قالت منظمة Oil Change International، إن هناك استمرارًا في عمليات توسع إمدادات النفط التي تغذي حرب الإبادة الجماعيّة المستمرة التي ترتكبها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني. وبناءً على البيانات التي أعلنتها المنظمة في هذا الصدد في شهر مارس/آذار الأخير، أصدرت هذا الأسبوع تقريرًا جديدًا أشارت فيه إلى تواصل الدول والشركات تغذية آلة الحرب الإسرائيليّة، على الرغم من رأي محكمة العدل الدولية الذي ينص على أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعيّة وأن الفلسطينيين في غزة لديهم حقوق بموجب اتفاقية الإبادة الجماعيّة. ومنذ يوليو/تموز، تنص المحكمة على أن احتلال الأراضي الفلسطينية غير قانوني.
وسلّط التحليل المحدث الضوء على التواطؤ المستمر لهذه الدول والشركات، مثل شركات النفط المملوكة للمستثمرين والخاصة، والتي وصفتها المنظمة بـ"المتواطئة" من خلال عملياتها وحصص الملكية في المشاريع التي تزود إسرائيل بالنفط. وقال التقرير الجديد إن هذه الشركات تزود إسرائيل مجتمعة بنحو 66% من النفط، وست شركات نفط دولية كبرى (بما في ذلك شيفرون (8%)، وبي بي (8%)، وإكسون موبيل (6%)، وشل (5%)، وإيني (4%)، وتوتال إنيرجيز (5%) مسؤولة عن أكثر من نصف ذلك (35%). ووفقًا لبعض خبراء القانون، يمكن تحميل هذه الشركات المسؤولية عن التواطؤ في أعمال الإبادة الجماعية، نظرًا لحكم محكمة العدل الدوليّة.
كما تلعب المساعدات العسكريّة الأميركيّة دورًا في استمرار التزويد، إذ لا تزال الولايات المتحدة موردًا رئيسيًا لوقود الطائرات JP8 لإسرائيل، وهو أمر بالغ الأهمية لعملياتها العسكريّة. وأشار التقرير إلى أن الشحنات تأتي من مصفاة فالرو في كوربوس كريستي بولاية تكساس. واعتبرت المنظمة أن سلسلة التوريد هذه مثيرة للجدل خاصة في سياق الانتخابات الأميركية، حيث تخضع المساعدات العسكريّة المستمرة لإسرائيل للتدقيق.
وفي أوائل أغسطس/آب، رست سفينة أوفرسيز سانتوريني المسجلة في الولايات المتحدة، وهي واحدة من الناقلات الرئيسية المشاركة في توريد وقود الطائرات الأميركيّة، في ميناء عسقلان الإسرائيلي، حيث واجهت احتجاجات متزايدة من المجتمعات والناشطين في الطريق. وأشار التقرير إلى أنه تم تسليم 65 شحنة من النفط الخام ومنتجات البترول المكررة إلى إسرائيل منذ 21 أكتوبر/تشرين الأول 2023 إلى 12 يوليو/تموز 2024. وغادرت 35 من هذه الشحنات (54%) ميناء المنشأ بعد حكم محكمة العدل الدولية الصادر في 26 يناير/كانون الثاني من عام 2024 بأن الفلسطينيين في غزة لديهم حقوق بموجب اتفاقية الإبادة الجماعيّة.
وأكد التقرير أن دولة أذربيجان تظل الدولة المضيفة لمؤتمر الأطراف التاسع والعشرين المورد الرئيسي، حيث توفر 28% من إمدادات النفط الخام عبر خط أنابيب باكو-تبليسي-جيهان (BTC)، المملوك للأغلبية وتديره شركة بي بي. ويتم تحميل النفط الأذربيجاني على ناقلات في ميناء جيهان التركي للتصدير إلى إسرائيل. كما انضمت إيطاليا وألبانيا واليونان إلى قائمة الدول الموردة، حيث أرسلت شحنات من المنتجات البتروليّة الخام والمكررة. كما تشارك قبرص واليونان في تقديم خدمات إعادة الشحن.
وأشارت النتائج إلى زيادة في الإمدادات الأفريقية، إذ تظل الغابون موردًا رئيسيًا للنفط الخام إلى إسرائيل، حيث تأتي شحنات إضافية الآن من نيجيريا والكونغو برازافيل. وشكّل النفط الخام البرازيلي 9% من الإمدادات منذ بدء الحرب، كما أرسلت البرازيل ناقلة وقود إلى إسرائيل وصلت في إبريل/نيسان. واعتبرت المنظمة أن الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا، الذي كان شديد الانتقاد لأفعال إسرائيل، لديه الفرصة للمساعدة في التوصل إلى وقف إطلاق النار من خلال السعي إلى فرض حظر على النفط.
وقالت مديرة برنامج الولايات المتحدة في منظمة أويل تشينج إنترناشيونال آلي روزنبلوث، في بيان عممته المنظمة حول هذه القضيّة، إن "الدول وشركات النفط الكبرى التي تغذي آلة الحرب الإسرائيليّة متواطئة في الإبادة الجماعيّة المستمرة للشعب الفلسطيني. ومع تزايد الغضب العام، بما في ذلك الاحتجاجات الضخمة في جميع أنحاء العالم، فإن المطالبة بإنهاء هذه الإبادة الجماعية تتعالى".
وأضافت: "من خلال دعم الجيش الإسرائيلي بشكل مباشر، بالإضافة إلى أكثر من مائة عملية بيع أسلحة أخرى، يجب محاسبة الولايات المتحدة بشكل خاص على الانتهاكات المحتملة للقانون الدولي. ندعو الدول إلى الاستفادة من إمداداتها النفطية كوسيلة للمطالبة بوقف إطلاق النار الفوري وإنهاء الاحتلال. إن شركات الوقود الأحفوري، مثل بي بي وشيفرون وإكسون، التي تحركها الأرباح فقط، على استعداد لتأجيج الصراع ضد المدنيين الأبرياء. يجب أن يتوقف هذا اليوم. نطالب بوقف إطلاق النار الدائم وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين".
وقال محمود نواجعة، المنسق العام للجنة الوطنية الفلسطينية للمقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات، إن "حكم محكمة العدل الدولية الصادر في 26 يناير/كانون الثاني، يشير إلى أن إسرائيل قد ترتكب إبادة جماعية ضد 2.3 مليون فلسطيني في غزة المحتلة. يجب على الدول والشركات أن تنهي على الفور أي تواطؤ في أعمال الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل، بما في ذلك استخدامها للتجويع كسلاح حرب. وقد ذكّر خبراء حقوق الإنسان التابعون للأمم المتحدة الدول بهذا الالتزام، ودعوا إلى فرض حظر عسكري فوري على إسرائيل، بما في ذلك وقف نقل الأسلحة وغيرها من الإمدادات العسكرية إليها".
وأوضح محمد صرف، المؤسس المشارك لتحالف المناخ من أجل فلسطين: "بعد حكم محكمة العدل الدوليّة، من المحبط أن نرى التواطؤ الصامت للشركات الدوليّة في المعاناة المطولة لشعبي وعائلتي. هذه الشركات، من خلال توريد النفط والغاز لإسرائيل، لا تغذي آلية الصراع فحسب، بل تتجاهل أيضًا الدعوات العاجلة للمسؤولية الأخلاقيّة والإنسانيّة. لقد حان الوقت للمطالبة بأكثر من مجرد الربح المؤسسي، يجب أن تكون المساءلة والعدالة أمرين غير قابلين للتفاوض".
وقال بيتر فرانكنتال، مدير الشؤون الاقتصادية لمنظمة العفو الدولية في المملكة المتحدة: "هناك أسئلة عاجلة تتعلق بالعناية الواجبة لأي شركة لها علاقات تجارية مع الجيش الإسرائيلي، ويجب على شركات النفط التأكد من أنها لا تعمل في مجال المساعدة في ترسيخ نظام الفصل العنصري الإسرائيلي أو تأجيج جرائم الحرب والإبادة الجماعية المحتملة في غزة".
وأضاف أن "الحاجة إلى تجنب الارتباط المباشر بجرائم الحرب الإسرائيلية من خلال أي من علاقاتها التجارية تمتد إلى جميع الشركات التي تشكل جزءًا من البنية التحتية العالمية لتوزيع النفط. لقد دعونا الحكومة مرارًا وتكرارًا إلى ضمان عدم تمكن أي شركة بريطانية من التجارة مع شبكة المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية، وعلى نحو مماثل يجب أن تكون وزارة الأعمال والتجارة مستعدة لاتخاذ إجراءات لمنع الشركات البريطانيّة عديمة الضمير، بما في ذلك في قطاع النفط المربح، من الاستفادة من جرائم الحرب الإسرائيليّة والجرائم ضد الإنسانيّة في غزة".
وقال عمر شاكر، مدير منطقة إسرائيل وفلسطين في منظمة هيومن رايتس ووتش، إن "السلطات الإسرائيليّة ارتكبت فظائع جماعيّة في غزة في الأشهر الأخيرة. إن البلدان والجهات الفاعلة الأخرى التي تقدم الدعم للقوات المسلحة الإسرائيلية تخاطر بالتواطؤ في جرائم الحرب. يجب على الدول تعليق المساعدات العسكرية ومبيعات الأسلحة لإسرائيل طالما أن قواتها ترتكب انتهاكات واسعة النطاق ومنهجية ضد المدنيين الفلسطينيين مع الإفلات من العقاب".
وتعدّ منظمة "أويل تشينج إنترناشينال" منظمة بحثيّة وتواصليّة ومناصرة، تركز على الكشف عن التكاليف الحقيقية للوقود الأحفوري وتسهيل التحول الجاري إلى الطاقة النظيفة. وتعمل انطلاقًا من تضامن المجتمع وتحليل السياسات المبدئي، ضمن حركات أكبر بهدف الوصول إلى مستقبل خالٍ من الوقود الأحفوري.
المصدر: العربي الجديد