2024-11-23 08:14 م

انقطاع الكهرباء ووابل من الصواريخ- الحرب المخيفة القادمة بين حزب الله وإسرائيل

2024-07-03

نشرت مجلة “إيكونوميست” تقريرا حول “الحرب المخيفة القادمة: إسرائيل ضد حزب الله” قالت فيه إنها ستتميز بطائرات انتحارية وانقطاع كامل للتيار الكهربائي وأضخم وابل للصواريخ في التاريخ.

فالحرب تلوح بالأفق، وعلى مدى أشهر تبادلت إسرائيل وحزب الله المسيرات والمقذوفات والصواريخ، وتم ضرب شمال إسرائيل وأفرغ من سكانه، ونزح 70,000 نسمة فيما غادر عدد أكبر من جنوب لبنان. وبدأت الدول تطالب رعاياها بمغادرة لبنان، فيما يتحدث القادة الإسرائيليون عن الحرب وكأنها قادمة لا محالة، وستكون الأكثر كثافة في المنطقة منذ عقود: مصيبة على إسرائيل وكارثة على لبنان.

وتقول المجلة: هناك دائما مخارج من الأزمة، حيث يواصل الدبلوماسيون الأمريكيون والأوروبيون رحلاتهم المكوكية بأمل يتضاءل شيئا فشيئا لإقناع حزب الله بالانسحاب مسافة 7-10 كيلومترات عن الحدود. وأعلن الحزب في 2 تموز/يوليو أنه سيوقف النيران لو تم الاتفاق على وقف إطلاق النار في غزة. وحتى في هذه الحالة، فالنتيجة ستكون سلاما هشا وتهديدا بعمليات إسرائيلية ومن حزب الله عبر الحدود مما سيثني الإسرائيليين عن العودة.

ولو قررت إسرائيل شن حرب لإضعاف حزب الله ودفعه نحو الشمال، فستشمل على عملية برية محدودة في جنوب لبنان الذي احتلته حتى عام 2001، وسيكون هذا بمثابة عملية عسكرية كبرى. وفي عام 2006، عندما دخل الطرفان في حرب استمرت 34 يوما، استخدم المقاتلون أسلحة مضادة للدبابات الإسرائيلية لمنع تقدمها، مما فاجأ الجيش الإسرائيلي.

ومضى على تلك الحرب 18 عاما حيث تعلم الطرفان من تلك التجربة. وفي عام 2006، ضربت المقاتلات الإسرائيلية حوالي 100 هدف يوميا، ويقول الضباط الإسرائيليون اليوم بأنهم سيضربون 3,000 هدف. وأضعف حزب الله في الأشهر التسعة الماضية وخسر حوالي 400 من مقاتليه ومعظم بنيته التحتية في الجنوب.

وحسب مسؤولي استخبارات غربيين فإن إيران الداعمة لحزب الله لا تعتقد أن حليفها جاهز لحرب كبيرة. وهناك من يحذر داخل الجيش الإسرائيلي من الرضا عن النفس. ويقول ضابط درس الجماعة إن الحزب جاهز لمواجهة غزو بري أكثر من جاهزية الجيش الأوكراني للغزو الروسي في عام 2022. وسيتقدم الجيش الإسرائيلي في الجنوب ولكن ببطء وبكلفة باهظة وأكثر من الحرب الماضية. ويقول خليل الحلو، الجنرال اللبناني المتقاعد إن حزب الله قد “يمتص الصدمة” قبل ضربه أطراف إسرائيل مستخدما أساليب حرب العصابات، بما في ذلك شبكة الأنفاق الضخمة التي بنيت بمساعدة من كوريا الشمالية.

 وتقول المجلة إن هناك أربعة تغيرات كبرى حدثت منذ عام 2006: الأول، هو حصول حزب الله على مسيرات انتحارية (كاميكاز) صنعتها إيران، ومع أن الدبابات الإسرائيلية مجهزة بحماية ضد الأسلحة المضادة لها إلا أن المسيرات عادة ما تستهدف النقاط الضعيفة في أعلى العربة. الثاني، هو تطور القوات البرية لحزب الله، فبعد عام 2006، ناقش الجيل الشاب الذي انضم للحزب وراقب الحرس الثوري الإيراني وتنظيم الدولة، أنه يعتمد على تحصينات ثابتة يمكن ضربها أو تجاوزها. وكان الرد هو تشكيل وحدة نخبة اسمها الرضوان، وقادرة على توجيه ضربات في العمق الإسرائيلي وعلى مسافة 20 كيلومترا. أما الثالث، فهي تجربة الحزب في سوريا إلى جانب الطيران الروسي والذي علم الحزب قيمة الرؤوس الحربية المتفجرة الثقيلة وتوفر المزيد منها. وأخيرا أصبحت القوة النارية لحزب الله دقيقة. ويستخدم الآن مروحيات بأربعة محركات (كوادكوبتر) لتحديد الأهداف المباشرة للصواريخ. كما أرسل مسيرات استطلاعية لتحديد الأهداف، ثم ضربها بعد يوم أو يومين “بدقة شديدة”، حسب قول ضابط. وقال إن الأماكن التي اعتقد الجيش الإسرائيلي أنها مخفية ومحمية جيدا، تم كشفها وضربها. وأضاف “السبب الوحيد لعدم تكبدنا خسائر ضخمة في الشمال هو ابتعاد قواتنا عن مرمى النظر”. و”لو قرر الجيش القيام بهجوم فسيتغير هذا”.

 ثم هناك مسألة الحجم، حيث يتحدث الجنرالات وبتفاؤل عن عملية عسكرية محدودة من أجل السيطرة على محور أمني، ما يمنع حزب الله من إطلاق النار على بلدات الشمال الإسرائيلية. ففي حرب عام 1982 استخدم الجيش سبع فرق عسكرية لغزو لبنان، وأربع فرق في حرب 2006، وفي الوقت الحالي يخوض الجيش حربا في غزة والضفة الغربية. وتم إرسال وحدة على الأقل للقيام بمناورات في قواعد الشمال، وأعيدت إلى غزة. وقال جندي احتياط شارك في المناورة “لا أعرف كيف سيحضرون عددا كافيا من الجنود”. فالحرب البرية هي جزء من الحرب، فقبل شنها ستقوم إسرائيل بغارات جوية لتدمير ما تستطيع تدميره من منصات إطلاق الصواريخ، وهذا يعني سقوط ضحايا مدنيين.

ولأن معظم المنصات في القرى، فلدى حزب الله المحفز لإطلاق الصواريخ باتجاه وسط إسرائيل قبل تدميرها. ولو حدث هذا فمن المحتمل تصعيد إسرائيل الحرب للضعف، حيث ستضرب المقرات السياسية للحزب في المدن اللبنانية وتدمر البنى المدنية التحتية. وفي الوقت الحالي يضرب حزب الله المواقع العسكرية في شمال إسرائيل، لكنه سيغير الأسلوب حالة تعرضه لهجوم بري. ففي عام 2006 ضرب حوالي 15,000 مقذوفة وصاروخ، كان معظمها غير موجه وبمدى 20 كيلومترا وأقصر من مدى مدينة حيفا في الشمال. وأطلق الحزب 120 صاروخا في اليوم وقتل 53 إسرائيليا وجرح 250 آخرين. إلا أن الحرب المقبلة ستكون أكثر كثافة، فلدى حزب الله الآن أكثر من 120,000 مقذوفة وصاروخ موجه يصل العديد منها تل أبيب وأبعد منها.

 ووصف أثر الهجمات، تقرير غير منشور شارك فيه أكثر من 100 خبير بمؤتمر عقدته جامعة ريخمان بهرتسيليا وأكمل بعد تشرين الأول/أكتوبر. وحذر من أن حزب الله قد يطلق ما بين 2,500- 3,000 صاروخ في اليوم، أي بنسبة 25 ضعفا عن 2006 وعلى مدى 3 أسابيع. وستكون أطول حملة صواريخ مستدامة في التاريخ. وحتى لو قامت المدمرات الأمريكية الراسية في البحر باعتراض الصواريخ الضخمة، فإن أنظمة الدفاع الإسرائيلية لن تكون قادرة على اعتراض أعداد كبيرة منها، مما يؤدي لعدد كبير من القتلى، حيث قدرهم البعض بعشرات الآلاف.

وبدأ الرأي العام الإسرائيلي بفهم ما يعني مواجهة كم كبير من الصواريخ، ومن الناحية العملية. ففي 20 حزيران/يونيو حذر شول غولدستين، مدير شركة نوغا للطاقة المملوكة من الحكومة من أن غارات حزب الله على مولدات الكهرباء قد تترك آثارا كارثية. وقال: “في الحد الأدنى وبعد 72 ساعة فسيكون من المستحيل العيش في إسرائيل” و”نحن لسنا جاهزين لحرب حقيقية، ونعيش في عالم فانتازي”.

ورد وزير الطاقة أن انقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة هو احتمال منخفض. وبلا شك سيحاول الجيش الإسرائيلي التعامل مع المشكلة على الأرض، فقد ضرب بناية في البقاع حددها بأنها منصة للصواريخ. لكن المخازن ومنصات إطلاق الصواريخ من الصعب تحديدها، مع أن الحزب قام ومنذ كانون الثاني/يناير بنقل أهم أسلحته لسهل البقاع ومنطقة فريا الجبلية، بشكل يعقد من مهمة استهدافها. كما وحسن الحزب من دفاعاته الجوية بشكل يعقد حرية الجيش على المناورة. وقد أسقط الحزب 7 مسيرات إسرائيلية منذ تشرين الأول/أكتوبر.

ولا يمكن لإسرائيل وقف الصواريخ حالة إطلاقها، ولهذا ستعتمد على شكل من العقاب والردع الفج. ولو أجبرت على حرب مع حزب الله فإنها ستدمر أساس الدولة اللبنانية، كما قال يتسحاق غيرشون، الذي كان نائبا لقائد القيادة الشمالية. وقال إن غزة ستكون جنة بالمقارنة.

وقال إيلي كوهين، وزير الطاقة والبنى التحتية: “من المهم أن أوضح هذا لأعدائي: لو حدث انقطاع للتيار الكهربائي استمر لساعات [في إسرائيل] ففي لبنان سيكون لعدة أشهر”. ويرد الحلو أن البنى التحتية اللبنانية في حالة من التداعي وما ستفعله إسرائيل غير مهم من ناحية الردع.

 وفي بداية الحرب، على كلا الطرفين معرفة دعم الرعاة لهما، فإسرائيل واثقة من الدعم الأمريكي لها وتقديم الدفاعات الصاروخية اللازمة، ولكن ما هو غير واضح إن كانت واشنطن ستشارك بضرب المناطق الساحلية. وفي المقابل، لا تريد إيران مواجهة عسكرية مباشرة مع إسرائيل أو أمريكا. وربما أوعزت لجماعاتها الوكيلة في سوريا والعراق واليمن باستهداف إسرائيل. وتقدر إسرائيل أنها قد تتدخل لو استهدفت قيادة حزب الله.

وترى المجلة أن إسرائيل تريد التخلص من الوضع المخيم على الشمال وحماية السكان هناك، إلا أن خبراء يشكون في تحقيق هذا الهدف وبثمن مقبول. ويقول مسؤول سابق في الموساد، إن الجيش متعب بسبب غزة وهو بحاجة لستة أشهر كي يحضر لحرب جديدة في الشمال، ولكي تعيد القيادة السياسية إصلاح العلاقة مع الولايات المتحدة وبقية الحلفاء. ولو أراد الجيش الإسرائيلي إقامة منطقة عازلة في لبنان بمساحة 10 كيلومترات فستكون النتيجة هي حرب استنزاف مجهدة كما يقول مدير الاستخبارات العسكرية الإسرائيلي السابق، تامير هيمان، وهي حرب تشبه سنوات التسعينات و”لو أردت خلق تغيير، فأنت بحاجة لتدمير النظام بأكمله” أي حزب الله. و”في الوقت الحالي لا تستطيع تحقيقه كما أعتقد”.

المصدر: القدس العربي