تشعر إسرائيل بنوع من الرضا عن "الضربة الاستباقية" التي قالت إنها نفذتها تصدياً لردّ حزب الله اللبناني على اغتيال القيادي فؤاد شكر، لكن أوساطاً واسعة من مسؤولين ومعلّقين يشيرون في مقالاتهم وتحليلاتهم، اليوم الاثنين، عن الهجوم الإسرائيلي وكذلك خطاب الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، إلى أن الأزمة الأساسية لا تزال قائمة، وأن الحل على الحدود الشمالية سيكون في نهاية المطاف دبلوماسياً حتى لو سبقته عمليات عسكرية، كما أنه يرتبط بالتوصل إلى صفقة بين دولة الاحتلال الإسرائيلي وحركة حماس.
وأفادت صحيفة يديعوت أحرونوت اليوم بأن الولايات المتحدة، التي ساهمت بدعم إسرائيل بمعلومات استخباراتية وعملت من وراء الكواليس على منع تدهور الأوضاع، تعتقد أن "عملية الردع التي أقدمت عليها أثبتت نفسها"، وأن الحزب ضبط رده بناء على ذلك، مضيفة أن إسرائيل والولايات المتحدة قد تترجمان "النجاح" للتقدم نحو تسوية مع حزب الله وإبرام صفقة مع حركة حماس تعيد المحتجزين الإسرائيليين. ونقلت الصحيفة عن مسؤول إسرائيلي كبير لم تسمّه قوله: "هناك رضا عن الهجوم الاستباقي والرسالة من قبل إسرائيل. هذا يمنح إسرائيل موقفاً أقوى في المراحل المقبلة. كانت هناك حيرة بشأن توجيه ضربة استباقية، والآن هناك رضا إزاء القرار، والنتائج التي لم تؤدِ إلى حرب إقليمية بخلاف التحذيرات. هذا الأمر أدى إلى وضع إسرائيل بموقف قوي أكثر أمام حزب الله، ويعزز الاستعداد لاتخاذ قرارات. هذا يؤثر على الصفقة، وبناء على نتائج هذه الجولة، فإن يحيى السنوار (رئيس المكتب السياسي لحركة حماس)، بات يدرك أنه ليس لديه طوفان ولا أقصى، وهذا قد يؤدي إلى تقدّم في الصفقة"، وفق تعبيرها.
وفي الصحيفة نفسها، اعتبر الصحافي والكاتب نداف إيال أن "حركة حماس مهزومة، وأن حزب الله تعرض للإذلال، وبالتالي هذا هو وقت الصفقة"، وفق زعمه، لافتاً إلى أن "المؤسسة الأمنية استثمرت موارد غير عادية في لبنان، أدت إلى هجوم استباقي قوي وأنيق"، مضيفاً أن "الجيش يصعّد ردوده في الشمال ويلحق خسائر كبيرة في حزب الله، ولكن هذا لا يحل أزمة النازحين الإسرائيليين"، مستدركاً بأن "النجاحات العملياتية تشكل منصة لتحقيق أهداف الحرب، وأهمها برأي غالبية الإسرائيليين إعادة المختطفين". ورأى الكاتب أن نتنياهو "اختار الخيار المضبوط أكثر، والأقل شمولاً مثلما يفعل منذ بداية الحرب".
إنجاز تكتيكي وغرق في الوحل الاستراتيجي بمواجهة حزب الله
وفي صحيفة هآرتس، اعتبرت الصحافية نوعا لانداو أن منع الهجوم من الشمال شكل إنجازاً تكتيكياً لإسرائيل التي تواصل الغرق في الوحل الاستراتيجي، وأوضحت أنه "على الرغم من الإنجاز العسكري، فإن المفتاح الرئيسي لتهدئة إقليمية هو صفقة شاملة تعيد المختطفين (المحتجزين الإسرائيليين في غزة)، وتوقف الحرب في غزة. أما في ما يتعلق بالحدود الشمالية، فهذه فقط بداية الحل، والمطلوب بعده تسوية دبلوماسية أيضاً أمام حزب الله". وأشارت لانداو إلى أن رؤساء سلطات محلية في الشمال بعثوا رسائل غاضبة إلى الحكومة، بادعاء أنها تحركت للدفاع عن تل أبيب عندما رأوا أنها مهددة، في حين أهملت الشمال طوال الشهور الماضية.
وفي هآرتس أيضاً، كتب المعلّق تسفي برئيل أنه "مثل إسرائيل وإيران، قرر نصر الله في خطابه البقاء داخل معادلات الردود، والتي تستند إلى استراتيجية مشتركة لجميع الأطراف. وبحسب هذه الاستراتيجية، ليست هناك نية تساهم في تدهور المواجهة إلى حرب شمولية حتى عندما تشتعل نار الانتقام". كما اعتبر الكاتب أن نصر الله يتيح بذلك للسنوار وأيضاً لإسرائيل، مزيداً من "المماطلة بشأن التوصل إلى صفقة، ويمنح السنوار مزيداً من الوقت للتمسك بالشروط الأساسية للصفقة، كما أن نتنياهو يتصرّف وكأن الوقت ممنوح له أيضاً، ويتسبب بتعريض حياة المختطفين للخطر".
أما الصحافي والكاتب بن كاسبيت فكتب في صحيفة معاريف أنه "بدلاً من اختيار خطوات شديدة تعيد الردع الإسرائيلي وتعيد سكان الجليل الأعلى إلى منازلهم، فإن نتنياهو فضّل عملية ناجحة، ولكنها محدودة، ذلك أن العملية (أي الضربة الاستباقية)، التي سجّلت نجاحاً كبيراً، لم تغيّر أي شيء في الوضع الاستراتيجي على الجبهة الشمالية".
المصدر: عربي ٢١