يبدو أن الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، يتجه فعليًا إلى إلغاء فكرة زيارة قطاع غزة، التي وعد بتنفيذها “بكل شجاعة” قبل أيام قليلة من داخل البرلمان التركي لأسباب “قهرية” على رأسها الموقف الإسرائيلي من هذه الخطوة.
ومنذ أن أعلن عباس عن نيته زيارة غزة، ضجت وسائل الإعلام العبرية وتصريحات المسؤولين والمحليين في إسرائيل بالحديث عنها، وكان هناك شبه اجماع على رفضها وعدم منح “أبو مازن” التصريح الرسمي لدخول غزة في ظل الحرب الطاحنة التي تشنها “تل أبيب” على القطاع ودخلت شهرها الحادي عشر.
وخلال الساعات الأخيرة الماضية نضج رسميًا الموقف الإسرائيلي من زيارة عباس للقطاع، وتم إبلاغ أطراف في السلطة الفلسطينية بأن “الزيارة مرفوضة” ولن يكون هناك أي إذن من قبل الحكومة الإسرائيلية لعباس بزيارة غزة حتى ولو لساعة واحدة.
وسائل إعلام عبرية ذكرت أن إسرائيل تعلم تمامًا أن مثل هذه الخطوة قد “تفتح نار جهنم” على إسرائيل، وأن رفضها سيكون الخيار الأفضل، لعدم إظهار “أبو مازن” أمام العالم كأنه “بطل قومي” حاول إنقاذ سكان غزة من آلة الحرب والموت الإسرائيلية.
لكن الغريب في هذا الأمر، أنه لم تعلم أي دولة عربية أو أوربية مساندتها فعليًا وعلى أرض الواقع لخطوة عباس والتوجه معه لغزة، بعيدًا عن بيانات الدعم والتصفيق الحار، وأن بعض الدول الأوربية رفضتها بشكل قاطع واعتبرتها “انتحارًا” في ظل حرب إسرائيلية مسعورة على القطاع، وقد تشكل نقطة مواجهة وتصادم مباشر بين الدول العربية والأوروبية مع “تل أبيب”.
وكان الرئيس عباس أعلن عن نيته ونية القيادة الفلسطينية التوجه إلى غزة، برفقة أعضاء آخرين من القيادة الفلسطينية ودعا زعماء العالم لمرافقته ودعم زيارته، وأصدر، مساء الأربعاء، مرسوماً بتشكيل لجنة للتحضير للزيارة، ولم يحدد المرسوم موعد الزيارة.
ونصّ المرسوم على “البدء بإجراء الترتيبات اللازمة لتوجه رئيس الدولة وأعضاء القيادة الفلسطينية إلى غزة”.
وأشار إلى أن الهدف من ذلك “وقف العدوان المتواصل على المحافظات الجنوبية (قطاع غزة)، والانسحاب الكامل والفوري لقوات الاحتلال الإسرائيلي، والتأكيد على أن دولة فلسطين هي صاحبة الولاية على أراضي الدولة كاملة، بما فيها قطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية”.
ونقلت صحيفة “يديعوت أحرونوت” عن مسؤول إسرائيلي قوله: “لن نسمح لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بالذهاب إلى قطاع غزة”.
كما كشفت تقارير إعلامية إسرائيلية أخرى أن زيارة عباس إلى غزة “من غير المرجح أن تتم في المستقبل القريب”.
وقبل أيام تحدث موقع “واللا” العبري، عن طلب قدمته السلطة الفلسطينية إلى حكومة الاحتلال الإسرائيلي، لتنسيق الزيارة التي أعلنها رئيس السلطة محمود عباس إلى قطاع غزة، الذي يتعرض لحرب وحشية منذ ما يقارب الـ 11شهرًا.
وذكر الموقع نقلا عن مصدرين مطلعين على التفاصيل (لم يسمهما)، إن “حسين الشيخ وزير الشؤون المدنية الفلسطيني، بعث برسالة الأحد الماضي إلى رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنغبي، طلب فيها تنسيق زيارة عباس إلى قطاع غزة، عبر الحدود الشمالية للقطاع؛ وليس عبر معبر رفح الحدودي مع مصر”.
وأوضح الموقع أن “الشيخ أرسل نسخة أيضا إلى الإدارة الأمريكية وحثها على أن تطلب من إسرائيل السماح بالزيارة”، مضيفا أن “التقدير في إسرائيل هو أن عباس قدم الطلب على أمل أن يحصل على رد سلبي، وبالتالي يتمكن من مهاجمة إسرائيل لمنعه من دخول غزة”.
وتابع: “إذا تلقى عباس ردا إيجابيا وقام بزيارة غزة، فإن ذلك سيكون بمثابة نصر سياسي كبير له على حماس، وسيسمح له بالإشارة إلى احتمال عودة السلطة الفلسطينية إلى غزة”.
وبحسب الموقع، فإن قرار السماح لعباس بدخول قطاع غزة (آخر زيارة له عام 2006) هو في يد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي لم يصدر أي رد حتى اللحظة.
يشار إلى أن عباس أعلن الخميس الماضي، في كلمة له أمام البرلمان التركي اعتزامه وكل أعضاء القيادة الفلسطينية، زيارة قطاع غزة.
ومنذ بدء الحرب على غزة، برزت أحاديث عن شكل إدارة القطاع في اليوم التالي للحرب، حيث طُرحت خلال اللقاءات خطط لإدارة دولية، في وقت أعلن فيه مسؤولون إسرائيليون مرارا رفضهم تولي السلطة الفلسطينية إدارته.
وأمام هذا التطور..
هل كان يعلم عباس برفض دخوله غزة؟ وما الفائدة من هذه التصريحات بهذا الوقت؟ ولماذا رفض الجميع مساندة الخطوة؟
الرئيس عباس يتجه لإلغاء زيارته لغزة لـ”أسباب قهرية”
2024-08-22