهذا الأسلوب من المقاومة الذي توقف منذ زمن، يعد ردا مباشرا على سياسية الاغتيالات التي قررت إسرائيل المضي بها ضد القادة الميدانيين والسياسيين لفصائل المقاومة داخل فلسطين وخارجها. وبالتالي اصبح لازما على الفصائل وضع معادلة جديدة امام الاحتلال وعلى العالم الصامت او الداعم لجرائم إسرائيل ان يدرك ان المقاومة لن تبق مكتوفة الايدي حيال تجاوز إسرائيل كل الخطوط الحمراء.
وكان وجّه وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس تهديدا مباشرا باغتيال رئيس حركة حماس في الخارج خالد مشعل عقب تصريحات مشعل الأخيرة التي أدلى بها من إسطنبول.
وجاء تهديد كاتس بعد تسجيل صوتي لمشعل هدد فيه بعودة العمليات التفجيرية ضد إسرائيل، وأثار به ردود فعل قوية من الجانب الإسرائيلي.
وفي تصريحه، أكد كاتس أن “إسرائيل ستضمن تحقيق أمنية الموت لخالد مشعل ورفاقه في القيادة في أقرب وقت ممكن”، مضيفا أن هذه المرة ستكون مختلفة وستتم “من دون قليل من التعديلات”.
ويأتي هذا التصعيد بعد أن أشاد مشعل -خلال كلمة ألقاها يوم الأربعاء الماضي في مؤتمر صحفي نظمته مؤسسة القدس الدولية في إسطنبول- بالعمليات الاستشهادية التي بدأت تظهر مجددا في الضفة الغربية، ودعا إلى تصعيد الصراع مع إسرائيل والانخراط في المقاومة على جميع الجبهات.
ودعا رئيس الحركة في الخارج إلى استئناف الحراك الجامعي والمظاهرات الطلابية ضد الدعم الأميركي والدولي لإسرائيل، وحثّ الشباب في العالم الإسلامي على العودة إلى الساحات الجامعية، وإطلاق موجة جديدة من الاحتجاجات والمظاهرات للمطالبة بوقف الحرب الإسرائيلية على غزة، والتنديد بالدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة والدول الغربية لإسرائيل.
أمام هذه المستجدات والتهديدات بتنفيذ عمليات تفجيرية في العمق الإسرائيلي، يعتقد مراسل الشؤون الأمنية للموقع الإلكتروني “زمان يسرائيل” أرييه أغوزي أن إسرائيل مطالبة بالقيام بخطوات فورية لمنع تنفيذ هذه العلميات في قلب مدنها.
وأوضح أغوزي أن تفجير تل أبيب يعيد إسرائيل إلى الأوقات التي انفجرت فيها العبوات الناسفة في مدنها المختلفة، خاصة في القدس وتل أبيب الكبرى، مما أدى إلى سقوط قتلى بالعشرات وجرحى بالمئات.
وتعتبر العمليات الاستشهادية سلاحا استراتيجيا لدى المقاومة الفلسطينية، بدأ العمل به منذ العام 1986، واستمر الى نهايات الانتفاضة الفلسطينية الثانية ” انتفاضة الأقصى عام 2003، توقفت العمليات الاستشهادية بسبب ضغوط دولية وعربية، لكنها تحولت لاحقا الى نوع اقل حدة ولكنه مؤثر، تمثل بعمليات الدهس والطعن التي شكلت هاجسا في السنوات الماضية لأجهزة الامن الإسرائيلية. لكن عودة العمليات الاستشهادية الان في خضم طوفان الأقصى الى شكلها التقليدي السابق يعكس عودة الصراع برمته مع إسرائيل الى جذوره، ويعيد إسرائيل الى تحديات امنية ودراسة الثمن الذي يتوجب دفعه جراء سياسية القتل المنهجي والهجوم الهمجي على الشعب الفلسطيني في الضفة وغزة.
المصدر: رأي اليوم