2024-11-10 11:45 ص

5 دول عربية تُنقذ “إسرائيل” اقتصاديًا..

2024-07-13

كشف تقرير صادر عن مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي حول حجم التجارة الخارجية لدولة الاحتلال خلال النصف الأول من هذا العام، عن مضاعفة خمس دول عربية (الإمارات – مصر – الأردن – المغرب – البحرين) حجم تجارتها مع تل أبيب، استيرادًا وتصديرًا، منذ بداية حرب غزة، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.

البيانات الرسمية الصادرة عن الكيان أشارت إلى استحواذ الإمارات وحدها على نصيب الأسد من حجم الصادرات العربية الإسرائيلية والتي بلغت أكثر من ملياري دولار منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023 وحتى يونيو/حزيران 2024، بما يتعارض مع التصريحات المضللة الصادرة عن تلك البلدان بشأن دعم الفلسطينيين والضغط على دولة الاحتلال.

بتلك الأرقام الصادمة لحجم التبادل التجاري العربي الإسرائيلي، تصبح تلك البلدان الخمس شريكًا أساسيًا في حرب الإبادة التي يتعرض لها سكان القطاع، حيث قدمت تلك الحكومات هدية على طبق من ذهب للاحتلال بإجهاضها محاولات المقاومة لفرض العزلة الاقتصادية عليه وتخليصه من الضغوط المتوقع ممارستها من الشارع الإسرائيلي، جراء الخسائر الاقتصادية التي تكبدها بسبب المقاومة.

القائمة السوداء.. الإمارات في المقدمة
– بلغت قيمة الصادرات الإماراتية لـ”إسرائيل” منذ بداية حرب غزة وحتى نهاية الشهر الماضي 1.6 مليار دولار، مقارنة بـ1.4 مليار دولار خلال الفترة ذاتها من العام الماضي، فيما بلغ حجم الواردات الإسرائيلية للدولة الخليجية 373.6 مليون دولار، ما يعني أن إجمالي التبادل التجاري بين البلدين خلال أشهر الحرب اقترب من ملياري دولار.

– تصاعد حجم التجارة بين الإمارات و”إسرائيل” منذ بداية الحرب شهرًا تلو الآخر، حيث كان في أكتوبر/تشرين الأول 135.2 مليون دولار وصل إلى 252 مليون دولار في يناير/كانون الثاني من هذا العام ثم 249.5 في أبريل/نيسان من نفس العام.

– تشير بعض التقديرات إلى أن الصادرات الإماراتية لو استمرت على هذا المنوال، فمن المتوقع أن تبلغ نحو 2.8 مليار دولار بنهاية العام الحالي، مقارنة بـ2.3 مليار دولار عام 2023، و1.9 مليار دولار عام 2022، وعليه تحتل الدولة النفطية الخليجية العربية المرتبة التاسعة في قائمة الدول العشرة الكبار الأكثر تصديرًا للكيان المحتل (الصين والولايات المتحدة وألمانيا وسويسرا وتركيا وهولندا وإيطاليا وبلجيكا والإمارات وبريطانيا).

– تأتي مصر في المرتبة الثانية بالقائمة السوداء، إذ بلغت صادراتها للكيان المحتل منذ بداية الحرب 120.2 مليون دولار، مرتفعة بنسبة 350% عما كانت عليه في شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حيث بلغت حينها 7.8 مليون دولار قبل أن تتضاعف بنهاية مايو/أيار الماضي إلى 25.8 مليون دولار.

أما من حيث الواردات فزادت حجم الواردات المصرية من “إسرائيل” من 69.6 مليون دولار خلال أكتوبر/تشرين الأول 2022 – مايو/أيار 2023 إلى 271.5 مليون دولار خلال الفترة ذاتها من 2023/2024 أي خلال أشهر الحرب، بزيادة قدرها 290%.

– وتأتي المملكة الأردنية في المرتبة الثالثة، حيث ارتفع حجم وارداتها من المنتجات الإسرائيلية خلال فترة الحرب إلى 67.8 مليون دولار مقارنة بـ50.1 مليون دولار خلال الفترة ذاتها من العام الماضي، بزيادة بلغت 35.3%، فيما بلغت الصادرات الأردنية للكيان المحتل 192.7 مليون دولار منذ بداية الحرب.

– ويحتل المغرب المرتبة الرابعة في القائمة، إذ ارتفعت الواردات الإسرائيلية للمملكة من 44.8 مليون دولار خلال 2022/2023 إلى 109.5مليون دولار خلال الفترة ذاتها من 2023/2024 وهي فترة الحرب، بزيادة بلغت 144%، أما الصادرات المغربية فبلغت 10.1 مليون دولار منذ بداية الحرب مقارنة بـ12 مليون دولار في الفترة ذاتها من العام الماضي.

– وخامسًا جاءت البحرين، حيث بلغ حجم زيادة صادراتها للاحتلال منذ بداية الحرب قرابة 600%، من 7.7 مليون دولار خلال أكتوبر/تشرين الأول-مايو/أيار 2023/2024 إلى 35.2 مليون دولار في الفترة ذاتها من 2023/2024، بينما زادت وارداتها من إسرائيل 1300% من 200 ألف دولار خلال نفس الأشهر من 2022/2023 إلى 2.6 مليون دولار في 2023/2024.

– كشف تحليل تلك البيانات عن أي النسبة الأكبر من الصادرات والواردات من وإلى “إسرائيل” جاءت من 3 دول هي: الإمارات والبحرين والمغرب، تلك التي وقعت على اتفاقات أبراهام 2020، حيث بلغت قيمة صادراتهم 1.7 مليار دولار من أصل 2.1 مليار دولار إجمالي صادرات الدول الخمسة، وهو ما يعكس الحصاد الإسرائيلي المجاني من اتفاقيات التطبيع على حساب القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني.

إصرار ممنهج على الخذلان
منذ اليوم الأول للحرب والشارع العربي يطالب حكوماته باتخاذ موقف إيجابي إزاء الانتهاكات الإسرائيلية الوحشية بحق الفلسطينيين، كان على رأسها الضغوط السياسية والاقتصادية لإثناء الاحتلال عن جرائمه وإجباره على إنهاء حرب الإبادة التي يشنها بحق الأطفال والنساء والمدنيين العزل.

اللافت هنا أنه رغم تلك المناشدات والمطالب تمسكت العديد من الحكومات العربية بالتغريد خارج السرب الشعبي العربي، لتعزز من علاقتها مع دولة الاحتلال بصورة تفوق ما كانت عليه قبل الحرب، في عناد وإصرار ممنهج على المضي قدمًا في هذا الدرب دون أي اعتبارات إنسانية أو سياسية أو أخلاقية تجاه ضحايا تلك الحرب الإجرامية.

وكالعادة كانت الإمارات السباقة في هذا المجال، فبينما كان الإسرائيليون يواجهون شبح العزلة الاقتصادية بسبب توتير الأجواء في البحر الأحمر ومنع عبور أي سفن قادمة إلى موانئ الاحتلال، إذ بأبو ظبي تقدم لتل أبيب خدمات جليلة لا يقدمها أقطاب الصهيونية في العالم الغربي.

ففي 16 ديسمبر/كانون الأول الماضي وبعد شهرين من الحرب كشف موقع “والا” العبري عن وصول الدفعة الأولى من الشحنات التجارية التي أرسلتها الإمارات إلى تل أبيب، لمساعدتها في مواجهة الحصار الحوثي على مضيق باب المندب، وذلك عبر الجسر البري الذي يمتد من الأراضي الإماراتية إلى ميناء حيفا عبر السعودية والأردن، وسط احتفاء إسرائيلي كبير بهذا الدعم غير المتوقع من الدول العربية.

وبينما اتخذت بعض الدول غير العربية قرارات بطرد سفراء الاحتلال لديها، تمسكت أبو ظبي بالإبقاء على الدبلوماسيين الإسرائيليين فوق أراضيها، بل وقعت مع الجانب الإسرائيلي اتفاقية الطريق البري بين حيفا ودبي، والتي تشمل تشغيل جسر بري يمتد عبر الأردن والسعودية، لتفادي التهديد اليمني للملاحة البحرية مع “إسرائيل”، علاوة على استضافة الإمارات “بحفاوة” رئيس دولة الاحتلال في قمة تغيّر المناخ للأمم المتحدة، وتوقيع مذكرة تفاهم جديدة بين النظامَين الإسرائيلي والإماراتي للتعاون في مجال التوصيل الكهربائي.

هذا بجانب الدعم الإعلامي عبر القنوات الفضائية والمنصات الإلكترونية من خلال العزف على وتر شيطنة المقاومة، فضلًا عن تشويه صورتها في المحافل الدولية، ومحاولة اختلاق المبررات للجيش الإسرائيلي لتمرير جرائمه وانتهاكاته بحق الفلسطينيين وتحميل “حماس” والمقاومة مسؤولية ما وصلت إليه الأوضاع، ناهيك بالقبضة الأمنية المشددة ووأد أي حراك شعبي من شأنه دعم غزة والتنديد بجرائم الاحتلال.

الوضع كذلك مع بقية الدول العربية وعلى رأسها مصر والأردن والسعودية، والتي تمتلك أوراق ضغط عدة يمكنها حال استخدامها تغيير المعادلة وفرض قواعد اشتباك جديدة، لكنها آثرت الصمت وغضت الطرف عما يدور في الميدان، مكتفية ببيانات الشجب والإدانة ومؤتمرات الصياح الدبلوماسي الأجوف.

شركاء في جرائم الإبادة
في 17 ديسمبر/كانون الأول 2023 وصفت اللجنة الوطنية الفلسطينية لمقاطعة إسرائيل (BDS) في بيان لها النظام الإماراتي بأنه شريك في حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني، مطالبة الأحزاب والنقابات والجمعيات ومنظمات حقوق الإنسان في المنطقة العربية بمقاطعته، واصفة إياها بأنها لا تنفصل عن مقاطعة العدو الإسرائيلي.

بحسب هذا البيان فإن كل الدول العربية المستمرة في علاقاتها التجارية مع دولة الاحتلال منذ بداية الحرب، رغم الانتهاكات الإجرامية الوحشية التي يمارسها جيش الاحتلال بحق سكان غزة، هي شريكة أساسية في حرب الإبادة ومتورطة بشكل أو بآخر في تداعياتها الكارثية التي خلفت أكثر من 125 ألف بين شهيد وجريح، فضلًا 10 آلاف في عداد المفقودين ومليوني نازح ومشرد وعشرات الآلاف على قوائم الموت جوعًا.

وبتحليل التداعيات الناجمة عن العلاقات التجارية العربية المتنامية مع دولة الاحتلال منذ بداية حرب غزة يتضح دون شك أو قراءات متباينة للمشهد تورط تلك الدول في حرب الإبادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني على أيدي قوات الاحتلال وذلك من خلال عدة مؤشرات:

– تنعش الواردات العربية من السلع الإسرائيلية خزائن الكيان المحتل بمليارات الدولارات التي توظفها الحكومة في التسليح وتغطية كلفة الحرب الباهظة، ما يساعدها على الإبقاء عليها كل تلك الفترة لتصبح الحرب الأطول في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

– تلبي الصادرات العربية لـ”إسرائيل” احتياجات الإسرائيليين في الداخل، سواء المدنيين أم العسكريين، وهو ما يقلل من حجم الضغوط الاقتصادية الداخلية ويخلص حكومة الحرب من ورقة الضغط الأكثر تأثيرًا في الحروب الطويلة.

– إجهاض استراتيجيات داعمي غزة لعزل “إسرائيل” اقتصاديًا من خلال استهداف السفن القادمة إليها من البحر الأحمر، وتحويل هذا الأمر إلى ورقة ضغط لإثناء الاحتلال عن الحرب ودفعه نحو إنهائها، وهو ما تم الإطاحة به جراء تنامي العلاقات الاقتصادية العربية الإسرائيلية.

– طمأنة الكيان المحتل بشأن استكمال الحرب بأريحية دون أي قلق من أي ارتدادات اقتصادية محتملة مهما طالت المعركة، ومنح نتنياهو واليمين المتطرف وجنرالات الحرب الضوء الأخضر لارتكاب المزيد من الجرائم التي يدفع ثمنها آلاف الأطفال والنساء والعجزة الذين يتساقطون يومًا بعد يوم.

وهكذا وبدلًا من أن يشكل العرب، الحكومات والشعوب، الحاضنة الأكثر دعمًا للمقاومة، بحكم عوامل التاريخ والجغرافيا والدين والثقافة والأمن القومي، إذ ببعض تلك الأنظمة، ولأهداف ومقاربات خاصة، تتحول إلى خنجر في ظهر الفلسطينيين، وسكين حاد لتصفية القضية الفلسطينية بشكل كامل.


المصدر: نون بوست