2024-11-21 03:48 م

صراع إرادات علني في إسرائيل: العسكر يدفع بالصفقة... ونتنياهو يماطل

2024-07-10

بينما اجتمعت الوفود الإسرائيلية والأميركية والمصرية، بضيافة المسؤولين القطريين، في الدوحة، أمس، في ما وُصفت بـ«القمة الرباعية»، كان المسؤولون الإسرائيليون يتفاعلون مع تطوّرات المفاوضات، ويعبّرون عن مواقف مباشرة منها. وصار واضحاً أن المؤسسة الأمنية، من وزير الأمن يوآف غالانت، إلى رؤساء الأجهزة الأمنية المختلفة، وصولاً إلى رئيس هيئة الأركان في الجيش الإسرائيلي، هرتسي هاليفي، يدفعون في اتجاه توقيع اتفاق مع حركة «حماس»، يضمن إطلاق الأسرى الإسرائيليين، حتى لو كان ثمن ذلك مرتفعاً. وأمس، قال غالانت، في حفل تخريج «كلية الأمن القومي»، إنه «ستُفتح أمامنا نافذة محدودة من الفرص للوفاء بواجبنا الأخلاقي المتمثّل في إعادة المختطفين»، مضيفاً أن «الظروف التي ستنشأ نتيجة الصفقة، ستعزّز مصالحنا الوطنية والأمنية، في حين يعرف الجيش الإسرائيلي وقوات الأمن كيفية التغلّب على المخاطر التي قد تنشأ». وأردف غالانت: «إلى جانب هزيمة حماس، من المناسب والصحيح والضروري عقد صفقة لإعادة المختطفين»، فيما رأى هاليفي أن «صفقة إعادة الأسرى مهمة على صعيد أخلاقي، وتحمل القيم الأساسية المطلوبة لمجتمع نموذجي يرغب في الحياة».وفي مقابل التوجّه الذي يدفع به المستوى الأمني، يقف المستوى السياسي، وعلى رأسه رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، وحليفاه في اليمين المتطرّف، الوزيران إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش. وبينما يعبّر الحليفان، صراحة، عن معارضتهما للصفقة في حال تطلّبت دفع أثمان من إسرائيل، وخاصة وقف الحرب، ويلمّحان إلى إمكانية حلّ الحكومة إذا مضى نتنياهو في الاتفاق، يتجنّب الأخير الإعلان عن موقف واضح، محافظاً على نوع من الحذر والغموض، وإن أعاد التذكير بأن أي صفقة لن تُنهي الحرب ولن توقف سعي إسرائيل إلى تحقيق أهدافها في قطاع غزة. وهذا الموقف، كرّره نتنياهو، مساء أول من أمس، حين التقى المبعوث الخاص للرئيس الأميركي إلى المنطقة، بريت ماكغورك، حيث أبلغه تمسّكه بما سماه «خطوطاً حمراء»، رغم المفاوضات حول الصفقة. وقال مكتب نتنياهو إن الأخير «أكّد التزامه بالصفقة طالما تم الحفاظ على الخطوط الحمراء الإسرائيلية». والخطوط الحمراء هذه، هي أن تسمح أي صفقة لإسرائيل باستئناف القتال من أجل منع تهريب الأسلحة إلى «حماس» من مصر عبر الحدود، ومنع عودة آلاف المسلحين إلى شمال القطاع، وأخيراً زيادة عدد الأسرى الأحياء الذين سيجري إطلاق سراحهم.
في غضون ذلك، تفاعل الإعلام الإسرائيلي مع أخبار المفاوضات التي جاءت من القاهرة قبل يومين، ومن الدوحة أمس. ولم يخلُ التفاعل هذا من الحملات السياسية الموجّهة؛ إذ تعمد وسائل الإعلام المقرّبة من نتنياهو وحلفائه المتطرفين، مثلاً، إلى كسر الإيجابية التي تروّج لها وسائل الإعلام المعارضة للائتلاف، إضافة إلى الصحافيين والمراسلين المقرّبين من المؤسسة الأمنية. وفي هذا السياق، قالت «القناة 12» العبرية إن «إسرائيل وافقت في اجتماع القاهرة على سيطرة جهات فلسطينية ليست من حماس أو السلطة على معبر رفح». وأشارت إلى أن «الحلول التي طرحت خلال اجتماع القاهرة لا تتضمن وجوداً إسرائيلياً على الأرض في غزة»، مضيفة أن الكيان «طلب ضمانات من واشنطن بإمكانية مهاجمة قطاع غزة مجدداً، إذا ثبتت عودة مسلحين إلى شماله». وكان غالانت قد أعلن أن «إسرائيل مستعدة لفتح معبر رفح، لكنها لن تقبل عودة حماس إليه». في المقابل، سرعان ما خرجت «القناة 14»، لتهاجم وزير الأمن، مشيرة إلى أن «هناك فجوات كبيرة بين موقفَي غالانت ونتنياهو في ما يتعلّق بمحور فيلادلفيا، حيث تؤيد المؤسسة الأمنية نقل المحور إلى السيطرة المصرية، بينما يعارض نتنياهو ذلك بشدّة».
وعلى الرغم من ذلك، ليس من شكّ في أن المفاوضات الجارية حالياً تتّسم بجدّية أكبر من الجولات السابقة، وهي تقترب يوماً بعد آخر من لحظات القرار الحاسمة، وهو ما أشارت إليه قناة «كان» العبرية، أمس، حين قالت إن «المفاوضات في الدوحة تقترب من اللحظات الحاسمة، وستُستكمل غداً (اليوم)»، موضحة أن «نقاط الخلاف تتعلّق بآلية إنهاء الحرب وعدد الأسرى وعودة النازحين، في حين هناك تقدّم في ملف محور فيلادلفيا ومعبر رفح». وعلى ضوء تطورات المفاوضات، ينعقد «المجلس الوزاري المصغّر»، اليوم، حيث سيطلب نتنياهو من الوزراء إجراء مناقشة حول «التنازلات الإسرائيلية» في إطار الصفقة، فيما يجري الإعداد لتوجّه وفود إسرائيلية إضافية إلى قطر ومصر.
مواكبة أميركية للمفاوضات
تواكب واشنطن مسار المفاوضات من داخل الاجتماعات التفاوضية ومن خارجها. ووصلت مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى، باربرا ليف، إلى المنطقة، في جولة ستشمل عدة دول؛ منها: قطر والإمارات والسعودية ومصر والأردن، لبحث «اليوم التالي للحرب، وبناء حكم مدني، وإعادة إعمار القطاع». وبحسب قناة «كان»، فإن «الإدارة الأميركية تعمل على صياغة وثيقة توافقية بشأن اليوم التالي»، و«ستحظى الوثيقة بتوافق إقليمي (...) وستتضمّن معلومات حول من سيسيطر على القطاع ويموّل إعادة الإعمار...». كما أشارت القناة إلى أن «إسرائيل طلبت من الولايات المتحدة ضمانات بأن المسلحين من جنوب قطاع غزة لن يعودوا إلى الشمال، وأن تكون هذه الضمانات جزءاً من الصفقة». وفي سياق متصل، كشفت صحيفة «وول ستريت جورنال»، نقلاً عن مسؤولين أميركيين، أن «إدارة بايدن وافقت على شحن قنابل زنة 500 رطل إلى إسرائيل»، مشيرة إلى أن «القنابل الأميركية في مرحلة الشحن، ويُتوقّع أن تصل إلى إسرائيل في الأسابيع المقبلة».

المصدر: الاخبار اللبنانية