مع دخول الحرب شهرها العاشر يواصل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عرقلة التوصل إلى اتفاق حول الأسرى، بالرغم من تزايد التأييد الرسمي والشعبي في "إسرائيل" لإبرام الصفقة.
إذ يرى قادة "إسرائيل" في صفقة التبادل حلاً لا بديل عنه لإنهاء معاناة الأسرى، ووقف الحرب التي طال أمدها وبات لها تداعيات اجتماعية واقتصادية.
لكن في المقابل يقول ساسة إسرائيليون إن أي صفقة لوقف الحرب تتعارض مع مصالح نتنياهو ومعسكر اليمين المتطرف، فلماذا يتخوف من ذلك رغم إيجابية رد "حماس"؟
تأييد متزايد
الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ التحق بطابور المؤيدين لعقد صفقة التبادل مهما كان الثمن، وقال في تدوينة نشرها على منصة "إكس": إن "الأمة بأكملها" تريد عودتهم، والأغلبية المطلقة من الإسرائيليين تؤيد صفقة الرهائن، مشيراً إلى أن "واجب الدولة إعادتهم وهو في صلب الإجماع".
أما زعيم المعارضة الإسرائيلية، يائير لبيد، فقد قال إن بلاده بحاجة إلى وقف الحرب في غزة، وإبرام صفقة تبادل مع حماس والمقاومة، لإعادة المحتجزين.
ولفت في تصريحات نقلتها عنه إذاعة الجيش إلى أن "الجيش الإسرائيلي ليس مستعداً لخوض مثل هذه الحروب الطويلة، بسبب اعتماده على قوات الاحتياط والتي لا تصلح لهذا النمط من الحروب".
أما رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، إيهود أولمرت، فذهب إلى التأكيد على أهمية إسقاط حكومة نتنياهو، مشدداً على ضرورة إنهاء الحرب في غزة، ما دامت حماس قد تمكنت من النجاة طيلة الأشهر الماضية.
جهاز "الموساد" أبدى تفاؤلاً، على لسان مصادر تحدثوا للقناة 13 العبرية، مؤكدين أن هناك "أملاً كبيراً في الوصول إلى صفقة تعيد الأسرى من غزة".
وأضافت المصادر أن "إسرائيل تُقدر أن الفرصة ذهبية الآن للتوصل إلى اتفاق، وأن الجهات الأمنية توصي القيادة السياسية باغتنامها".
كما نقلت القناة 12 العبرية عن يوآف غالانت، وزير الجيش الإسرائيلي، قوله إنه "من الضروري إبرام صفقة لاستعادة الأسرى من غزة".
أما شعبياً فتستمر المظاهرات في مناطق متفرقة في تل أبيب، للمطالبة بإبرام صفقة تبادل أسرى، وإسقاط حكومة نتنياهو، ما يعني أن حكومة الاحتلال تواجه ضغطاً داخلياً غير مسبوق.
مخاوف نتنياهو
ويبدو نتنياهو أسيراً لمخاوفه من أن تؤدي أي صفقة لتبادل الأسرى إلى الإطاحة بحكومته والدخول في انتخابات مبكرة، وما يترتب على ذلك من مساءلة بسبب ما حدث في 7 أكتوبر.
ونقلت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية عن مسؤول في حزب "الليكود"، قوله إن هناك شكاً في قبول نتنياهو صفقة تبادل أسرى، إذا ما كانت ستقود إلى انتخابات مبكرة.
وإلى جانب مخاوفه، يبدو نتنياهو أسيراً لحلفائه في اليمين المتطرف، إذ يمارس الوزيران المتطرفان "بتسلئيل سموتريتش" و"إيتمار بن غفير" ضغوطاً عليه لرفض الصفقة مذكرين إياه بأن ذلك يعني حل الحكومة.
وانتعشت الآمال مجدداً في إمكانية عقد صفقة، مع زيارة وفد من الموساد الإسرائيلي إلى الدوحة، وموافقة "حماس" على التعديل الأمريكي لمقترح الرئيس جو بايدن لوقف إطلاق النار.
ومن المتوقع أن تحتضن العاصمة القطرية الدوحة، الأربعاء (10 يوليو)، جولة محادثات يحضرها مدير المخابرات المركزية الأمريكية ورئيسا الموساد والمخابرات المصرية ورئيس وزراء قطر لبحث الصفقة المحتملة.
أسباب شخصية وأيديولوجية
ولا يخفى وجود أسباب شخصية تتعلق بمصالح نتنياهو وبقائه في الحكم، وراء مماطلته وسعيه لإفشال التوصل لصفقة، لكن هذا ليس كل شيء.
وحول هذا يتحدث الخبير في الشؤون الإسرائيلية، عصمت منصور، لـ"الخليج أونلاين" فيقول:
من مصلحة نتنياهو أن تبقى الحرب مستمرة ما دام قادراً على تبريرها وتبرير استمرارها، ودائماً ما يجد مبررات وتفسيرات، لكنه عند لحظة معينة قد يفقدها.
هناك أسباب أيديولوجية أيضاً حيث إن اليمين يريد سيطرة أمنية كاملة، واستمرار الحرب يتيح لليمين المتطرف التمدد في الضفة الغربية، وإضعاف السلطة الفلسطينية، كما أن ذلك يتيح له إضعاف "حماس" ومحاربتها.
استمرار الحرب يعني تجميد أي عملية سلام، وإيقاف الضغوط الدولية بخصوص حل الدولتين.
من الخطأ الاعتقاد أن نتنياهو يريد استمرار الحرب فقط لأسباب شخصية تتعلق بالحكم، إذ يدرك أن بقاءه في الحكم هو الضمانة الوحيدة لتمرير مشروع اليمين المتطرف وتنفيذه على الأرض.
للضغوط الداخلية تأثير على موقف نتنياهو، لكن هناك مخاطر قد تواجهه في حال استمرت الحرب.
استمرار الحرب قد يؤدي إلى حرب في الشمال، وحرب إقليمية، وتدهور في العلاقات مع الولايات المتحدة، ونتنياهو لا يستطيع أن يتجاهلها.
عندما يتقاطع هذا الضغط مع وجود عرض جيد كما نرى الآن، خاصة أن (حماس) تبدي مرونة في المفاوضات، يصبح من الصعب عليه (نتنياهو) أن يتهرب، وهذا يجعلنا نقول إن هناك بعض الأمل والتفاؤل بإمكانية التوصل إلى صفقة.
تضافر هذه العوامل معاً تجعلنا نعتقد أنه ربما تكون هناك فرصة، وعدم استغلالها سيورط نتنياهو بخيارات لا أحد يعلم كيف يمكن أن تنتهي.
المصدر: الخليج اون لاين